حقيقة قرآنية قد تغيب عمن يهاجم الإسلام ويسعي للتشويش عليه أو تشويهه ويحاول بكل ما أوتي من حيل أن يكيد ويتآمر وينفق وهو لا يدري أنه ينطح في الصخر ويبني قصوراً علي الماء وآمالاً في الهواء لا تلبث السنن الكونية أن تطيح به بأسرع مما يتصور: "بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون" "الأنبياء 18". لو كان عندهم عقل مدرك لعبر التاريخ لعلموا أن غيرهم كانوا أشد منهم قوة وذكاء وجعل الله لهم "سمعا وأبصاراً وأفئدة فما أغني عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون" "الاحقاف 26" بل لوفروا علي أنفسهم ما ينفقونه في الصد عن سبيل الله إذ لا نتيجة لهم سوي الحسرة علي ما أنفقوا حين يرون نور الإسلام يتخطي كل الحواجز ويسري بذاته ومقوماته ومبادئه إلي الأرواح الظامئة والقلوب المتعطشة والنفوس الحائرة فيروي ظمأها ويطمئن حيرتها. ومن المؤكد أنهم يكتشفون أن كيدهم للإسلام هو الذي فتح أمامه الأبواب المغلقة وهذا ما يحدث الآن في جميع انحاء العالم وصدق الله العظيم: "إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون" "الانفال 36". لقد نشط النفعيون والانتهازيون الذين كانوا يمتصون دماء الشعب ويبعثرون أمواله علي ملذاتهم وشهواتهم الهابطة سعياً إلي إطفاء نور الله الذي سيحبط كيدهم ويكشف عن سوء طويتهم وتفننوا في التشويش علي الحدود والقصاص إذ يعلمون في قرارة نفوسهم أنهم أول من تطبق عليهم لأنهم قتلة ولصوص ومنافقون. إن أول بديهة ينطق بها قلب المسلم أن يرضي بالله ربا والقرآن حكماً وبالإسلام دينا وفخراً وبمحمد نبياً ورسولاً وقدوة وسراجاً منيراً وإن أول ما يتبادر إلي ذهن العقلاء أن المسلم هو من أسلم وجهه لله يتلقي أوامره فيسارع إلي تنفيذها رافعاً شعاره المقدس: "سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير" "البقرة 285". ومن هنا نحن مشفقون علي هؤلاء المخدوعين بنظم الغرب التي بدأت تتهالك وتتهاوي ومازالوا مفتونين بها مصرين عليها رافعين شعاراتها البراقة التي تختفي تحتها سموم الإلحاد والمادية ولا نطلب منهم سوي أن يتبينوا ما في إسلامهم من قيم ومباديء وكلنا ثقة ويقين أن المستقبل لهذا الدين مهما حاول الحاقدون فكيدهم بالنسبة لكيد الله لا شيء وعلي الجميع أن يتدبروا قوله تعالي: "وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلي بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون أفغير الله أبتغي حكما وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين وتمت كلمة ربك صدقا وعدلاً لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون" "الأنعام: 112 116".