ما إن تم إعلان فوز د.محمد مرسي في انتخابات الرئاسة الأسبوع الماضي حتي اشتعلت ساحة موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بالأحاديث المتناثرة، وانتشر العديد من التعليقات والصور والتكهنات بالمرحلة القادمة، وتباينت في مجملها بين فريق متفائل بغد ينهي عهود الفساد والديكتاتورية واللصوصية ودولة مبارك البوليسية، وفريق لا يعول كثيراً علي التحول الحاصل في ضوء هيمنة تيار ديني بعينه علي السلطة. وبين هذا وذاك رأي البعض ضرورة منح الرئيس الجديد الفرصة لإثبات حسن النوايا والبدء في الاصطفاف حوله ودعمه في مشروعه النهضوي للعبور بالبلاد إلي بر الأمان. وبالقدر ذاته الذي احتفي به الملايين من رواد (فيسبوك) بالرئيس الرابح شكلت خسارة الفريق أحمد شفيق في سباق الرئاسة صدمة لملايين أخري ظل الأمل يراودها حتي اللحظات الأخيرة قبل إعلان نتيجة جولة الإعادة في أن يفوز مرشحهم، حتي أن الأسبوع الماضي شهد ترويج شائعة مفادها أن المجلس العسكري آثر سلامة البلاد مفضلاً إعلان فوز مرشح "الإخوان" بدلاً من النتيجة الحقيقية – بحسب الشائعة – التي كانت لصالح شفيق، وبخاصة مع احتشاد مئات الآلاف من المتظاهرين في "التحرير" وميادين عدة بمحافظات الجمهورية المختلفة وتشكيلها ورقة ضاغطة نجحت في تحويل الدفة باتجاه مرسي. حقيقة هروب شفيق وعقب تقديم بلاغات جديدة ضد الفريق أحمد شفيق إلي النائب العام تتهم المرشح الخاسر بإهدار المال العام في فترة توليه حقيبة وزارة الطيران في عهد المخلوع، أعلنت حملة الفريق توجهه إلي السعودية لتأدية العمرة، في الوقت الذي رصدت فيه كاميرا هاتف محمول الفريق جالساً في أحد المقاهي "الفايف ستارز" في أبو ظبي بالإمارات، بما يعزز فكرة هروبه من مصير مجهول في مصر بحسب تعليقات نشطاء علي "فيسبوك"! ما دفع الحملة إلي تأكيد وجود شفيق في الإمارات بشكل مؤقت قبل توجهه إلي السعودية نافية خبر هروبه جملة وتفصيلاً. صورة للتاريخ بينما استحوذت صورة أخري لكورنيش النيل وكوبري أكتوبر لحظة إعلان المستشار فاروق سلطان نتيجة الانتخابات علي أكبر نسبة مشاهدة علي "فيسبوك"، إذ بدت القاهرة وكأنها في حقبة الخمسينيات من القرن الماضي مع خلو الشوارع من المارة والسيارات، وعلقت صفحة "ألتراس ميادين مصر" التي التقطت هذه الصورة للتاريخ – كما ذكرت بقولها "مصر حين سماع نتيجة الانتخابات الرئاسيه الأولي بعد الثورة". وظهرت صورة أخري لورقة من التقويم الميلادي بتاريخ 25يونيو 2012 وعليها عبارة "لمن الملك اليوم" وهو اليوم الذي تصادف أن يكون صبيحة اليوم التالي لإعلان فوز مرسي منصب الرئيس وكأن القدر يشارك في استفتاء من نوع خاص للرئيس الجديد! مع دفع العديد من رواد "فيسبوك" إلي التعليق علي الصورة بذكر آيات قرآنية تترجم مآل إليه الوضع مثل "عسي ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون". وعلي الوتيرة ذاتها روج البعض لصورة تظهر في الجزء العلوي منها الرئيس مرسي في اجتماعه بالقادة بقصر الرئاسة وقد وضعت صورة بها لفظ الجلالة، وبينما في الجزء السفلي صورة للرئيس المخلوع في القاعة نفسها أثناء اجتماع سابق وتظهر علي الحائط في الخلفية صورة مبارك، واكتفي المعلقون علي الصورة بكتابة آية لخصت المقارنة بين الحالتين "وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال". كلمة حق فيما تبادل النشطاء علي الموقع الاجتماعي صورة معبرة للشيخ علي قطان من ميدان التحرير احتفالا بفوز محمد مرسي، معتبرين أنها من أكثر الصور دلالة علي انتهاء عصر الظلم والاستبداد، فالشيخ علي قطان رجل مصري كان يعيش في السعودية، وصادف مبارك في المسجد النبوي الشريف فاقترب منه وقال له: "اتق الله"، فكان جزاؤه ترحيله إلي مصر فوراً وسجنه في سجون أمن الدولة لمدة 15 عاماً، فقد خلالها بصره بعينه اليسري من شدة التعذيب وأصيب بعدد من الأمراض، وجاءت أحد التعليقات لتلخص ببلاغة مضمون الصورة حين كتب أحد النشطاء "الحمد لله الذي أقر عينه المبصرة برؤية النصر". السفير والمرشد وبينما استقال الرئيس المنتخب محمد مرسي من حزب "الحرية والعدالة" وجماعة "الإخوان المسلمين" فور إعلانه رئيساً للبلاد، صالت صفحات "فيسبوك" وجالت تعليقاً علي خبر زيارة السفير السوداني بالقاهرة لمرشد "الجماعة" لتهنئته بفوز مرسي، وعلق البعض علي الصورة التي جمعت محمد بديع بالسفير بعدة تساؤلات منطقية من بينها: ما هو المنصب السياسي للمرشد محمد بديع الذي يجعل السفير السوداني بالقاهرة يذهب إلية ليهنئه بفوز مرسي؟ ما هي صفته الرسمية ليقابل شخصية سياسية بحجم سفير السودان؟ وما دوره الفعلي في قيادة وحكومة مرسي حتي يجلس مع الشخصيات الرسمية؟ وهل المرشد هو القائم بأعمال رئيس الجمهورية حتي يذهب للقائه سفير السودان؟! موقف غير وطني أما الصورة التي أعادت للأذهان "زمن النوم" في برلمانات العهد البائد فكانت في اجتماع اللجنة التأسيسية لوضع الدستور في قاعة الشوري الثلاثاء الماضي 26 يونيو، والتي ظهر فيها د.رفعت الألشي يغط في نوم عميق أثناء عمل اللجنة التأسيسية، وكان المشهد الأكثر سوءاً وإثارة للحنق والتقطته أيضاً عدسات المصورين في الاجتماع ذاته هو رفض بعض أعضاء اللجنة "الموقرة" الوقوف للسلام الوطني لمصر! ما دفع البعض لإثارة الموضوع علي نطاق واسع بصفحات موقع التواصل الاجتماعي وكتب أحد المعلقين قائلاً "أطالب بإقصاء هؤلاء من اللجنة التأسيسية بل وبفض اللجنة كلها، فقد قبلوا من هؤلاء هذا الموقف غير الوطني"، وتساءل آخر بامتعاض "كيف أسمح لمن لا يحترم نشيد بلاده الوطني بوضع دستور البلاد؟". فوبيا دولة الإخوان وكانت حالة من القلق سرت بين المتخوفين من صعود التيار الإخواني ووصول مرشحه إلي سدة الحكم، معتبرين أن هذا من شأنه أن يؤثر سلباً علي الحريات ويقلص من حرية المرأة تحديداً، وبخاصة مع ظهور بعض الحالات الفردية لأشخاص متشددين يهددون المارة في الشوارع بأن الحكم الإسلامي قد أتي ولا مجال للفوضي الأخلاقية وارتداء النساء للملابس الفاضحة – حسب الروايات المتواترة – إلا أن نشطاء سلفيين وإخوانا علي "فيسبوك" استنكروا هذه الأفعال وأكدوا أنها مجرد محاولات من جانب تابعين لجهاز أمن الدولة (الأمن الوطني) لبث الرعب في نفوس الناس ونشر "فوبيا دولة الإخوان" وإمكانية تحول مصر إلي أفغانستان، وبدد هذه المخاوف خبر القبض علي ضباط وجنود أمن دولة في زي مدني يتحرشون بالفتيات ويستخدمون الدين لتخويف السيدات في الشوارع في سابقة هي الأولي من نوعها بعد انتهاء الانتخاب حيث قامت مجموعة من أهالي مركز ديرب نجم بمحافظة الشرقية بالقبض علي ثلاثة أشخاص اشتبهوا فيهم وهم يتحدثون مع فتاة ووالدتها. وبعد أن لاحظ الأهالي سوء طريقتهم في الحديث وبخاصة مع النساء، قاموا بالقبض عليهم، وبعد ساعات من التحقيق معهم والضرب اعترفوا بأنهم يتبعون جهاز مباحث أمن الدولة المنحل ،وأن قيادياً بالجهاز حرضهم علي مهاجمة الفتيات في الشوارع ونصيحتهن بارتداء الحجاب وإلا سوف يعاقبن من جماعة "الإخوان المسلمين". وقامت الفتاة بتحرير محضر في مركز الشرطة ضدهم وتسلمتهم قوات الشرطة لاتخاذ اللازم معهم. وفي المقابل ولكن بطريقة ساخرة نشر البعض صورة لفتاتين ترتديان ملابس بيضاء مغلقة تماماً لا يظهر رأساهما ولا حتي أعينهما، ارتديتا من فوقها ملابس داخلية وكُتب علي الصورة "مستقبل الرقص الشرقي في مصر بعد وصول التيارات المتشددة إلي الحكم"، بينما علق آخر ساخراً "هذه أحدث صيحة في بدل الرقص الشرقي". إسقاط تمثال بالمنصورة في الإطار ذاته جاء خبر إسقاط تمثال "سنوسرت" الفرعوني في أحد ميادين المنصورة وكسره ليثير غضب الكثيرين وبخاصة العاملين في قطاع السياحة ومخاوفهم من تكرار السيناريو مع قطع آثارية نادرة أخري من جانب متشددين، حيث كان المارة من أهالي المنصورة فوجئوا الأسبوع الماضي وبعد إعلان فوز د.محمد مرسي بالرئاسة، بتمثال "سونسرت الأول" الذي كان منتصباً في ميدان الموافي، أحد أشهر ميادين المنصورة، ملقي علي الأرض وقد أحاط برأسه وخاصره حبل غسيل أخضر اللون دليلاً علي محاولة جذبه لإيقاعه علي الأرض وتحطيمه، والغريب في الأمر أن التمثال يقع بجوار كل من مديرية أمن الدقهلية ومتحف المنصورة القومي! وهو مشهد – كما علق نشطاء علي فيسبوك - قد يعيد لأذهاننا تعامل الممثلين في فيلم الشيماء مع أصنام الكعبة، والمشكلة الحقيقية هي أنه لم يستدل بعد علي فاعل الجريمة، كما لم تقم أجهزة الأمن بالإعلان عن الحادث حتي الآن! مجمع التحرير بألوان العلم وبعيداً عن موجات (الإسلاموفوبيا) التي روج لها البعض انتشرت صورة أخري لمبني "مجمع التحرير" في قلب ميدان التحرير وقد اكتسي بألوان علم مصر، نُسبت إلي صفحة (الجهاز الإعلامي لوزارة الداخلية) علي (فيسبوك) وكتبت تحتها عبارة باللهجة الدارجة: (لو مؤيد الفكرة دي وعاوز تشوف ميدان التحرير كده إعمل (لايك) وانشر الصورة)، وفيما رحب البعض بالفكرة عبر تعليقات استحسانية، رفضها البعض تماماً معتبرين أن العبرة ليست بالأشكال والألوان والشعارات وإنما بالعمل الجاد للعبور بمصر من هذه المرحلة الصعبة وتقديم إنجازات حقيقية لشعب مصر صاحب ثورة يناير العظيمة.