مع زيادة الاهتمام بالطفولة واختلاف وتنوع علوم وآداب الطفل بمصر والتركيز عليها كوجود هام لبناء المجتمع فهم رجال ونساء الغد الذين يتعين رعايتهم وتثقيفهم بما يتماشي مع متغيرات العصر المحلية والدولية باتساع دائرة العلم والثقافة والفن والمواد التطبيقية والتجريبية لتصبح جزءا متكاملا لا ينفصل عن ثقافة الطفل ودائرة معارفه الراسخة ليعايش التحول الديمقراطي المنشود. الفنون والآداب هما مكونان رئيسيان لشخصية الطفل لتأثره بما يتلقاه منهما سواء علي البعد التربوي أم الترفيهي والتعليمي يتم منه اكتساب الخبرات ويتعرف علي صور الحياة المختلفة بتفاعله مع الإيجابيات المطروحة.. ونفوره وابتعاده عن السلبيات الموجودة بما يعمق وينمي شخصيته وهويته وتهدف الدراسة التحليلية المقارنة للتربية السياسية من خلال أدب الأطفال والتعرف علي فلسفة التربية السياسية المقدمة من الباحثة غادة محمد علي محمد بعنوان »دور أدب الأطفال في التنشئة السياسية للطفل بعد ثورة 52يناير« المقدمة للمؤتمر العلمي الثامن لجامعة حلوان الذي نظمه معمل توثيق بحوث أدب الطفل لتوضيح ما حدث من تغيرات في المجتمع بعد 52يناير وظهوري قوي سياسية جديدة أظهرت لنا أن المجتمع المصري في حاجة لاكتساب قيم تتجدد للتغلب علي ما نعانيه من فوضي سياسية.. فإذا كان هذا هو حال مجتمعنا فكيف يصبح حال الطفل وكيف يمكن أن نجعله يكتسب القيم الجديدة التي أصبح الجميع في حاجة ماسة لها ولقد أطلقت اليونيسيف ومعها شركاء وطنيون برنامجا للدعم النفسي والاجتماعي للأطفال بالقاهرة والإسكندرية الذين تأثروا بأحداث العنف التي وقعت نتيجة لوجود بلطجية مأجورين هاجموا الثوار وانسحاب الشرطة من الشوارع مما زاد من مشاعر الخوف بين الأسر ووفقا للأرقام الأولية التي أعلنت من قبل وزارة الصحة ومنظمات حقوق الإنسان فإن 31طفلا ورد أنهم قتلوا خلال الأحداث في مختلف المحافظات.. وقد صرح فيليب دومال ممثل اليونيسيف في مصر بأن كل حالات الوفيات والإصابات التي وردت عنها تقارير »وفيات وإصابات« وكذلك التقارير التي أفادت بدفع أموال لأطفال ليشاركوا في المظاهرات المضادة وإلقاء القبض علي أطفال لابد أن يجري فيها تحقيق شامل وأن تتم حماية حقوق الأطفال تماما.. وأضاف قائلا: »إن الأطفال يحتاجون إلي المساعدة لكي يتجاوزوا ما رأوه ومروا به من مظاهر عنف وشعور بانعدام الأمن«. وذكرت الباحثة ما توصل إليه الدكتور هاشم بحري أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر وقوله: »إن ما يصل إلي 03٪ من الأطفال المصريين قد يعانون القلق والاكتئاب والوسواس القهري وإننا سنقوم ببرنامج نفسي واجتماعي لإعداد المعلم والإخصائي النفسي والاجتماعي للتواصل بإيجابية مع الأطفال.. مضيفا: يقوم هذا التواصل علي الاستماع وممارسة الفنون من أجل منح الأطفال فرصة للتعبير عن أنفسهم بدقة وهذا بالطبع سيقلل من قلقهم. أهداف وقيم سياسية تشرح الباحثة أهمية تنشئة الطفل السياسية لتنمية شخصيته ومواهبه وقدراته العقلية والبدنية لكي يكون قادرا علي مواجهة الغزو الثقافي والفكري الذي يصل إليه عن طريق البث المباشر فغرس القيم السياسية في نفوس الأطفال ضرورة قصوي لمواجهة متطلبات التنمية الشاملة ويقصد بها تلك التي تهيئ الفرد منذ الصغر للانتماء إلي وطنه والولاء له ومعرفته بماله من حقوق وما عليه من واجبات لمساعدته علي المشاركة بدور إيجابي في مجتمعه مستقبلا مع إعطائه الحرية لإبداء الرأي والمشورة من خلال مجموعة قيم أهمها التعاون الذي ترجع أهميته لنشر الحب والعطف والود بين الناس والانتماء بالتركيز علي الأبطال القوميين والقادة الزعماء كما يجب أن يكون الآباء والمعلمون قدوة للأطفال في الانتماء.. ثم يأتي تحمل المسئولية كقيمة ترتبط ارتباطا وثيقا بالاعتماد علي النفس وتحمل مسئولية الذات والآخرين.. مع احترام الملكيات وضرورة الاستئذان عند طلب أي شيء يحتاجه الطفل لشعوره بأهمية الحفاظ علي ممتلكات الآخرين.. والمساواة قيمة تتطلب عدم التفرقة بين الإنسان وأخيه الإنسان بسبب الجنس أو اللون أو الطبقة أو الوظيفة وهي أساسية في تنشئة الطفل وتعطيه القوة والحيوية من أجل تحقيق إنسانية كاملة.. كما يعتبر العدل أساسيا في الفكر المعاصر ويقصد به إصدار الأحكام بدون محاباة أو تحيز بمعني إعطاء كل ذي حق حقه وأن يتساوي الجميع أمام القانون حتي يتأكد مفهوم العدل في نفوس الصغار ويرتبط بمفهوم المساواة. الإنتاج الفكري للطفل يقول: يعقوب الشاروني في بحثه »من ملامح مستقبل أدب الأطفال« إن ثقافة الطفل واجهت في العقود الأخيرة من القرن العشرين عددا من المتغيرات والتحديات من أبرزها سيادة ثقافة الحوار والمشاركة والإبداع بدلا من أساليب الحفظ والتسلط والتلقين وإعادة صياغة الثقافات الموروثة بما يتماشي مع منجزات العصر بدلا من الاعتماد علي الكلمة وحدها ومنافسة الكمبيوتر والإنترنت للكتاب.. كما تنبه المجتمع إلي قضايا الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين والأطفال في ظروف خاصة.. ومع تعاظم دور العلم في حياتنا يتحتم ابتكار الوسائل لتنمية التفكير العلمي والمعرفة العلمية خاصة لصغار الأطفال إضافة إلي الحاجة للتأكيد علي قيم مجتمعية هامة مثل حقوق الإنسان وعدم التمييز بين أهمية أدوار الفتي والفتاة وقبول الآخر والحفاظ علي البيئة وتقوية الشعور بالانتماء للوطن وتأكيد قيمة الوقت والعمل وتنمية روح الإبداع والابتكار والاعتماد علي النفس في التعليم الذاتي المستمر في عصر أصبحنا نسميه »عصر انفجار المعلومات«. ويشرح يعقوب الشاروني ما يسمي بالنشر المستقل المعتمد علي نفسه بطرق غير تقليدية مثل طبع نسخ من الكتاب عند الطلب أو النشر علي حساب المؤلف ولم يدخل في حساب هذا الرقم الكتب التي تم نشرها إلكترونيا ومعظم هذه الكتب لا تجد طريقها إلي مكتبات بيع الكتب المعروفة ولا باعة الكتب لكنها أصبحت الآن تجد فرصتها في معارض الكتب العامة والدولية التي بدأت تعطي اهتماما كبيرا جدا لتقديم كتب النشر المستقل وبنجاح هذه الكتب حدث تغير في آفاق الكتابة وعلي وجه خاص في مجال الكتب الموجهة »للبالغين الصغار«.. ويؤكد أن الاتجاهات الحديثة التي تعمل علي التقارب بين الشعوب تعمل كلها بتأكيد علي أهمية أدب الأطفال في تحقيق تعريف أطفال كل بلد بحقائق الناس والحياة في البلاد الأخري ولابد من تعريف أبناء كل بلد بأبناء البلاد الأخري عن طريق الأدب وإلا سيكون من الصعب بناء جسور قبول الآخر.