كلما شاهدت فيلم »آه من حواء« أو »مراتي مدير عام« أو »الزوجة 13« أو »كرامة زوجتي« أو »عفريت مراتي« أضحك من القلب رغم أنني شاهدت هذه الأفلام عشرات المرات من خلال قنوات التليفزيون الأرضية والفضائية. كانت سلسلة أفلام إسماعيل يس التي تحمل اسمه.. إسماعيل يس في الجيش.. في البوليس.. في البحرية.. وغيرها والتي تعتمد علي شكل إسماعيل يس تحب مشاهدتها رغم المبالغة في الأداء.. وربما لهذا السبب يحبها الأولاد.. وفي كل عام تمر ذكري فطين عبدالوهاب صاحب مدرسة كوميديا الفن الراقي مرور الكرام دون الاحتفال به من خلال وسائل الإعلام.. كما أنه لم يكرم بالرغم من الكثيرين الذين كُرموا والذين يعتبر هو أستاذهم.. لقد مرت 35 عاما وأكثر علي رحيله.. لكن أفلامه تظل باقية تدخل علي قلوبنا البهجة والسعادة .. والغريب أن إسماعيل يس رحل تقريبا في نفس الموعد الذي رحل فيه فطين. قدم فطين في المرحلة الأولي من حياته أفلام الميلودراما التي حققت نجاحا مثل »الأستاذة فاطمة«.. وفي المرحلة التي تليها قدم أفلام إسماعيل يس.. ولم يكن فطين راضيا عن كثير منها.. لكنه حينما عرض أول فيلم له ونجح نجاحا تجاريا كبيرا وهو تأليف وإنتاج جليل البنداري .. أسند إليه المخرجون سلسلة أفلام إسماعيل يس. وفي المرحلة الثالثة ومع بداية الستينات قدم فطين عبدالوهاب الكوميديا الراقية رغم أن أبطاله لم يكونوا من ممثلي الكوميديا.. منذ شاهدنا فيلم »آه من حواء« المأخوذ عن »ترويض النمرة« لشكسبير رأينا رشدي أباظة ممثلا كوميديا »يموت من الضحك« رغم أنه لا يتشقلب ولا يتنطط.. أما لبني عبدالعزيز فلم نكن نتصور أن يخرج منها كل هذه المواقف المضحكة. اختار فطين عبدالوهاب في الفترة الأخيرة الفنانة القديرة شادية بطلة لمعظم أفلامه.. فقد مثلت حوالي ستة أفلام كلها كوميدية هي »كرامة زوجتي« و»مراتي مدير عام« و»عفريت مراتي« و »نصف ساعة جواز« وغيرها.. وتعتبر أفلامه هذه بصمة في تاريخ السينما المصرية بدليل أن فيلمين منها حصلا علي أحسن الأفلام في الاستفتاء الذي أجراه النقاد بمناسبة مئوية السينما من بين مائة فيلم. ❊ ❊ ❊ لقد عاصرت المخرج القدير في هذه المرحلة من حياته.. فقد كانت تربطني صداقة وثيقة بشادية .. وكنت أقوم بعمل مذكراتها.. فكنت أتابع أفلامها في مواقع التصوير.. ورأيت فطين إنسانا صادقا جدا أثناء العمل.. قليل الكلام.. يتعامل مع العاملين معه كأسرة.. وبذلك يستطيع أن يخرج أحسن ماعندهم. لم يقدم فطين »الضحك للضحك«.. ولكن أفلامه كان لها معني.. كان معظمها يطرح بعض القضايا الاجتماعية التي أثرت في وضع المرأة التي عانت كثيرا من معاملة »سي السيد« في ذلك الوقت كما عانت كثيرا لكي تخرج من سيطرته لتتولي كل المناصب حتي أصبحت وزيرة.. فماذا يفعل الزوج حينما تصبح الزوجة رئيسته في العمل أو تكون أشهر منه.. وهذا ماحدث في الواقع زمان مع أول وزيرة مصرية عندما وصلت المطار فوجدت نفسها ممنوعة من السفر بفعل الزوج! تناول فطين عبدالوهاب أيضا مشكلة المرأة غير العاملة والتي يهملها زوجها فتصاب بمرض نفسي لتذهب كل يوم إلي السينما وتعود إلي البيت لتتقمص بطلة الفيلم وذلك في »عفريت مراتي« الذي تقمصت فيه دور »ريا« في »ريا وسكينة« و »إيرما« في »إيرما الغانية« أيضا في »نصف ساعة جواز« المأخوذ عن مسرحية »زهرة الصبار«. قالت لي شادية في لقاء مع أسرة الفيلم في مكان التصوير »إن فطين من أحسن المخرجين الذين تعاملت معهم في العشر سنوات الأخيرة.. قدمنا معا أحسن الأفلام دون أن نتكلم كثيرا لأننا نحس بالمشهد.. وبذلك خلقنا أعمالا ناجحة يشعر بها الجمهور«. ❊ ❊ ❊ المعروف أن فطين تزوج من الفنانة ليلي مراد التي اعتزلت تقريبا في عام 1955 بعد طلاقها من أنور وجدي وأنجبا ابنهما زكي فطين عبدالوهاب المخرج.. والذي كانت أمنيته أن تمثل له أمه فيلما لكن ليلي كانت قد اعتزلت واعتذرت لابنها لتظل صورتها جميلة في أذهان الناس.. لكننا فقط سمعنا صوتها وهي تحاكي الابن من خلال التليفون ولم يرث زكي عن أبيه الحس الكوميدي وأخرج فيلما واحدا اسمه »رومانتيكا«. إنني أترحم علي هذا الزمن الجميل.. وهذا المخرج القدير صاحب مدرسة الكوميديا الراقية التي انقرضت برحيله.. وكان يمكن أن يخلفه المخرج محمد عبدالعزيز الذي ينتمي لهذه المدرسة.. لكن هجوم كوميديا الإفيهات والتهريج كانت قد بدأت لتغير شكل الكوميديا.