قال تعالي: "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوي واتقون يا أولي الألباب". البقرة آية "197" تبين هذه الآية الكريمة طرفا من آداب الحج والاخلاق التي ينبغي أن يتحلي بها كل من يؤدي النسك. فنهي الله عن الرفث وهو ما يمجه الذوق ويأباه الحياء. كما نهي عن الفسوق وهو العصيان أيا كان نوعه ودرجته. فطاعة الله يجب أن تسود السلوك الإنساني في هذه الأماكن الطاهرة. وكذلك نهي عن الجدال وهو المماراة التي لا تنتهي إلي خير. وسواء الجدال في أمور الدين أو الدنيا. أما النقاش الجاد النظيف الذي يراد به الوصول إلي العلم فلا يعد من الجدال المنهي عنه. ومن أهم الآداب لمن يريد النسك أن يقضي دينه أولاً ويتحلل من جميع التزاماته ويوصي أهله بالتزام حدود الدين في غيبته. كما ينبغي أن يبادر بالتوبة النصوح والعزم علي بدء حياة جديدة نظيفة. كذلك يجب عليه أن يكون نفقاته من حلال فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ولقمة من حرام في بطن الإنسان تمنع قبول الدعاء.. والحاج لا يرجو إلا قبول الله لدعائه. فليحذر أن يعرض الله عنه لتناوله الحرام. وعلي الحاج أن يقصد وجه الله بنسكه. لا يريد رياء ولا سمعة فالأعمال بالنيات ولكل امريء ما نوي.. وأن يكون حسن السلوك مع رفقائه رحيما بالضعفاء محترما للكبار معينا للمحتاج. عف اللسان والنظر واليد عن أي إيذاء. وفي ممارستك أيها الحاج للشعائر تجنب المزاحمة ما أمكن وفكر في منع الضرر عن غيرك قبل أن تفكر في مصلحة نفسك. انزع عن نفسك ثوب الأنانية وألبس ثوب الحب والرحمة التزام السكينة والوقار والنظام عند رمي الجمرات. عند الافاضة من عرفات وفي كل أماكن الزحام واضعاً أمام عينيك أن الحج شعاره التذلل والخضوع لله وترك الزيف والبعد عن المظاهر التي لا قيمة لها أمام عظمة الله وسلطانه. أكثر من التصدق في وجوه البر فالنفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله. لا تتبرم بما تصادفه من مشقة أو بعدم تمكنك من أخذ قسطك من الراحة كما كنت تفعل في أيامك العادية. أكثر أيضا من الصلاة في الحرمين فثوابها مضاعف وتقرب إلي الله ما استطعت وبخاصة في العشر الأوائل من ذي الحجة.. فحافظ قدر الامكان علي هذه الآداب واستكثر منها لتعود إلي بلدك بحصيلة كبيرة من الأخلاق الحسنة تكون فيها إنساناً آخر صقلته الطاعة وظهر علي وجهه نور الايمان.