علاقتي بالكاتب فاروق جويدة زمالة المهنة ونقدي لمسرحياته وقراءتي لإبداعه الشعري، كتب في عموده (هوامش حرة) مقاله (حين تهون الأشياء) واصفا فيه كيف (تتحول كل الأشياء الجميلة وتتكسر وتصبح أطلال ذكري مؤكدا علي موت كل شيء حتي الحب الذي قد يتصور البعض أنه كائن أبدي لايموت.. وأري أن الحب ليس كائنا أبديا أبدا فهو من أول الأموات بيننا يتفتت بسرعة وقوة بفعل القدرة والإنكار والتخلي والكذب، قد نقاوم ونتمسك وندافع في محاولة للبقاء والإبقاء لكن الريح العاتية والموج الهادر غالبا ما يكونان أقوي من كل المحيط فإذا كان يري أن النفوس حين تتغير ويتحول الماء العذب إلي كتل من الملح وأن القلوب التي أضاءها الحب يمكن أن تتحول إلي خرائب يسكنها النسيان وأننا حين نحطم الأشياء قد لاندرك أننا سوف نندم عليها كثيرا ونكتشف أن أجمل الأشياء في حياتنا نهملها أحيانا ونتصور أن الحياة بدونها ستكون أكثر راحة واستقرارا ثم نكتشف حين تغيب أنها أخذت معها كل ساعات البهجة وأيام الفرح.. كلمات جميلة معبرة كتبت بإحساس بنبض يشعر نبض الحب حتي وإن كان تواري واختفي ويؤكد المعني بقوله: (أعرف أن ماكان بيننا قد اختفي وأصبح شبحا مخيفا في رحلتنا إلي النسيان.. إن أصعب الأشياء أن تشعر أنك انتزعت من أعماقك إنساناً سكن القلب وعاش في الفؤاد وفجأة تحول إلي شيء تراه ولا تراه وتحبه ولا تحبه وتتمناه ولا تتمناه إنها مشاعر متضاربة تحملك إلي أعلي نقطة في الفضاء ثم تهبط بك في بئر عميقة حيث تخبو المشاعر وتهون الذكريات ويصبح الحبيب الذي كان يسكنك يوما مجرد عصفور عابر غرد في وحشة أيام ثم في هدوء رحل.. وأقول وهو يخبو الحب ويرحل دون قوي يهزه، ينهره، يدفعه، يمزقه، يزحزحه، يدوسه، يقهره، يسحقه حتي وإن أراد الحياة والبقاء والوجود فكم من قصص حب أراد أحد أطرافها أن يعيش الحب متمتعا بما يقدمه ويعطيه المحبوب وانتظر وطال انتظاره ولم يجد شيئا، حاول وجرب.. ولم يجن شيئا فالحب كي يبقي ويعيش يحتاج لرعاية وحنان وإيثار وإخلاص وتفان وأن يذوب كل من الأحياء في بوتقة واحدة ينهصرا معا يعيشان ويتنفسان معا وتوحدهما الرؤية والبصر يقربهما التفاهم والانسجام، يسعدهما اللقاء والأمل أما ما نراه هذه الأيام فحب مختلف غلبت فيه المصالح والمنافع والمغانم علي كل المشاعر الجميلة والنبيلة وتهرأت العلاقات بين الأخ وأخيه والأم وابنتها والزوج وعشرة عمره وضاعت الصداقة واختفت وحلت محلها العلاقات العابرة والافتراضية.. راحت ليالي السمر والسهر ومقابلة الأصدقاء والأحبة كل منا أصبح قابعا داخل نفسه لايغادرها حتي يعود مسرعا إليها قد يهفو للحب والصداقة والعائلة والحميمية يبحث ويطيل البحث فإذا وجد شيئا حبا كان أم صداقة فهو محظوظ وإذ استطاع المحافظة والاستمرار فهو خارق قد يئس من وجود من يبحث عنه ويعود لنفسه مرة أخري حزينا يائسا من ضياع الحب وفقد المحبوب يندب الدنيا يبكي حسرة وألما يتمني أن يعيش الوهم ويحيا في الخيال فالحقيقة كما قالها جويدة (إن الحب أجمل مخلوقات الله كلنا نعرف قيمته في الحياة ولكننا كثيرا ما نتنكر له وننسي أننا بغير الحب مجرد أشباح تمشي علي الأرض وهذا هو حالنا«.