تصوير: خالد الباجورى علي خطوات سريعة وثابتة لتنفيذ خطوة هامة من خطوات خارطة الطريق التي بدأت بعد ثورة 30 يونية وبناء المؤسسات الدستورية بعد إعداد مشروع الدستور من جانب لجنة الخبراء كان التوافق سمة رئيسية بين أعضاء لجنة الخمسين الذين حضروا إلي مقر مجلس الشوري صباح الأحد الماضي حيث أكدوا أن الوطن والمواطن في المقام الأول بغض النظر عن الاتجاهات والانتماءات السياسية مؤكدين أن هدفهم الأسمي هو دستور توافقي يرضي المواطن ويراعي مصالح الدولة العليا بعيد عن الأهداف الحزبية. وينظر الشعب المصري بكل ترقب واهتمام لأعمال لجنة الخمسين بعد أن بدأت أول اجتماع لها بانتخاب عمرو موسي رئيسا لها لبدء عملها في سبيل تمهيد الطريق لرسم ملامح المستقبل السياسي والدستوري لمصر، والاستعداد لإجراء الانتخابات البرلمانية القادمة، ثم الانتخابات الرئاسية المنتظرة في نهاية خريطة الطريق التي أعلنها الشعب المصري عقب ثورة 30 يونيو الماضي، من أجل بناء مصر الجديدة. وأمام لجنة الخمسين مدة لا تزيد علي شهرين لإعداد الدستور العصري الجديد علي ضوء مشروع الدستور الذي أعدته لجنة الخبراء الذي سيكون ليس فقط أمام أعضاء لجنة الخمسين الأصليين والاحتياطيين، بل أمام الشعب المصري كله بهدف إبداء الآراء، وتقديم الاقتراحات من كافة المؤسسات والأحزاب والتجمعات وفئات المجتمع، حيث تلاحظ أن مواد التوافق كثيرة، وأن المواد المختلف عليها لا تتعدي أصابع اليد الواحدة سواء إزاء استمرار أو إلغاء مجلس الشوري أو باتجاه النظام الانتخابي سواء بالفردي أو بالقائمة، وثالثا حول إلغاء المادة 219 والتي يحرص علي استمرارها حزب النور وبعض الفصائل الإسلامية، أو بشأن نسبة العمال والفلاحين المتوارثة من الدساتير المصرية الماضية عقب قيام ثورة 23 يوليو عام 1952. وبعد انتخابه رئيسا للجنة الخمسين قال عمرو موسي ، في أول كلمة له بعد اعتلائه منصة الجلسة: كلنا في خدمة مصر"، وتابع قائلا :"أجلس الآن شاعرا بثقل المسئولية وعالما بخطورة الوضع في البلاد ويحدونا الأمل جميعا بوجود هذه الكفاءات والقامات والخطوة الأولي نحو ذلك هو إصدار دستور رصين نتوافق ويأخذ في اعتباره احتياجات الشعب ومستقبل مصر". وأضاف موسي:" نمهد لعصر جديد تكون فيه المبادئ الدستورية هي الحاكمة"، مشيرا إلي أنهم في طريقهم لإعداد صيغة لدستور يؤكد التعددية واحترام حقوق الإنسان وتكريس الفصل بين السلطات فلا تنعزل إحداهما عن الأخري بل تتكامل جميعها. وأضاف أن هذه الدولة التي ينبغي أن نباهي بها الأمم ستكون مبنية علي الإخلاص لمصر ولهويتها الموحدة وتكون معبرة عن مصر الثورة الجديدة والشابة العفية التي نادي شبابها في يناير ويونيو بأن الشعب مصدر السلطات وبالعدالة والكرامة الإنسانية. وقال رئيس لجنة الخمسين إن التنمية البشرية والعدالة هي حق الجميع في ثروات بلده والتزام الكل بالعمل الجاد، والكرامة الإنسانية هي احترام حقوق الإنسان. وأشاد موسي بوثيقة الأزهر التي حظيت بتوافق كل القوي السياسية والكنائس الثلاثة والتي تدعو إلي حرية العقيدة والبحث العلمي والإبداع. فيما قال الدكتور محمد غنيم، عضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور إنه لم يجر توافق علي رئيس اللجنة، وإنما حدث توافق لا يقل أهمية، ممثلا في اختيار 5 نواب، وهم الدكتور عبد الجليل مصطفي ومني ذو الفقار وكمال الهلباوي والدكتور عمرو الشوبكي والدكتور مجدي يعقوب. وأكد غنيم، أنه جري التوافق أيضاً علي الدكتور جابر نصار، كمقرر للجنة، ومحمد سلماوي، متحدثا باسم اللجنة. فيما قال الدكتور السيد البدوي، رئيس حزب الوفد: لا يجب أن نعطي انطباعا بأن هناك خلافا حول الجمعية. وفي لقاءات "لآخر ساعة" مع أعضاء لجنة الخمسين الذي اتفق عدد منهم علي أن المواد المتوافق عليها كثيرة جدا وأن ما حرصت عليه لجنة الخبراء وأحالته إلي لجنة الخمسين ما تزال محل خلافات أيضا بين أعضاء لجنة الخمسين، حيث أبدي بعض الأعضاء رفضهم استمرار مجلس الشوري في حين رأي آخرون أن مجلس الشوري مكسب دستوري وسياسي كبير، ما يستلزم الإبقاء عليه، ولكن بمنحه المزيد من الاختصاصات التشريعية والرقابية أسوة بمجلس الشعب. بينما يري أعضاء آخرون ضرورة إلغاء المادة 219 لمخالفتها أصلا لمواد الدستور، حيث لا يجوز وضع مادة مفسرة لمادة أخري في الدستور وإلا يعتبر فسادا دستوريا واضحا وإخلالا صريحا بالسلامة الدستورية تقضي ببطلان الدستور. ويقول الدكتور كمال الهلباوي المفكر الإسلامي وعضو لجنة الخمسين، حيث إنه مع إلغاء المادة 219 حيث تعد المادة الثانية كافية، وتعرف مفهوم الإسلام بشكل أوسع، بينما المادة 219 كانت تضيق التعريف. وأضاف أن أهم الأشياء التي يجب التركيز عليها الحريات، وبالنسبة لنظام الحكم فهو يرجح النظام البرلماني مع تحديد سلطات رئيس الجمهورية والنص علي محاسبته وتكوين جهاز مستقل لمراقبة العمل الرئاسي والحكومة، ويعمل هذا الجهاز أيضا علي تقويم دور الأجهزة والسلطات في الدولة. وشدد علي أنه سيدفع بأن يبقي النظام الذي يجمع بين الفردي والقائمة بالانتخابات البرلمانية. من ناحية أخري، طالبت المحامية مني ذو الفقار عضو لجنة الخمسين بإلغاء نسبة ال 50٪ للعمال والفلاحين، واصفة هذه التجربة بالفاشلة وأنها لم تحقق الأهداف المرجوة، وأنه من الأفضل إنشاء أحزاب سياسية للعمال والفلاحين للدفاع عن حقوقهم . وأشارت إلي إعداد دراسة حول مجلس الشوري، وأنها مع إلغاء المجلس إذا كان النظام الانتخابي فرديا، ومع بقاء المجلس إذا كان بالقائمة مع تطوير اختصاصاته ليكون مجلسا للشيوخ، بينما مجلس الشعب بالنظام الفردي. وأوضحت أن الرأي العام مساند للنظام الفردي، ولكنه يحتاج إلي مناقشات واسعة من أجل الاتفاق علي النظام الانتخابي، ورفضت أن تختص به الأحزاب الدينية فقط وكأن باقي الأحزاب غير إسلامية، كما رفضت تصنيف الأحزاب علي أساس ديني وأن الأمر يستلزم عدم إنشاء أحزاب علي أساس ديني. في المقابل، استنكر محمد صبحي الدبش، الممثل الاحتياطي للفلاحين بلجنة الخمسين، المطالبة بإلغاء نسبة العمال والفلاحين بمسودة تعديلات دستور 2012 التي أعدتها لجنة العشرة، قائلا "إن كافة الدساتير منحت ال 50٪ للعمال والفلاحين باعتبارهم يمثلون نصف الشعب المصري لكنهم يمثلون أكثر من 70 ٪". وقال إنه يفضل العمل بالنظام الفردي في البرلمان، مرجعا ذلك إلي أنهم وفق هذا النظام يحصلون علي حقهم، ويري أنه لابد من وضع تعريف محدد للفلاح، حيث إنه وفقا لنظام القوائم فإن العمال والفلاحين الحقيقيين يتم وضعهم في ذيل القائمة، في الوقت الذي يتصدر فيه الضباط ورجال الأعمال القائمة باعتبار أنهم من تلك القائمة. ولتفادي أخطاء الجمعية التأسيسية السابقة كان هناك عدد من المطالب طالب بها عدد من السياسيين علي مختلف انتماءاتهم الحزبية. حيث طالب محمود صيام عضو التحالف الديموقرطي ، أعضاء لجنة الخمسين بضرورة العمل علي إيجاد طريقة تعامل داخل اللجنة، تمكن من أن يكون الدستور القادم ليس بغلبة أحد علي أحد، والاتفاق علي دستور توافقي يخدم مصالح الشعب، مطالباً إياهم بالتأني في كتابة الدستور، وأن يأخذ وقته المناسب ليخرج بشكل مضبوط حتي نتمكن من البناء عليه بشكل سليم، مستنكراً بدء الخلافات مبكراً في الاتفاق علي اسم رئيس اللجنة. وأشار صيام، أنه علي أعضاء لجنة الخمسين تجنب النزاع بشكل كبير علي المواد المتعلقة بالشريعة، لأنه يهدد الوحدة المجتمعية، والاكتفاء بالمادة غير التفصيلية، لافتاً إلي مطالبته بألا ينص النظام الانتخابي في الدستور، وأن يترك للمشرع وفقاً للحالة التي تمر بها البلاد الآن. وأوضح خالد المصري، المتحدث باسم حركة شباب 6 إبريل، أنه علي لجنة الخمسين لتعديل الدستور قبل بدء أعمالها أن تقوم بعدة نقاط لتخرج بناتج جيد يعبّر عن كل شرائح وطوائف المجتمع المصري، ويحافظ علي مدنية الدولة ويبعدها عن سيطرة أي مؤسسة فيها، موضّحًا أن أولها هو التعلم من أخطاء اللجنة الماضية وتلافيها. وشدد المصري علي ضرورة التعامل مع كل مقترح مهما كان صغيرا بجدية وأنه لابد من الحصول علي أكبر قدر ممكن من التوافق المجتمعي للدستور، كما أنه عليها التعامل بأقصي أنواع الشفافية المُعلَنَة والواضح للرأي العام. بينما قال عبد الغفار شكر، رئيس حزب التحالف الشعبي، إن أعضاء لجنة الخمسين لابد أن يعملوا علي كتابة دستور توافقي وموضع توافق كل الشعب والتيارات السياسية. وتابع، "إن كان التيار الإسلامي تمثيله قليل باللجنة فلابد من الاستماع إليهم والتجاوب مع مطالبهم إلي الحد المسموح به". وشدد شكر علي ضرورة التركيز في باب الحقوق والحريات والتأكيد علي أن الاتفاقات الدولية تكون أساسا بشأن الحقوق والحريات والتوسع في تحديد المقصود بالحريات الاقتصادية والاجتماعية، وأن تكون منصوصا عليها بالتفصيل بالدستور، ورفض عدم محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. كما طالب بضرورة أن تكون أعمال اللجنة علنية، والمشاركة بحوار مجتمعي فعال مع الشارع المصري. كما أكد أحمد بهاء الدين شعبان، منسق الجمعية الوطنية للتغيير، أن لجنة الخمسين لتعديل الدستور عليها العمل علي إجراء مشاورات واسعة مع المواطنين، لضمان دستور معبر عن جميع الطوائف، وأن يجتمع أعضاء علي نص مطالب كل الفئات الاجتماعية بالدستور، بالأخص قضية العدالة الاجتماعية التي لابد أن تجد لها نصاً بالدستور يوضحها. وشدد شعبان علي ضرورة الفصل بين الدين والسياسة، وتحريم تأسيس أحزاب علي أساس ديني، مؤكداً ضرورة وضع المرأة والجماعات المهمشة في مكانة مميزة داخل الدستور تضمن لهم حقوقهم. كما لفت شعبان إلي أنه لابد من الاهتمام بقضية الحريات لحمايتها من أي محاولات لانتهاكها علي مدار الأعوام الماضية والفصل بين السلطات.=