المستشار محمود فوزي: لم يُفرض نظام انتخابي بعينه.. و3 مقترحات رُفعت للرئيس دون تدخل    «اقتصادية النواب» توافق على مشروع قانون الشركات المملوكة للدولة أو التي تُساهم فيها    مسئولون بجهاز الشاباك يهددون بالاستقالة حال تعيين ديفيد زيني رئيسا له    محمد صلاح يحسم صدارة هدافي البريميرليج.. ومان سيتي يخطف مقعد دوري الأبطال    انتشال جثة شاب من نهر النيل بالمنيا    محامي حفيد نوال الدجوي يكشف تفاصيل جديدة في مقتله..انتحار أم قتل؟    بعد نجاح استنساخ.. سامح حسين يدق أبواب السينمات بفيلم جديد    وصول تامر حسني وأبطال فيلم ريستارت العرض الخاص بعربية سوزوكي    عرض المصنع على مسرح الأنفوشي ضمن موسم قصور الثقافة    فضل صيام يوم عرفة.. يكفر سنة مضت    «الصابرة المحتسبة».. شيخ الأزهر يُعزِّي الطبيبة الفلسطينيَّة آلاء النجار في استشهاد أبنائها التسعة    صراع أوروبي على حارس إسبانيول.. وبرشلونة يضعه في صدارة أولوياته    قريبًا.. انطلاق برنامج "كلام في العلم" مع دكتور سامح سعد على شاشة القناة الأولى    حارس أتلتكو مدريد: تركيزنا الآن على كأس العالم للأندية    "عبدالغفار" يستعرض الفرص الاستثمارية للقطاع الصحي خلال منتدى قادة السياسات بين مصر والولايات المتحدة    وزير الصحة: زيادة ميزانية الإنفاق الصحي ل 406.47 مليار جنيه بدلا من 42.4 مليار عام 2014    هل السجود على العمامة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح الأفضل شرعًا    «نصيحة هامة على الصعيد المالي».. حظ برج الأسد في الأسبوع الأخير من مايو 2025    "بعد عودته للفريق".. ماذا قدم محمود تريزيجيه خلال رحلته الاحترافية؟    بدء تشغيل العيادات الخارجية ب المستشفى الجامعي في السويس    حقيقة حدوث زلازل وانفجارات اليوم 25-5-2025| العالم ينتظر حدث جلل    قبل أيام من قدومه.. لماذا سمى عيد الأضحى ب "العيد الكبير"؟    إنتر ميلان يستعيد 3 نجوم قبل موقعة باريس في نهائي الأبطال    دمشق تتعهد لواشنطن بالمساعدة في البحث عن أمريكيين مفقودين في سوريا    دليلك لاختيار الأضحية في عيد الأضحى 2025 بطريقة صحيحة    مدبولي: حريصون على جعل مصر مركزًا إقليميًا لصناعة الحديد    ختام الموسم.. ماذا يحدث في 10 مباريات بالدوري الإنجليزي الممتاز؟ (مُحدث)    المفتي: يوضح حكم التصرف في العربون قبل تسليم المبيع    خلال المؤتمر الجماهيري الأول لحزب الجبهة الوطنية بالشرقية.. عثمان شعلان: ننطلق برسالة وطنية ومسؤولية حقيقية للمشاركة في بناء الجمهورية الجديدة    «الإسماعيلية الأزهرية» تفوز بلقب «الأفضل» في مسابقة تحدي القراءة العربي    تقارير تكشف.. هل يرحل ماريسكا عن تشيلسي إذا لم يتأهل إلى أبطال أوروبا؟    إصابه 5 أشخاص في حادث تصادم على الطريق الإقليمي بالمنوفية    جامعة كفر الشيخ تنظم فعاليات المسابقة الكشفية الفنية لجوّالي الجامعة    النواب يوافق نهائيا على مشروع تعديل قانون مجلس الشيوخ    جدول مواعيد الصلاة في محافظات مصر غداً الاثنين 26 مايو 2025    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    نائب رئيس الوزراء: زيادة موازنة الصحة ل406 مليارات جنيه من 34 مليار فقط    5 سنوات على مقتل جورج فلوريد.. نيويورك تايمز: ترامب يرسى نهجا جديدا لخطاب العنصرية    مصر تهنيء الأردن بمناسبة الاحتفال بذكرى يوم الاستقلال    الهيئة العربية للاستثمار توقّع مذكرة تفاهم مع شركة أمريكية لدعم التحول الرقمي في الزراعة    المئات يشيعون جثمان القارئ السيد سعيد بمسقط رأسه في الدقهلية    يسبب السكتة القلبية.. تناول الموز في هذه الحالة خطر على القلب    محافظ المنوفية: تقييم دوري لأداء منظومة النظافة ولن نتهاون مع أي تقصير    ضبط سائق سيارة نقل بتهمة السير عكس الاتجاه بالقاهرة    محافظ بني سويف يلتقي وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان    الصحة العالمية تشيد بإطلاق مصر الدلائل الإرشادية للتدخلات الطبية البيطرية    محافظ أسيوط يتفقد مستشفى الرمد بحي شرق ويلتقي بعض المرضى    فور ظهورها.. رابط نتيجة الشهادة الإعدادية الأزهرية بالاسم ورقم الجلوس 2025 الترم الثاني    بعد افتتاح الوزير.. كل ما تريد معرفته عن مصنع بسكويت سيتي فودز بسوهاج    انتظام كنترول تصحيح الشهادتين الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالشرقية    وزير الخارجية يتوجه لمدريد للمشاركة فى اجتماع وزارى بشأن القضية الفلسطينية    إيرادات السبت.. "المشروع x" الأول و"نجوم الساحل" في المركز الثالث    الكشف عن مبنى أثري نادر من القرن السادس الميلادي وجداريات قبطية فريدة بأسيوط    الاحتلال الإسرائيلي يقتحم عدة قرى وبلدات في محافظة رام الله والبيرة    محافظ الشرقية: 566 ألف طن قمح موردة حتى الآن    استعدادًا لعيد الأضحى.. «زراعة البحر الأحمر» تعلن توفير خراف حية بسعر 220 جنيهًا للكيلو قائم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 25-5-2025 في محافظة قنا    «ليلة التتويج».. موعد مباراة ليفربول وكريستال بالاس والتشكيل المتوقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكام مصر .. من مينا إلي مبارك (الحلقة الرابعةوالسبعون)
أزمة بين عبدالناصر وكمال الدين حسين بسبب سياسة التعليم
نشر في آخر ساعة يوم 11 - 08 - 2013

نشرنا في الأعداد السابقة تفاصيل أول أزمة في مجلس الأمة بسبب تمسك رئيس المجلس وعدد من الأعضاء علي رأسهم كمال الدين حسين، بتطبيق الديمقراطية السليمة.. ورغبة عبدالناصر في تطبيق شيء آخر.. ولم تكن آخر أزمة.. فبعد أقل من شهر حدثت الأزمة الثانية بسبب سياسة التعليم.. وكان بطلها تلك المرة كمال الدين حسين.
تفاصيل الأزمة يرويها كمال الدين حسين فيقول:
تقدمت ببيان سياسة وزارة التربية والتعليم إلي مجلس الأمة وأحيل إلي لجنة التربية والتعليم وتمت الموافقة عليه.. وكان البيان نتيجة لجنة تضم كبار رجال التعليم في مصر.. فقد كنت من المؤمنين أن أهل الخبرة هم الذين يجب أن نستمع إلي آرائهم وبالذات في الموضوعات التي تتعلق بمستقبل البلد والأجيال.. وكان البيان يتضمن اهتماما بالتعليم الفني والمهني وخطة التربية والتعليم لمدة 02سنة.
ويواصل وفي صوته حسرة ومرارة: إن الخطة التي تضمنها البيان وكم أتمني الرجوع إليها لو كانت نفذت لكان موقف مصر الآن موقفا مختلفا تمام الاختلاف.. ولما كان في مصر أمي واحد ولما انهار التعليم العالي والتعليم الفني.. ولما أحسسنا بنقص في الفنيين لتشغيل مصانعنا..
وبعد أن تمت الموافقة علي البيان وصل إلي علمي أن عددا من أعضاء المجلس المعروفين بميولهم الشيوعية يحاولون جمع رأي عام في المجلس للموافقة علي تعديل نظام الجامعات، بفتح باب الانتساب بدون قيد ولا شرط، وكانت مجالس الجامعات حددته بالتجاوز عن عدد سنوات الرسوب في السنة الدراسية الواحدة.. ولم اهتم في بادئ الأمر.. إلا أنه حدث في أحد اجتماعات مجلس الوزراء وكان يرأسه جمال عبدالناصر أن قال لي أثناء الجلسة:
ياأبوكمال ما تسيب باب الانتساب في الجامعات مفتوح للجميع.. عايزين الناس تبقي مبسوطة.
وقلت له:
مش ممكن ياريس.. احنا حددنا القبول لمن نجح وحصل علي 05٪ أما غيرهم فلن تكون هناك أماكن لاستيعابهم ولا أساتذة ولا مدرجات.
فابتسم وقال:
بكرة تشوف مجلس الأمة حيعمل لك إيه..
ولم أعر الأمر اهتماما في البدء.. إلا أنني فوجئت أن عددا من الأعضاء تقدموا إلي المجلس بمشروع قرار برغبة بإباحة الانتساب للكليات النظرية في الجامعات الثلاث.. وكانت وقتئذ جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية، لجميع الحاصلين علي الثانوية العامة دون التقيد بحصولهم علي 05٪.. تقدموا بهذا المشروع يوم 2ديسمبر.. وبدأت جلسات مناقشته.. وأحيل إلي لجنة التربية والتعليم.. ولأول مرة لم تتخذ اللجنة قرارا محددا، فقد عارض المشروع عدد من أعضاء اللجنة وأيده عدد من الأعضاء.. لم تصل اللجنة بذلك إلي قرار.. وطبقا للائحة فقد أعيد مشروع القرار برغبة إلي المجلس لمناقشته.. وتحددت جلسة الثلاثاء 01ديسمبر 7591 لهذه المناقشة.
بيان كمال حسين
وقد بدأت الجلسة متأخرة عن موعدها في المساء بسبب وفاة أحد الأعضاء وهو المرحوم حسن عطية بالسكتة القلبية في البهو الفرعوني.. وبدأ عدد الأعضاء الحاضرين يتناقص مع مرور الساعات.. وقبيل منتصف الليل جاء دور مناقشة مشروع القرار بالرغبة ولم يكن باقيا بالجلسة إلا عدد ضئيل هم أصحاب المشروع بقرار برغبة.. ووقفت لأبدي رأيي في المشروع بقرار.. قلت:
لقد راجعت الجامعات في إمكان قبول منتسبين جدد فكان قرارها بالرفض لسبعة أسباب.. وكنت فعلا قد راجعت الجامعات لإيماني أن أهل الخبرة هم الأحق بإبداء الرأي.. ولأنني من المؤمنين أن السعي لإرضاء بعض الجماهير بإقرار ما يضر بوطنهم لا يقبله إنسان حر مخلص لوطنه..
وذكرت الأسباب السبعة وهي:
أولا: منافاة نظام الانتساب للتعليم الجامعي ووجوب إلغائه في أقرب فرصة.
ثانيا: الضرورة المؤقتة هي التي دعت الجامعات لقبول العدد الكبير من المنتسبين هذا العام.
ثالثا: أن نسب النجاح بين المنتسبين ضعيفة ولا تتناسب مع الجهد الذي يبذل معهم والأفضل أن يجدوا فرصا للعمل بالشهادة الثانوية بدلا من إضاعة الوقت والبحث عن العمل مرة ثانية.
رابعا: هيئة التدريس قاصرة عن أن تقوم بهذا العبء الكبير.
خامسا: أن إمكانيات عقد الامتحانات وتصحيح أوراق الطلبة بشكل يتفق مع العدل إمكانيات قليلة في الوقت الحاضر.. فإن الوقت الطويل في إجراء التصحيح يشغل هيئة التدريس عن الاطلاع والبحث العلمي..
سادسا: مستقبل خريجي الكليات النظرية مهدد بالبطالة وليس هناك ما يدعو إلي تفاقم المشكلة.
سابعا: انقضي من الفصل الدراسي الأول معظمه ولم يبق سوي شهر واحد علي الامتحانات..
استقالة بعد منتصف الليل
واستمرت المناقشة حتي بعد منتصف الليل.. وبعد قفل باب المناقشة أخذت الأصوات فنال مشروع القرار برغبة أغلبية كانت في الواقع أقلية لانصراف أغلب الأعضاء ولم يبق إلا مؤيدو، المشروع فقط.. ووجدت نفسي أنني لن أنفذ تحقيق هذه الرغبة لأنها ضد الصالح العام وليس الغرض منها إلا كسبا رخيصا لإرضاء بعض الجماهير.. وتنازعتني العوامل.. هل أبقي في منصبي ولا أنفذ قرار الرغبة.. فأكون ديكتاتورا.. أم استقيل وأترك المجال لغيري لتحقيق رغبة المجلس فأكون ديمقراطيا.. ولما كنت من غير المستوزرين الذين يحافظون علي المنصب حتي لو كان ضد ما يمليه الواجب نحو الوطن فقد قررت أن استقيل وذهبت إلي مكتبي في الوزارة وكتبت استقالتي.. وطلبت جمال عبدالناصر تليفونيا وأصررت علي أن أقابله في نفس الليلة.. وقدمت له استقالتي بعد منتصف الليل.
وقام كمال الدين حسين من مكانه ودخل غرفة مكتبه وأحضر صورة من خطاب استقالته ونصه:
السيد رئيس الجمهورية
لقد عهدتم إلي القيام بأعباء وزارة التربية والتعليم، وقد حاولت جهدي أن أؤدي واجبي بما يرضي الله والوطن والضمير مترسما مبادئ الثورة المجيدة، عاملا علي خدمة بني وطني بكل ما أوتيت من قوة.
ولكن يظهر من قرار مجلس الأمة في جلسة اليوم أنه غير مقتنع بما أوردته في بياني خاصا بموضوع الانتساب في الجامعات وما رأيته عن اقتناع وبعد استشارة المجلس الأعلي للجامعات ومجالس الجامعات المختلفة.. ولما كنت أجد نفسي إزاء ما عاهدت به ربي وضميري من ألا أقدم علي عمل إلا إذا كنت مقتنعا به تمام الاقتناع وبفائدة للوطن والمواطنين الذين أبذل نفسي دائما في خدمتهم.
ولما كنت أجد نفسي غير قادر علي تنفيذ هذه الرغبة من المجلس فأني أرجو أن تتفضلوا بقبول استقالتي من وزارة التربية والتعليم، راجيا لكم دوام التوفيق في الأخذ بيد الوطن إلي مراقي العز والسؤدد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المخلص
كمال الدين حسين
وانتظر كمال الدين حسين حتي انتهيت من نقل استقالته واستأنف حديثه قائلا:
تركت الاستقالة لعبدالناصر معلنا إصراري عليها، وعدت إلي منزلي واعتكفت به، وجاءني في الصباح الأخ بغدادي محاولا اقناعي بالعدول عن قراري.. ولكنني أبلغته إصراري عليها.. وبدأ توافد أعضاء مجلس الأمة إلي منزلي يحاولون إقناعي هم الآخرون بسحب استقالتي علي أساس أن القرار برغبة لا يلزم الوزير تنفيذه.. إلا أنني كنت مصرا علي الاستقالة.. اعتبرت أنها محاولة لإحراجي برفض سياسة التعليم التي كنت رسمتها.
عبدالناصر يزورني
وفوجئت بعبدالناصر يحضر إلي منزلي في المساء.. مساء يوم 11ديسمبر وحاول إقناعي بسحب الاستقالة.. ولكنني رفضت.. وبعد انصرافه زارني رؤساء الجامعات الثلاث يؤيدون موقفي.. ويعلنون لي أنهم سيعقدون المجلس الأعلي للجامعات لمناقشة الموقف.
وفي اليوم التالي.. يوم 21ديسمبر زارني المرحوم الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي ومكث معي أكثر من ساعة وأعلن تأييده لي واحترامه لقراري.
ونشرت جريدة »الأخبار« تصريحا لأستاذ الجيل المرحوم أحمد لطفي السيد قال فيه:
»إن كمال الدين حسين علي حق، بل علي ألف حق.. فما كان لمجلس الأمة أن يتخذ قرارا وهناك مجلس أعلي للجامعات، وأنا أعلم أن كمال الدين حسين رجل يعرف ما يقول وحريص علي عمله وعلي مركزه.. ولو كان من عادتي أن أهنئ الناس لهنأته علي موقفه، ولذلك فلن أهنئ كمال الدين حسين، فلا تهنئة علي واجب«.
وفي نفس اليوم اجتمع المجلس الأعلي للجامعات برئاسة المرحوم محمد كامل مرسي مدير جامعة القاهرة وحضور الدكتور السعيد مصطفي السعيد مدير جامعة الإسكندرية والدكتور أحمد بدوي مدير جامعة عين شمس وجميع العمداء وأصدر قرارا بعدم قبول المنتسبين إلا في حدود الشروط التي سبق أن تم الإعلان عنها.
وفي يوم الأحد 51ديسمبر طلب عبدالناصر أن يقابلني.. وحضر المقابلة المشير عبدالحكيم عامر.. وتم الاتفاق أن يرفض عبدالناصر الاستقالة علي أن يعلن أن السياسة التي يعرضها الوزراء علي مجلس الأمة لوزارتهم هي تعبير عن سياسة الحكومة.. ووافق عبدالناصر وانتهت الأزمة بعد أن جعلت عبدالناصر يقر سياستي ولا يسعي إلي كسب لإرضاء الجماهير علي حساب الصالح العام.
ولكن هل انتهت محاولات عبدالناصر عند هذا الحد بالنسبة لكل من كمال الدين حسين وبغدادي.. إنه كان يشعر أن الاثنين يكونان جبهة ضده، وأنهما يعوقان تحركه في تحقيق أغراضه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.