صفق البعض لقرار النائب العام الأسبوع الماضي بحجب المواقع الإباحية علي شبكة الإنترنت في مصر، واعتبروه خطوة جيدة تجاه الحفاظ علي أخلاق المجتمع المصري وقيمه، ورغم أن خبراء تكنولوجيين وكذا وزارة الاتصالات التي كان منوطا بها تطبيق القرار رأوا أن تطبيق القرار "أمر مستحيل"، إلا أن مسألة حجب المواقع الإباحية جدد الجدل حول قضية التحرش التي تفشت في مصر بصورة مرعبة، وفي الوقت الذي رأي فيه البعض وبخاصة من المنتمين للتيارات الإسلامية، أن تطبيق القرار سيحد من الانفلات الأخلاقي وبالتالي تقليص حالات التحرش في الشارع، رأي آخرون أن العكس هو الصحيح وأن هذا من شأنه أن يفتح الباب أمام سوق سوداء جديدة لترويج أفلام البورنو علي طريقة "الممنوع مرغوب" وأن الأجدي هو حل المشكلات من جذورها بسن تشريع يجرم التحرش بعقوبات رادعة. أمر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، الأسبوع الماضي بحجب المواقع الإباحية، وخاطب وزيري الاتصالات والإعلام لتنفيذ القرار في أسرع وقت، وذلك علي خلفية تنظيم العشرات من الشباب المستقلين وقفة احتجاجية أمام دار القضاء العالي أطلقوا عليها "الخطة الشبابية لحجب المواقع الإباحية" لمطالبة د.عمرو بدوي رئيس الجهاز القومي للتنظيم والاتصالات بحجب المواقع الإباحية من الإنترنت. وأشار أحمد خطاب أحد أعضاء حملة إلكترونية انطلقت علي موقع "فيسبوك" إلي أن الصفحة التي تحمل عنوان "بيورنت" وصل عدد أعضائها إلي 53 ألفاً، وطالب فيها جميع المهتمين بالفكر بالانضمام إليها بهدف القضاء علي الإباحية. وعلي الفور انطلقت حملات مضادة علي "فيسبوك" رأت أن الأجدي هو بحث الظروف الاقتصادية للبلاد، والتي شهدت تدهوراً كبيراً بعد ثورة يناير، لأن هذا من شأنه حل مشاكل الشباب وتحويل طاقاتهم إلي العمل والإنتاج، وبخاصة أن هذه الصفحات رأت أن حجب المواقع الإباحية علي الإنترنت أمر مستحيل ويكلف الدولة ملايين الدولارات، والأهم هو حجب الفقر والجهل وتفشي الأمراض. وفي هذا السياق نشر ناشطون علي مواقع التواصل الاجتماعي صوراً تكشف مدي الفقر الشديد الذي تعاني منه قطاعات عريضة من الشعب، وطالبوا الحكومة بحجبها باعتبارها "صورا إباحية" علي حد وصفهم التهكمي. وتظهر الصور فقراء معدمين وأطفال شوارع يأكلون من صناديق القمامة، وأخري لنساء يعشن في ظروف قهرية بالقرب من مصارف، وسكان عمارات في أحياء غارقة في القمامة ومياه الصرف الصحي.. وغيرها من الصور. وطالب شباب كُثر مشتركون في الصفحات الإلكترونية التي تحارب التحرش بضرورة سن قوانين جديدة بعقوبات رادعة لقطع دابر التحرش والقضاء علي هذه الظاهرة في الشارع المصري، وتوفير فرص عمل للشباب العاطل، ورفع مستوي دخل المواطن، ونشر القيم الإسلامية السمحة بين الناس، وليس الفكر المتشدد.. كل هذا سيكون كفيلاً بتغيير سلوكيات الناس إلي الأفضل وبالتالي سوف يتجنبون كل الموبقات والسلبيات ومن بينها مشاهدة الأفلام الإباحية أو تعاطي المخدرات.. إلخ. التطبيق مستحيل ويبدو أن تطبيق قرار النائب العام بحجب المواقع الإباحية سيكون أمراً مستحيلا، وبخاصة مع تأكيد خبراء تكنولوجيين أن الأمر لا يمكن تطبيقه، حيث تناقل نشطاء وشباب علي موقعي "فيسبوك" و"تويتر" تصريحات إعلامية للدكتور طارق عبدالحفيظ مدرس علوم الحاسب بكلية العلوم في جامعة المنيا أكد فيها أن حجب أي موقع علي الإنترنت بنسبة 001٪ في أي دولة، أمر مستحيل تقنياً، ولا يمكن تنفيذه علي أرض الواقع. وأضاف عبدالحفيظ الذي نال درجة الدكتوراه برسالة متخصصة في "فلترة وحجب الصور الإباحية علي الإنترنت": إن الطريقة المتبعة لحجب أي موقع تعتمد علي تقنية "الفلاتر"، وأن هذه الفلاتر هي عبارة عن برمجيات تسمح بمرور مواقع معينة وتمنع تصفح مواقع أخري، وذلك بحسب ما يقرره القائمون علي هذه الفلاتر، وأكد عبدالحفيظ أن هذه الفلاتر يمكنها أن تعمل علي 3 مستويات، الأول هو مستوي الحاسب الشخصي للمستخدم، والثاني هو مستوي الخادمات (السيرفرات)، والمستوي الثالث هو مستوي البروكسي، وهو الذي يمتد تأثيره علي نطاق الدولة ككل. تعليقات ساخرة في غضون ذلك، انطلقت التعليقات الساخرة التي لم تخل من النقذ اللاذع للحكومة ومن الربط بين حجب المواقع الإباحية وزيادة نسبة التحرش في المجتمع، حيث كتب أحد مستخدمي موقع "فيسبوك": "في 001 طريقة إن الناس تتفرج علي مواقع إباحية ومنها طريقة البروكسي دا غير الأفلام علي الفضائيات.. ولو تم تطبيق القرار ده شوفوا ساعتها بقي التحرش هيزيد إزاي وممكن كمان نلاقي تجار الأفلام دي زي تجار المخدرات بالظبط"، وكتب آخر "الإباحية مش ناس عريانة وناس تعبانة وجيل مكبوت.. الإباحية إنك تعمل مش واخد بالك مع إنك شوفت الناس بتموت"!، وكتب آخر"الفيسبوك مليان وتويتر والإيميلات الخاصة.. من باب أولي اقفلوا شارع الهرم والبارات وشقق الدعارة واعملوا رقابة علي الأفلام". وكتب مستخدم آخر وصف نفسه ب"خبير في الإنترنت": "لا يمكن حجب المواقع الإباحية بنسبة مئة بالمئة، لكن كل ما في الأمر أنه سيتم جعل الوصول إليها صعباً، لافتاً إلي أن تطبيق قرار كهذا سيؤدي إلي خلق سوق سوداء لبيع الأفلام الإباحية وقد تزيد نسبة الجرائم للحصول علي الأفلام بالسرقة أو غيره، كما ستزيد معدلات التحرش الجنسي والاغتصاب في شوارع مصر بسبب الكبت الجنسي".