بيني وبين الاكتئاب صحبة طويلة هيأت لهذا المرض الملعون أن يسيطر علي نفسي في مواسم معلومة للأطباء والمتخصصين.. وكنت ومازلت بسبب نزلات الاكتئاب الداهمة، أفقد القدرة علي الإنجاز والتعايش الطبيعي مع كل من حولي، لأنه كالوحش النهم الذي يصيب الفريسة بالشلل قبل أن يقتلها، لذلك أعيش منذ أعوام مثل مرضي السكر والضغط والقلب، بالعقاقير التي تصد موجات الاكتئاب المفاجئة وذلك حتي تتراجع ضرباته الوحشية المتمثلة في صورة هجمات ذعر مرعبة PANIC ATTACKS تتفاوت أسبابها من شخص لآخر، لكنها تتسم بالألم النفسي الرهيب والشعور بالسوداوية والانسحاب من الحياة وقد تصل إلي الانقطاع عن الطعام في نية داخلية للانتحار (في اللاوعي). وقد كرس الأطباء النفسيون اليوم العالمي للصحة النفسية لهذا العام 2102 من أجل مكافحة مرض الاكتئاب وذلك يوم 01 أكتوبر الحالي تحت عنوان (الاكتئاب.. أزمة عالمية).. حيث يصيب الاكتئاب أكثر من 053 مليون شخص من مختلف الأعمار في جميع المجتمعات، وأعتقد شخصيا أن هذه الإحصائية الدولية تتضمن الذين تم توقيع الكشف الطبي والنفسي عليهم وتشخيصهم وفقا لذلك، وغالبا سيكون العدد أكبر، حيث يصيب الاكتئاب فئات من طبقات اجتماعية دنيا لا يتمتع مواطنوها بالوعي النفسي لفهم طبيعة الاكتئاب، وهم الذين يلجأون بعد حيرة إلي المشعوذين والدجالين لإسكات الأصوات التي تطن بداخلهم وذلك في مناطق عديدة من العالم تعتمد السحر للعلاج! وبحسب دراسة حديثة فإن الاكتئاب يعد السبب الثاني للإعاقة بعد أمراض القلب، وتؤكد الدراسة أنه سوق يتقدم ليسبق أمراض القلب ليصبح هو السبب الأول متجاوزا لها في السنوات العشرين القادمة.. وبمناسبة العجز أطرح هنا تجربتي الذاتية أمام القراء، فقد أصابني الاكتئاب في ذروته بشلل في التفكير والفعل وبالتالي تأثرت قدرتي علي العمل بانتظام حيث كنت أعاني حالة ذعر دائم متفاقم تحتل رأسي فيه أطياف الأموات في سكونهم المرهب داخل القبور فكنت أعجز عن انتشال نفسي من مدافنهم التي تحيط تفكيري! وقد صاحب ذلك العجز المرعب شعور عارم بالقتامة والسواد والاستسلام للاكتئاب الدامي الذي طرد من روحي كل الخصائص الإيجابية لمعاودة التكيف الطبيعي مع الحياة والناس والعمل! والاكتئاب depression هو أحد الأمراض المنتشرة الآن في العالم كانتشار النار في الهشيم نتيجة تعرض البشر للضغوط والأزمات العديدة مع تعقد الحياة وتزايد مشاكلها واستعصاء الحلول.. والاكتئاب ليس ضعفا أو شيئا سهل التخلص منه، فهو المعروف علميا بالاضطراب الاكتئابي الحاد، أو الاكتئاب السريري الإكلينيكي، وهو مرض يصيب النفس والجسم ويؤثر علي طريقة التفكير والتصرف ومن شأنه أن يسبب العديد من المشاكل العاطفية والجسمانية.. وعادة، لايستطيع الأشخاص المصابون بمرض الاكتئاب الاستمرار في ممارسة حياتهم اليومية بالشكل المعتاد، إذ إن الاكتئاب يسبب لهم شعورا بانعدام أي رغبة في الحياة. واليوم ، يتعامل غالبية المتخصصين في الصحة النفسية مع الاكتئاب كمرض مزمن يتطلب علاجا طويل المدي مثل أمراض السكر وضغط الدم. ويتعرض بعض المصابين بمرض الاكتئاب لفترة واحدة طويلة من أعراض المرض، لكن لدي غالبية المرضي تتكرر أعراض الاكتئاب وتستمر مدي الحياة ولكن عن طريق التشخيص والعلاج السليم يمكن التقليل من هذه الأعراض. والمأساة المؤلمة أن الأطفال أيضا معرضون لنفس التأثير ونفس العوامل المسببة للاكتئاب لدي الكبار، وهي تشمل التغيرات في الحالة الصحية.. وأحداث الحياة القاسية، والأسباب الوراثية أو البيئية، والاضطرابات الكيميائية في الدماغ. والأطفال المصابون بالاكتئاب معرضون لتغيرات في سلوكهم مما يؤثر بالسلب في نمط حياتهم وقد يخرب علاقاتهم مع الأصدقاء ويؤثر علي أدائهم الدراسي والأسري حيث يتسمون بالاضطراب الشديد في السلوك أو الوسواس القهري. وفي اليوم العالمي للصحة النفسية (10 أكتوبر الماضي) جرت مناقشات مفتوحة حول الاضطرابات النفسية وتوظيف الاستثمارات في خدمات الوقاية منها، والترويج لمكافحتها، وعلاجها. وفيما يخص علاج الاكتئاب أو سواه من الأمراض النفسية فإن هذا العلاج شديد التكلفة سواء كان بجلسات التحليل النفسي أو العقاقير مرتفعة الثمن، وأحيانا يتطلب العلاج إيداع المرضي في الأقسام والمستشفيات النفسية المتخصصة وهذا الأمر يرفع تكلفة العلاج إلي أرقام خيالية ليست في إمكانية الفقراء بل متاحة فقط للأثرياء من الميسورين.. اللهم إلا مستشفي الخانكة بالعباسية، الذي يعاني نقص كل وسائل العلاج الآدمي ويشكو الفاقة والتراجع وسوء الخدمة الصحية مثله في ذلك مثل إخوته من مرافق علاج التأمين الصحي والحكومي المنهارة.. إذن.. سيسكن الاكتئاب نفوس الفقراء ويستشري فيحطم قدراتهم الإنسانية ويقبرهم أحياء في أقبية الانهيار المعتمة، لأننا في مصر والعالم العربي، لم نستوعب بعد أهمية الصحة النفسية للشعوب كأحد روافد التنمية البشرية وإحدي دعائم الإنتاج والنهضة.
قناة عربية حرضت علي إسقاط النائب العام.. هذا النبأ العاجل أفصح علي الفيس بوك عن هوية القناة التي تحرص علي أن تبقي النيران مشتعلة في ميدان التحرير وأي ميدان ثوري يمنحها أخبارا ساخنة للبث (بغض النظر عن النتائج)!! يقول المثل الشعبي العبقري: عاوزين جنازة ويشعبوا فيها لطم!!