عبد الرازق حسي يبدو أن هذا هو الحل، الخلافات بين القوي السياسية، ودعاوي التحريض التخوين والتكفير، جعلت التآسيسية ومشروعها لدستور جديد أمام مفترق طرق، وأصبح الشعب كله مرشحا لدوائر جديدة من الاستقطاب والانقسام والتقسيم علي خلفيات سياسية أو دينية ، منذ أيام صرح أحد ممثلي القوي السياسية بأن التصويت بنعم علي الدستور القادم قبل تعديل المادة الخاصة بالشريعة الإسلامية حرام وأكثر من هذا ادعي أن من يقول نعم مرتد ! بينما بدأت القوي السياسية المدنية في الحشد والدعوة للانسحاب، ويشير بعض فقهاء القانون إلي احتمال استكمال الحكم علي بطلان التأسيسية حتي لو تم الاستفتاء علي الدستور الجديد، مما يعيد الجدل حول بطلان الدستور، ويكرر ما حدث حول مجلس الشعب المنحل، وإذا كانت كل الشواهد تؤكد استحالة التوافق علي الدستور الجديد وبالذات فيما يتعلق بالمواد التسعة التي يتردد استمرار الخلاف حولها وتتعلق بالحريات وحقوق المرأة وآلية اختيار رئيس الوزراء وتعيين رؤساء الأجهزة الرقابية، وسلطات رئيس الدولة، بخلاف الجدل الذي ما زال مستمرا حول المادة الثانية، وبالذات من جانب التيارات السلفية التي تري أن مبادئ الشريعة، إلي جانب المادة 122 التي تفسر المبادئ بأنها تشمل الأصول الفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة، تري بعض التيارات أن هذا غير كاف، وتهدد بحشد أنصارها في الشوارع، التوافق الذي يبدو حتي الآن بعيدا، سواء داخل الجمعية التأسيسية أو خارجها، يحتم علي كافة اللاعبين علي المسرح السياسي العودة للعمل تحت سقف الوطن، والاتفاق علي أن الدستور ليس مشروعا سياسيا، وحتي لا يتورط الجميع في صدام مروع، فإن العمل بدستور مؤقت يمكن أن يصنع انفراجة كبيرة ومؤقتة ، لدينا دستور 17 الذي استفتي الشعب علي تعديل بعض مواده، ويمكن التوافق حول تكوين لجنة من المتخصصين في الفقه الدستوري من غير المنتمين لتيارات سياسية أو دينية لمراجعة باقي مواده، وتعديل بعض النصوص التي منحت النظام السابق سلطات الديكتاتور، ووضع التعديلات إلي جانب النص علي الفترة الانتقالية أمام الاستفتاء الشعبي بعد تحديد فترة زمنية كافية لإزالة الاحتقان وعودة الهدوء والاستقرار وانتخاب مجلس شعب جديد، الدستور المؤقت يمكن أن يكون طوق النجاة للجميع، الشعب الذي يعاني من مرحلة انتقالية طويلة لاتبدو نهاية لها، والقوي السياسية التي عجزت عن التوافق ووضع أغلبهم المصالح الحزبية فوق مصلحة الوطن.