وكشف، تقرير المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عن زيادة سعر الجنيه الذهب خلال الشهر الماضي ليسجل 2521.6 جنيه مقابل 2448.6 جنيه في شهر يناير الماضي، كما ارتفع علي أساس سنوي مقارنة بالشهر ذاته من عام 2012 والذي سجل فيه 2320.3 جنيه. وأوضح التقرير، أن سعر جرام الذهب عيار 21 خلال الشهر الماضي، سجل ارتفاعاً مقارنة بالشهر السابق عليه ليبلغ 315.2جنيه مقابل 306.1جنيه، في الشهر السابق عليه، وسنوياً شهد ارتفاع سعر الجرام 21 إلي 290 جنيهاً مقارنة بالشهر المناظر من عام 2012. بينما ارتفع سعر الجرام عيار 18 خلال فبراير الماضي، ليصل إلي 270.2 جنيه مقابل 262.3جنيه خلال شهر يناير السابق عليه، كما ارتفع مقارنة بالشهر ذاته من 2012 والذي بلغ فيه 248.6جنيه. وبحسب الخبراء والمحللين، فإن ارتفاع أسعار الذهب بالسوق المصرية، دون غيره من الأسواق الخارجية، وانخفاض الأسعار عالمياً واستمرار ارتفاعها داخلياً، يرجع سببه الرئيسي لارتفاع الأسعار داخلياً بجميع السلع والمواد، مما أثر بالسلب علي الأسعار بسوق الذهب، وأدي لارتفاع أسعارها، كما أن الهبوط الحاد الذي تعرض له الجنيه المصري، أمام العملات الأجنبية، وخاصة الدولار كان له هو الآخر دور مباشر في ارتفاع أسعار الذهب المصري. رئيس شعبة المشغولات الذهبية بالغرفة التجارية بالقاهرة، صلاح عبد الهادي، يؤكد أن حالة الركود التي تسيطر حالياً علي سوق الذهب غير مبررة بالمرة، خاصة أن أسعاره العالمية انخفضت بشكل كبير، ومع ذلك لم تنخفض الأسعار بالشكل المطلوب، مشيراً إلي أن الفترة الحالية من العام كانت تشهد انتعاشاً في المبيعات خلال السنوات الماضية، لكنها انخفضت هذا العام وتحولت لحالة ركود عامة. أضاف، أن الفترة ما بين 15 ديسمبر وحتي نهاية أبريل، كانت تشهد زيادة في المبيعات لاسيما من قبل الشركات التي كانت تقبل علي شراء هدايا ذهبية، في مناسبات أعياد الميلاد والكريسماس، ومن بعدها عيد الأم في شهر مارس، ثم أعياد شم النسيم، إلا أن ذلك لم يحدث هذا العام، حيث تعاني الأسواق من تراجع حاد في إجمالي المبيعات. الأمر نفسه، أكده رئيس شعبة الذهب بالغرفة التجارية بالجيزة، عادل راضي، والذي يؤكد أن أسعار الذهب بالسوق المصري مازالت عند معدلاتها المرتفعة، والتي تخطت أقصي ارتفاع لها منذ بداية يناير الجاري، حيث سجل جرام الذهب عيار 21 نحو 311 جنيهاً، وعيار 18 وصل ل265 جنيهاً، والذهب البندقي من عيار 21 وصل ل355 جنيهاً. وقال: "رغم الانهيار العالمي لأسعار الذهب، وتراجع سعر الأوقية بمعدل 40 دولارا تقريباً وتسجيل الجرام 21 سعراً عالمياً بلغ 284 جنيهاً، إلا أن هذا لم يؤد لتراجع سعره بالسوق المصري". الدولار السبب وأرجع راضي، ذلك للارتفاع الهائل والمتتالي لسعر الدولار الأمريكي، والذي ضاعف من التراجع القائم للجنيه المصري، وتسبب في انهياره، وأدي لارتفاع جميع أسعار السلع والمواد، ومن بينها سعر الذهب. بينما يؤكد عضو الاتحاد العام للغرف التجارية بشعبة الذهب، وصفي أمين، أن هناك حالة من الإقبال علي شراء السبائك الذهبية، في الفترة الأخيرة، وبالتزامن مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد، وذلك يأتي في ظل ركود شديد للمشغولات الذهبية، حيث انخفضت حركة مبيعاتها بصورة حادة، وباتت أقرب للمتوقفة. أضاف، أسعار الذهب عالمياً، أغلقت في نهاية تداولاتها الأسبوعية الأخيرة، علي تراجع بلغ متوسط سعر الأوقية فيه 1655.15 دولار، ومع ذلك يتداول عيار 24 في السوق المحلية ب342 جنيهاً للجرام، بالتزامن مع تعطل البورصات العالمية، فيما وصل سعر عيار ال21 الأكثر رواجاً بالسوق المحلية ل299.3 جنيه، وعيار 18 وصل ل256.6 جنيه. وقال نائب رئيس شعبة الذهب والمجوهرات بغرفة القاهرة التجارية، شريف السرجاني، إن تراجع الأسعار عالمياً كبير وملموس، ومع ذلك لم يحدث انخفاض في السعر المحلي، وحتي إن حدث بعض الانخفاض علي فترات فإنه يكون قليلاً للغاية، ولا يحفز علي الشراء. وأوضح أن التراجع في أسعار الذهب الذي يخلق طلباً يكون في حدود 10٪ إلي 15٪ والأسعار الحالية لا تزال مرتفعة للغاية، ولا يمكنها أن تحدث أي حالة حراك بسوق البيع والشراء. وأشار السرجاني، إلي أن السوق المحلية مرتبطة بأسعار الخام في البورصات العالمية، وليست بتجارة المشغولات الذهبية، والعرض، والطلب المحلي، كما يفهم غالبية الناس، لذلك فإن أي ارتفاع في أسعار الذهب عالمياً تتأثر به الأسعار في مصر، موضحاً أن سعر الذهب العالمي يتأثر بسعر الدولار واليورو والأزمات الاقتصادية العالمية. لا بيع ولا شراء جولة سريعة، بسوق الذهب بالصاغة وسط محلاتها التي تعج بجميع أشكال وأنواع المشغولات الذهبية بأعيرتها المختلفة، تكشف لك سريعاً عن حجم التدهور الرهيب الذي وصلت إليه تلك التجارة، التي كانت تتلألأ في مثل هذا التوقيت من كل عام، فالمحلات مليئة بالمشغولات لكنها خاوية علي عروشها من الزبائن، وأغلب من يسيرون بشارع الصاغة يكتفون فقط بالنظر للذهب من خلف زجاج المحلات. الحاج مأمون عمارة، صاحب محل مصوغات ذهبية بالصاغة، يقول إنه لا يعلم ما هي الأسباب التي أدت لارتفاع سعر جرام الذهب في الوقت الحالي لمستويات قياسية، وحتي تلك اللحظة لا يعرف لماذا يرتفع السعر ثم يهبط ثم يرتفع مرة أخري بصورة مبالغ فيها، وهكذا حتي أصبح الموضوع لغزاً كبيراً، وللأسف كل تلك الأمور تجعل الزبائن يهربون من نار الأسعار، ويقبلون علي شراء الذهب الصيني الذي يباع بتراب الفلوس. وأوضح عمارة، أن السوق بات خاوياً من الزبائن، وأن أحداً لا يشتري ذهباً، وأغلب التجار بالصاغة باتوا يفكرون فعلاً في التخلي عن مهنتهم التي ورثوها أباً عن جد، والكثير منهم تعرض للإفلاس نتيجة حالة الركود التي يشهدها السوق منذ أكثر من عامين، وأدت للتوقف التام لحياة أغلب التجار. وأكد محمد كبشة، أحد تجار المصوغات الذهبية والأحجار الكريمة بالصاغة، أن التجار يواجهون أزمة حقيقية منذ 4 أعوام ونصف العام وتحديداً منذ الأزمة الاقتصادية التي هزت العالم في أواخر عام 2008 حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير مما أدي لعزوف الناس عن الشراء وحدوث حالة من الركود في السوق علي الرغم من أن الذهب لا يستخدم للزينة فقط بل يعد أيضاً مخزونا اقتصاديا للأسرة المصرية يمكن الاعتماد عليه كصمام أمان عند مواجهة الصعوبات المادية في المستقبل، مشيراً إلي أن هناك علاقة عكسية بين الأسعار والمبيعات فكلما ارتفع سعر جرام الذهب قلت المبيعات وعندما يتعدي ثمن الجرام في الوقت الحالي 200 جنيه فإن المشكلة ليست في عدد الجرامات التي سيشتريها المستهلك وإنما تكمن في كون المستهلك سيقبل علي الشراء من الأساس أم لا، وهو ما يتسبب في خسائر جسيمة للعاملين بسوق الذهب. ويقول مايكل دانيال، أحد أصحاب المحلات بالصاغة، إن الركود بالسوق لا يقتصر علي سوق الذهب بعينه، وإنما يمتد لكافة الأسواق الأخري، كالأقمشة والملابس والأدوات المنزلية والكهربائية وغيرها، لافتاً إلي أن الذهب الصيني الذي بات يغرق الأسواق ليس ذهباً في الأساس، وإنما مجرد معدن غير معلوم المصدر بجانب استحالة بيعه لتدني أسعاره بصورة كبيرة، كما أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصبح بديلاً للذهب لأنه في المقام الأول عملية نفسية لدي المستهلك الذي يشعر بقيمة الذهب حتي لو كان قليلاً بجانب أن 90٪ من الفتيات المقبلات علي الزواج لا يقبلن شراء تلك المشغولات الصينية رخيصة الثمن. الصيني يكسب المواطنون فيما بينهم، أجمعوا علي أن سعر جرام الذهب في مصر أصبح خيالياً، وأن من يقبلون علي شراء الذهب حالياً، نوعان لا ثالث لهما، إما الأثرياء جداً وأصحاب الملايين، وإما من يملكون مبالغ من المال ويفضلون استثماره بشراء الذهب ثم بيعه مع ارتفاع سعره ليحققوا مكاسب مالية. أمينة الشردي، ربة منزل 45 سنة، تقول: "الذهب سعره نار وأنا نازله الصاغة أبيع شبكتي، اشتريتها من 15 سنة ب5 آلاف جنيه، والنهاردة سعرها وصل ل12 ألف جنيه، ومع ذلك اضطررت لبيعها حتي أدبر نفقات لزواج ابنتي الكبري". أضافت: "مجنون مين اللي يفكر يشتري ذهب، أحنا يا دوب بنلم حق الأكل لحد آخر الشهر بالعافية". وتقول أميرة رشدي، 21 سنة،: "أنا نزلت الصاغة مع خطيبي عشان نشتري الشبكة، وبعد ما سمعنا الأسعار والأرقام الخيالية، من التجار، قررنا نشتري شبكة صيني، شكلها شكل الذهب، وسعرها رخيص جداً وفي نفس الوقت بتقضي الغرض أمام الناس". واتفقت معها في الرأي سيدة في الثلاثينيات من عمرها تدعي أم كريم، فقالت: "الناس غاوية منظرة وخلاص الصيني زي الذهب ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه، والناس مش لاقية العيش الحاف هتشتري الذهب إزاي يعني".