شهدت احتفالية أعياد الثورة الإيرانية التي أقيمت بمنزل القائم بأعمال السفير الإيراني في مصر الجديدة وحضرها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد وجود جمع كبير من الشخصيات السياسية والعلمية الهامة سواء من الجانب المصري أو الإيراني الذي حضر منه وفد يضم مسئولين ومثقفين وأساتذة جامعات في محاولة لتقريب وجهات النظر بين البلدين. ولعل أحد أهم أسباب الخلاف بين البلدين هو الاختلاف المذهبي والأقاويل التي تتردد بشأن ازدراء الشيعة لصحابة وآل بيت النبي .. لذلك كانت فرصة جيدة في الالتقاء بأستاذ المذاهب الدينية في الجامعة الإسلامية بإيران الدكتور مهدي فرمانيان لتوضيح الصورة بشكل أكبر. لماذا يسب الشيعة آل البيت؟ - هناك اعتقاد بأن الشيعة يسبون آل البيت لكن هذا الاعتقاد خاطئ، نحن نحترم آل بيت رسول الله، ولهم كل الاحترام والتقدير لكن هناك رجال دين شيعة ظهروا من خلال الإعلام وتعدوا بأبشع الألفاظ علي الصحابة وآل البيت؟ - تلك هي المشكلة، الإعلام.. الإعلام يسلط الضوء علي مجموعة من الشيوخ المنتفعين الذين لا يمثلون الغالبية العظمي من متبعي المذهب الشيعي، هؤلاء هم قلة لا تزيد علي 5٪ من رجال الدين، في حين أن 95٪ من الأئمة الشيعيين لا يتناولون آل البيت ولا الصحابة بالسوء. لكن الإعلام لا يلتفت لهؤلاء، الفضائيات تريد دائماً أن تشعل الأحداث سواء بحسن نية أو لأغراض أخري سياسية، وهو ما أدي إلي انتشار هذه الصورة الكاذبة عن متبعي المذهب الشيعي. الأزهر الشريف من المقرر أن ينشئ قناة فضائية في محاولة منه لنشر الصورة الصحيحة للمذهب السني، لماذا لا تقوم الجامعة الإسلامية بتجربة مشابهة؟ - هناك قنوات شيعية محترمة مثل المنار والكوثر والتي تقدم صورة معتدلة للمذهب الشيعي لا تحمل إساءة لأحد، لكن البعض لا يركز سوي علي القنوات المتشددة أو التي تحمل أجندات للوقيعة بين السنة والشيعة. أنا أعلم مثلاً أن إحدي القنوات الشيعية التي تسب الصحابة ليل نهار مالكها ليس إيرانيا ولكنه أفغاني وهو ليس شيعيا من الأصل. لكن هناك اختلافات عميقة بين السنة والشيعة؟ - عندما تدرس المذهبين السني والشيعي ستجد أن المذهبين يتفقان في المسائل الأخلاقية بنسبة 59٪ وفي المسائل العقائدية بنسبة 08٪ أي أن نسبة الخلاف بين الطرفين لا تتعدي ال 51٪ وفي النهاية كلنا مسلمون وكلنا موحدون. وما أسباب الخلاف بين إيران والدول الإسلامية السنية خاصة دول الخليج؟ - أعتقد أن السبب في الأساس هو سوء فهم من الطرفين، ثانياً هي خطط دولية وإقليمية لخلق نوع من الصراع غير المبرر بين إيران وجيرانها وجعلها تبدو وكأنها أشد خطراً من إسرائيل وهذا غير صحيح. الأخطار علي الأمة الإسلامية معروفة وتأتي من مصدرين هما أمريكا وإسرائيل وليس غيرهما. وكيف تري إمكانية عودة العلاقات المصرية الإيرانية؟ - أري أن الفرصة سانحة الآن لتعود مثل هذه العلاقات من جديد. ليس هناك خلاف عميق وجذري بين البلدين، والعلاقات بين مصر وإيران لها أسس تاريخية ويمكن البناء عليها. وأعتقد أن زيارة الرئيس أحمدي نجاد تحمل رسالة واضحة بأن إيران ترغب بالفعل في عودة العلاقات بين مصر وإيران والذي سيتحقق من ورائها مكاسب ضخمة. هناك تخوف من أن عودة العلاقات بين مصر وإيران هو بداية لمد شيعي قادم؟ - أعتقد أن هذا التخوف مبالغ فيه وغير صحيح. هل في حالة عودة العلاقات إلي طبيعتها، سنجد الدعاة الشيعة والكتب الشيعية تغزو الشارع المصري؟ - إيران ليس لديها رغبة في أن تقوم بالدعوة للمنهج الشيعي في البلاد العربية. كل إنسان حر في عقيدته، وقد تجد في مجتمع من هو سني وهو مقتنع ومن هو شيعي ومقتنع. هذه أمور طبيعية، وكل إنسان من حقه أن يعيش بعقيدته دون أن يؤثر ذلك علي علاقته بالآخرين. لكن في حالة عودة السياحة الإيرانية، ستكون الاحتفالات الدينية في المقامات سبباً قوياً في تشيع بعض الناس؟ - هناك بالفعل عدد كبير من الإيرانيين الذين يرغبون في زيارة مسجد الحسين، ومساجد ومقامات أخري مهمة لمعتنقي المذهب الشيعي. لكن هل هذا معناه ظهور مد شيعي؟ لا أعتقد أن السياحة الدينية هي التي من الممكن أن تحدث هذا المد. لماذا تهتم إيران بدعم علاقات قوية مع مصر؟ - لأن الوقت مناسب، في الماضي كان النظام السابق يرفض تماماً أي اتصالات بإيران، وكانت كل البوابات مؤصدة. اليوم وبعد ثورة عظيمة كالثورة المصرية حان الوقت لكي يعيد الجميع حساباته وينظر علي المدي البعيد للتأثير الإيجابي لوجود علاقات قوية بين أكبر دولتين في المنطقة، أما غياب هذه العلاقة القوية بين الطرفين لا يصب في مصلحة أحد سوي أمريكا وإسرائيل.