بين العديد من الأسباب التي تعوق النمو الاقتصادي، وتقضي علي روح المنافسة، تأتي الممارسات الاحتكارية الضارة كأحد أخطر الأضرار التي تهدد الكيان الاقتصادي للدولة، وتضر بمصالح باقي المتعاملين في السوق، وتلحق أضرارا بالغة بالمستهلكين، باعتبار تلك الممارسات المشينة ينجم عنها ارتفاع أسعار السلع والخدمات وتشويه السوق، وتعطيل آلية العرض والطلب، خاصة أن صور الممارسات الاحتكارية تتطور وتتحور لتأخذ أشكالا جديدة، من بينها الاتفاقات و»التربيطات« بين عدد محدود من التجار أو المنتجين أو المستوردين للاتفاق علي سعر محدد، والتحكم في كميات السلع المطروحة بالأسواق لتحقيق أرباح طائلة، وما لذلك من انعكاسات سلبية علي المستهلك ودخله المادي.. فما تشهده الأسواق حاليا من قفزات سعرية غير مبررة أحد الأسباب الرئيسية وراءها، الألاعيب الاحتكارية التي تطورت في صيغ جديدة للاحتكار يتعين رصدها والإسراع في مواجهتها، فارتفاع الأسعار طال العديد من السلع مثل حديد التسليح والأسمنت والسلع الغذائية، في غياب واضح لدور الأجهزة الرقابية، وضعف القوانين التي تنظم الأسواق مثل قانون حماية المنافسة وقانون حماية المستهلك، فهناك العديد من الدراسات التي تؤكد أن الأسعار التي يتم فرضها في الأسواق أعلي بكثير من مدخلات إنتاجها، ومن أبرز الأمثلة علي ذلك الأسمنت الذي شهد خلال السنوات الماضية قفزات سعرية تحقق أرباحا مضاعفة للشركات المنتجة وهي شركات أجنبية تحتكر إنتاج الأسمنت بعد خصخصة هذا القطاع وتسيطر علي سوق الأسمنت حاليا.. تلك المراكز الاحتكارية تنمو وتتوحش بمرور الوقت، وتمثل عقبة كبيرة أمام جهود التنمية والنمو.. وهذا يستدعي ضرورة إعادة النظر في تلك الأوضاع والاسترشاد بما تقوم به الاقتصادات القوية من إجراءات وتدابير تؤكد حرصها علي مواجهة الأساليب الاحتكارية وتقوية المنافسة وإصدار التشريعات والقوانين التي تواجه الممارسات الاحتكارية وتدعم المنافسة، وتحمي مصالح المستهلكين بفرض الغرامات الباهظة علي مرتكبي تلك الممارسات إلي حد شطب مرتكبيها وخروجهم من السوق.. بما يحمي السوق ويحمي المستهلك..