إنما نشأ من جعل الفناء غاية الطريق وعلم القوم الذي شمروا إليه وسنذكر ما في ذلك. وأقسام الفناء محموده ومذمومه. فاضله ومفضوله. فإن إشارة القوم" الصوفية" إليه إن شاء الله ومدارهم عليه. علي أن الترتيب الذي يشير إليه كل مُرتَّب للمنازل لا يخلو عن تحكم ودعوي من غير مطابقة. فإن العبد إذا التزم عقد الإسلام ودخل فيه كله. فقد التزم لوازمه الظاهرة والباطنة ومقاماته وأحواله. وله في كل عقد من عقوده. وواجب من واجباته أحوال ومقامات. لا يكون موفياً لذلك العقد والواجب إلا بها. وكلما وفَّي واجباً أشرف علي واجب آخر بعده. وكلما قطع منزلة استقبل أخري. وقد يعرض له أعلي المقامات والأحوال في أول بداية سيره. فينفتح عليه من حال المحبة والرضاء والأنس والطمأنينة ما لم يحصل بعد لسالك في نهايته. ويحتاج هذا السالك في نهايته إلي أمور من البصيرة والتوبة والمحاسبة أعظم من حاجة صاحب البداية لها. فليس في ذلك ترتيب كلي لازم للسلوك. وقد ذكرنا أن التوبة التي جعلوها من أول المقامات: هي غاية العارفين. ونهاية أولياء الله المقربين. ولا ريب أن حاجتهم إلي المحاسبة في نهايتهم فوق حاجتهم إليها في بدايتهم. فالأولي: الكلام في هذه المقامات علي طريقة المتقدمين من أئمة القوم كلاماً مطلقاً في كل مقام ببيان حقيقته وموجبه وآفته المانعة من حصوله والقاطع عنه وذكر عامه وخاصه.