مشهد من الفيلم التركى »الفاتح« جاءت انطباعات النقاد حول فيلم »الفاتح« التركي بين متحمس بتحفظ ومستاء لكنه إجمالا نال تقديرا جيدا كفيلم سينمائي بلغت تكلفة إنتاجه حدا لم يصل إليه أي فيلم تركي من قبل (1مليون دولار) وتدور أحداثه حول السلطان العثماني محمد الفاتح والذي غزا القسطنطينية بعد محاولات عديدة فاشلة ممن سبقوه من سلاطين العثمانيين. ورغم أنه ليس الفيلم التركي الأول الذي يعرض في مصر لكنه الأضخم والأكثر احتفاء واهتماما حيث أقيم له عرض خاص يوم الأربعاء 19سبتمبر الجاري حضره عدد كبير من الإعلاميين والنجوم ولعل ذلك الاهتمام والتمييز في اختيار العمل وتوقيت عرضه يثير العديد من علامات الاستفهام خاصة في ظل الانفتاح التركي علي دول المحيط العربي وفي القلب منها مصر التي شهدت تعاونا مشتركا مع الإنتاج التركي في ستينات القرن الماضي قدم خلاله الفنان الراحل فريد شوقي سبعة أفلام وكتبها جميعا السيناريست الراحل عبد الحي أديب وقدم حسن يوسف وسعاد حسني فيلما كما شارك إيهاب نافع في فيلم آخر ومن الواضح أن المعادلة القديمة كانت تقوم علي نجومية الممثلين المصريين بينما ينعكس الوضع الآن إذ تأتي السينما التركية بقدراتها المالية والإبداعية المميزة لتفتح ( سوق السينما المصري ) بعناصر تركية خالصة تستدعي المجد العثماني. ولعل الفارق الأكبر بين تعاون الستينات والذي أفرز أفلاما رديئة وتعاون العشرية الثانية من الألفية الثالثة هو ذلك المشروع الواضح في التوجه التركي المحكوم بحزب " التنمية والعدالة " وتوجهاته التي تبدو وكأنها ناتجة عن نجاح الدراما التليفزيونية التركية في اختراق الوجدان العربي عبر " مهند " والذي تحول من ممثل وسيم إلي " فاتح" تركي إذ استقبلت الأسواق العربية والمصرية أعمالا تركية للشاشة الصغيرة وتضاعفت أسعار بيع المسلسلات التركية نحو مائة مرة وافتتحت شبكة قنوات الام بي سي وحدها ثلاث قنوات لبث الدراما التركية ومن ثم كان المناخ جاهزا لفيلم سينمائي فكان " الفاتح " وبدلا من أن يحاول منتجو ومبدعو الدراما التليفزيونية المصرية تقديم أعمال جيدة وقادرة علي الوصول إلي وجدان الجمهور فإنهم يصرخون عبر الصحف من الغزو التليفزيوني للإنتاج التركي باعتباره يحصل علي حصة كبيرة من الإعلانات الفضائية ويتسبب في تقليل أرباحهم والأمر نفسه سوف يتكرر قريبا مع السينما خاصة أن الأتراك أثبتوا خلال الفترة الماضية التوجه إلي مصر والشرق الأوسط باعتباره سوقا لكل ما هو تركي من الأثاث المنزلي وحتي الدراما خاصة أن التوجه التركي بني علي أسس تاريخية مشتركة ومنظومة قيم تتشابه في محطات كثيرة. ولعل قيام الأتراك بالمشاركة في المهرجانات المصرية الفنية بكثافة يؤكد كون الأمر ليس مجرد تعاون فني يشبه سابقه في الستينات فقد كانت تركيا ضيف شرف مهرجان الموسيقي العربية الماضي كما شاركت ستة أفلام في مهرجان الإسكندرية وفاز أحدها بالجائزة الكبري " فيلم الثعبان" ولتركيا أيضا مشاركة في بانوراما السينما الأوروبية والتي تقام في الفترة من 3 إلي 9 أكتوبر بسينما جالاكسي تحت رعاية ماريان خوري المدير التنفيذي لمهرجان القاهرة السينمائي وهو فيلم إنتاج تركي فرنسي ألماني مشترك يتناول موضوعا إنسانيا تحت اسم "يتامي سراييفو" .ويدور حول "رحيمة" و "نديم" من أيتام حرب البوسنة. يعيشون في سراييفو، في مجتمع انتقالي فقد مقوماته الأخلاقية بما فيها التعامل الطيب مع أبناء الذين فقدوا حياتهم من أجل تحرير المدينة بعد سنوات المراهقة التي قضتها رحيمة في مناخ الجريمة، تجد راحتها في ممارسة شعائر الإسلام وتتمني لأخيها أن يفعل مثلها. وقد حصل الفيلم علي تنويه خاص من لجنة التحكيم في قسم "نظرة ما" بمهرجان كان السينمائي وجائزة أفضل ممثلة في مهرجان سراييفو السينمائي. والجديد الذي لم يعلن عنه حتي الآن هو تمويل الإنتاج الذي تعتزم جهات تركية الإعلان عنه قريبا فثمة أموال طائلة تحت حساب الإنتاج الدرامي التليفزيوني والسينمائي سوف تأتي في صورة مشاركة في الإنتاج أو منح لكن ذلك الإنتاج والذي يدور حوله حديث التمويل يقبع في المنطقة المشتركة بين طرفي المعادلة مصر وتركيا وهي فترة الحكم العثماني لمصر.