جاء في القرآن الكريم ما ينص علي كلام الله لملائكته: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها" وعلي إيحائه إليهم "إذ يوحي ربك إلي الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا". وعلي قيامهم بتدبير شئون الكون حسب أمره سبحانه "فالمقسمات أمراً" "فالمدبرات أمراً". وهذه النصوص متآزرة تدل علي أن الله يكلم ملائكته دون واسطة بكلام يفهمونه. ويؤيد هذا ما جاء في الحديث عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إذا أراد الله ان يوحي بالأمر. تكلم بالوحي. فأخذت السموات منه رجفة شديدة. خوفاً من الله عز وجل. فإذا سمع ذلك أهل السموات صعقوا وخروا لله سجداً. فيكون أول من يرفع رأسه جبريل. فيكلمه الله من وحيه بما أراد. ثم يمر جبريل علي الملائكة. كلما مر بسماء سأله ملائكتها: ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل: قال الحق وهو العلي الكبير". فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل. فينتهي جبريل بالوحي إلي حيث أمره الله "عز وجل" رواه الطبراني. فهذا الحديث يبين ان كيفية الوحي: تكلم من الله وسماع من الملائكة وهول شديد لأمره. وإذا كان ظاهره - في مرور جبريل وانتهائه بالوحي - يدل علي ان ذلك خاص بالقرآن. فإن صدره يبين كيفيته عامة. وأصله في الصحيح "إذا قضي الله الأمر في السماء. ضربت الملائكة بأجنحتها خضوعاً لقوله. كأنه سلسلة علي صفوان". ولذلك ذهب العلماء في كيفية وحي الله إلي جبريل بالقرآن إلي المذاهب الآتية: 1- أن جبريل تلقاه سماعاً من الله بلفظه المخصوص. 2- أن جبريل حفظه من اللوح المحفوظ. 3- أن جبريل ألقي إليه المعني. والألفاظ لجبريل أو لمحمد صلي الله عليه وسلم: والرأي الأول هو الصواب. وهو ما عليه أهل السنة والجماعة. ويؤيده حديث النواس بن سمعان السابق ونسبة القرآن إلي الله في أكثر من آية "وإنك لتلقي القرآن من لدن حكيم عليم" فالقرآن كلام الله بألفاظه. لا كلام جبريل أو محمد.