لقطة من حفل ختام المهرجان 2010. مهرجان القاهرة السينمائي الدولي صرح ثقافي كبير.. يتمتع بسمعة دولية محترمة وسط المهرجانات الأربعة عشر العالمية.. استطاع أن يكتسبها ويحققها من خلال دوراته السابقة، التي كانت تزداد نضجا وثراء فنيا عاما بعد عام. هذا المهرجان الذي يحمل اسم (المحروسة) أصبح الخلاف عليه.. وأحقية القائمين علي تنفيذه يحتل مساحة في الصحف ووسائل الإعلام. وبادئ ذي بدء كنت لا أنوي الكتابة علي الإطلاق في هذا الموضوع.. فقد كنت أحد أطرافه.. وأكن للأساتذة والزملاء أعضاء (مؤسسة مهرجان القاهرة السينمائي) كل إعزاز وتقدير واحترام.. والبعض منهم أصدقاء أعتز بصداقتهم.. وأحفظ لهم الود لكن تم رفع هذا الحرج بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده أعضاء المؤسسة في نقابة الصحفيين وتدوولت فيه الأوراق والمستندات بينهم وبين وزارة الثقافة.. والمركز القومي للسينما.. والاتحاد الدولي للمنتجين والمهرجانات.. لتنهال بعد ذلك الهجمات الشرسة علي وزارة الثقافة ووزيرها د.صابر عرب وبالمناسبة أنا لا أعرفه شخصيا ولم يسبق لي حتي أن التقيت به. وطوال حياتي الصحفية - وهو ما أعتز به وافتخر - عرف عني أنني لم أسع إلي من يحتلون المناصب مهما كانت أهميتها.. وقيمتهم.. وكثير من الأصدقاء احتفظت بصداقتهم معلقة بعيدا عن مناصب تولوها.. فلما ابتعدوا وتركوا كرسي السلطة.. عادت الصداقة بيننا من جديد. لكن تبقي مصر هذا البلد الذي لا أعرف وطنا غيره بناسه الطيبين البسطاء.. وكذلك يبقي مهرجان القاهرة السينمائي عزيزا علي القلب، فقد ارتبطت به منذ دخلت العمل الصحفي محررة صغيرة.. من أجل ذلك كان لابد من كتابة كلمة حق لأنه يعز عليّ كثيرا أن يظل أعضاء المؤسسة يهاجمون ويهددون كل من يعمل مع المهرجان وهو ماحدث بالفعل مع (ماريان خوري) المديرة الفنية للمهرجان. أعود للبداية التي كانت في الأصل خطأ كبيرا عندما جاءت فكرة أن تترك المهرجانات لمؤسسات أو جمعيات ليست لها أي موارد مالية أو مادية وتدعم بالكامل من وزارة الثقافة.. وبالفعل تم تشكيل مجلس إدارة للمركز القومي ليضع شروطا.. وكأنها كانت مهمة تفكيك لكيان المهرجانات.. فبعد إرساء العطاء تقدم الجميع باستقالاتهم .. لأن معظمهم كان يشارك في مهرجان أو أكثر. أما عن مؤسسة مهرجان القاهرة فقد كان اقتراح الوزارة بأن تشكل من المكتب الفني للمهرجان.. وسعي للانضمام إليها البعض بإلحاح شديد.. كما تم ضم أسماء أخري فقط لكي تعطي صوتها لأشخاص بأعينهم.. وحصلت المؤسسة حتي قبل أن يتم إشهارها علي الموافقة لدعمها. لتبدأ عملها بميزانية لاتزيد بأي حال من الأحوال عن ثلاثين ألف جنيه هي مادفعه المؤسسون وهي قيمة الاشتراكات أن لم تكن أقل بكثير.. كما حصلت علي (مقر) المهرجان بكل مافيه من أثاث .. وأجهزة كمبيوتر .. وموظفين بالإضافة إلي (الداتا) المتوفرة عن المهرجان وحصيلة عمل 34 عاما.. وميزانية تم توفيرها من آخر مهرجان تصل إلي 2 مليون جنيه أو أكثر صرفت منها المؤسسة (600.000 ألف جنيه) منها مائة ألف بدل سفر إلي (كان) وكارلو فيفاري. والحقيقة أنا لست ضد أن تقوم مؤسسة بعمل مهرجان.. لكن لابد أن تتوفر في هذه المؤسسة شروط وهي أن تملك مقومات الاعتماد علي ذاتها وقادرة علي الصرف علي نشاطها.. وفي ذلك مؤسسة الدوحة التي تقيم مهرجان الدوحة.. والعديد من الأنشطة وأنتجت فيلمين أحدهما كان افتتاح مهرجان فينيسيا لهذه العام. أما عن مؤسسة مهرجان القاهرة فرغم الميزانية الهزيلة إلا أنه تم تعيين مدير لها بخمسة آلاف جنيه.. وسكرتيرة بمبلغ ثلاثة آلاف جنيه.. وبالمناسبة فهذا المدير أمر بإلقاء أرشيف مهرجان الطفل في الزبالة.. وهو ما يجب أن يحقق فيه وزير الثقافة لأن هذا الأرشيف قد تدفع فيه دول أخري ملايين.. وهو ترجمة لجهد سنوات طويلة هي عمر المهرجان الوحيد للطفل في منطقة الشرق الأوسط..، ويحتاج إلي إعادة النظر فيه والتحقيق فيما جري في دورته الأخيرة. وصدر حكم قضائي بعدم أحقية المؤسسة في إقامة المهرجان، بعد الدعوي التي رفعها (ممدوح الليثي).. ورفض الاستشكال أيضا المقدم من المؤسسة التي بالفعل أسندوا إليها من قبل المهرجان قبل إشهارها.. وبالتالي لاتستطيع أن تتعامل وزارة الثقافة مع المؤسسة في إقامة المهرجان.. لكن مع ذلك رحب وزير الثقافة د. صابر عرب بالتعاون مع أفرادها.. وبالفعل وافق الأستاذ الكبير يوسف شريف رزق الله وطلب أن يكون نائبا للرئيس للشئون الفنية.. وذلك بعد عودة د. عزت أبو عوف رئيسا للمهرجان.. وسهير عبدالقادر نائبا للرئيس.. لكن بعض أفراد المؤسسة الذين سعوا للانضمام إليها انتقدوا بعنف شديد موقف يوسف شريف رزق الله وطالبوه بأن يتم التعامل معهم ككيان موحد.. وهو ما يمثل استحالة بعد حكم محكمة القضاء الإداري. وهنا أقول إن المصحلة العامة أهم بكثير من المصالح الشخصية.. وإن اسم المهرجان أكبر بكثير من كل المسميات.. فكان من الطبيعي أن تتضافر الجهود مع الوزارة بدلا من الهجوم عليها. وفي المؤتمر الصحفي أعلنت العزيزة (هالة خليل) عن اعتزازها بلجنة التحكيم التي انسحبت معهم وشكرتهم علي ذلك.. هذه اللجنة التي رفضت بالإجماع أحد الأفلام.. بالإضافة إلي رئيسها د. رفيق الصبان والناقدة خيرية البشلاوي.. لكن أحدا ماصمم علي اشتراك هذا الفيلم والمشاركة في المهرجان.. ربما مجاملة لأحد منتجيه المشاركين في المؤسسة. ومن واقع الأوراق التي قدمت أقول :كيف هان عليهم المهرجان حتي يرصدوا جوائز مالية بحجة تشجيع الأفلام وأصحابها علي الاشتراك فهذا لا يحدث في أي مهرجان من فئة (أ) كما أنهم كانوا سيسمحون بأن يقوم الرعاة بتقديم الجوائز! والغريب أن المؤسسة برأسمالها الفقير رصدت ميزانية تصل إلي مليون وستمائة ألف جنيه لإيجار قاعات سينمائية في حين أن دخل السينما لن يزيد عن مائة وخمسين ألف جنيه! الميزانية المقترحة بها أشياء كثيرة أقل ما يقال فيها إنه عيب فعلي سبيل المثال أن إيجار قاعات الفندق (مائة وثلاثون ألف جنيه)! أما بالنسبة للحديث أنه تم إنجاز مايزيد عن ال 80٪ من نشاط المهرجان فياليت المؤسسة تخرج كشفا بهذا الإنجاز.. مثلما فعلت مع المراسلات.. وعلي سبيل المثال فإن المسابقة التي أصبحت بجوائز تتعدي المليون جنيه.. كان بها فيلمان فقط.. أحتفظ بالأسماء.. ولجنة التحكيم الدولية كان بها ثلاث ممثلات من أوروبا الشرقية واعتذرت إحداهن لتصبحا اثنتين! تفاصيل كثيرة بأرقام لاتكذب.. لقد كنت أتمني أن يكون بعض أعضاء المؤسسة موضوعيين وألا يكون اللقب والعناد محرضا لهم علي المكابرة في حكم محكمة يقولون إنهم يحترمون قضاتها.. لكن أفعالهم تدل علي غير ذلك. أما عن د. عزت أبو عوف.. وسهير عبدالقادر فقد كانا طويا صفحة المهرجان وقبلا بالعودة إنقاذا لسمعة مهرجان دولي ساهما في نجاحه كثيرا ويكفي أنه لأول مرة منذ سنوات طويلة كان هناك فائض وصل إلي أكثر من 2 مليون جنيه.. تركاها قبل تقديم استقالتيهما.. دون أن ينسي أحد خبرة سهير عبدالقادر وعلاقاتها بالمحافل السينمائية الدولية.. وأنا أعلم جيدا أنه يوم أن غادرت المهرجان لم تأخذ معها ورقة واحدة.. وهذه المادة بما تحويه من اتصالات كانت في خدمة المهرجان. وأخيرا أقول لوزير الثقافة د. صابر عرب ولرئيس الوزراء د.هشام قنديل لابد أن يعود مهرجان القاهرة لإشراف وزارة الثقافة بالتعاون مع السياحة والآثار.. وأن تتم هيكلته بما يليق فعلا بسمعة هذا المهرجان واسم مصر.. حتي لايظل نهبا للصراعات والأطماع الشخصية. ولنتق الله جميعا في بلدنا..