«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في البحث عن مارية القبطية:
قباطي تنيس.. كتان بحيرة المنزلة
نشر في آخر ساعة يوم 19 - 11 - 2012

آثار تنيس لم يعرف صيادو المنزلة عن تنيس إلا إنها أرض الأثارات (الآثار) ولم يستوعب عم حسين رفضي النزول إليها لأني جئت فقط لتحديد موقعها من مدينة دمياط علي بعد خمسين كم من الغرب وعن بورسعيد خمسة كم في الشمال وجزيرتها في شمال شرق بحيرة المنزلة التي تتوسط المحافظات الأربع (الشرقية والدقهلية) وصدمني بسؤال قلب موازين رحلتي الميدانية (لوجاي للأثارات أنا عندي قطعتين جاهزتين) ليفجر في مخيلتي عاصفة أسئلة محيرة هل سؤاله مبالغات تهريج مصري تقليدي أم أنه رجل طيب يطرح أمره ببساطة أم أنه في إطار الإنفلات الأمني الحالي أصبح البعض يري الأمور مباحة لا تخفي والأخطر أن يكون علي علاقة بدنيا الآثار ويستطلع أمري.
وقد جئت إلي مرسي السفن النهرية عند منطقة (الزرايب) جنوب بورسعيد لأستقل معه الصاروخ وهو قارب رفيع أكاد لا أتزن عند ركوبه وله موتور يرفع مقدمته طائرا علي سطح البحيرة في سرعة أكبر من القوارب التقليدية واجتزنا به ممرات بين البوص المرتفع في المياه العذبة ومعه ورد النيل الذي أغلق بعض المسارات واشتبك في بعضها مع الموتور وتوقف لتخليصه وكانت الممرات في بعض المناطق كطرق معزولة في صمت عصاري البحيرة وهدوء حركة الصيادين وكمونهم في البيوت الخشبية علي الجزر المتناثرة ووجدتني قد دخلت إلي جهنم برجلي وأنني في لمحة سوء فهم أكون ضحية مطواة أو طلقة نارية أضيع في مياه البحيرة دون أن يعرف أحد بأمري وأنا أجري طوال اليوم الذي قارب علي الانتهاء بين جنبات البحيرة في مدينة المطرية ثم المنزلة وها أنا عند تنيس ولم أجد لمواجهة الاحتمالات المرعبة إلا دوامة من التهريج المضاد والمعلوات الكثيرة عن تنيس لأمرر إنها المدينة التي أخذت السيدة مارية زوج رسول الله ([) ملابس منها أعجبته فأهدي منها أصحابه واحتفظ ببعضها لكفنه وقد دفن بها وقد كسيت الكعبة من قباطي هذه المدينة لمدة 500 سنة ٍوقد هدمت عام 600ه حتي لا يتخذها الصليبون موقعا للهجوم علي مصر وأن الحملة الفرنسية قد أخذت هذا الفن في حملتها ومنه ظهر قماش الجبلان في فرنسا والعالم الذي قد يكون سمع عنه في بورسعيد والتي لم تكن موجودة في عهد تنيس لأنها لم تظهر إلا بعد حفر قناة السويس مواصلا استثمار حالة عدم اليقين في عيونه حتي قفزت من القارب إلي شاطيء الوصول لأدعي الهدوء أمام استفساره الصريح إن كنت عاوز أثار هناك خمسة قطع كبيرة عند الحاج درويش وأنقذني الله بتاكسي لألوح له بيدي أراه في مرة أخري (بعدين) وهربت بجلدي.
تنيس "اسم يوناني من (نيس) أو "نيسوس" بمعني الجزيرة وأضيف له علامة التعريف "تي" القبطية للمؤنث.
وهي الآن جزيرة صغيرة في بحيرة المنزلة، مساحتها 8كم بها أطلال تل تنيس الأثري وبقايا مباني أيوبية وهي ضمن محمية أشتوم الجميلة للطيور المهاجرة وتبعد9 كم من بورسعيد، وترقد منها في البحيرة كنوز قديمة تظهر مع التجفيف وكانت في الأصل مقاطعة تمتد من دمياط حتي (الفرما ) واجهتها حوالي مائة كم وتشمل الآن طريق دمياط بورسعيد وعليه مدينة شطا ثم مدينة بورسعيد وتفريعتا القناة وبينهما جزيرة بور فؤاد ثم منطقة شرق التفريعة حتي الكيلو 25 علي طريق العريش عند بالوظة وسهل الطينه وتمتد جنوبا حتي قرية بحر البقر بمحافظة الشرقية علي بعد50كم جنوب بورسعيد وكان يسكنها صناع النسيج والتجار والصيادون، والمزارعون ومقر لحكام بعض الأسر الفرعونية ولحكم الهكسوس وشهدت معارك طردهم إلي سيناء بقيادة أحمس.
اشتهرت بنسيج مزخرف،سماه العرب (قباطي) نسبة إلي أقباط مصروهو ثياب رقيقة بيضاء من الكتان ورغم أنه نسيج معتم لكنهم أنتجوا منه نسيجا رقيقا جدا ثم أصبح اسمه يطلق علي نوع من النسيج والزخرفة أو طريقة للنسيج دون ارتباط بجنس القبط سواء أكان صانعها قبطيا أم مسلما و تحتاج لمهارة عملية وتنفذ علي خيوط بالعرض بالنول اليدوي وهو فن النسيج الأول الذي ورثه القبط من الفراعنة . ويعرف حاليا باسم النسجيات المرسمة وكان يزخرف برسوم الطيور والأسماك ونبات اللوتس وعناقيد العنب وأشكال هندسية وبصور أشخاص ويصدر إلي روما وبيزنطة ويعرف حاليا بالتابستروالجوبلان وينفذ علي نول خشبي بسيط ويقسم به خيوط قسمين يتحركان بالتبادل ويمرر خيط النسيج بينهما.

ووصلت قيمة القباطي في العصر الإسلامي بوضع شريط علي كل ثوب عليه اسم الخليفة وألقابه وأدعيته والمدينة التي نفذ فيها الثوب واسم الوزير وصاحب الخراج وناظر الظرز والأمير الذي ستخلع عليه وأفضل مثال شريط كسوة الكعبة (بسم الله بركة من الله للخليفة عبد الله هارون أمير المؤمنين مما أمر به الفضل بن الربيع أن يعمل من طراز تونه سنه تسعين ومائة).
وكان غالي الثمن ونادرا إلا علي الأباطرة والملوك والأمراء وبطاركة الرومان والأثرياء وكان الكهنة القبط يرتدون روب (بطرشيل) علي صديري مزخرف برسومات دينية يسمي تونية (تصنع في مدينة تونة).
كما اشتهرت بثياب شفافة أنتجت من نسيج يسمي الرامي أنتجوه من عروق الملوخية (تنتجه الصين حاليا بنفس الطريقة) وبالمنسوجات الملونة والفرش من الحرير المتغير اللون في كل ساعة.

وقد تسيد الكتان العصر الفرعوني لأن المصريين نفروا من الملابس الصوفية لحرارة الجو وفي العصر البطلمي فالروماني ثم البيزنطي واستخدم للزخرفة علي القمصان والعباءات.
وكانت أهم مدن إنتاجه دمياط وبنها وأبوصير وسمنود والفيوم وتنيس.

وتقول د. سيدة إسماعيل سيد الأهل في كتابها مصر في فجر الإسلام أن القباطي منسوجات ممتازة لها قيمة فنية عالية تتناسب مع المهدي إليه.

المقوقس أهدي النبي عشرين ثوبا من القباطي وصلي بأحدها فشغلته زخارفها عن صلاته فأمر أن تحفظ ليدفن فيها وهو ما حدث كما أهدي الصحابي دحية بن خليفة الكلبي واحدة منها وأمره بقسمها نصفين ليصنع قميصا له وخمارا لزوجته وأن تجعل تحته ثوبا حتي لا يشفها ولا يصفها لكونه رقيقا وناعما

وتميزت القباطي بشرف الإهداء للرسول ثم شرف كسوة الكعبة لمدة 500 عام حتي عام624ه

فتح تنيس (20ه) الصحابي عمرو بن وهب الجهني وذلك بعد فتح دمياط علي يد الصحابي المقداد بن الأسود وقد أسلم (شطا) ابن الهاموك حاكم دمياط والذي حشد ألفي فارس من مدن البرلس ودميرة وأشمون وطناح لفتح تنيس واستشهد شطا في المعركة في صباح جمعة النصف من شعبان 21ه ودفن وأقيم له مقام موجود حاليا في جزيرة شطا التي أصبحت الآن مدينة علي طريق دمياط بورسعيد كما فتحت باقي الجزر حولها مثل تونة وديبق.
يقال إنه في انسحاب الرومان من مصر بعد الفتح حاولوا إبقاء سيادتهم علي تنيس وفشلوا فاشترطوا حصولهم علي نسيجها واستمرت العلاقة التجارية رغم الحروب والمنازعات بين الطرفين حتي عام 360ه عندما منع الوزير الفاطمي يعقوب بن كامل تصدير كل منتجات نسيج مصر للخارج.
وكان عمرو بن العاص يأخذ في الجزية السنوية أثواب قباطي للمسلمين واستمرت عليها الزخارف القبطية حتي عهد عبد الملك بن مروان (61ه) الذي أوقفها ولكن بقي عليها اسم صانعها المعلم صمويل بن مرقص.
وحافظ المسلمون علي نظام إدارة مصانعها كما وجدوها مع الرومان فهي ملك الدولة ولها موظفون لإدارتها وتشرف الدولة أيضا علي المناسج الأهلية وتقدم لها المواد الخام عليها خاتم الخليفة وخضع التصدير لنظام حكومي للحفاظ علي مستواه ثم أصبح اسم الخليفة يوضع علي طراز الملابس كمظهر للسيادة مثل اسمه علي العملة والدعاء له في الصلاة.. وخصصت دور للملابس الخاصة من الخليفة والأمراء والوزراء ولا تعرض في الأسواق وكان ثوب عمامة السلطان بخيوط الذهب بأربعة آلاف دينار وسميت ملابس السلطان (طراز) وهو لفظ فارسي لتجميل النسيج ثم أطلق علي المصانع فأصبحت دار الطرز وفي بعض العصور خصصت مدن كاملة لملابس الخليفة خاصة الفاطميين وكانت الأنوال في البيوت وللمهنة شيخ للصنعة يعطي الأهالي العمل ويجمعه.

وكان القبط قبل الفتح قد اتجهوا للزخرفة الهندسية والنباتية مبتعدين عن تصوير الانسان والحيوان الذي يرفضه المسلمون فلم يجدوا صعوبة في إرضاء الذوق الإسلامي.

كانت تنيس عامرة بالبساتين ويغذيها3 أفرع من النيل (التنيسي والبيلوزي والمنديس) وبينها بحيرات مالحة من البحر المتوسط من فتحات تسمي أشتوم بقي منها أشتوم الجميل حاليا في بورسعيد وفي القرن 6م حدث زلزال شديد فاقتحم البحر الكثبان الرملية، وتكونت بحيرة تنيس (المنزلة ) وكان حولها مدن اشتهرت ببراعة النسيج مثل تونة دميرة - بيرة دبيق غير بعض الجزر المهجورة التي سكنها راغبو العزلة من النساك وملاذ للأساقفة والرهبان الفارين من بطش الرومان ومساكنها عشش من البوص وبعد الفتح كانت إقامة المسلمين فيها جهادا في سبيل الله للمرابطة علي السواحل لحمايتها من الغزو الأجنبي وهي ككل الأماكن في مصر يمكن لعومل الزمن أن تمحوا المباني والسكان لكنها لا تمحو أو تزيل مساجد أوليائها ومنها مقام سيدي عبد الله بن سلام علي جزيرة تونة القديمة (جزيرة ابن سلام حاليا).
وكان أهلها يعتمدون علي البحر في الانتقال وفيضان النيل يطرد مياه البحر ويملأ الماء العذب الصهاريج ومخازن المياه الأرضية لشرب الناس طول العام.
وكانت مع (الفرما) أهم ميناءين شرقيين بموقعهما الحربي ولهما طريق من القلزم (السويس) لتجارة الشرق من البحر الأحمر والجزيرة العربية والصين ومنهما إلي الشام واليونان مع منسوجات تنيس.
وفي دولة بني أمية (41 ه) بني أهلها القصور وفي الدولة العباسية (132ه) أقيمت لها أسوار وبني أحمد بن طولون (226 ه) صهاريج للمياه وفي ازدهارها كان لها مائة باب وأهلها أثرياء وأكثرهم (خياطين) ومصيف الملوك.
ولم يمارس العرب حرفة النسيج إلا عام 218 ه عندما منع الخليفة المأمون صرف العطايا لهم فقد كانوا يعتبرونها مهنة وضيعة مادام معاشهم مكفولا فاندمجوا مع المصريين ومارسوا كل الحرف.

وكان يرد إليها ألف مركب من الشام وجنوة والبندقية لشراء منسوجاتها وأطلق عليها في العصر العباسي بغداد الصغري لأهميتها كالعاصمة.
وازدهرت صناعتها في العصر الفاطمي (362 -567 ه) لأنهم استخدموه في البذخ وخلعه (إهداء) لوزرائهم وفي زمانهم طمر الفرع البيلوزي بالرمال واتسع فرع دمياط وكثر استعماله إلي القاهرة ففقدت تنيس والفرما أهميتهما.

وكانت محط عيون الغرب للاستيلاء عليه عدة مرات أعوام. 34 ه عقب معركة ذات الصواري وفشل الرومان في نزول الإسكندرية هاجموا تنيس والفرما ودمياط.
238 ه فشل الرومان في اقتحامها رغم استيلائه علي دمياط.
509ه انسحب من أمام أسوارها "بلدوين الأول" حاكم المقدس لصغر قواته.
550 ه هزم حاكم صقلية أمامها من اسطول دمياط.
565 في عصر العاضد نزل الصليبيون إليها وطردهم اسطول دمياط.
557 ه اغتصب الصليبيون منها مركبا تجاريا فعمر ها صلاح الدين الأيوبي.
588 قبل عام من وفاته أمر صلاح الدين بنقل أهلها إلي دمياط إلا من المقاتلين.
624 ه هدمها الملك الكامل حتي لا يتخذها الصليبيون حصنا ورحل أهلها إلي المحلة الكبري فنقلوا معهم صناعة النسيج.

وحولها اشتهرت دمياط بالمنسوجات البيضاء ونسيج رقيق يسمي البدنة حتي سميت كازارون أكبر مدن فارس للنسيج بدمياط العجم.
ودبيق وشطا بالمنسوجات المتينة من القماش الدبيقي والدمياطي والأثواب الشطوية وثوب الكتان كان يباع بمائة دينار والمذهب بمأتين والأبيض 300 دينار وبلغت شهرته أن أطلق علي الكتان المنتج في سمرقند وبخاري وخوارزم أسماء دبيق وشطا و سمي العراقيون إحدي قراهم دبقية وباعوا نسيجها باسم الدبيقي وقد اندثرت (وجاء منها المثل ندبق قرشين اي ندبر بعض الأموال من العمل في دبيق).
ومعها مدينة تونة بثيابها القطنية والحريرية وهي حاليا جزيرة كوم ابن سلام في شرق المطرية علي بعد 4 كم وإليها اتجهت ومعي د أيمن عبد العزيز مدير الآثار الإسلامية بالمنزلة في لنش صاروخ نسابق أمواج قوارب الأسماك لسوق المطرية أرد التحيات، الاستطلاع والتوجس من الصيادين للأغراب من السلطة والأمن والمهربين ويلتف ورد النيل حول الموتور فيستخدم الصياد مدراة خشبية طويلة ليدفع القارب في الممر المحاصر بالبوص ليظهر قارب بشخصين يسألان عن وجهتنا فأرد بهدوء الفاتحة لسيدي سلام ونصعد للمقام بقبته العثمانية ومسجده الأسمنتي وبقايا مقابر قديمة وعشش من خشب طرح البحر نعود سريعا نقطع الشكوي من الموتور الذي يجب أن يذهب للميكانيكي وعنف ردي، فيتحرك صاغرا فهو لا يعرف كنهنا بالنظارة الشمشية السوداء وصمتي.
أسأله أجره قال: 20 جنيها، ووافقت فندم فطيبته، المهم تكون راضيا فقال هات عشرة جنيهات ونفذت فتحمس.. احمدوا ربنا إنكم لم تقعوا فيمن يطلب مائة ومائتين فغادرته.

يقال إن المقوقس كسا الكعبة بالقباطي في أمر غير مؤكد ولا منطقي فالمقوقس لم يعرف (7 ه) قيمة الكعبة للمسلمين و فتح مكة تم بعدأكثر من عام ولم يعرف المقوقس بموعد زيارة حاطب بن بلتعة برسالة رسول الله([) فيجهز كسوة تنفذ في عام كامل وضرورة معرفة النساجين لمقاساتها المطلوبة ولو كان الأمر حقيقيا فهو رسالة بمغزي عال من المقوقس للنبي بإيمانه بفتح مكة أو أنه كان مطلعا علي الغيب وهو ما لم يقل النبي([) عن نفسه (ُوَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ) الأعراف:188.
فهل نعطي للمقوقس قيمة ليست في بشر، ومن وجهة نظري أن المؤرخين المسلمين استسهلوا الأمر ولم يتوقفوا أمام معناه.. أم أن هناك هدية أخري للنبي [ من المقوقس بعد فتح مكة ولم يذكرها التاريخ وكيف تنفذ دون معرفة إمبراطور روما وتنفيذها ليس سريا وإن كان ممكنا أن يتم في شهر كما فعلت شجرة الدر عندما أخذت ريحا عاصفة كسوة الكعبة قبل موسم الحج بأربعة أشهر فنفذتها بالأمر لتلحق خروج المحمل ه.

والمؤكد أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هو أول من استخدم القباطي لكسوة الكعبة بعد الفتح 21 ه في ذكاء سياسي، فقد خاف الاهالي علي صناعتهم وتمسكوا بديانتهم المسيحية (حتي الدولة الفاطمية 333 ه) فكان تكليفهم بالكسوة وتنفذفي عام وتستوعب الكثير من النساج والخياطين والمزخرفين والعمال.. عامل تهدئة مع الحصول علي أفضل نسيج للكعبة، وكانت الآيات القرآنية علي الكسوة ينفذها الصناع الأقباط دون حساسية فالأساس هو جودة الصنعة بغض النظر عن المنفذ وهو مستمر حاليا.
وكان ابن الخطاب يلقي الكسوة القديمة علي الأشجار ليستظل بها الحجيج، ثم تدفن حتي لا تلبسها النساء وهن حائضات أو جُنُب.. واعترضت السيدة عائشة ونصحته ببيعها وعائدها في سبيل الله وابن السبيل وخدمة الكعبة، ثم كسا بالقباطي ابنه عبدالله بن عمر تطوعا لمدة 7 سنوات في الحرب الأهلية (فتنة عثمان) عقب مقتل الخليفة35 ه وحتي تولي معاوية 41 ه بعد مقتل الإمام علي وتنازل الحسن.
وفي الدولة الأموية.. كسا معاوية بن أبي سفيان (41 60 ه) الكعبة بالديباج الفارسي في يوم عاشوراء.. وبالقباطي في 29رمضان، فيضمن ولاء (فارس ومصر) لأنهما من الموالي (المسلمين غير العرب)و كانوا وقود فتنة عثمان وجنود الإمام علي.
في الدولة العباسية (132ه) كساها محمد المهدي عام 159ه بالقباطي، وأمر ألا يبقي علي الكعبة إلا كسوة واحدة، وهو الأمر المستمر حتي الآن،وكان المأمون (195 ه) يكسوها 3 مرات سنويا منها أول رجب بالقباطي وفي عيد الفطر بالديباج الأبيض من العراق (ليعطي فضلا لعاصمة الخلافة) ويوم التروية بالديباج.
وثم اتخذ الخليفة الناصر العباسي (575 ه) اللون الأسود (شعار الدولة العباسية)، في لون الكسوة الخارجية للكعبة، وهو المستمر حتي الآن.
في الدولة الفاطمية (358 - 565ه) تم الكساء بالقباطي وأضيف لها اللون الأبيض وكذلك في دولة الأيوبية وقد جعل صلاح الدين الأيوبي 7 قري في الصعيد وقفا خاصا للصرف علي الكسوة حتي دُمرت تنيس عام 624ه فنفذت شجرة الدر الكسوة في الإسكندرية بالحرير واستمر في مصرحتي عام 1962 وحاليا في مصنع السعودية.
وتبادل تنفيذ الكسوة مدن تونة ودبيق مع تنيس مرة كل سنة.. واستخدمت القباطي لأكثر من 500 سنة وكان يصنع معها ستارة باب التوبة والحجرة النبوية وكيس لمفتاح الكعبة وكسوة لمقام إبراهيم (أزيل المقام عام 1940 وكان يشغل مساحة 15 م أمام الكعبة واستبدل بالغطاء البلوري الحالي بمساحة 2م فألغيت الستارة أصلا).. فالكسوة دائما واجب ديني يحرص الجميع علي شرفه وتعبيرا عن السيادة علي الحرمين.

وانتشرت القباطي في الشرق الأوسط وايران وتركيا وتشتهر تونس بالزرابية (من نسيج الصوف) والمرقوم والكليم الملون والمعلقات (الجوبلان).

ولم يعرف النسيج المرسم في أوروبا إلا في القرن 17 بأسماء جوبلان وأبيسون بالفرنسية وتابستري بالإنجليزية.
وجوبلان نسبة إلي مصنع صباغة اشترته الحكومة الفرنسية عام 1662 وأخذ شهرته من رسم لوحات فناني عصر النهضة وانتشر في العالم للديكور مما أحيا فنا أندثر بعد الثورة الصناعية وطغيان الآلات وهناك مجموعات جوبلان مشهورة عالميا منها جوبلان للملك فاروق، ملك مصر، من مقتنيات قصري المنتزه ورأس التين بالإسكندرية أما أوبيسون فهو باسم إحدي ضواحي باريس. أقيم بها مصنع لذلك.

وفي مصر استمرت شهرة عدة مناطق بإنتاج النسيج منها أسيوط في صناعات الكليم الصوف ومن أطرف لوحاتها لوحة المقربن نسبة إلي القربان ويظهر فيها النهرو اللوتس والصليب والكعبة والأهلة وعرائس المسجد وتعلق احتفالا بالعائدين من الحج ومعها إخميم وسوهاج ونقادة.
واشتهرت مدينة فوه بكفر الشيخ. بصناعة السجاد والكليم وكان منذ عصر محمد علي 1820م.
والحرانية بالجيزة من تجربة الفنان رمسيس ويصا واصف 1911 - 1974 والذي تعلم في فرنسا 1935 وعمل أستاذا بكلية الفنون الجميلة وأسس مركز الفنون المحلية في القرية لإعادة توطين فنون صناعة السجاد والكليم لتنسج الفتيات بالفطرة. رسومات فرعونية وإسلامية وآيات قرآنية وطيور وعصافير وحقول ويصدر للخارج وانتقلت الفكرة إلي قري مجاورة وأصبح لا يخلو بيت من نول يدوي ليتوارثوا الصنعة أباً عن جد.
وهناك مركز للنسجيات بحلوان تابع لوزارة الثقافة أسسه د. ثروت عكاشة وزير الثقافة السابق عام 1970 لتخريج أجيال من حرفيين دارسين للفن القديم الأصيل.
وقد استمتعت بهذه المعلومات من الكتابات المختلفة للدكتورة سعاد ماهر عن الفن الإسلامي وحوارات مع د.سمية عبدالمجيد أستاذ النسيج بكلية الفنون الجميلة.
بحيرة المنزلة سميت بذلك في 90 ه نسبة إلي مدينة المنزلة وتعني دار الضيافة وكانت مساحتها 750 ألف فدان تقلصت إلي 75 ألفا بسبب الردم لبناء البيوت والطرق وشق ترعة السلام والمزارع السمكية وتوسعات الحافظات المطلة عليها وتنتج 46٪ من أسماك البحيرات الشمالية أغلبها من البلطي النيلي وبسبب غلق بواغيز البحر زادت المياه العذبة والطمي فزاد البوص والغاب وورد النيل مما يعرقل الحركة ويغلق الممرات وتواجه مخاطر مصارف المصانع وكيماويات سماد الزراعة.
في الذهاب كنت في اللنش المنتظم بين المطرية وبورسعيد يتوقف أمام الجزر للركاب من وإلي بورسعيد أو المطرية والمنزلة يهبطون، فإلي قوارب صغيرة تنتظرهم، أخذت أرصد لمحات الحياة.
ينتشر علي جانبي البحيرة بطول 60 كم مزارع سمكية ورد النيل وبوص يشكل ممرات تخفي أي قارب وتجمعات سكنية، من دور واحد غالبا والبعض من دورين أو ثلاث منها الحديث بالأسمنت المسلح وتوفر الكهرباء من مولدات صغيرة خاصة ولنش ينقل براميل مياه عذبة للشرب والطعام والباقي من مياه البحيرة وقوارب لأنابيب البوتاجاز ومدارس ومستشفيات وخدمات يذهبون لها بالقوارب وأزمات الليل يحلها اللنش الصاروخ مجاملة.
وثلاثة مساجد صغيرة بالأسمنت المسلح بلا مآذن وبميكروفون صغير للأذان وأبقار ترعي في البوص الأخضر وورد النيل.
يقترب لنش صاروخ في حركة نصف دائرية ليهبط أحد الرجال أو السيدات بسرعة مدهشة وقارب آخر التقط حقيبة بلاستيكية مكتظة بمشترياتها وآخر سلم جوالا صغير وأجرته لتوصيلة وسيدة وأربعة أطفال يصعدون بتلقائية.
يسحب اللنش عدة قوارب صغيرة من صيد الليل الذي وصل بهم بورسعيد وهم عائدون للمطرية أحدهم يصلح شباك الغزل والآخر ينظف أسماك في صينية والثالث تخطي القوارب لكوب شاي والآخر سارح في ملكوت الله.
وصاروخ محمل بعلف أخضر يشير بإصبعيه لفمه فيبادر أحد الشباب بسيجارة ويشعلها فيلتقطها وينطلق.. يرون أن السلاح ضروري ضد البلطجية الذين يستخدمون سنارة يشبكونها في لسان البقرة فتنصاع لهم.
يروي أحدهم لجارنا ليسمعني.. تعرف حكاية الشنطة اللي صاحبها قعد شهر مش عارف يخرجها من البحيرة.. بيقولوا فيها دولارات بس أنا شاكك إنها أثارات من تنيس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.