نشاهد كثيراً من الأعمال الفنية علي الشاشة الصغيرة. ونتابع باهتمام الحوار الذي يدور. والحوادث التي تتابع. ولكن المشهد الاخير لأي عمل قصصي هو الذي يثبت في الاذهان.. وقد تتبعت القصة القرآنية وحاولت ان احدد المشهد الاخير في كل قصة وأعني بالمشهد الاخير آخر ما نزل من القصة في القرآن الكريم.. شغلت قصة إبراهيم مساحة كبيرة من القرآن الكريم. ولكن المشهد الأخير في ترتيب النزول هو قوله "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً" سورة الحج الآية .27 وأسدل الستار علي إبراهيم لتبقي صورته إلي يوم القيامة وهو يؤذن في الناس بالحج والناس يأتونه "يأتوك" ولم يقل سبحانه يأتونني فالحجيج ضيوف علي ابراهيم وابراهيم وضيوفه "ضيوف الرحمن" وقد أكرم ضيوف الرحمن عندما جاءه ملائكة ثلاث فبالغ إبراهيم في اكرامهم فأكرم الله ابراهيم وضيوفه من الحجيج. "هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلام قوم منكرون فراغ إلي أهله فجاء بعجل سمين" سورة الذاريات. راغ إلي أهله حتي لا يعرف الضيف مقاصده والروغ الحركة السريعة مع الخفية. ولم يستعمل القرآن كلمة المراوغة إلا مع إبراهيم عليه السلام وفي قصته. فإبراهيم أكرم ضيوف الله فأكرم الله ضيوف إبراهيم وجعل مشهده وهو يؤذن في الناس بالحج هو آخر ما نزل من قصته. آخر ما نزل في قصة امرأة العزيز أكثر من يذكرها يتذكر وهي تراود يوسف عن نفسه ولكنني أبحث عن المشهد الأخير.. المشهد الاخير في قصة امرأة العزيز هو إعلانها: "قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين" سورة يوسف الآيتان 52..53 الكلام متصل. وهو لا امرأة العزيز. وهذا هو الرأي الذي ارتاح له فالكلام متصل فلا يفصل من غير فاصل والملك طلب إحضار يوسف. ولو كان يوسف هو المتكلم ما طلب الملك احضاره لأن احضار الحاضر تحصيل حاصل. وتحصيل الحاصل محال. وان نفس يوسف نفس نبي لا تأمر بفحشاء ولا منكر. فقوله تعالي "وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم" سورة يوسف الآية53 من كلام امرأة العزيز.. فالكلام من قوله تعالي "قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق" هو آخر مانزل في قصة امرأة العزيز لتبعث يوم القيامة إماماً للتائبات لقد غيرها الإيمان بيوسف. وزاد قربها من الحق انه لم يذكر مراودتها له عندما أرسل للملك ليسأل وذكر مراودة بقية النساء اللاتي قطعن أيديهن. "قال ارجع إلي ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم" سورة يوسف الآية -5 حفظت له رغبته في سترها أما نساء المدينة فشهادتهن بلغة الدبلوماسية المعاصرة فعندما سألهن الملك: "قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء" ولم يذكرن مراودة امرأة العزيز له مع أنها أعلنت هذا صراحة في خطبتها عندما فضحها نساء المدينة. وكان ردها عليهن بعد أن قطعن أيديهن من جمال يوسف قالت "فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه" سورة يوسف الآية .30 فشهادة النسوة "قلن حاشي لله ما علمنا عليه من سوء" وهذا سكوت من موقفها. واخفاء ايضا لما علمن به من موقف يوسف وعفافه. لأن عدم علمهن عنه السوء ليس علماً بالعدم لذلك لم تقبل هي شهادتهن.