في شهر رمضان الكريم، يتمثل الإنسان ويقتدي بأعظم رسل السماء.. في سلوكياته.. في مواقفه.. في إيمانه.. في معاملاته، في نظرته للحيوان وحتي للجماد.. إن أعظم الأخلاقيات تتكامل في شخصية هذا الرسول الكريم. وفي كتب السيرة التي تتناول شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام، نري عجبا.. نري فضائل هذا النبي العظيم تفوق كل ما عرفته البشرية من فضائل.. لقد شاهد الصحابة ذات يوم الصحابي الجليل عبدالرحمن بن عوف، يردد قوله تعالي: »لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم«.. (التوبة 128) سألوه عن السبب الذي جعله يردد هذه الآية الكريمة.. قال عبدالرحمن بن عوف: أجل، إنه بالمؤمنين رءوف رحيم، هذا ما شهد الله به لنبيه، وهذا ما شهدته بنفسي من رسول الله [، وحكي لهم هذه القصة: جاء بالأمس أعرابي إلي رسول الله [ يطلب منه شيئا، فأعطاه، ثم قال له: أأحسنت إليك يا أعرابي؟ فقال الأعرابي: لا أحسنت ولا أجملت! فغضبت لرسول الله، وغضب أصحابه، وهممنا أن نبطش بالأعرابي الذي يجزي الحسنة بالسيئة، ولكن رسول الله [ أمرنا أن نكف عنه فكففنا، ثم أخذ بيد الأعرابي إلي داره، وزاده شيئا وقال له: أأحسنت إليك يا أعرابي؟! فقال له: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا.. قال له النبي ([: إنك قلت ما قلت، وفي نفس أصحابي من ذلك شيء، فإن عدت فقل بين أيديهم ما قلت الآن بين يدي حتي يذهب ما في صدورهم عليك.. قال الأعرابي: نعم.. ثم أقبل الأعرابي مع مجلس النبي [ بين أصحابه.. فقال الرسول [: إن هذا الرجل قال ما قال.. فزعم أنه رضي أكذلك؟ فقال الأعرابي: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا.. فقال عليه الصلاة والسلام: »مثلي ومثل هذا، مثل رجل له ناقة شردت عليها فأتبعها الناس، فلم يزيدوها إلا نفورا.. فناداهم صاحبها: خلوا بيني وبين ناقتي، فإني أرفق بها منكم وأعلم، فتوجه لها بين يديها، فأخذ لها من قمام الأرض فردها، حتي جاءت واستناخت، وشد عليها رحلها، واستوي عليها.. وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلموه دخل النار«. وهذا النبي العظيم صاحب القلب الرحيم هو القائل: »دخلت امرأة النار في هرة حبستها، فلا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، وخشاش الأرض هي حشراتها. ومن أحاديثه الشريفة التي يوصي بها حتي علي الحيوان قوله: »إن الله كتب الإحسان في كل شيء، وكتب الرحمة علي كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فليحد كل امرئ شفرته، وليرح ذبيحته«.. عليه الصلاة والسلام..