تقلبات الجو فاقها جنوح الأفلام وجنون البعض منها في طرحه لمواضيع تتعلق بالجنس والسلوك الإنساني ومايصاحبه من عنف.. وإن خففت عنه أفلام حملت مشاعر إنسانية جميلة عكست أحاسيس وعواطف لبشر تعاطفنا معهم وعشنا معهم نحلم بفوزهم انتصارا لقيم إنسانية وفنية.. وإن كانت هناك أفلام لم تفز فإن ذلك لايعني إنها خرجت من دائرة المتعة التي حققتها لنا. نساء فرنسا يشعرن بغاية الفرح والسعادة.. فقد وصل عدد الوزيرات وحاملات الحقائب الوزارية إلي خمس عشرة امرأة.. وهكذا صدق الرئيس الجديد (فرانسوا هولاند) وأوفي بما وعد به. وإذا كانت فرنسا تتيه فخرا بنسائها.. ومدينة (كان) الفرنسية بالفنانات اللاتي جئن إليها من جميع أنحاء العالم .. فإن هناك أفلاما تحدثت عن الحب الراقي أنصفت صورة المرأة وعلاقتها بالرجل.. وأفلاما أخري شطح فيها الخيال وقدم صورة شديدة السلبية للمرأة وإن اعترفت أنها تحاكي الكثير من الواقع. في دورة هذا العام غابت المرأة مخرجة علي الأقل في المسابقة الرسمية ومعظم أقسام المهرجان.. لذا كان فوز المخرجة البوسنية (عايدة بجيك) بشهادة خاصة من لجنة تحكيم عن فيلمها (أطفال سراييفو) الذي شارك في قسم (نظرة ما) شيئا جميلا.. لما يحمله موضوعه من أهمية كبري ويعكس واقعا مؤلما عاشته هذه البلاد.. رحيمة 32 سنة ترعي شقيقها الصغير نديم 41 سنة بعد أن فقدا والديهما في الحرب هي تعمل في أحد المطاعم وتعد نموذجا جيدا للمرأة المسلمة في مجتمعات تحاول تشويه الإسلام بكل شكل وصورة.. في اصطدام (رحيمة) بالسلطة بعد اشتباك شقيقها مع ابن أحد المسئولين.. وتهديدها بالشرطة إلا إنها تشعر بقوتها الداخلية ولاتقر بالهزيمة.. إن عايدة نموذج رائع لمخرجة تعمل في ظل ظروف شديدة الصعوبة.. وقد سبق وشاركت بأفلام قصيرة في (كان) من قبل وفيلمها الروائي الأول ثلج عرض بأسبوع النقاد في (كان) وحصل علي الجائزة الكبري.. ليجيء فيلمها الثاني أطفال سراييفو وشاركت في إنتاجه فرنسا وتركيا.. انتصارا حقيقيا لها ولمبادئها ومشوارها الفني القصير.. المشرف. والحديث عن النساء في (كان) يدفعنا للحديث عن وزيرات جئن خصيصا لحضور الاحتفالية السينمائية الأولي منهن من جاءت بصفتها وزيرة للثقافة والاتصالات وهي (أوريلي فيليبتي) والثانية المخرجة (يامينا بن جيجي) الوزيرة المفوضة للفرنسيين في الخارج.. والفرانكفونية.. والتي حرصت علي الحضور تحية لزملائها الفنانين ودعمهم. أما وزير الثقافة اللبناني (كابي ليون) فقد حرص علي رئاسة وفد بلاده في الفريق الذي شارك في الجناح اللبناني.. وهكذا تفوز السينما وتتفوق علي السياسة في أحيان كثيرة. ❊❊❊ مهما علوت .. وعلا شأنك.. وأحاط بك أناس من كل جنس ولون.. لكنهم جميعا مفردات لأشخاص تلتقي بهم بحكم العمل.. الجيرة.. القرابة.. لكن عندما تخلو إلي نفسك وتدخل عالمك الخاص تجده خاويا.. خاليا.. ليس هناك من (يؤنس) وحدتك.. ويخفف عنك شبحها المخيف.. ساعتها تشعر بالخوف والانهيار.. فالوحدة قاتلة ومرعبة.. وصدق المثل القائل (الحس علي الحس رحمة). الوحدة تجعل حياة صاحبها جافة كالأرض البور.. جدباء.. بدون المشاعر.. يشعر الإنسان بالخواء الداخلي.. ويعيش في حالة من الفراغ العاطفي تجعله يدور في حلقة مفرغة من عدم الاتزان النفسي، خاصة عندما يتقدم الإنسان في العمر.. ويكون قد فاته الوقت في تكوين حياة أسرية مستقرة. هذه الوحدة القاتلة هي التي تدفع بأستاذ علم الاجتماع السابق والذي يعمل بمجال الترجمة، وقد تجاوز سن الشباب بكثير وتوفيت زوجته وتعيش ابنته الوحيدة بعيدة عنه مع ابنتها. هذا الرجل الثري بالمعرفة، الفقير في علاقاته الإنسانية، وحدته القاتلة هي التي دفعته للبحث عن رفيقه حتي لو بالأجر .. يأتنس بها، ولذلك عندما يرسل إليه مدير أحد الملاهي إحدي الفتيات والتي هي في نفس الوقت طالبة جامعية.. تجده وقد جهز عشاء.. فهو لايبحث عن المتعة التي ربما تعداها سنه لكن عن الرفقة. هذه الصحبة أو الرفقة التي تبدو فيها الفتاة كحفيدة له تجعله يخوض مغامرة عندما يصطحبها في الصباح لتؤدي امتحانها..ويلتقي بمن سيصبح خطيبها.. ويعتقد أنه جدها.. لكنه يكتشف الحقيقة بعد ذلك فيطاردهما.. حتي يصل إلي منزله ويلقي بحجر علي زجاج النافدة ليحطمه.. وكأنه يحطم وحدته القاتلة والصمت الرهيب الذي يعيش فيه.. فالرجل يحتاج لمن يعتني به ويقطع عليه صمت الوحدة بالحوار، بدلا من جهاز »الأنسر ماشين«.. الذي يربطه بالعالم.. وجارته الثرثارة التي تعرف حكايته من خلال دردشتها. إن عباس كياروستامي هذا المخرج الإيراني العظيم نجح في فيلمه (مثل من يحب) أن ينقل إلينا مشاعر رجل عجوز وحيد أراد أن يخرج عن صمته ووحدته.. وكعادة »كياروستامي« في كل أفلامه فلا مجال للمحظورات.. وكأن الرقابة باتت قابعة بداخله.. ولعل كياروستامي من أذكي مخرجي السينما الإيرانية.. وقد أتاحت لي الظروف لقاءه أكثر من مرة.. كانت الأولي في بداية التسعينات وذلك في مركز ثقافة »جورج بومبيدو« وكان وقتها مشاركا في لجنة تحكيم مهرجان أفلام سينما الحقيقة الدولي.. وهو واحد من أجمل المهرجانات السينمائية. ومازلت أذكر أن كياروستامي قال لي إنه لاينوي أبدا مغادرة إيران وإنه سوف يتجه لتقديم أفلام عن الأطفال والأسرة.. وبالفعل لم يغادر كياروستامي بلده.. ولكنه أيضا لم يكن أبدا جزءا من النظام القائم.. وبالتالي لم يكن مرحبا به كثيرا.. لكنه استطاع أن يحافظ علي هويته الفنية الخاصة.. ورؤيته السياسية المعارضة ليظل واقفا علي الأرض التي طالما عشقها وأحبها كثيرا إيران.. ولم يرحب بالأيادي المفتوحة والممدودة له بالأحضان في بلدان أخري. الجميل أن كياروستامي قدم فيلمه هذا في اليابان.. وكان في اختياره للفنان »تاداش أوكونو« الذي تخطي الثمانين من عمره بعدة شهور اختيارا شديد التوفيق.. وكان واحدا من المنافسين علي جائزة أحسن ممثل بأدائه الرائع الهاديء. أما بطلة الفيلم فهي »رين تاكاناش« وهي من الجيل الجديد من الممثلات الواعدات.. ويبدو أن عام 2102 سوف يكون عام السعد عليها لاشتراكها في بطولة أكثر من فيلم .. ومسلسل تليفزيوني. وسوف يظل »لعباس كياروستامي« طعم الكرز في كل تواجد سينمائي يحضره.. كذلك في كل فيلم يقدمه. أجساد للبيع ليت الشباب يعود يوما .. حتي لو ضحكنا علي السنين.. وخدعنا أنفسنا.. هذا هو منطق »عجائز« ابتعدن عن سنوات الشباب بمسافات طويلة.. خطها الزمن علي ملامح وجوههن.. وتضاريس أجسادهن التي ترهلت.. وتشوهت من كثرة الدهون والشحوم.. فتحولن إلي كتل من اللحم الأبيض. لكن الأجساد المترهلة.. والتقدم في العمر لم يمنعا أو يحولا بين بعض الرغبات الحسية.. لأجساد هؤلاء النسوة اللائي يعانين الوحدة والإهمال.. ويردن أن يشعرن بأنهن مازلن مرغوبات محبوبات حتي لو كان ذلك »بالفلوس« يعني عملية بيع وشراء في محاولة للسير عكس الزمن.. هؤلاء النسوة خاصة في النمسا والعديد من دول أوروبا الشمالية يذهبن بالتحديد إلي النيجر من خلال رحلات منتظمة لممارسة الجنس مع الشباب من أبناء البلاد.. نظير أجر مادي أو إعانة الأسرة.. وهؤلاء النسوة يطلق عليهن في كينيا لقب (ماما سكر). الفيلم واحد من أفلام المسابقة الرسمية ويعد واحدا من ثلاثية يقدمها المخرج (أولريش سيدل) الجزء الأول الذي عرض يحمل اسم »الجنة.. حب« أما الجزء الثاني فسوف يحمل »الجنة.. إيمان« والجزء الثالث »الجنة.. أمل« والأجزاء الثلاثة حكاية لثلاث من النساء.. الأولي تبحث عن الجنس.. والثانية شقيقتها تعمل في مجال التبشير والثالثة هي الابنة تبحث عن الأمل في معسكرات الشباب. فيلم »الجنة .. حب« أثار استياء كينيا للغاية واعتبر تشويها لصورة شبابها وشعبها.. مع أن جزءا كبيرا مما ورد في هذا الفيلم صحيح مائة في المائة. الفيلم بطولة »مارجريت تيسيل« و»بيتر كازونجو«.. »هيلين يروجا« أما المخرج النمساوي أولريش فهو من مواليد 25 بفينا.. وقدم العديد من الأفلام التسجيلية.. ليقدم بعدها أفلاما روائية كلها فازت في مهرجانات عالمية.. ففيلمه الأول (أيام الكلاب) حصل علي الجائزة الكبري للجنة التحكيم في مهرجان فينيسا عام 1002.. بعدها في عام 7002 قدم فيلمه (تصدير واستيراد) الذي عرض في المسابقة الرسمية (لكان). من رجل إلي امرأة هذه مشكلة أو بمعني أدق قضية هامة في كندا.. حرصت السينما الكندية منذ سنوات عديدة علي طرحها ومناقشتها سواء في أفلامها الروائية أو التسجيلية والقصيرة.. وهي عن التحول الجنسي خاصة لرجال البعض منهم تزوج وأنجب.. والبعض الآخر لا. وإن جمع بينهم أنه بعد سنوات طويلة في عالم الذكورة يرغبون في التحول إلي الجنس الآخر.. وقد شاهدت منذ سنوات طويلة حكاية أب له ابنة في سن المراهقة رغب في التحول.. وتأثير ذلك علي العلاقة بينهما، أما في فيلم المخرج »إكزافيه دولان« »لورانس بأي طريقة«، فإنه يطرح فيه حكاية »لورانس« الذي يعيش حياة سعيدة مع حبيبته (فريد) في بداية التسعينات إلي أن يقرر أنه لاينتمي إلي عالم الرجال.. وأنه يشعر بحال أفضل في عالم النساء.. فيقوم بارتداء الملابس النسائية متحديا الجميع ومصمما علي ذلك ولما كان يهوي الكتابة ويتكسب منها فهو يضع خلاصة تجربته في كتاب.. وعلي مدي عشر سنوات يتبع إكزافيه بطل فيلمه (لورانس) في علاقته بحبيبته السابقة والتي يكتشف أنه أنجب منها قبل أن يتحول سلوكه.. وعلاقته بأمه وبأصدقائه وبكل المحيطين به. وقد استحقت بطلته »سوزان كليمان« جائزة أحسن ممثلة في مسابقة »نظرة ما« التي عرض بها الفيلم. وذلك مناصفة مع الممثلة »إيميلي دوكين« بطلة فيلم »الحب دون سيد « وإن كنت أفضل الترجمة »عندما نفقد المنطق« للمخرج جواشيم لافوس وقد قدمناه في عدد سابق. وإذا كان المخرج إكزافيه يقول إن أفلامه تحمل الكثير من ملامح حياته فقد سئل صراحة: هل هو أحد المتحولين أو يشعر بذلك.. فأجاب بالنفي وأضاف: لو كان ذلك صراحة لكان أعلنه ولم يخفيه.. لكن القصة روتها له إحدي صديقاته عن علاقتها بالرجل الذي أحبته سنوات طويلة وأنجبت منه طفلها وفوجئت بهذا التحول الذي لم يكن يخطر ببالها أبدا.. ورغم أن ذلك أشعره بالراحة إلا أنها لم تكف يوما عن حبه وظلت تتذكر دائما أطياف علاقتهما السابقة الناجحة. وحقيقي العيب مش في الحب بل في الحبايب .. علي رأي الست أم كلثوم. ❊❊❊ ثورات الربيع العربي غيرت وجه التاريخ ليس في بلداننا فقط بل في بلدان العالم.. وللأسف الشديد فقد كنت أتمني أن يعرض فيلم يوثق لما حدث في ليبيا ويحدث الآن، فيلم صنع بأيدي أحد أبنائها أو أبناء المنطقة العربية لكن ماعرض في (كان) عن ليبيا فيلم من إخراج »هنري برنار ليفي« الذي يعد المدافع الأول عن الكيان والتواجد الإسرائيلي وللأسف الشديد فإن هذا الفيلم هو دعاية شخصية له بين فيه مدي قوته وقربه من صناع القرار والسلطة في العالم .. وكيف أن زعماء المعارضة في عالمنا العربي يثقون به .. إن الفيلم مليء (بالفجاجة) التي للأسف الشديد باتت ظاهرة واضحة في مجتمعاتنا. إن هنري ليفي يتباهي بعلاقاته بالزعماء وبكونه نجح في حشد وتحريض دول العالم ضد ليبيا ومن بعدها تأتي سوريا.. وكيف أنه رجل السلام والباحث عن الحريات. إن فيلم (ليفي) أعترف أنه يستحق المشاهدة مرة ثانية لتفنيد أكاذيبه وادعاءاته.. وكفي الغرب بطولات علي حسابنا. الجدير بالذكر أن فيلم (قسم طبرق) أضيف إلي البرنامج الرسمي قبل بداية المهرجان بأيام قليلة. تقلبات الجو فاقها جنوح الأفلام وجنون البعض منها في طرحه لمواضيع تتعلق بالجنس والسلوك الإنساني ومايصاحبه من عنف.. وإن خففت عنه أفلام حملت مشاعر إنسانية جميلة عكست أحاسيس وعواطف لبشر تعاطفنا معهم وعشنا معهم نحلم بفوزهم انتصارا لقيم إنسانية وفنية.. وإن كانت هناك أفلام لم تفز فإن ذلك لايعني إنها خرجت من دائرة المتعة التي حققتها لنا. نساء فرنسا يشعرن بغاية الفرح والسعادة.. فقد وصل عدد الوزيرات وحاملات الحقائب الوزارية إلي خمس عشرة امرأة.. وهكذا صدق الرئيس الجديد (فرانسوا هولاند) وأوفي بما وعد به. وإذا كانت فرنسا تتيه فخرا بنسائها.. ومدينة (كان) الفرنسية بالفنانات اللاتي جئن إليها من جميع أنحاء العالم .. فإن هناك أفلاما تحدثت عن الحب الراقي أنصفت صورة المرأة وعلاقتها بالرجل.. وأفلاما أخري شطح فيها الخيال وقدم صورة شديدة السلبية للمرأة وإن اعترفت أنها تحاكي الكثير من الواقع. في دورة هذا العام غابت المرأة مخرجة علي الأقل في المسابقة الرسمية ومعظم أقسام المهرجان.. لذا كان فوز المخرجة البوسنية (عايدة بجيك) بشهادة خاصة من لجنة تحكيم عن فيلمها (أطفال سراييفو) الذي شارك في قسم (نظرة ما) شيئا جميلا.. لما يحمله موضوعه من أهمية كبري ويعكس واقعا مؤلما عاشته هذه البلاد.. رحيمة 32 سنة ترعي شقيقها الصغير نديم 41 سنة بعد أن فقدا والديهما في الحرب هي تعمل في أحد المطاعم وتعد نموذجا جيدا للمرأة المسلمة في مجتمعات تحاول تشويه الإسلام بكل شكل وصورة.. في اصطدام (رحيمة) بالسلطة بعد اشتباك شقيقها مع ابن أحد المسئولين.. وتهديدها بالشرطة إلا إنها تشعر بقوتها الداخلية ولاتقر بالهزيمة.. إن عايدة نموذج رائع لمخرجة تعمل في ظل ظروف شديدة الصعوبة.. وقد سبق وشاركت بأفلام قصيرة في (كان) من قبل وفيلمها الروائي الأول ثلج عرض بأسبوع النقاد في (كان) وحصل علي الجائزة الكبري.. ليجيء فيلمها الثاني أطفال سراييفو وشاركت في إنتاجه فرنسا وتركيا.. انتصارا حقيقيا لها ولمبادئها ومشوارها الفني القصير.. المشرف. والحديث عن النساء في (كان) يدفعنا للحديث عن وزيرات جئن خصيصا لحضور الاحتفالية السينمائية الأولي منهن من جاءت بصفتها وزيرة للثقافة والاتصالات وهي (أوريلي فيليبتي) والثانية المخرجة (يامينا بن جيجي) الوزيرة المفوضة للفرنسيين في الخارج.. والفرانكفونية.. والتي حرصت علي الحضور تحية لزملائها الفنانين ودعمهم. أما وزير الثقافة اللبناني (كابي ليون) فقد حرص علي رئاسة وفد بلاده في الفريق الذي شارك في الجناح اللبناني.. وهكذا تفوز السينما وتتفوق علي السياسة في أحيان كثيرة. ❊❊❊ مهما علوت .. وعلا شأنك.. وأحاط بك أناس من كل جنس ولون.. لكنهم جميعا مفردات لأشخاص تلتقي بهم بحكم العمل.. الجيرة.. القرابة.. لكن عندما تخلو إلي نفسك وتدخل عالمك الخاص تجده خاويا.. خاليا.. ليس هناك من (يؤنس) وحدتك.. ويخفف عنك شبحها المخيف.. ساعتها تشعر بالخوف والانهيار.. فالوحدة قاتلة ومرعبة.. وصدق المثل القائل (الحس علي الحس رحمة). الوحدة تجعل حياة صاحبها جافة كالأرض البور.. جدباء.. بدون المشاعر.. يشعر الإنسان بالخواء الداخلي.. ويعيش في حالة من الفراغ العاطفي تجعله يدور في حلقة مفرغة من عدم الاتزان النفسي، خاصة عندما يتقدم الإنسان في العمر.. ويكون قد فاته الوقت في تكوين حياة أسرية مستقرة. هذه الوحدة القاتلة هي التي تدفع بأستاذ علم الاجتماع السابق والذي يعمل بمجال الترجمة، وقد تجاوز سن الشباب بكثير وتوفيت زوجته وتعيش ابنته الوحيدة بعيدة عنه مع ابنتها. هذا الرجل الثري بالمعرفة، الفقير في علاقاته الإنسانية، وحدته القاتلة هي التي دفعته للبحث عن رفيقه حتي لو بالأجر .. يأتنس بها، ولذلك عندما يرسل إليه مدير أحد الملاهي إحدي الفتيات والتي هي في نفس الوقت طالبة جامعية.. تجده وقد جهز عشاء.. فهو لايبحث عن المتعة التي ربما تعداها سنه لكن عن الرفقة. هذه الصحبة أو الرفقة التي تبدو فيها الفتاة كحفيدة له تجعله يخوض مغامرة عندما يصطحبها في الصباح لتؤدي امتحانها..ويلتقي بمن سيصبح خطيبها.. ويعتقد أنه جدها.. لكنه يكتشف الحقيقة بعد ذلك فيطاردهما.. حتي يصل إلي منزله ويلقي بحجر علي زجاج النافدة ليحطمه.. وكأنه يحطم وحدته القاتلة والصمت الرهيب الذي يعيش فيه.. فالرجل يحتاج لمن يعتني به ويقطع عليه صمت الوحدة بالحوار، بدلا من جهاز »الأنسر ماشين«.. الذي يربطه بالعالم.. وجارته الثرثارة التي تعرف حكايته من خلال دردشتها. إن عباس كياروستامي هذا المخرج الإيراني العظيم نجح في فيلمه (مثل من يحب) أن ينقل إلينا مشاعر رجل عجوز وحيد أراد أن يخرج عن صمته ووحدته.. وكعادة »كياروستامي« في كل أفلامه فلا مجال للمحظورات.. وكأن الرقابة باتت قابعة بداخله.. ولعل كياروستامي من أذكي مخرجي السينما الإيرانية.. وقد أتاحت لي الظروف لقاءه أكثر من مرة.. كانت الأولي في بداية التسعينات وذلك في مركز ثقافة »جورج بومبيدو« وكان وقتها مشاركا في لجنة تحكيم مهرجان أفلام سينما الحقيقة الدولي.. وهو واحد من أجمل المهرجانات السينمائية. ومازلت أذكر أن كياروستامي قال لي إنه لاينوي أبدا مغادرة إيران وإنه سوف يتجه لتقديم أفلام عن الأطفال والأسرة.. وبالفعل لم يغادر كياروستامي بلده.. ولكنه أيضا لم يكن أبدا جزءا من النظام القائم.. وبالتالي لم يكن مرحبا به كثيرا.. لكنه استطاع أن يحافظ علي هويته الفنية الخاصة.. ورؤيته السياسية المعارضة ليظل واقفا علي الأرض التي طالما عشقها وأحبها كثيرا إيران.. ولم يرحب بالأيادي المفتوحة والممدودة له بالأحضان في بلدان أخري. الجميل أن كياروستامي قدم فيلمه هذا في اليابان.. وكان في اختياره للفنان »تاداش أوكونو« الذي تخطي الثمانين من عمره بعدة شهور اختيارا شديد التوفيق.. وكان واحدا من المنافسين علي جائزة أحسن ممثل بأدائه الرائع الهاديء. أما بطلة الفيلم فهي »رين تاكاناش« وهي من الجيل الجديد من الممثلات الواعدات.. ويبدو أن عام 2102 سوف يكون عام السعد عليها لاشتراكها في بطولة أكثر من فيلم .. ومسلسل تليفزيوني. وسوف يظل »لعباس كياروستامي« طعم الكرز في كل تواجد سينمائي يحضره.. كذلك في كل فيلم يقدمه. أجساد للبيع ليت الشباب يعود يوما .. حتي لو ضحكنا علي السنين.. وخدعنا أنفسنا.. هذا هو منطق »عجائز« ابتعدن عن سنوات الشباب بمسافات طويلة.. خطها الزمن علي ملامح وجوههن.. وتضاريس أجسادهن التي ترهلت.. وتشوهت من كثرة الدهون والشحوم.. فتحولن إلي كتل من اللحم الأبيض. لكن الأجساد المترهلة.. والتقدم في العمر لم يمنعا أو يحولا بين بعض الرغبات الحسية.. لأجساد هؤلاء النسوة اللائي يعانين الوحدة والإهمال.. ويردن أن يشعرن بأنهن مازلن مرغوبات محبوبات حتي لو كان ذلك »بالفلوس« يعني عملية بيع وشراء في محاولة للسير عكس الزمن.. هؤلاء النسوة خاصة في النمسا والعديد من دول أوروبا الشمالية يذهبن بالتحديد إلي النيجر من خلال رحلات منتظمة لممارسة الجنس مع الشباب من أبناء البلاد.. نظير أجر مادي أو إعانة الأسرة.. وهؤلاء النسوة يطلق عليهن في كينيا لقب (ماما سكر). الفيلم واحد من أفلام المسابقة الرسمية ويعد واحدا من ثلاثية يقدمها المخرج (أولريش سيدل) الجزء الأول الذي عرض يحمل اسم »الجنة.. حب« أما الجزء الثاني فسوف يحمل »الجنة.. إيمان« والجزء الثالث »الجنة.. أمل« والأجزاء الثلاثة حكاية لثلاث من النساء.. الأولي تبحث عن الجنس.. والثانية شقيقتها تعمل في مجال التبشير والثالثة هي الابنة تبحث عن الأمل في معسكرات الشباب. فيلم »الجنة .. حب« أثار استياء كينيا للغاية واعتبر تشويها لصورة شبابها وشعبها.. مع أن جزءا كبيرا مما ورد في هذا الفيلم صحيح مائة في المائة. الفيلم بطولة »مارجريت تيسيل« و»بيتر كازونجو«.. »هيلين يروجا« أما المخرج النمساوي أولريش فهو من مواليد 25 بفينا.. وقدم العديد من الأفلام التسجيلية.. ليقدم بعدها أفلاما روائية كلها فازت في مهرجانات عالمية.. ففيلمه الأول (أيام الكلاب) حصل علي الجائزة الكبري للجنة التحكيم في مهرجان فينيسا عام 1002.. بعدها في عام 7002 قدم فيلمه (تصدير واستيراد) الذي عرض في المسابقة الرسمية (لكان). من رجل إلي امرأة هذه مشكلة أو بمعني أدق قضية هامة في كندا.. حرصت السينما الكندية منذ سنوات عديدة علي طرحها ومناقشتها سواء في أفلامها الروائية أو التسجيلية والقصيرة.. وهي عن التحول الجنسي خاصة لرجال البعض منهم تزوج وأنجب.. والبعض الآخر لا. وإن جمع بينهم أنه بعد سنوات طويلة في عالم الذكورة يرغبون في التحول إلي الجنس الآخر.. وقد شاهدت منذ سنوات طويلة حكاية أب له ابنة في سن المراهقة رغب في التحول.. وتأثير ذلك علي العلاقة بينهما، أما في فيلم المخرج »إكزافيه دولان« »لورانس بأي طريقة«، فإنه يطرح فيه حكاية »لورانس« الذي يعيش حياة سعيدة مع حبيبته (فريد) في بداية التسعينات إلي أن يقرر أنه لاينتمي إلي عالم الرجال.. وأنه يشعر بحال أفضل في عالم النساء.. فيقوم بارتداء الملابس النسائية متحديا الجميع ومصمما علي ذلك ولما كان يهوي الكتابة ويتكسب منها فهو يضع خلاصة تجربته في كتاب.. وعلي مدي عشر سنوات يتبع إكزافيه بطل فيلمه (لورانس) في علاقته بحبيبته السابقة والتي يكتشف أنه أنجب منها قبل أن يتحول سلوكه.. وعلاقته بأمه وبأصدقائه وبكل المحيطين به. وقد استحقت بطلته »سوزان كليمان« جائزة أحسن ممثلة في مسابقة »نظرة ما« التي عرض بها الفيلم. وذلك مناصفة مع الممثلة »إيميلي دوكين« بطلة فيلم »الحب دون سيد « وإن كنت أفضل الترجمة »عندما نفقد المنطق« للمخرج جواشيم لافوس وقد قدمناه في عدد سابق. وإذا كان المخرج إكزافيه يقول إن أفلامه تحمل الكثير من ملامح حياته فقد سئل صراحة: هل هو أحد المتحولين أو يشعر بذلك.. فأجاب بالنفي وأضاف: لو كان ذلك صراحة لكان أعلنه ولم يخفيه.. لكن القصة روتها له إحدي صديقاته عن علاقتها بالرجل الذي أحبته سنوات طويلة وأنجبت منه طفلها وفوجئت بهذا التحول الذي لم يكن يخطر ببالها أبدا.. ورغم أن ذلك أشعره بالراحة إلا أنها لم تكف يوما عن حبه وظلت تتذكر دائما أطياف علاقتهما السابقة الناجحة. وحقيقي العيب مش في الحب بل في الحبايب .. علي رأي الست أم كلثوم. ❊❊❊ ثورات الربيع العربي غيرت وجه التاريخ ليس في بلداننا فقط بل في بلدان العالم.. وللأسف الشديد فقد كنت أتمني أن يعرض فيلم يوثق لما حدث في ليبيا ويحدث الآن، فيلم صنع بأيدي أحد أبنائها أو أبناء المنطقة العربية لكن ماعرض في (كان) عن ليبيا فيلم من إخراج »هنري برنار ليفي« الذي يعد المدافع الأول عن الكيان والتواجد الإسرائيلي وللأسف الشديد فإن هذا الفيلم هو دعاية شخصية له بين فيه مدي قوته وقربه من صناع القرار والسلطة في العالم .. وكيف أن زعماء المعارضة في عالمنا العربي يثقون به .. إن الفيلم مليء (بالفجاجة) التي للأسف الشديد باتت ظاهرة واضحة في مجتمعاتنا. إن هنري ليفي يتباهي بعلاقاته بالزعماء وبكونه نجح في حشد وتحريض دول العالم ضد ليبيا ومن بعدها تأتي سوريا.. وكيف أنه رجل السلام والباحث عن الحريات. إن فيلم (ليفي) أعترف أنه يستحق المشاهدة مرة ثانية لتفنيد أكاذيبه وادعاءاته.. وكفي الغرب بطولات علي حسابنا. الجدير بالذكر أن فيلم (قسم طبرق) أضيف إلي البرنامج الرسمي قبل بداية المهرجان بأيام قليلة.