يحذِّر الإسلام من الفتن ويأمر بالحكمة وبالصبر عند المحن. حتي لا يصاب الأبرياء من أبناء هذا الوطن. يقول تعالي: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" الأنفال: .25 وفجَّر الطاقات الكامنة بالتربية الإيمانية الراشدة. فانطلقت تبني وتعمِّر. نشر العدل وحرية في العالم أجمع. حتي هيأ الله لها من النصر والعزة والنهضة ما جعلها خير أمة أخرجت للناس. وخير ما نتواصي به دائماً ما وصانا به رب العزة سبحانه. ووصي به من قبلنا حين قال: "ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله" النساء: 131 ذلك أن التقوي هي الميزان الصحيح لأقدار الناس أمام رب العزة. "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" الحجرات: 13. ثم إن هذه التقوي تعطي المؤمن نوراً يمشي به بين الناس. وتتنزل بها رحمات الله عز وجل "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نوراً تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم" الحديد: 28. ثم إن للتقوي مردوداً آخر» إنها تخرج الفرد والأمة من أي مأزق أو أزمة. وتفتح أبواب الرزق الواسع "ومن يتق الله يجعل له مخرجاً. ويرزقه من حيث لا يحتسب" الطلاق: 23. "ولو أن أهل القري آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض" الأعراف: 96. ثم إنها هي التي ستقودك بفضل الله إلي جنة النعيم. "إن المتقين في جنات ونهر. في مقعد صدق عند مليك مقتدر" القمر 54 55 "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته. ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون" آل عمران: .102 مازلنا نقتبس من أنوار الذكري العطرة بالمولد النبوي والبعثة. وكذلك ذكري الثورة والعزة. تلك التي قضت علي الفساد. وعلي الظلم والجبروت. في هذه الفترة العظيمة التي نحياها في شهر ربيع. كان من واجبنا أن نفرح لأنها جميعاً من فضل الله ورحمته والقرآن الكريم يقول: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون" يونس: 58 ولكن هناك أصحاب القلوب المريضة. جعلت من هذه الفترة ما يحزن كل عاقل في مصرنا الحبيبة. وما أشبه الليلة بالبارحة. كان صلي الله عليه وسلم ونحن في ذكراه يلاقي من شر هذه الفئة الكثير من المتاعب. تجمعت القوي العدائية كلها أمام رسول الله صلي الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب. جاء الشرك كله وتعاون معه اليهود. وتعاون مع اليهود» المنافقون. ووصف القرآن الكريم هذا الوضع "إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا. هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً" الأحزاب: 1011 فماذا كان من هدي رسول الله صلي الله عليه وسلم أمام هذه الأحزاب. أما أهل النفاق والمرض فقالوا: "ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا" الأحزاب: 12. وبدأوا يفرون ويهربون. وأما المؤمنون الصادقون فقالوا: "هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً" الأحزاب: 22. هؤلاء الرجال هم الذين نصر الله بهم الإسلام. "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً" الأحزاب: 23. ولننظر إلي سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يشترك مع أصحابه في حفر الخندق وتأمين الدولة. ثم هذه الوسيلة الدبلوماسية التي قام بها سيدنا نعيم بن مسعود في التفريق بين اليهود والمشركين. إذن فنبينا وسيرته العطرة تعطينا العلاج والدواء. لابد إذن من العمل علي تحصين الأمة من كل شيطان ومنافق. القرآن الكريم نبينا صلي الله عليه وسلم علي هذه الفرقة فيقول: "لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً. ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً" الأحزاب: 60.61 ولننظر إلي هذه الاية الكريمة وهي تعدد لنا ثلاثة أصناف» المنافقون الذين اتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين يبتغون عندهم العزة. والعزة لله جميعاً. ثم من في قلوبهم مرض. وشهوة إلي الحكم. وشهوة إلي المال. وشهوة إلي المصالح الخاصة فوق المصالح العامة. ثم المرجفون في المدينة» من يثيرون الإشاعات والقلاق. والفتن. والاضطرابات. هذه الفئات الثلاث» القرآن الكريم يصرح لنبينا صلي الله عليه وسلم يغريه بهم. ثم ينصحه بألا يجاوره إلا قليلاً وأنهم ملعونون أينما ثقفوا. من هنا كان لابد لنا أن نقرأ كلام ربنا. أن هناك صراعاً دائماً بين الحق والباطل. وأن أهل الباطل لا يرضيهم إلا أن يدخلوا أهل الحق في باطلهم "ولا يزالون يقاتلونكم حتي يردوكم عن دينكم إن استطاعوا" البقرة: .217 وللحديث بقية