قد يظن ظان أن السعادة تكمن في مال يجمع أو منصب أو أبهة بين الناس أو في أولاد كثيرين أو في امرأة جميلة.. وهذا الظن ليس له أساس من الصحة» فكم من مال جلب لصاحبه الشقاء والعناء بسبب خوفه عليه من الضياع أو النقصان لأنه لا يعلم أن المال إما أن يزول عن صاحبه وإما أن يزول صاحبه عنه بالموت.. وأما المنصب فلا يدري الإنسان أيدوم له أم ينتقل إلي غيره لسبب أو لآخر وكما قالوا في ذلك: "لو دامت لغيرك ما وصلت إليك".. وأما الأولاد فلا يعلم هل سيكونون صالحين أم غير ذلك وكم سمعنا أو قرأنا عن آباء وأمهات لقوا حتفهم علي أيد أبنائهم. ولنا في قصة سيدنا موسي عليه السلام مع الخضر عليه السلام أعظم العظات حين بين سبب قتله للغلام بأمر ربه حين قال: "وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً" الكهف "80".. وإذا انتقلنا إلي المرأة الجميلة التي يرجوها بعض الناس إن لم تكن صالحة فسوف تكون سوط عذاب علي زوجها ولن ينفعه هذا الجمال. ومع ذلك فالجمال ينتهي بتقدم السن أو المرض ولذلك نري الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم يوصي من يقبل علي الزواج بأن يتخير صاحبة الأخلاق والدين إذ يقول: "تنكح المرأة لأربع. لحسبها ونسبها. ولجمالها. ولمالها. ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" متفق عليه.. وعلي هذا الأساس تكون سعادة الدنيا سعادة وقتية سرعان ما تزول وكما قال الحق سبحانه: "ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المئاب" آل عمران "14". ومع ذلك لم يحرم "الحق سبحانه وتعالي" عباده الصالحين من بعض السعادة في الدنيا كمن يرزقه الله ولداً صالحاً أو زوجة صالحة أو مالاً حلالاً ينفقه فيما يرضي الله فهو نعمة له في الدنيا وثواب عظيم من الله له في الآخرة.. أما إذا انتقلنا إلي السعادة الحقيقية فهي التي أعدها الله لعباده الصالحين فهو القائل سبحانه "وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها مادامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ" هود "108".