الفريق السيسى حسم المصريون مصيرهم قبيل شهر رمضان، أزاحوا الإخوان المسلمين عن السلطة، تغيرت خريطة الشاشة الصغيرة في الشهر الكريم فتابع المواطنون بيانات القوات المسلحة التي انحازت لإرادة الشعب، مجرد رؤية الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والإنتاج الحربي تثير البهجة في النفوس وترسل إشارات الطمأنينة للأسر المصرية في البيوت، في الوقت الذي أثار فيه اعتصاما رابعة والنهضة قلقا بالغا لكل من آمن بالسلم في بلد أحوج ما يكون للسلم والأمن بعد ثلاث سنوات لم يهدأ فيها الشارع يوما واحدا. "آخر ساعة" ذهبت إلي قرية صغيرة في أقصي صعيد مصر لتتحدث إلي أهلها وتصف شعورهم بما يحدث من متغيرات سياسية في لحظة فارقة من التاريخ المصري. "ساحل دراو" قرية حدودية تقع بين محافظتي قنا والأقصر، لا يتعدي عدد سكانها ثلاثة آلاف نسمة، لكنها تزخر بمشاعر كل المصريين وتتابع ما يحدث في القاهرة بعين متيقظة. يعلن عبد الهادي الدمرداش – مدرس عن حزنه الشديد لما تعرض له سكان ميداني "رابعة" و"النهضة" من انتهاك لخصوصياتهم، وحبس حريتهم، واستغلال وتضليل بعض العقول وتغييبها واستخدام الدين الإسلامي والزج به في أمور سياسية، وإهانة بعض الرموز الإسلامية الكبيرة مثل شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب لا لشيء إلا لأنه يعارض أفكارهم الهدامة. ويضيف الدمرداش الذي يعيش في بيت واحد مع شقيقه الإخواني أنه حاول كثيرا إقناعه بعدم جدوي ما يقوم به من حشد للبسطاء واستخدامهم ضد مكتسبات ثورة 03 يونيو ولكن أخاه لا يعبأ ويسير خلف أفكار ظلامية تخدش الصورة الناصعة للإسلام السمح. ويصف الفريق أول عبد الفتاح السيسي بأنه أعظم قائد وطني في التاريخ الحديث وينوي تسمية جنينه المنتظر باسم السيسي تيمنا بقائد وهب حياته للدفاع عن الوطن. أما محمود محمد تقي - وكيل مدرسة فيطالب بوقف قناة الجزيرة ومثلها من القنوات التي تتبع نفس المنهج الذي يهدف إلي تفتيت كيان الأمة، ويهيب كل من يهمه الأمر بعدم استخدام الأطفال كدروع بشرية مما يشكل خطرا كبيرا علي الوجدان المصري. وينتقد ظاهرة التمسح بالدين التي انتشرت في القري المصرية من أشخاص جهلة يفتون في الدين بغير علم وينساقون خلف تحريض قيادات الإخوان المسلمين. ويشكر الفريق السيسي الذي جنب البلاد حربا أهلية لا يعلم إلا الله ما كانت ستسفر عنه. ويستنكر ما يفعله الإخوان وأنصارهم ممن يلتقي بهم وهم يهللون عند سماعهم خبرا عن قرب بوارج أمريكية لمحاربة جيش بلادهم. ويؤكد عبد المعز محمود - موظف بالأوقاف علي أنه يتابع ما يحدث ويجلس لساعات طويلة أمام التلفاز، ويستبشر خيرا بالفريق السيسي كلما رأي موقفه الصلب ضد الإرهاب، ويتحدث عن أطفاله الذين يحبونه ويبحثون عنه في مختلف القنوات ويعلقون صوره علي جدران البيوت مثله مثل زينة رمضان. وتعلق ابنته نورهان التي تجلس بجانبه قائلة: نحن نحب السيسي، فهو قائد وضع مصر بين عينيه فأصبحت صورته غالية علينا جميعا. يصمت عبد المعز قبل أن يقول إنه يشم في الفريق السيسي رائحة زعيم مصر الخالد جمال عبد الناصر، وبخلاف أن السيسي قائد عسكري فهو رجل سياسة من الطراز الأول، ويعتقد أنه في حال ترشحه لانتخابات الرئاسة القادمة سيكتسح كل منافسيه لأنه يتمتع بحب فطري من المواطنين الذين خرجوا بعشرات الملايين إلي الشارع تأييدا له دون انتظار لمكاسب مادية كما يفعل أنصار الإخوان مما أشعرنا أن كرامة مصر رجعت كما كانت في عصر عبد الناصر وخاصة مواقفه من عدم الركوع أمام البيت الأبيض وتحدي الجميع ممن يحاولون زعزعة استقرار البلاد، وإجبار أمريكا علي التراجع عن موقفها المؤيد للإخوان 180 درجة. ويري أن الإخوان المسلمين إذا تمت تبرئتهم من كل التهم التي وجهت إليهم فلا يمكن أبدا تبرئتهم من إهانة الإسلام، والنظر إليه علي أنه دين يحض علي الإرهاب والكراهية في حين أن ديننا الإسلامي هو دين السماحة ويحرض علي الحياة. وينتقد عبد المعز وسائل الإعلام التي صورت الصعيد علي أنه مؤيد للمعزول وقياداته، ويقول: إن عناصر الإخوان في قري الصعيد يضللون كبار السن والعجائز والنساء في الانتخابات بعد أن تتم رشوتهم بكرتونة الأرز والزيت مستغلين فقرهم الشديد في العملية السياسية، فضلا عن استغلال المواطنين لتأييدهم في الوقت الراهن للخروج معهم في مظاهرات التأييد. بينما يستنكف فراج عطيفي – موظف بمجلس المدينة ما يحدث في قريته الصغيرة التي كانت مطمئنة قبل أن يأتي الإخوان إلي الحكم ويفسر ذلك بقوله: انقسمت الأسر في القرية بين أغلبية مؤيدة تري أن ما فعله الجيش بمساندة الشعب والوقوف خلف طموحه المشروع عمل بطولي وبين قلة من عناصر الإخوان ممن يجلسون إلي البسطاء ويسممون فطرتهم السليمة ويسوقونهم أمامهم إلي مظاهرات تأييد لا طائل من ورائها إلا إفساد فرحة المصريين بما فعلته القوات المسلحة من لحمة بين أبناء الشعب الواحد. ويعترف بأنه لم يتابع مسلسلا واحدا في شهر رمضان وسيطرت الأخبار السياسية علي اهتمامه، ويستطرد: اختطفت الأحداث الأنظار، وأصبحت أكثر دراما وخيالا من كل المسلسلات التلفزيونية، مشهد قتل الأطفال في الإسكندرية يثير الغضب في النفوس، وتعذيب البشر في سلخانات رابعة يؤكد حقيقة أهداف الإخوان البغيضة. عصبية الإخوان ومن يناصرهم وجدناها أيضا داخل القرية الهادئة، شبانا صغارا بلحي كثة لا يتوقفون عن الثرثرة حول الثورة، يصوبون شتائمهم علي رموز دينية وعسكرية ويدخلون في جدال مع من حولهم، بصوت يعلو فيتمزق الهدوء ويضيع. تحدثنا إليهم ورفضوا ذكر أسمائهم ولم نستطع بدورنا كتابة ما تلفظوا به من سباب وإهانات يعاقب عليها القانون. وجدنا أيضا من لايهتم بكل هذا وذاك ويري في البحث عن لقمة العيش الفرصة الوحيدة لحياة تخلو من الحياة.