بعد استدعاء عدد من الإعلاميين إلي النيابة وكذلك توجيه إنذار لإغلاق قناة "سي بي سي" وكذلك الفوضي التي يعانيها الإعلام خلال الفترة الماضية وتحديدا بعد الثورة كان لابد من أن نلتقي بالدكتور حسن علي رئيس جمعية حماية المشاهدين وأستاذ الإذاعة والتليفزيون بجامعة المنيا لتقييم الحالة الإعلامية منذ اندلاع الثورة وحتي الآن. كيف تري الإعلام الحكومي والخاص في فترة ماقبل الثورة؟ - الإعلام المصري سواء كان حكوميا أو خاصا كان تحت السيطرة المباشرة من جانب الأمن وكانت هناك آليات قمعية قبل الثورة ضد الإعلام وكان هناك بعض الأجهزة السيادية التي تطالب الإعلام الخاص بتوجيه النقد للنظام الحاكم في إطار توزيع الأدوار كما كانت تلك الأجهزة تمول بعض الصحف المعروفة بمعارضتها الشديدة للرئيس السابق حسني مبارك أما الإعلام الحكومي فكان كليا تحت سيطرة الدولة . وماذا عن الإعلام بعد الثورة؟ - بعد الثورة أصبح الإعلام يتمتع حرية بلا سقف فهناك إعلام خاص وهو مملوك لرجال أعمال وإعلام جمعيات وإعلام الشعب أو الحكومة (اتحاد الإذاعة والتليفزيون) بالإضافة إلي الإنترنت والفضاء الإلكتروني الكبير والساحة الإعلامية شديدة التباين وشديدة الاختلاف للولاءات وأصبح ولاء الإعلامي لصاحب القناة فقط . فلو خالف أي إعلامي سياسة القناة سوف يتم الاستغناء عنه لأنه يحصل علي راتب يصل إلي ملايين الجنيهات سنويا لتنفيذ السياسات فقط . ما أهم الظواهر التي أحدثها إعلام مابعد الثورة؟ - الإعلام أحدث انقساما في الرأي العام فبدلا من لم شمل المصريين تسبب في حالة من الارتباك والضبابية نتيحة لتحويله كأداة من أدوات الصراع السياسي بين الإسلاميين والليبراليين وتحول الإعلام من أداة تنوير إلي أداة تضليل فأصبح عدد كبير من القنوات الفضائية يستخدم لتضليل الرأي العام. هناك حرب من المصطلحات انتشرت مؤخرا في الساحة الإعلامية برأيك من المسئول عنها؟ - حرب المصطلحات هذه سببها أن الإعلام استخدم في الصراع السياسي فأصبحت بعض وسائل الإعلام تطلق علي من يغلقون الطرق ويشعلون الحرائق في المنشآت الحكومية ثوار بدلا من أن يقولوا عليهم مجرمين وهذا في حد ذاته إجرام لأنه يعطيهم غطاء سياسيا لايستحقونه. كما أن وسائل الإعلام المنتمية إلي التيار الليبرالي تطلق علي من يخالفها في الرأي لفظ "الظلاميين" وترد عليهم قنوات التيار الإسلامي بلفظ "الكفار" وهذا موجود في وسائل الإعلام من الجانبين وهذا تخريب للرأي العام. هل تلعب الفيديوهات دورا في توثيق ما يتم نشره في وسائل الإعلام؟ - مايحدث حاليا ليس توثيقا ولكنه حرب الفيديوهات وهذه يستخدم فيها أسلوب الخداع والتشويه المتعمد وهذه تقنيات صهيونية تستخدم في الدعاية المضادة كما أن وسائل الإعلام الخاصة سواء التي تدافع عن التيار المدني أو وسائل الإعلام المنتمية إلي التيار الإسلامي تتعامل مع الفيديوهات علي طريقة "ولاتقربوا الصلاة" ولايكمل الآية وهذا يضر بالدولة إضرارا بليغا وهناك إضرار متعمد للأمن القومي ولو عندهم شيء من الوطنية مايخربوش مصر كده. هل تري أن وسائل الإعلام تقوم بدورها في نقل الخبر كما يجب أن يكون؟ - للأسف هذا لايحدث فأصبح الجانب التحريضي مكملا للجانب الخبري ومثال علي ذلك "كيف سول لأي شيطان في بعض وسائل الإعلام لتحريض الناس علي غلق قناة السويس وهي خط أحمر وممر ملاحي دولي" فبعض القنوات قالت في إحدي نشراتها الإخبارية "نحيي شعب بورسيعد البطل والخطوة القادمة غلق القناة " وهو بذلك أصبح شريكا في الجريمة. كما أن هناك ظاهرة أخري بعد الثورة وهي الإقصاء وهو إحدي أدوات التضليل الإعلامي فهناك مجموعة من القنوات تحتكر 50 شخصا وتجعلهم ضيوف هذه القنوات وكذلك قنوات الإسلاميين هناك مجموعة من الضيوف فقط يتم التركيز عليهم. لماذا يعتبر الكثيرون النقد الذي يوجه لرئيس الجمهورية إهانة لشخصه؟ - هناك محاولة التطاول علي رموز الدولة من خلال نقد الشخص وليس نقد الفعل من حقنا أن نقول إن الرئيس فشل في أداء هذه المهمة وليس من حقك أن تقول الرئيس الفاشل وهناك فرق بين النقد وبين السب والقذف فحينما نسيء للشخص نخرج عن النقد المباح وهناك عملية خلط الأوراق في الساحة الإعلامية وتتم من الطرفين والأصل للخروج من هذه المصيبة هو المهنية. كما أنه من القائم حاليا مايسمي بالابتزاز وهذا توسع بعد الثورة لأنه لايوجد عقوبة ولايوجد ردع من جانب المسئولين وسؤالي لنقيب الصحفيين كم صحفيا تحول إلي لجنة القيم بنقابة الصحفيين؟ لماذا لم تشطب النقابة أي صحفي تم الحكم عليه؟. ولكن الفترة الماضية شهدت استدعاء عدد كبير من الصحفيين من قبل النائب العام للتحقيق في وقائع سب رئيس الجمهورية؟ - النيابة جهة تحقيق ومن حقها أن تستدعي أي إعلامي أو صحفي مقدم ضده بلاغ ولو ثبت ضده أي شيء تقوم بحبسه مثله مثل أي مواطن يتم حسبه ولو لم يثبت ذلك يتم الإفراج عنه فالصحفيون ليسوا فوق القانون. وكيف تقرأ اتهامات البعض للنظام بتكميم أفواه الإعلاميين؟ - لايوجد تكميم أفواه في العهد الحالي والتضييق علي حرية الإعلام غير صحيح وهي محاولة للإفلات من المحاكمة ولايوجد واحد علي مليون من اللي كانوا في السجن قبل الثورة ويجب علي الإعلاميين أن يفرقوا بين شخص رئيس الدولة وبين هيبة المنصب فكيف يدير الرئيس علاقات دولية وهو يتهزأ في بلده من الإعلام الساخر. لابد أن يكون هناك حد أدني من العقل والرشد في النقد ومعظم وسائل الإعلام الخاصة تفتقد إلي المهنية في الأداء الإعلامي ولابد أن ننظم المهنة بأنفسنا وأن نطمئن صاحب القرار أننا علي قدر من التحلي بالمسئولية. ومارأيك في الإنذار الذي تم توجيهه من هيئة الاستثمار إلي قناة "سي بي سي"؟ - القناة أخرجت رخصة العمل ووقعت علي مجموعة من القواعد ولكنها خالفتها فلابد أن يتم إنذارها وقناة سي بي سي ليست بمنأي عن المحاسبة إذا كانوا هما بيحاسبوا رئيس الدولة كل يوم فلابد أن يكون الجميع تحت طائلة الحساب . هناك قفزة كبيرة شهدها سوق الإعلانات في القنوات الفضائية من وجهة نظركم ما سببها؟ - سوق الإعلانات كان أقصي تقدير له ملياراً و 600 مليون سنويا وتحتكره شركتا استثمار وفي آخر سنة زاد سوق الإعلانات إلي 6 مليارات جنيه فالفارق كبير للغاية وهذا يجعلنا نتساءل من أين كل هذه الأموال التي يتم ضخها في الإعلام؟. هل هناك قنوات تعرضت للخسارة خلال العام الماضي؟ - بالفعل هناك 4 قنوات كبيرة خسرت 50 مليون جنيه خلال العام الماضي وهذا يجعلنا نتساءل هل يوجد رجل أعمال مجنون يترك القنوات مفتوحة حتي بعد خسارتها كل هذه الملايين. وأنا في اعتقادي أنه كلما اقترب الإعلاميون في الفضائيات من المهنية والحرفية انعكس ذلك علي البلد بالإيجاب ولكن الابتعاد عن المهنية يعرض القنوات للإغلاق والمشاكل القانونية وهذه كلها ألاعيب سلطة فالمذيع اللي بياخد 18 مليون سنويا أجر غير طبيعي لمذيع يؤدي وظيفة طبيعية فسوق المذيعين في العالم العربي يتراوح مابين 20 إلي 30 ألف شهريا فعندما يصل إلي مليون جنيه فهذا يعني أن هناك أمرا غير مضبوط. هل يمكن السيطرة علي حالة الفوضي الإعلامية الحالية؟ - الحل في ميثاق شرف إعلامي يتم عمله من الإعلاميين والصحفيين قبل انتخابات البرلمان ولدينا فرصة أن نعمل ميثاق شرف محترما ونثبت أننا قادرون علي المحاسبة الذاتية وقادرون علي حماية المهنية وبالفعل دعونا جميع القنوات والصحف لذلك أكثر من مرة ولكنهم لم يستجيبوا لوضع ميثاق شرف ولايوجد أي جريدة أو قناة خاصة لديها مدونة أخلاقية وهذا لايحدث في أي بلد آخر. ولو كان هناك مدونة أخلاقية لما كنا شاهدنا حالة الانفلات العجيب فمدير الأخبار في قناة البي بي سي حينما قام بنشر خبر ملون قدم استقالته وأنا أدعو جميع الإعلاميين إلي احترام المهنية أو تقديم الاستقالة لأنهم بذلك يخربون البلد وسوف يحاسبهم الله علي مايفعلون. هل سيتم تشكيل المجلس الوطني للإعلام قريبا؟ - مجلس الشوري يري أن الأجدر صدور القانون من مجلس النواب وأنا أطالبهم لمنع الفوضي في الإعلام بأن يتم إنشاؤه من الغد لتنظيم الساحة الإعلامية ولكن الاتجاه يسير نحو التأجيل.