الانفلات الأخلاقي الذي انتشر في الشارع ساهم في رواج ما يسمي بالأغاني الشعبية التي تحمل كلماتها بعض الألفاظ والإيحاءات غير اللائقة مزيجا من الكلمات البذيئة والتعبيرات الساقطة التي تؤذي مشاعر من يسمعها، المؤسف أن سماع هذا الأغاني مفروض علي المواطنين الذين تضطرهم ظروفهم اليومية لاستقلال الميكروباص ليس هذا فقط هذه الأغاني الساقطة بدأت تجد طريقها للصغار بعد تسجيلها علي ألعاب الموبايل التي يستخدمها الأطفال مما يجعلهم يحفظونها ويرددون كلماتها دون أن يفهموا معناها. يقول الموسيقار حلمي بكر إن كلام هذه الأغاني حتي الحيوانات ترفضه هناك بالطبع فوضي فنية تملأ الساحة وكما أن هناك عشوائيات سكنية يوجد أيضا عشوائيات فنية ومعظم الأغاني الموجودة الآن بها سفالة فأين الفن الحقيقي؟ وأين النجوم؟ للأسف هم نجوم علي ورق فأنا لدي غصة مما يحدث الآن في البلد ككل وما يحدث للفن بشكل خاص فلابد من مواجهة الفن الفاسد وتقديم أعمال هادفة ترتقي بالذوق العام. بينما أكد الموسيقار هاني مهني أن هذه الأغاني لاتلفت انتباهه بالمرة كما أشار إلي أن هناك انفلاتا فنيا بجانب الانفلات الأخلاقي الذي نعيشه هذه الأيام من بعد قيام الثورة ولكنه لن يستمر طويلا ويضيف أن هؤلاء الأشخاص الدخلاء علي المهنة والذين اقتحموها بأسلوب فوضوي لن يستمروا فيها كثيرا وأن ما يقدمونه لن يعيش لأنه غير هادف ولحظي ويعتبر تشويها للأغنية الشعبية الحقيقية. الموسيقار حسن شرارة يقول الفن مرآة الشعوب وحضارتها والفن بصفة عامة والغناء بصفة خاصة حالته صعبة وفي تراجع فلم يعد هناك فن يقدم أصلا ولو عدنا بذاكرتنا إلي الوراء نجد أن كلمات الأغاني والألحان التي كانت تقدم في عام 56 والمجتمع نفسه كان »شكل تاني« وكان به رصد كامل بطريقة جيدة فكان هناك أجيال من عمالقة الغناء مثل أم كلثوم وعبد الحليم وفريد الأطرش وعبد الوهاب ومن المطربين الشعبيين محمد رشدي والعزبي وغيرهم يقدمون فنهم بحب مما طبع في قلوب الناس إلي الآن أما الذي يقدم الآن فليس فنا. وإذا تحدثنا عن ما يسمي أغاني المهرجانات الشعبية التي يسمعها سائقو التكاتك والميكروباص تجد أن هذه الأغاني شبه بعضها وأثناء سماعك للأغنية تجد أن هناك كلاما موجودا به "قلة أدب" فالواقعية مؤذية جدا فالذي يريد أن يقدم هذه النوعية لابد أن يراعي طريقة التقديم والتناول ولابد من تغيير ثقافة الشعب وهذا دور المثقفين والأدباء. ويقول محمد فهيم أحد مؤلفي هذه النوعية من الأغاني، أود أن اؤكد أن ليست كل أغاني المهرجانات الشعبية التي ظهرت مؤخرا سيئة لكن مثل كل شيء في الدنيا هناك السلبي والإيجابي والأغنية الشعبية قدمها نجوم كبار مثل الفنانة يسرا ومي عز الدين في "دويتو"بينهما في الفيلم السينمائي "جيم أوفر" والفنان عمرو سعد قدمها في مسلسل خرم إبرة. ولكن علي الجانب الآخر للأسف البعض في مجتمعنا يسير بطريقة خالف تعرف وهذه النوعية من الأغاني فرضت نفسها علي الساحة والكثير من الناس تقبلتها. وأنا ضد الأعمال التي فيها إسفاف وابتذال مثل الأغنية التي انتشرت مؤخرا وهي"العلبة الذهبية". وأنا كتبت أغنية مؤخرا سوف تظهر قريبا بطريقة أغاني المهرجانات الشعبية التي تقدم الآن وأقوم فيها بدعوة كل الناس علي فعل الخير والابتعاد عن الشر وهي تقول"جرب تعمل خير: هتلاقي زيه كتير: بس انت بقي أنويها: فكر كده فيها: اعرف معانيها واوعي تعديها ربك ده صاحب الكون وعمره ما نسيها. ويقول محمد معروف »محاسب« هذا النوع من الأغاني يصيبني بالإعياء الشديد لما تتضمنه من ألفاظ خارجة وخادشة للحياء وهذه الأغاني أسمعها رغماً عني عندما أركب الميكروباص وللأسف هذه الأغاني يريد أصحابها أن يفرضوها علينا ولكن الخطير في الموضوع أن الذي يتأثر بهذه الأغاني التي تحمل في معانيها إيحاءات جنسية وسلبيات كثيرة الشباب والأطفال الذين يمثلون مستقبل هذا البلد فأنا أتساءل ألم يعد هناك رقابة علي أي شيء؟. ويقول فتحي محروس أحد سائقي الميكروباص هذه الأغاني تعبر عن الواقع الموجود في حياتنا وكل طبقة لها لون من الفن الذي تسمعه وتشعر بأنه يمثلها ولكن أنا أعترف بأن هذه الأغاني بها الكثير من الألفاظ الخارجة ولكن يجب علينا أن نختار الأغاني التي نسمعها. وعن تفسير هذه الظاهرة ومدي ارتباطها بالتغييرات التي تحدث في المجتمع يقول د.رشاد عبداللطيف أستاذ التنظيم بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان: الفن يعكس التطورات الموجودة في المجتمع سواء كانت هذه فاسدة أو جيدة فعندما كنا أيام حرب أكتوبر كانت تنتشر الأغاني الوطنية،وعندما جاء الانفتاح الاقتصادي ظهرت أعمال فنية تتحدث عن تلك المرحلة مثل أغنية الفنان محمود عبد العزيز"الكيمي كيمي كا"في فيلم " الكيف"وأيضا الفيلم السينمائي الذي يتحدث عن تجارة المخدرات في نفس الفترة وهو فيلم "العار" فالأعمال التي تقدم تكون مرتبطة بالمرحلة ولكن هناك من يقتحم هذه المرحلة لكي يعمل تزييفاً للوعي الاجتماعي وعلاجها ظهور جيل جديد من الكتاب ينقل الواقع في شكل أغنية أو فيلم سينمائي لكن بشرط ألا يكون فيها نوع من الإباحية أو الفاظ تخدش حياء الناس.