فجأة وبدون سابق إنذار أعلن الرئيس الألماني هورست كيلر Horst Kellre يوم 31 مايو 2010 قراره المدوي بالاستقالة من منصبه كتاسع رئيس جمهورية ألمانية. وقد أحدث قرار كيلر الذي وقع كالصاعقة في الأوساط السياسية والاقتصادية الألمانية ردود فعل واسعة النطاق مابين مؤيد ومعارض وشعور بالأسف والخوف لهذا القرار الذي يعد الأول من نوعه في تاريخ الحياة السياسية الألمانية لفترة مابعد الحرب العالمية الثانية. المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أصيبت بالصدمة وخيبة الأمل عندما أخبرها كيلر بقراره في مكالمة تليفونية حاولت خلالها جاهدة إثناءه عن قراره نظرا لما يمثله ذلك من آثار خطيرة وربما مدمرة في الحياة السياسية لألمانيا، إلا أنه أخبرها أن قراره نهائي لا رجعة فيه. قرار كيلر جاء بعد مرور عام علي إعادة انتخابه للمرة الثانية رئيسا لجمهورية ألمانيا الاتحادية خلفا ل يوهانس راو أحد زعماء الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD، وكان كيلر قد تم انتخابه رئيسا لألمانيا يوم 23 مايو 2004 وبدأ في مزاولة مهام الرئاسة الألمانية أول يونية من نفس العام ثم أعيد انتخابه يوم 23 مايو 2009 من المجمع الانتخابي المكون من (البرلمان الاتحادي Bundestag ومجلس الولايات Bundesrat) حيث حصل علي الأغلبية من أول جولة بعدد أصوات 613 من إجمالي عدد أصوات المجمع والمبالغ 1205 أعضاء في حين حصلت منافسته الوزيرة جيسينا شنان علي 589 صوتا. ويحظي الرئيس الألماني كيلر Keller المنتهية ولايته والذي يعد أول رئيس ألماني لم يولد علي أرض ألمانية بحب وتقدير الغالبية العظمي من أبناء الشعب الألماني وكذلك التيارات السياسية المختلفة فالذي رشحه للولاية الأولي كان المستشار الألماني السابق جيرهارد شريدر من الحزب الاشتراكي الديمقراطي SPD حيث كان كيلر يشغل وقتها مدير صندوق النقد الدولي أحد أهم المناصب الاقتصادية علي المستوي الدولي.. وبالنسبة للولاية الثانية فإن الذي رشحه هم أحزاب التحالف الحاكم (الحزب المسيحي الديمقراطي CDU والمسيحي الاجتماعي CSU وحزب الأحرار الديمقراطي FDP). والرئيس الألماني المستقيل كيلر لم يكن سياسيا بل كان قمة اقتصادية علي أعلي مستوي سواء فيما يتعلق بالاقتصاد الألماني أو الاقتصاد الأوروبي والدولي. وكانت علاقاته مع حكومة المستشارة ميركل ليست علي مايرام حيث كانت له اعتراضات علي بعض مشروعات القوانين التي كان يري أنها تتعارض مع الدستور الألماني كما كانت له بصفته أحد خبراء الاقتصاد البارزين انتقادات لبعض السياسات الاقتصادية للحكومة وخاصة فيما يتعلق بقانون الضرائب والتعليم والضمان الاجتماعي والصحة. وكان أول صداماته مع الحكومة الألمانية عندما انتقد في أول خطاب رئاسي له في 4 مارس 2004 سياسة الحكومة المعروفة ب »أجندة 2010« ووصفها بأنها »غير كافية بالمرة« وطالب بضرورة إعطاء الأولوية المطلقة »للتعليم والبحث العلمي« وأطلق مقولته الشهيرة التعليم للجميع وكذلك رأيه في أن تكون انتخابات رئيس الجمهورية انتخابات مباشرة وليس عن طريق المجمع الانتخابي. ولاشك أن الطفولة المعذبة التي عاني منها الرئيس الألماني السابق كيلر منذ مولده في عام 1943 في إحدي قري بولندا وتنقله مع والديه من »معسكر إيواء« لآخر كان لها تأثير في فكره وتطلعاته حيث طالب في إحدي خطبه الرئاسية بضرورة التغلب علي الخوف ومحاولة اكتساب الثقة في النفس كما دعا إلي أن تكون ألمانيا »بلد الأفكار« وأن ينعم فيها الأطفال بحياة أكثر أمنا واستقرارا.. كما انتقد الأفكار والتصورات المسبقة تجاه إفريقيا باعتبارها منطقة المشاكل والأزمات وهو مازالت تزخر به الكتب الدراسية ووسائل التعليم. وفي آخر خطاب رئاسي له في عام 2009 تحت عنوان »الثقة في الحرية« استعرض كيلر الأزمة المالية الدولية وما تمثله من تحديات للمجتمع الدولي والألماني وما تمثله أيضا العولمة من إيجابيات وسلبيات للجميع وطالب بضرورة تحقيق الإصلاحات المطلوبة وخاصة فيما يتعلق بالعمل والتعليم والدمج في المجتمع. أما القشة التي قصمت ظهر البعير فهي التصريحات التي أدلي بها رئيس ألمانيا السابق كيلر بشأن موقفه من القوات العسكرية الألمانية في أفغانستان وتأكيدها علي أن هذه القوات تعد شيئا مهما لحماية المصالح الاقتصادية الألمانية في الخارج خاصة أن الاقتصاد يعتمد بدرجة كبيرة علي التصدير وهو ما أطلق العنان لانتقادات صحفية وسياسية حادة اضطر علي إثرها هذا الرئيس المحترم صاحب الأحاسيس المرهفة إلي تقديم استقالته والإصرار عليها برغم نصائح الكثيرين وتحذيرهم له من عواقب هذه الاستقالة وما يمكن أن تسببه من تصدع في المنظومة السياسية الألمانية. وفيما يتعلق بالرئيس الألماني المرتقب كريستيان فولف christian vulff رئيس ولاية سكسونيا السفلي منذ 2003 إحدي أهم الولايات الألمانية وعاصمتها هانوفر وهو من زعماء الحزب المسيحي الديمقراطي ومرشح التحالف الحاكم.. وطبقاً للدستور الألماني فقد تولي رئيس مجلس الولايات »البندزرات« مهام الرئيس لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد. وللحديث بقية