* هكذا كتب الثوار الليبيون أسوأ نهاية للعقيد القذافي والحقيقة المرة ان القذافي نفسه هو الذي كتب هذه النهاية المأساوية بنفسه لنفسه فقد حكم الشعب الليبي بالحديد والنار وابي أن يستجيب لشعبه ويترك الحكم وسلط جيشه وقبيلته علي شعبه فقتل قرابة 90 ألف ليبي وجرح أكثر من ضعف هذا العدد في مأساة إنسانية يندي لها الجبين . * واضطر الثوار من شعبه إلي الاستنجاد بحلف الناتو الذي سيقبض ثمن تدميره لليبيا مضاعفا ثم يقبض ثمن بناء ليبيا عدة أضعاف وقد يمهد ذلك لاحتلال سياسي واقتصادي مستتر لليبيا وقد يؤدي كذلك إلي عودة القواعد العسكرية الأمريكية مرة أخري أو تواجدالموساد في ليبيا كما تواجد بقوة في العراق عامة وفي كردستان خاصة . * ولعلي في الأسطر القادمة أعطي نبذة مختصرة عن العقيد القذافي للأجيال الجديدة التي لاتعرفه فقد تابعت مسيرة وتاريخ القذافي منذ بداية ثورته وحتي مأساة مقتله وجميع من يعرفه توقع له هذه النهاية المأساوية . * فالعقيد القذافي رجل غريب الأطوار متقلب الأحوال حتي أطلق عليه الرئيس السادات قديمآ ¢مجنون ليبيا¢ وهو أصدق وصف يتسق مع شخصيته فقد كان السادات قارئآ جيدآ للأشخاص والزعماء. ولم أر أو أقرأ عن حاكم غريب الأطوار مثل القذافي سوي الحاكم بأمر الله الذي كان يأمر الناس بالنوم نهارآ والاستيقاظ ليلا أو يحرم عليهم أكل الملوخية أو يطلب من الناس احيانآ أن تسجد له ولكن أظن أن القذافي كان أكثر من الحاكم بأمر اللهى جنوناً وخبلاً ومخالفة لأبسط قواعد العقل والحكمة فضلاً عن قواعد الدين والعرف . * لقد بدأ القذافي ثورته علي النظام الملكي السنوسي وكان برتبة الملازم أول ثم رقي نفسه إلي رتبة العقيد ثم أوقف رتب الجيش الليبي إلي رتبة العقيد إذ كيف يكون هناك في الجيش الليبي من هو أعلي رتبة من الأخ العقيد القذافي . * وهذا لم يحدث في أي جيش في العالم كله والأغرب من ذلك أنه أعطي ابنته الوحيدة عائشة القذافي رتبة الفريق بالجيش الليبي ولم يصل إلي هذه الرتبة أي ضابط في الجيش الليبي . * وكان يطلق علي عائشة القذافي في ليبيا ¢ أميرة السلام ¢ ولا ندري أي سلام صنعته . ومن الطريف أنه جاء وقت صلاة الظهر أثناء محاضرة القذافي في جامعة طرابلس في السبعينات فصلاها ركعتين فقط فلما اعترض الموجودون عليه وقالوا له: * ياأخ معمر كيف تصلي الظهر ركعتين فقط والظهر أربع ركعات . * فقال لهم القذافي : ¢ ليس بالضرورة أن نصلي الظهر أربع ركعات فإذا كنا في سعة من أوقاتنا صلينا الظهر خمس أو ست ركعات وإذا كنا في ضيق من وقتنا مثل الآن صليناها اثنتين فصمتوا جميعا إما دهشة أو خوفا أوقناعة أو ... *وفي إحدي المرات التي كان يتحدث فيها مع شعبه قالوا له : ياأخ معمر البنوك الليبية تقرض بالفائدة والفائدة ربا ونحن لانريد أن نخالف الشريعة ¢ * فقال :¢ هذا الربا نسبته بسيطة وليس حراما ولكن الحرام هو أكل الربا أضعافآ مضاعفة ألم تقرأوا قول اللهى تعالي ¢ ياأيها الذين آمنوا لآ تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة¢. * والعقيد القذافي كان يحب جدا محاضرة الجموع والتحدث إليهم وكان يتفاعل معهم بطريقة عجبية غريبة وكان يتكلم كلمتين فقط ثم يهتف له الحاضرون من الشعب الليبي ¢ فاتح ثورة وجهاد¢ قرابة ربع ساعة وهو يرفع يديه محيياً لهم تارة إلي اليمين وأخري إلي الشمال . * وكانت محاضرته تستغرق عادة من ساعتين إلي ثلاث لا يتكلم فيها سوي نصف ساعة كلها كلمات لا معني لها ولاتمثل فكر طالب في المدرسة الإعدادية وليس حاكما لدولة . * فقد كان القذافي يردد دائماً "أن ليبيا فيها حاكم بلا شعب ومصر فيها شعب عظيم بلا حاكم ولذا أريد آن تتوحد مصر وليبيا تحت قيادتي". * وكان هذا حلماً عظيماً من أحلام القذافي ظل يراوده منذ بدايات حكمه لليبيا وأول من غذي فيه هذه الفكرة الجنونية هو الرئيس جمال عبدالناصر حينما قال له :¢ أنت تذكرني بشبابي يامعمر¢.. فاعتبر القذافي من يومها أنه البديل الطبيعي والمنطقي للرئيس عبدالناصر وأنه أمين الأمة العربية بعده وهذا هو سر صراعه المستمر مع السادات ومبارك . * لقد قامت ثورة القذافي في وقت كان عبدالناصر مكلوما ومجروحآ بقوة من هزيمة ¢ سنة 1967¢ ووجد ناصر في هذه الثورة سلوي له ودواء لجرحه الأليم فاحتضن القدافي وحاول تهذيب سلوكه الفوضوي واللاأخلاقي الذي كان يظهر به أثناء مؤتمرات القمة العربية دون جدوي . * فقد كان القذافي يجري علي عبدالناصر قائلآ : *¢ لاتتحدث في هذه الأمور الخطيرة فملك المغرب عميل وملك كذا عميل¢. * وكان عبدالناصر يحاول ضبط تصرفاته في مثل هذه المؤتمرات ولكن بغير فائدة . * لقد كان القذافي مهووساً بالرغبة الدفينة في حكم مصر فقد كان يشعر في قرارة نفسه بدونيته وهو يحكم بلداً صغيراً قليل السكان ولذا كان يقوم بين الحين والآخر بحركات بهلوانية لفرض هذه الوحدة مع مصر تحت قيادته طبعاً . * فكان يقود بين الحين والآخر بلدوزر ويقوم بهدم النقط الحدودية بين ليبيا ومصر ويصوره الإعلام العالمي كله وكانت مصر لاتعيره التفاتا ولا اهتماماً رغم تكراره لهذا الأمر عدة مرات ولما يئس من الوحدة العربية اتجه إلي أفريقيا بعد ذلك . * لقد كان السادات يدرك جيدا جنون القذافي ولذلك لم يأتمنه علي أي سر استراتيجي أو عسكري من أسرار مصر ولما عزم السادات علي حرب أكتوبر آطلع الملك فيصل وحافظ الأسد .