بدأ العد التنازلي للمائة يوم التي حددها الرئيس محمد مرسي قبل توليه المنصب لحل أزماتنا المتفاقمة، وأهمها رفع القمامة من الشوارع والميادين والقضاء علي العشوائيات ،لكن لاتزال ماكينة الإهمال التي ورثناها من عهد مبارك تواصل تسميم حياة المصريين، ولايزال مئات الآلاف من سكان هذه المناطق الخطرة يعيشون حياة القرون الوسطي، وتسير حياتهم علي هوي أصحاب النفوذ من المسئولين القدامي، وحرموا من حقهم في أن يتمتعوا بالمرافق كالماء والكهرباء والصرف الصحي كسائر البشر . توجهت "آخرساعة" إلي منطقة أرض الخلواتي بحي البساتين في القاهرة لنري العجب العجاب، حيث بدأت جولتنا من (شارع الأربعين) الذي يعتبر أكبر وأشهر شارع بهذه المنطقة، ومن خلاله تخرج علي ميدان 77 وشارع أحمد زكي أرقي الأماكن بالمعادي، لكن الكارثة تتمثل في أنه تم إغلاق الشارع وتبقي منه فقط مالايزيد علي مترين نتيجة لتراكم القمامة ومخلفات البناء التي وصلت لعشرات الأمتار، لدرجة أنها كونت تلالا وأصبحت في مستوي الطابق السابع تقريباً من الأبراج السكنية الموجودة علي جانبي الشارع، بخلاف عدم وجود مرافق بالشارع كما يؤكد لنا أهالي المنطقة. غياب الخدمات بداية يقول طلعت الشواربي (صاحب عدد من الأبراج السكنية بشارع الأربعين): قمنا ببناء هذه الأبراج علي أرض ملك لنا بعد الحصول علي تراخيص البناء بجوار هذا الشارع وعرضه 40 مترا وتم غلقه بالتراب، ومصرح لنا في التراخيص التي حصلنا عليها بارتفاع 11دورا وأرضي، ولم نخالف هذه الشروط ورغم ذلك لم يتم توصيل المرافق إلينا، والشارع بأكمله لا توجد به أي مرافق، نتيجة لتراكم هذه القمامة ومخلفات البناء، ولا يوجد صرف صحي أو ماء أو كهرباء ونعمل من خلال غرف تفتيش صغيرة خاصة بالصرف الصحي و"طرنشات" يتم تفريغها أسبوعياً ب200جنيه، وأهالي المنطقة يريدون التجمهر أمام حي البساتين وديوان عام محافظة القاهرة، لكني طلبت منهم الصبر حتي نتحدث إلي وسائل الإعلام ونناشد المسئولين التحرك لرفع هذه المخلفات ولفتح الشارع وتوصيل المرافق. ويؤكد طلعت أنه لم يلق أي مخلفات بناء في الشارع، بل كان يستأجر سيارات لنقلها وإلقائها في المقالب المخصصة لذلك ومعه إيصالات مدفوعة تثبت ذلك، وإن لم يتحرك المسئولون فإن الوضع سيزداد سوءاً وقد لا يستطيع إقناع السكان بالصبر أكثر من ذلك . علي محمد توفيق 50 سنة (من أهالي شارع الأربعين ) يقول: يوجد أكثر من 100 برج حاصلة علي التراخيص ودفعنا للحي كل مصروفات المرافق، وليست هناك مخالفات في المباني ومع ذلك لا توجد أي خدمات، وتم دفع مبلغ وقدره 45 ألف جنيه تقريباً للرخصة الواحدة، و10 آلاف جنيه لهيئة النظافة، هل يعقل أن هذه المنطقة في القاهرة؟!، وهل يستطيع أحد أن يعيش هنا ؟! . بينما يقول سيد علي 53 سنة (صاحب محل): الموت شبح يهددنا يومياً لأن قاطعي الطرق والمتسولين وبائعي المخدرات والبلطجية ينتشرون ليلا في المنطقة، ولا يوجد أمن، بخلاف انتشار الكلاب الضالة، ولا نعلم سبب عدم الاهتمام بنا من قبل المسئولين، وتوجد ماكينة هنا لشفط المياه لأنه لا يوجد صرف صحي بالمنطقة، وفي حال توقفها فإن الشوارع تغرق بمياه الصرف، ونعاني من عدم وجود المياه النظيفة فنقوم بجلب الماء في (جراكن). انتشار الأمراض ويقول صلاح محمد زكي 60سنة (من أهالي منطقة الخلواتي): انتشرت الأمراض الخطيرة، وأصيب الأطفال بالحساسية في صدورهم نتيجة لحرق القمامة والدخان المستمر يومياً، وأحياناً تختلط مياه الشرب بالصرف الصحي لعدم وجود مواسير للصرف، كما إننا ندفع 3 جنيهات نظير رفع القمامة، ولا يتم جمعها، ولذا لن نسدد شيئا بعد ذلك طالما لايتم رفع القمامة، كما إن إغلاق هذا الشارع يسبب الكثير من المشكلات فهو يوفر وقت الدوران من الشوارع الجانبية، كما إنه يخدم المنطقة بكاملها لأنه يخرجنا علي بعض المصالح الحكومية ففي نهايته مصلحة الشهر العقاري والمحكمة، ونطالب بمحاسبة المسئولين لأننا قدمنا شكاوي ولم يسأل فينا أحد ولابد من تغيير رئيس الحي فهو المسئول عن هذه المنطقة ولا نجد أي تحرك من جانبه. إيهاب رشاد 36 سنة (سائق ميكروباص): نعاني من عدم وجود مدخل أو مخرج لهذه المنطقة، نتيجة لتراكم تلال التراب بها، ولا تستطيع أي سيارة أن تسير في شارع الأربعين لضيقه وتكدس القمامة به، وهذا المكان ليس مخصصاً كموقف للسيارات لكننا استأذنا من أصحاب الأرض لنقف فيه، لأننا نعاني من عدم وجود مدخل للمنطقة ونطالب بفتح شارع الأربعين. مقاولون لرفع الركام حملنا شكاوي أهالي شارع الأربعين بمنطقة الخلواتي إلي اللواء تيسير مكرم (نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية) للبحث عن حل لها، فأكد أن هذا الشارع كانت به كميات كبيرة من مخلفات البناء عمرها سنوات، لكنها زادت في الفترة الأخيرة نتيجة الانفلات الذي حدث، جاري التنسيق حالياً بين محافظة القاهرة ووزارة البيئة وهيئة النظافة لتخصيص مقاولين لرفع هذه التراكمات، لكن سيتم البدء أولاً في فتح الشارع لتسهيل حركة المرور علي المواطنين والسيارات ثم بعد ذلك يتم استكمال رفع باقي التراكمات لأنها بكميات كبيرة . أما بخصوص سبب عدم توصيل المرافق للشارع فأوضح اللواء تيسير أنه يفترض أن كل من حصل علي ترخيص بناء وقام بتعديل الإنشاء طبقاً لشروط الترخيص أن تكون معه مطابقة، ومن لم توجد معه هذه المطابقة وليست عليه أي مخالفات عليه أن يذهب إلي الحي لعمل المطابقة ليأخذ موافقات توصيل المرافق. ويوضح اللواء تيسير أن محافظة القاهرة لم تقصر في متابعة وإزالة القمامة من شوارع القاهرة حيث تمت إزالة أكثر من 400 ألف متر قمامة ضمن برنامج المائة يوم للرئيس محمد مرسي، وعلي الإعلام القيام بدوره في عمل حملة توعية للمواطنين بعدم إلقاء القمامة ومخلفات البناء في الشوارع، لأن ذلك يكلف الدولة مبالغ كبيرة لإزالته. نقل 16 ألف أسرة من جانبه يقول المهندس خليل شعث (مستشار محافظ القاهرة للمناطق العشوائية ) أصبحت العشوائيات مقسمة إلي جزءين طبقاً للقانون رقم 119 لسنة 2008 الجزء الأول العشوائيات غير الآمنة والثاني عشوائيات غير مخططة، تنقسم العشوائيات غير الآمنة إلي أربع درجات، درجة أولي مهددة للحياة وكان يبلغ عددها24منطقة بالقاهرة تم تحديدها من قبل لجان علمية فنية متخصصة وقامت المحافظة حتي الآن بنقل مايقارب من 16 ألف أسرة كانت تسكن في أماكن الخطورة المهددة للحياة، حيث تم نقلهم إلي وحدات سكنية جديدة في منطقة الدويقة الجديدة والنهضة ومدينة 6 أكتوبر، وستستمر جهود المحافظة لنقل جميع ساكني مناطق الخطورة المهددة للحياة حفاظاً علي أرواح المواطنين، أما الخطورة غير الملائمة فهي 28 منطقة بالقاهرة وتقوم المحافظة من خلال الأجهزة التنفيذية المختلفة بإعداد خطط تنفيذية لبدء التطوير في تلك المناطق وذلك من خلال بناء وحدات سكنية لساكني تلك المناطق في نفس المنطقة . وتتمثل الدرجة الثالثة من الخطورة في أنها مهددة للصحة العامة كما يوضح شعث، وفي القاهرة 11 منطقة من هذا النوع تحت خطوط الضغط العالي وتهدد الصحة العامة للمواطنين، منها منطقة الهجانة والسدالعالي بالسلام، وبعض المناطق في المعصرة وحلوان، قامت المحافظة بالتنسيق مع وزارة الكهرباء لعمل اللازم لنقل هذه الأبراج لتكون خطوطا أرضية، وهناك 49 منطقة غير مخططة في محافظة القاهرة، ويتم الآن من خلال مجهودات تعاون بين جهات مختلفة للبدء في تطوير 19منطقة، من هذه الجهات الوكالة الألمانية للتعاون الإنمائي، الوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوروبي، ومؤسسات المجتمع المدني (مؤسسة معاً، وبنك الطعام ) ومنظمة الصحة التابعة للأمم المتحدة والقطاع الخاص. دور الشباب والمرأة ويشير شعث إلي وجود استراتيجية في محافظة القاهرة للتعامل مع العشوائيات تقوم علي 4 محاور، أولها المناطق غير الآمنة ثم المناطق غير المخططة يتلوها التركيز علي خلق فرص عمل والتدريب الحرفي، انتهاء بتوزيع عادل للاستثمارات في المحافظات التي يهاجر أبناؤها إلي القاهرة بسبب عدم وجود فرص عمل بها، وتعتمد استراتيجية محافظة القاهرة في تطوير العشوائيات علي منهجية التنمية بالمشاركة والتي تؤمن بمشاركة فعالة للأهالي بداية من تحديد المشكلات بمناطقهم وأولويات تلك المشاكل وأهمية الاستفادة بمؤسسات المجتمع المحلية، وتعظيم دور الشباب والمرأة والاهتمام بالدراسات الاجتماعية الاقتصادية في الوصول إلي أفضل مناهج لتطوير كل منطقة علي حدة وفقاً لما يناسبها.