قرارات انغلاقية خاطئة.. صادرة من قلة قليلة لا تهدف من ورائها إلا منفعتها الشخصية.. دون أن تعي الآثار الاقتصادية التي ستترتب علي هذه القرارات، وأثرها البالغ علي الاستثمارات القائمة في المراكز التجارية التي تتجاوز المليارات.. ولا لأثر ذلك علي طرد الاستثمارات الجديدة، ولا علي العمالة القائمة التي تتجاوز مئات الآلاف. منذ أيام قليلة خرجت علينا أصوات تنادي وتفتي بمقترحات تطالب فيها بزيادة الرسوم الجمركية علي السلع تامة الصنع بهدف دعم بعض القطاعات.. وهو الأمر الذي سيؤدي - بلا شك- إلي موجة جديدة من زيادة الأسعار للمنتجات المستوردة، وسيليها زيادة في المنتجات المحلية.. وللأسف سوف يتحمل فاتورة ذلك القرار 90 مليون مستهلك مصري، وسيلقي اللوم بالطبع علي التجار الجشعين دون أن يعي مغبة القرار! وبدلا من قيام الحكومة بدورها في دعم الصناعة، تنادي تلك الأصوات بنقل دور دعم الصناعة إلي المستهلك المصري الذي يعاني في الأصل من ارتفاع تكلفة المعيشة وانخفاض دخله.. فعجز ميزان المدفوعات ليس مسئولية المستهلك المصري الذي من حقه أن يحصل علي أجود السلع وبأرخص الأسعار، وإنه من حقه أيضا طبقا للمادة الثانية من قانون حماية المستهلك رفع دعوي قضائية علي الحكومة لتقييدها لحقوقه والمطالبة بتعويض عادل عن الأضرار التي تلحق به وبأمواله. فعلي الرغم من الشعور بالاستقرار السياسي وتحسن الوضع الأمني.. الذي يبشر ببدء التعافي الاقتصادي وعودة الاستثمارات تحاول هذه الكيانات ترك بصماتها المدمرة التي ستؤدي لرفع الأسعار، وخفض الصادرات وزيادة البطالة وتحويل مصر لجزيرة منعزلة طاردة للاستثمار.. وللأسف الشديد سيدفع الشعب المصري بكافة طوائفه ثمن هذا التخبط. وبدلا من احترام التزامات مصر الدولية وإزالة معوقات التجارة والصناعة والاستثمار وإرسال رسالة للعالم بأن مصر الثورة هي المستقبل تحاول هذه الكيانات بسياسات عفي عليها الزمن أن تعود إلي عقود ماضية سمحت لدبي أن تكون مركز التجارة والخدمات بالشرق الأوسط بالرغم من مميزات مصر الواضحة، وستؤدي أيضا لأن تصبح تونس والمغرب مركز الاستثمارات الصناعية علي الرغم من الموقع الجغرافي لمصر، وفارق حجم السوق والقاعدة الصناعية والموارد البشرية. أعلم تماما أن هناك حالة من الغليان داخل الاتحاد العام للغرف التجارية جراء هذه النداءات الهدامة، وأن أحمد الوكيل رئيس الاتحاد لن يترك هذه الأمور تمر مر الكرام بعد ثبوت ضررها البالغ، والتي ستؤدي لخلق المناخ المواتي للتجارة العشوائية من خلال التهريب، وعزل مصر اقتصاديا وطرد الاستثمارات في دولة تتذبذب فيها القرارات الاقتصادية بين الانفتاح والانغلاق!