أكد علماء الشريعة الإسلامية أن الإسلام الحق هو اسلام الرسول - صلي الله عليه وسلم - القائم علي القرآن والسنة بشكل مباشر بعيدا عن أية فرق أو شعب أو جماعات تفرق المسلمين وتزيد تشتتهم وتضعف عزيمتهم وتصنع الضغائن بينهم وتولد الصراعات بلا سبب مقنع والكل يزعم أنه علي الحق . حول الإسلام الحق ما هو وكيف يمكن أن نوحد صفوفنا حوله تدور سطور هذا التحقيق: بداية يؤكد الدكتور يوسف القرضاوي - رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين - أن ما يحدث الآن تطبيق لخُطة وضعها خصوم الإسلام. تقوم علي تجزئة الإسلام وتفتيته بحسب تقسيمات مختلفة. فليس هو إسلامًا واحدًا كما أنزله الله. وكما ندين به نحن المسلمين» بل هو "إسلامات" متعدِّدة مختلفة كما يحب هؤلاء فهو ينقسم أحيانًا بحسب الأقاليم فهناك الإسلام الآسيوي. والإسلام الإفريقي .وأحيانًا بحسب العصور: فهناك الإسلام النبوي. والإسلام الراشدي. والإسلام الأُموي. والإسلام العباسي. والإسلام العثماني. والإسلام الحديث .وأحيانًا بحسب الأجناس: فهناك الإسلام العربي. والإسلام الهندي. والإسلام التركي. والإسلام الماليزي .وأحيانًا بحسب المذهب: فهناك الإسلام السُّني. والإسلام الشيعي. وقد يقسمون السُّني إلي أقسام. والشيعي إلي أقسام أيضًا. وزادوا علي ذلك تقسيمات جديدة: فهناك الإسلام الثوري. والإسلام الرجعي أو الراديكالي. والكلاسيكي. والإسلام اليميني. والإسلام اليساري. والإسلام المُتزمِّت. والإسلام المُنفتح. وأخيرًا الإسلام السياسي. والإسلام الروحي. والإسلام الزمني. والإسلام اللاهوتي!. وأشار الي أن كل هذه التقسيمات كلَّها مرفوضة في نظر المسلم. فليس هناك إلا إسلام واحد لا شريك له. ولا اعتراف بغيره. هو "الإسلام الأول". إسلام القرآن والسنة والإسلام كما فهمه أفضل أجيال الأمة وخير قرونها. من الصحابة ومن تبعهم بإحسان. ممَّن أثني الله عليهم ورسوله فهذا هو الإسلام الصحيح. قبل أن تشُوبه الشوائب. وتلوِّث صفاءه تُرَّهَات المِلَل وتطرفات النِّحَل. وشطحات الفلسفات. وابتداعات الفِرَق. وأهواء المُجادلين. وانتحالات المُبطلين. وتعقيدات المُتنطِّعين. وتعسُّفات المُتأوِّلين الجاهلين. ويؤكد الدكتور محمد البري - الأستاذ بجامعة الأزهر والرئيس الأسبق لجبهة علماء الأزهر - أن تمزق المسلمين أمر ثابت واقعا إذ أنه من الثابت في الحديث الشريف أن اليهود ينقسمون الي 70 فرقة و النصاري الي 71 فرقة والمسلمون الي 73 فرقة كلهم في النار الا واحدة وحين سئل عنها رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال : هي أهل السنة والجماعة . وحين سئل من هم . قال : هم من علي ما أنا و أصحابي عليه الآن .. مشيرا الي ان سبب هذه الفرقة وزيادة ما نعيشه من تشرذم هو غياب القائد المؤمن الذي يدعم القلوب المتمسكة بالحق المرتبطة بدينها. قال : الإسلام الحق هو اسلام القرآن والسنة والالتزام بعيدا عن الاستبداد بالرأي كما نري في بعض المتشددين علي غير الحق ..مستشهدا بما فعله جهلة السلفية المتشددون عن غير علم حين هاجموا مسجدا يحاضر فيه الإمام أبو حنيفة وكادوا يفتكون به الا أنه حين سئل :من أنت؟ قال : ¢مشرك مستجير¢ فما كان من ذلك السلفي الا ان أجاره. ويبين الدكتور مصطفي مراد - استاذ الأديان والمذاهب بجامعة الأزهر - أنه لن يكون أحد بعد رسول الله صلّي الله عليه وسلّم. أشدّ حرصا منه علي الإسلام والمسلمين. ومن ظنّ ذلك. فزايد علي خاتم النبيّين فكرا أو قولا أو عملا. يسري عليه ما قاله صلّي الله عليه وسلّم ¢فمن رغب عن سنتي فليس منّي¢. وسنّته صلّي الله عليه وسلّم هي الإسلام الوسطي المعتدل. الذي يبشّر ولا ينفّر. وييسّر ولا يعسّر.. موضحا أنه لم يكن التشدّد والتنطّع ولن يكون سبيلا أصلح لنشر الدعوة إلي الإسلام وتمكينه في الحياة والحكم من جديد. فمسلك الإسلام هو الأصحّ. وقد كان مسلكه أثناء بناء المجتمع الإسلامي الأوّل ومن بعد. هو التبشير لا التنفير. واستمالة من عُرفوا بالمؤلّفة قلوبهم بوسائل لم تكن تسري علي من ثبت إيمانهم في القلوب وواقع الحياة. مع تعريف غير المسلمين بوسطية الإسلام واعتداله. وليس بصورة متشدّدة تخيف من قد يفكّر به ولم يعتنقه بعد. ونبه الي أن الأخطر من ذلك ادّعاء المتشدّدين المتنطّعين أنّهم يعودون بذلك إلي ¢الإسلام الصحيح¢!.. .. موضحا أن الإسلام الصحيح هو الذي يقول: لا حرج في الدين. إنّ مع العسر يسرا. بشّروا ولا تنفّروا. يسّروا ولا تعسّروا. ما شادّ الدينَ أحدى إلاّ غلبه. هلك المتنطّعون. ما جعل عليكم في الدين من حرج. رُفع عن أمّتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه. إنّ الله يحبّ أن تؤتي رخصه كما يحبّ تؤتي عزائمه . وأن الإسلام الصحيح هو الانطلاق من النصوص البيّنة الظاهرة. وما أجمع عليه الجمهور. وهو ما يجعل الإسلام محبّبا إلي النفوس. ميسّرا في التطبيق. مريحا في العبادة. هيّنا في المعاملة. البسمةُ فيه صدقة. والكلمة فيه حسنة. والمعشر فيه طيّب. والمظهر فيه جميل. يفتح أبواب الجنّة لمن يريد الاكتفاء بالفرائض. ولا يفرض النوافل إلاّ علي مَن يلزم بها نفسَه بنفسه. وخير له فيها أن يخلو بأدائها بينه وبين ربّه . و أن الإسلام الصحيح هو الإسلام الذي أنزله الله تعالي علي قلب محمّد صلّي الله عليه وسلّم فانتشر دينا محبّبا إلي النفوس. وليس هو ذاك الذي بات عن طريق الغلاة المتنطّعين المتشدّدين سببا من أسباب تخويف المسلمين منه. وتنفير سواهم عنه. وذريعة يستغلّها من يشكّكون في صلاحيّته لكلّ زمان ومكان.