قوات الاحتلال تقتحم مخيم قلنديا بمدينة رام الله    نظام القوائم مخالف للدستور… مجلس النواب باطل لهذه الأسباب    ارتفاع سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري في ختام تعاملات اليوم الثلاثاء    جامعة عين شمس تناقش مقترحات الخطط الاستثمارية للعام المالى 2026/2027    أوتشا: نحذر من تدهور الأوضاع الإنسانية في السودان نتيجة الحرب    نجوم كبار يظهرون في صور تم الكشف عنها مؤخرًا في ملفات إبستين    كأس عاصمة مصر.. الأهلي وغزل المحلة "حبايب" بهدف في الشوط الأول    إنقاذ برج سكني من حريق هائل بسوهاج.. ومفاجأة في الطابق الثاني| فيديو    استقرار الأحوال الجوية.."الأرصاد" تزف بشرى سارة بشأن طقس الساعات المقبلة    إحالة للمفتي.. الحكم علي عاطل قام بخطف طفله وهتك عرضها في البحيرة    نقيب الصحفيين: تصوير الفيشاوي في عزاء والدته "انتهاك صارخ" لأخلاقيات المهنة    تعرض محمد منير لوعكة صحية ونقله للمستشفى.. اعرف التفاصيل    مؤتمر أدباء مصر يُكرم الدكتور أحمد إبراهيم الشريف تقديرا لمسيرته الإبداعية    وكيل تعليم القاهرة يتفقد مدارس إدارة منشأة ناصر التعليمية    جدول امتحانات النقل من الصف الثالث حتي الصف السادس الابتدائي بالمنيا الترم الأول    لأول مرة تجسد شخصية أم.. لطيفة تطرح كليب «تسلملي» | فيديو    رئيس "سلامة الغذاء" يستقبل نقيب الزراعيين لتعزيز التعاون المشترك    البورصة تختتم جماعي بمنتصف تعاملات جلسة اليوم الثلاثاء وربح 17 مليار جنيه    الصليب الأحمر: الأطفال وكبار السن الأكثر تضررًا من التدهور الإنساني في غزة    ألمانيا: إيداع سائق السيارة المتسبب حادث السير بمدينة جيسن في مصحة نفسية    استعدادا لعرضه رمضان 2026| انطلاق تصوير مسلسل «توابع» ل ريهام حجاج    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    وزارة الصحة: وفد ناميبى يطّلع على تجربة مصر فى إدارة الأزمات والتحول الرقمى    ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يؤكد: الطفولة أمانة شرعية وحق إنساني يُصان    وزيرة التنمية المحلية تبحث التوسع في إنتاج السماد العضوي من وحدات البيوجاز    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    حكام مباراة الثلاثاء ضمن منافسات الدوري الممتاز للكرة النسائية    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعلن استعدادها لدعم عملية إطلاق سراح المحتجزين في اليمن    محمد منير بخير.. مصادر مقربة تكشف حقيقة شائعة تعرضه لوعكة صحية    وزير الدفاع الإسرائيلي يطرح احتمال إنشاء مستوطنات في شمال غزة    أمم إفريقيا – مؤتمر مدرب السودان: أحيانا أسمع وفاة أحد أفراد أسرة لاعب في الفريق    ميناء دمياط يضخ 73 ألف طن واردات في يوم حيوي    وزيرة التعاون الدولي ونظيرها الأرميني يترأسان أعمال الدورة السادسة للجنة المصرية–الأرمينية المشتركة    أمم إفريقيا - مؤتمر محرز: لا أعذار.. نريد كتابة تاريخ جديد لمنتخب الجزائر    محافظ شمال سيناء يفتتح عددا من الوحدات الصحية بمدينة بئر العبد    «اليونسكو» تكرم محافظ المنوفية تقديراً لجهوده في دعم التعليم | صور    ضبط شخصين بالمنيا لاتهامهما بالنصب على المواطنين    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    إدارة ترامب ترفع مكافأة الترحيل الطوعي للمهاجرين إلى ثلاثة آلاف دولار    لو لقيت فلوس في الشارع تعمل إيه؟.. أمين الفتوى يُجيب    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    روسيا تبارك انتخاب خالد العناني لرئاسة اليونيسكو: فرصة لإعادة الحياد إلى المنظمة    «الصحة» توقيع مذكرة تفاهم مع «فياترس» لتطوير مجالات الرعاية النفسية    الحمصاني: الحكومة تستعد لتنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    ضبط صاحب شركة بالإسكندرية لتجارته غير المشروعة بالألعاب النارية والأسلحة    الأهلي في اختبار صعب أمام المحلة بكأس الرابطة    الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار بأنحاء متفرقة من غزة    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    أمم أفريقيا والأهلي في الرابطة.. مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء    الداخلية تسمح ل 23 شخصا بالتنازل عن الجنسية المصرية    رئيس الوزراء: مبادرة «حياة كريمة» أكبر مشروعات القرن الحادي والعشرين    وزارة التعليم: أحقية المعلمين المحالين للمعاش وباقون في الخدمة بحافز التدريس    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شكسبير يحاكم فرح أنطون
نشر في آخر ساعة يوم 10 - 09 - 2013


مؤلفات محمد تىمور
»ليس كل شاعر يحسن إلقاء شعره ولا كل مؤلف مسرحية يحسن تمثيل أحد أشخاصها وماذلك إلا لتفرد كل موهبة من هذه المواهب بمؤهلات خاصة بها.. ولم يحمل لنا تاريخ الآداب إلا أسماء قليلة جمعت إلي جانب قوة التصور والإدراك قوة الأداء وعرض ما ترسمه مخيلاتهم وتحس به نفوسهم في صورة حسنة التعبير«.
كلمة بليغة لرائد المسرح العربي زكي طليمات يشرح فيها أهمية الموهبة في العمل الفني باعتبارها أداة التوصيل التي يتلقاها المتفرج والمستمع ورغم عبقرية شكسبير في الكتابة المسرحية التي جعلته يتبوأ المكانة الرفيعة في عالم المسرح علي مستوي العالم أجمع ككاتب ومرجع وكان مع ذلك ممثلا فاشلا رغم كل قوته وتمكنه من رسم شخصيات رواياته وصياغة حواراتها ولو أسند إليه أن يمثل هاملت أو عطيل أو أيا من شخصياته فلن يستطيع التعبير لا بالصوت أو الوجه مع معرفته الكبيرة والكاملة بعالم المسرح التي لايساويها فيها أحد.
محمد تيمور 1892 - 1921 من الكتاب الأوائل في عالم المسرح سافر إلي باريس لدراسة القانون ودرس الفنون المختلفة مع التركيز علي المسرح بمدارسه المتعددة وعاد لمصر بعد بداية الحرب العالمية الأولي وتفرغ لكتابة القصص والمسرح مهتما بالواقعية كمذهب وقدم مسرحياته للفرق المسرحية التي كانت معروفة وعاملة ولقيت نجاحا وإقبالا كبيرا عند عرضها من الجمهور والمثقفين والنقاد.. وبعدها اشترك في تأسيس جمعية أنصار التمثيل التي رأسها الفنان عبدالرحمن رشدي واستطاع تأدية عدة أدوار في أعمال مسرحية.. من أعماله (العصفور في القفص)، (الهاوية)، أوبريت (العشرة الطيبة)، إضافة إلي المجموعة القصصية وعنوانها (ماتراه العيون) وكان يملك قدرا كبيرا من الحيوية والنشاط وتوفي وهو في الثلاثين من عمره وشعر بعدها أصحاب الفرق المسرحية بمدي الخسارة التي لحقت بهم لوفاته.. وهو ابن لعائلة أدبية أبوه أحمد باشا تيمور المؤرخ والباحث اللغوي وشقيقه الأصغر هو الأديب محمود تيمور وعمته عائشة التيمورية الشاعرة التي كانت أول من سارت في شعرها علي الجديد الذي بعث من قديم وجده إسماعيل تيمور باشا صاحب المكتبة الكبيرة والاطلاع الواسع.. وآخر كتبه بعنوان حياتنا التمثيلية وهو يلقي الضوء علي وجه من وجه الموهبة المتعددة والمتفردة في شخصية محمد تيمور دراسات فنية وتاريخية هامة وممتعة عن بداية المسرح المصري مع تعريف وتعرف علي أوائل نجوم المسرح المصري.. كتب مقدمة الكتاب زكي طليمات الذي أراد بما كتبه عن شكسبير أن يوضح الفرق بين كاتب مسرحي متمكن ولا يملك موهبة أخري غيرها في حين يملك محمد تيمور مواهب متعددة بجانب كتاباته فهو شاعر عملاق ومؤلف مسرحي فذ وممثل ممتاز حسب ما قاله طليمات.. الكتاب صادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة وقام بتبسيط لغة الكتاب زياد فايد.. يري طليمات أن محمد تيمور تأثر بالفن الفرنسي بشكل عام فقد عايشه سنوات مسموعا ومقروءا ومشاهدا فأراد أن يطبق ما عاشه وتعلمه فبدأ التمصير حتي ولو كانت هذه الفنون ذات صبغة تختلف عن العرب وهو أمر لم يتم التنبه إليه في حينه بالنسبة للقائمين علي المسرح في ذاك الحين وكانت رواياته باللغة العامية المصرية إحدي المحاولات الجادة في هذا الاتجاه.. »ثلاث روايات لا أكثر هي نتاج ذهنية تيمور وأري فيها الكفاية لأحكم بخصب هذه الذهنية التي كانت ولاشك أنها سترمي ثمر أشهر ماتذوقناه منها لو أن الموت أبقاها للنضوج من الروايات المصرية الموضوع من تلك الزجلية الأسلوب المشوه من أصل أفرنكي إلي روايات الوعظية الصبيانية المجهولة التي تلبس أشخاصها ثوبا لا يتفق مع روحها«.
(العصفور) أولي مسرحيات تيمور وبعدها (عبد الستار أفندي) وقدمتا في عام واحد ببدايته ونهايته وبعدها بعامين مسرحية الهاون ومثلت بعد وفاته بأربعين يوما وبعدها (أوبريت) العشرة الطيبة التي لحنها سيد درويش إضافة إلي عملين من الأدب الفرنسي هما (الأب لوبوناز) و(اللغز) أكدتا جهد تيمور المبذول كمعرب في المسرح أما رواياته المؤلفة بالعامية وكان محافظا علي الأصول الفنية للأعمال المسرحية بتعبير الشخوص عما يخالج نفوسهم بلغة الكلام العادية حتي تبدو الأعمال وكأنها حقيقية وواقعية كما ينشدها الفن ويصورها.. أما محمد تيمور الناقد لم يكن أول من مارس النقد الفني في الصحف وإن كان هو أول من كتب عن علم عن أوضاع وأصول الفن مدققا في مقالاته علي شرحه للمساوئ الخلقية التي تلتصق بزعماء التمثيل في وقته وذكر طليمات قوله:(لم أر صورة أجاد تيمور رسمها وفق الأصل كتلك التي رسم فيها نفسية الثلاثة العكاشين ولم أره صريحا أكثر مما رأيته من كلامه عن جورج أبيض)، ولم يستفد المسرح من موهبة تيمور كممثل فقد كانت حياته كممثل مضطربة وقصيرة وهو في الحقيقة لم يصبح ممثلاً محترفاً رغم اهتمامه بالفن وموهبته التي رآها وشعر بها الجميع والتي كانت تؤهله ليصبح من أهم الممثلين وكانت مساهمته كناقد أكبر كثيراً من التمثيل مع عمره القصير الذي كتب في طفولته الشعر وأبدع فيه وفي الشعر والنثر المسرحي الذي يطلق عليه المنولوج المسرحي والمغني وكلها مليئة بالفرح والبهجة والتفوق بدليل أشهر الأوبريتات في تاريخ المسرح الغنائي (العشرة الطيبة).
تعريفات فنية
كتب محمد تيمور عن منشأ التمثيل في فرنسا وصفه بأنه الخيال والحب والجمال الذي اتخذ من قلوب الشباب مكانة كبري وأصبحوا يسعون للسفر حتي يتزودوا بهذا العلم وهذا الفن بعد أن عرفه كثيرون بعد عودة جورج أبيض من فرنسا لمصر وظهرت جماعات تتألف من الكتاب لممارسة التأليف والتعريب وكانت كلها من الشباب الموهوب وبدأ هؤلاء بعد قليل ممارسة الفن واحترافه فكانت الفرق المسرحية الهامة منها فرقة عبدالرحمن رشدي ومحمد عبدالقدوس وسليم النقاش وزكي طليمات ونجيب الريحاني وهي نهضة كبيرة حدثت.. تأثرا بمدارس الفن الفرنسية المختلفة التي ظهرت في عصور القرون الوسطي وبالتحديد القرن الثاني عشر بروايات بسيطة تمثل في الساحات العمومية أمام الكنائس ويدخل الإله الكنيسة بعد انتهائه من أداء دوره أما ممثلو أدوار الشياطين فيدخلون إلي صفوف المتفرجين يضحكون معهم ويخيفونهم بعد تمثيلهم مشهد خروج آدم وحواء من الجنة وبعده مشهد قابيل وهابيل وفي النهاية يمر الأنبياء جميعا علي المسرح واتفقت هذه الرواية مع القضية الدينية وليست الرواية التمثيلية، وتقدمت الدراما وإن كانت كل الروايات بعيدة عن أصول الفن الحقيقي وفي القرن الخامس عشر نشأ نوع جديد من الروايات أطلق عليه المؤلفون (أسرار الدين) وكتبت (جان دارك) المجاهدة الوطنية رواية (حصار أورليان) وبقي الفن يقدم بالساحات والكنائس حتي أصدر الملك (شارل السادس) عام 1402 حتي بدأ التمثيل في قاعات القصور الملكية.
ومن أنواع الروايات (الفارس) وهو يقوم علي إضحاك الجمهور وممكن أن يكون بها بعض العبر والمواعظ.. (الموراليتيه) وهي روايات هزلية يضع فيها المؤلف ويملؤها بالاستعارات إلي أن يمل الجمهور المشاهدة لإحساسه أنها أشخاص وهمية في كل تصرقاتها.. (والسوتي) رواية هزلية يعتمد فيها المؤلف علي نقد الأوضاع السياسية والاجتماعية وأي طبقة من طبقات الأمة وتحليل كل مساوئها بشكل دقيق.. والشاعر الفرنسي (جوديل) هو أول من كتب التراجيديا الفرنسية التي اعتبرها الفرنسيون جزءا من أدبهم ولغتهم وأي جماعة تهدف لإصلاح اللغة ووضع ألفاظ صحيحة وتراكيب لغوية حتي أصدر البرلمان في عام 1548 قرارا بإيقاف هذه الجماعات عن التمثيل لأن ظروف المجتمع ليست في حاجة إلي هذا النوع من الروايات وإنما إلي نوع آخر من الروايات يكون أكثر ملاءمة للظروف السياسية والاجتماعية فاتجه المؤلفون إلي روايات الرومان والإغريق يقتبسون منها مواضيع أعمالهم وتفاعل الجمهور مع هذه المسرحيات الجديدة.. وتكونت جماعة لإحياء الأعمال الكوميدية تسمي (الباسوش) وتقدم أعمالها التمثيلية في حفلات أعياد الميلاد.
أما التمثيل في مصر فجاء من إيطاليا عن طريق سوريا من النقاش وأديب اسحاق والخياط والقباني ومر بثلاث مراحل الأول لأن مشاهدته جديدة والثاني من أجل الألحان والثالث من أجل المناظر والملابس والرابع للفن الصحيح الذي يقدم وانتقد محمد تيمور بشدة المسرحيات الكوميدية للكسار والريحاني بقوله: (ولأننا اليوم لا حول لنا ولا طول بعد أن نجح هذا النوع اللا فني نجاحا يكاد يقضي علي كل رواية فنية نحن نخشي أن ترغم الظروف جورج أبيض وعبدالرحمن رشدي علي السير علي آثار الريحاني والكسار بحثا وراء المال والمال كما نعلم قوام كل مشروع حيوي فنكون قد قضينا علي التمثيل بأيدينا بعد أن عاش بيننا عهدا طويلا فما ضير الريحاني لو بدل قليلا في نوع رواياته وتحول عن تلك الروايات التي لانري فيها غير مجموعة من ألحان السوق وما ضيره لو قدم لنا نوعا يجمع بين الفن واللا فن ثم يسير في طريق التغيير والتبديل إلي أن يصل إلي الفن الصحيح؟ ولكن يخشي أن يصادم تيار الجمهور فيفقد في سبيل ذلك ما أتاه به من مجهوده الكبير ونحن نسأله بعض التصحيح وليس ذلك بعزيز والجمهور طوع إشارته في كل حين وليعلم أن التضحية هذه تعادل لذة النجاح وتزيد عنها إذا كان لهذه التضحية نتيجة محدودة كالتي ننتظرها من وراء تضحيته القادمة.
نجوم مسرحية
كان لمحمد تيمور رأي في الممثلين والممثلات العاملين بالمسرح ومنهم كثير لم يرق إلي درجة كبيرة من الإجادة أما »روزاليوسف« فهي عنده ممثلة درجة أولي أحبت الفن وكانت شهرتها الكبيرة ليست علي مستوي فنها الذي جمعت فيه القدرة والغرام لهذا الفن حتي شاهدها عزيز عيد واكتشف قدرتها الرائعة وأسند إليها تمثيل الأدوار الأولي لتمكنها من أداء كل الأنواع الدرامية باستثناء التراچيديا وهي رشيقة علي المسرح وتتفهم الأدوار التي تؤديها فقامت بدور القروية الساذجة وفتاة من القرية وأخري إفرنجية وصوتها كان ناعما وقد سبقت كل ممثلات عهدها وهي محبة للفن لا تعمل إلا لأجله.. ويبقي عزيز عيد هو أكفأ الممثلين وأقلهم حظا جاء احترافه التمثيل بناء علي دعوة إسكندر فرح بعد انفصاله عن الشيخ سلامة حجازي وأصبح في الإمكان تحقيق حلمه في تقديم الكوميديا المصرية الخالصة وليست المقتبسة وأضر بنفسه بسبب عدم ثباته وتنقله بين جوقة چورچ أبيض وعكاشة ثم يؤلف لنفسه جوقة ويحله بعد شهور ويعود لأبيض وبعدها لعكاشة ولكن يظل كما هو يعلم الممثلين ويدربهم ويبتكر رسم المناظر كمدير فني يعتمد عليه.. الشيخ سلامة حجازي كما يراه محمد تيمور لا يدري عن الفن شيئا حتي وإن علا شأنه وأن الله منّ عليه بصوت جميل وعبقرية في التمثيل فطريقته بالإنشاد مختلفة عن طريقة إنشاد أي من المغنين فكانت ألحانه توافق المواقف المسرحية ويتذوقها ويحبها الجمهور.. منيرة المهدية أشهر من غني الطقاطيق التي تطرب الآذان وتسعد النفوس فاشتغلت مع عزيز عيد ولحظتها دخلت منيرة المهدية التمثيل العربي والغناء التمثيلي حتي تقف أمام الممثلات السوريات بعد احتكارهن لخشبة المسرح وعملها بفرقة عزيز عيد كانت كلها مشاهد تمثيلية أدتها مع الشيخ سلامة حجازي وغنت قصائد الشيخ وأعجب بها الجمهور وألفت لنفسها جوقة تحمل اسمها وانفصلت عن عزيز عيد وقامت بمجهود كبير حتي تحتفظ بمكانتها كممثلة ومطربة.. تأثر عبدالعزيز خليل بالممثل الشهير چورچ أبيض تعلم منه وكان من أقدر الممثلين وكان يحب التمثيل ولا يعرف الطريق كي يصل لغايته حتي شاهد عزيز عيد وسار علي دربه حينا ولكنه اقتدي بچورچ أبيض للاقتباس والبحث عن الجديد وأبرز مميزاته روحه التمثيلية العالية حتي وصل لمرحلة كبيرة من الأداء الجيد جعلته من أهم الممثلين في وقته.. عمر وصفي أقدم الممثلين بدأ مع القباني والقرداحي وفي جوقة الشيخ بدار التمثيل العربي كانت طريقته في التمثيل جديدة ومختلفة وتميز بخفة الدم مثل أدوار كوميدية ودرامية وبرع فيهما ولم يمثل أدوار الحب ومع كفاءته التمثيلية العالية من أهم أدواره في مسرحيات مضحك الملك الأحدب الشيخ متلوف نابليون أوديب الحاكم بأمر الله النائب هالير مدرسة النميمة توسكا الرداء الأحمر عشرين يوم في السجن.
محاكم المؤلفين
تخيل محمد تيمور نفسه وهو يجري محاكمات للمؤلفين ليس من باب إهانة أحد منهم أو التهكم عليه فمعظمهم أصدقاؤه وطلب منهم ألا تزعجهم هذه المحاكم فهي صورة هزلية ومادة للضحك وإن أراد تقليد كتاب الغرب الهزليين فيما يكتبونه عن الشخصيات الفنية والأصدقاء فعن علاقة المتفرج كتب محاكمه فرح أفندي أنطون قال: »له رئيس الجلسة شكسبير بعد أن نظر له نظرة طويلة ما اسمك؟ فرح أنطون جنسيتك؟ سوري، البنت مصري الحرقّة ومرت علي بضع سنين قضيتها في أمريكا ما هي صنعتك؟ كنت صاحب مجلة الجامعة رحمة الله عليها والآن مؤلف ومعرب ومقتبس ارفع يدك اليمني واحلف اليمين التمثيلية أقسم بالفن التمثيلي والتأليف التمثيلي والتعريب والمسرح والمناظر وكل ما تحتويه لفظة تمثيل أني لا أقول إلا الصدق.
شكسبير: أنت متهم يافرح أفندي بتهم إدخالك لمصر طريقة عجيبة في الضحك وعمل إعلان وإجبار ممثليك علي إنشاد قطع نثرية وهذا لم نسمع به من قبل وإجبار چورچ أبيض علي إنشاد نثر أيضا وهو لا يصلح إلا للتراچيدي ورجعت عن طريقك في التأليف أيام أخرجت للناس روايات مصر الجديدة وصلاح الدين ومملكة أورشليم إلا طريقه سميتها بالاقتباس وهي تعريب روايات فودفيليه قديمة العهد هذه التهم الموجهة إليك.. يدافع أنطون عن نفسه ياحضرات المؤلفين ما حيلتي وهذا النوع قد وافق مزاج الجمهور وكسبت مكاسب طائلة ومعذور في أني أجبرت چورچ أبيض علي ما لا يتفق مع أمياله التمثيلية ونفس الأمر مع الممثلين والقطع النثرية وما حيلتي وأنا بعيد عن الشعر والإعلانات هي طريقة أمريكاني جلبتها من بلد العلم والمحافظة علي الوقت إنني لم أرتكب إثما من أجل ذلك رئيس الجلسة: الحكم بعد المداولة بعد ساعة صاح الحاجب: محكمة.. الحكم: بعد سماع أقوال النيابة ودفاع المتهم رأينا: كان بإمكان فرح أفندي أن يعرب روايات قيمة وأن نجاح رواياته كان متوقفا علي جمال صوت منيرة المهدية بدليل مسرحية كلام في سرك وأن فرح كان في إمكانه أن يؤلف لفرقة رشدي وفرقة عكاشة وأنه قد ارتكب جناية الخيانة العظمي بسبب چورچ أبيض ومكسبه من روايات منيرة المهدية لا يحلل هذه الخيانة والبضاعة التي جلبها لمصر من أمريكا غير فنية.. لهذه الحيثيات وأن المتهم كان في الزمن الغابر ماضيا جميلا فقد حكمنا بالمادة 145 من قانون العقوبات التمثيلي وهي تحرم علي فرح أفندي الاشتغال بفن الاقتباس مدة عشر سنوات أي المدة التي تكفي الجمهور المصري لنسيانه هذا النوع العقيم«.
هذه المحاكمة هي نموذج لعدد آخر من المحاكمات نفذها محمد تيمور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.