تم الإعلان هذا الأسبوع عن ترشيحات جوائز الجولدن جلوب، لعام 3102 وتبدو بعض الترشيحات منطقية للغاية ومتوقعة، وبعضها لم يكن في الحسبان، أو بعيداً تماما عن الأذهان وخاصة لهؤلاء الذين لم يتابعوا كل ما أنتجته هوليوود من أفلام! أنا شخصيا اندهشت لوجود فيلم "أرجو" ضمن قائمة أفضل فيلم دراما، وفي رأيي أنه فيلم متوسط القيمة، وأن هناك عشرات الأفلام أكثر منه إبداعا، غير أنه وربما لهذا السبب يعتمد علي حادثة حقيقية، وقعت في السبعينيات من القرن العشرين، عندما قامت المخابرات المركزية بعمل خطة لإنقاذ ستة من موظفي السفارة الأمريكية تم احتجازهم في إيران بعد ثورة الخوميني، وبين قائمة الترشيحات لجائزة أفضل فيلم كان من الطبيعي أن يكون بينها فيلم "حياة باي"، للمخرج آنج لي، وفيلم" لينكولن" لستيفن سبيلبرج، وفيلم "دجانو غير مقيد" لكوانتين ترانتينو، وزيرو دارك ثيرتي للمخرجة بيجولو ، المرأة الوحيدة الحاصلة علي الأوسكار عن فيلم" قلوب مغلقة". وفيلمها الجديد عن عملية اصطياد بن لادن والقضاء عليه! أما قائمة أفضل فيلم كوميدي أو موسيقي فتضم خمسة أفلام أيضا، أولها بالطبع البؤساء، ومملكة الشمس الساطعة، وصيد السالمون في اليمن، والكتاب الفضي، أما قائمة أفضل ممثل فتضم دانييل داي لويس، عن فيلم لينكولن، وريتشارد جير عن "آربيتراج"، وجواكين فونيكس عن الأستاذ، ودانزيل واشنطن عن "الطيران"، بينما ضمت قائمة أفضل ممثل في فيلم كوميدي أو موسيقي كلا من جاك بلاك عن فيلم بيرني، وبرادلي كوبر عن فيلم الكتاب الفضي، وهيوجاكمان عن البؤساء، وبيل موراي عن هايد بارك في هدسون، أيوان ماجواير عن صيد السالمون في اليمن! أحيانا تبدو المؤشرات تتجه إلي ممثل بعينه، بعد استعراض أسماء الممثلين والأدوار التي قدموها هذا العام، ويبدو أن اسم دانييل داي لويس هو الأقرب للفوز، فهو لم يقدم تشخيصا لأهم فترة في حياة إبراهام لينكولن، وخاصة الأشهر الأخيرة منها، ولكنه منح هذا الرجل ملامحه هو وطريقته الهادئة في الحديث، ونظرته الحائرة، وابتسامته التي تحمل عمقا، وانحناءة ظهرة أثناء سيره، فنحن لم نسمع أو نشاهد إبراهام لينكولن لنتشبث بصورة ذهنية عنه، فقد عاش ومات الرجل قبل اختراع كاميرا السينما، ولم يصلنا منه إلا بعض الصور الفوتوغرافية، وبعض الرسومات، ولكن دانييل داي لويس قد حفر أسلوبه الخاص علي الشخصية، بحيث إنك سوف تستدعي ملامحه كلما جاء الحديث عن إبراهام لينكولن، الفيلم الذي أخرجه سبيلبرج يحمل اسم الرئيس الأمريكي الذي كان له الشرف في إلغاء قانون الرق والعبودية، وتحمل غضبة رجال الكونجرس والأثرياء منهم أصحاب الأراضي والمقاطعات الذين كانوا يعتبرون الزنوج العبيد جزءا من ممتلكاتهم الشخصية وثروتهم الخاصة، مما دفعهم إلي مناهضة أي تعديلات في الدستور تمنع او تجرم الرق، والفيلم لايعتمد علي استعراض شراسة الحرب الأهلية بين ولايات الشمال والجنوب التي استمرت أربع سنوات، وراح ضحيتها مئات الآلاف، من الطرفين ، ولكنه يمنح الجزء الأكبر من أحداثه، لتلك المجادلات والنقاشات التي دارت بين أروقة البيت الأبيض، بين الرئيس الأمريكي الذي تم انتخابه مرتين، وبين أعضاء حملته الانتخابية وبين معارضيه! وكانوا يمثلون النسبة العظمي بين أعضاء الكونجرس الأمريكي! كان القانون الذي يحارب لينكولن من أجله يحول الزنوج العبيد إلي مواطنين، لهم نفس الحقوق والواجبات، ويمنح المرأة أيضا حق التصويت، ينتهي الحدث بانتصار لينكولن علي معارضيه ومن ثم وقف الحرب الدائرة بين الشمال والجنوب، ولكن المخرج ستيفن سبيلبيرج سار بالأحداث حتي اللحظة الاخيرة من حياة الرجل ، الذي تم اغتياله برصاصة استقرت في صدره أثناء حضوره مع عائلته أحد عروض الأوبرا. أما دينزل واشنطن بطل فيلم الطيران، فهو يقدم أيضا أداء مميزا، يعيدة مرة أخري لسابق تألقه، حيث يقدم شخصية طيار سكير، يخرج في إحدي رحلات الطيران، وهو في حالة من السكر البيِّن، ولكنه يتمتع بقدرة هائلة علي التحكم في قدراته الذهنية، ومهاراته في القيادة، بحيث يتمكن من إنقاذ الطائرة التي تعرضت إلي خلل ما أثناء التحليق في الجو، مما يتسبب في خسائر هائلة لشركة الطيران، ويقوم محاميه بمحاولة لإنقاذه تتلخص في إنكاره القيادة وهو مخمور، لأن في الحقيقة أن هذا لم يكن السبب الوحيد لما لحادث الطائرة، ولكن أثناء المحاكمة لم يستطع الرجل الكذب وادعاء أنه كان غير الحالة التي كان عليها، عملا بمقولة ماذا يفيد الإنسان أن يكسب العالم ويخسر نفسه.. الممثل إيوان ماجواير بطل فيلم صيد السلامون في اليمن، جاء ترشيحه مفاجئا للبعض، ادعي أنني منهم، فلم يكن أداؤه لافتا، لهذه الدرجة، وربما يكون وبلا أي انحياز دور عمره وأكد أنه أكثر إقناعا وتأثيرا، ولكن الحياد الكامل صعب أحيانا، وتقديرات أعضاء رابطة نقاد السينما في هوليوود التي تمنح جائزة الجولدن جلوب ربما تخطئ أحيانا، ولكن علي كل الأحوال تبدو فرصة هيوجاكمان في الفوز بجائزة أفضل ممثل عن فيلم موسيقي أو كوميدي أقرب للمنطق، وخاصة أنه هنا يستخدم جميع مواهبه في الغناء والأداء الموسيقي بالإضافة إلي تقديم واحدة من أهم الشخصيات التي خلدتها رواية الأديب الفرنسي فيكتور هوجو، وهي شخصية جان فالجان اللص الصغير الذي سرق يوما رغيفا، فأصبح مطاردا من العدالة، لأكثر من عشرين عاما، حاول خلالها أن يصبح مواطنا شريفا، يتعاطف مع الفقراء ويشيع الحب والبهجة فيمن حوله، ولكنه لاينجو من مطاردة رجل الشرطة الذي ظل يلاحقه طوال هذه السنوات!