يلاحظ المراقبون توترا شديدا في العلاقات المصرية الليبية، علي عكس ماتوقع الكثيرون، فمصر وقفت من ثورة ليبيا موقفا متوازنا إلي حد ما، خاصة أن الجزء الثائر في بنغازي أقرب حدود التماس مع مصر، ولو أرادت مصر أن تفشل الثورة – وهذا مستحيل في حق مصر – لشاغبت الثوار من جهتها وشغلتهم حتي يجهز القذافي المجنون عليهم، لكن مصر الشامخة بمكانتها ومواقفها التاريخية ،ساندت الثورة الليبيبة بقدر ما وسعتها الظروف بعد ثورة شعبية هزت المجتمع والمنطقة والعالم بأسره، فانشغلنا بتأمين الجبهة الداخلية وتأمين حدودنا المستهدفة مع الكيان الصهيوني ،فلم تمكنا الظروف من التدخل عسكريا كما توقع الأشقاء الليبيون لدعم ثورتهم ، وحتي هذا قد يكون غريبا وبعيدا، ففي الحالة التونسية والمصرية وربما اليمنية لم نلحظ تدخلا من دول الجوار في الشأن الداخلي للأشقاء، وترك الأمر للشعب المصري يعبر عن دعمه ومشاركته للأشقاء الليبيين ففتح أحضانه وقلوبه للفارين من الجحيم، والتظاهر مع الجالية الليبية والهتاف ضد العقيد المجنون، وحمل الأعلام الليبية والهتاف والدعاء بنجاح الثورة. ورغم هذا نلاحظ غضبا شديدا من الأشقاء في المجلس الانتقالي وانفعالا لامبرر له، ومنع الشركات المصرية من المشاركة في الإعمار، حتي أنهم ضيقوا علي المسافرين بفرض تأشيرة دخول، وساءت معاملة المصريين بسفارتهم بشكل ملحوظ ومرفوض، أظنهم سيخطئون ذات الخطأ العراقي عندما ألقي بنفسه في أحضان الأمريكان والتحالف فدمروهم وأخرجوهم من محيطهم العربي الإسلامي وفجروا الصراعات الطائفية كما نري.. فهل يسعي المجلس الانتقالي في نفس الاتجاه؟! إن مصر لن يضرها كثيرا إبعاد شركاتها من الإعمار، ولو تصور أحد أن هذا من باب التأديب فهو مجنون يكرر خطأ القذافي مع السادات!! أتوقع أن يعيد المجلس حساباته مع مصر ويبني علي أساس الحب الشعبي المتبادل وحسن الجوار، والتحام الحدود التي إن استقرت ضمنت لمسيرة البناء أن تمضي في سرعة وأمان، وهذا مانتمناه للأشقاء بل ونسهم ولو بكلمة في بناء ليبيا العظيمة. بقي أن ألتفت وألفت النظر إلي بعض أسباب غضب الأشقاء ومعهم كل الحق في طلبهم تسليم الفلول المجرمين بقايا نظام العقيد المجنون وقد نهبوا الخزائن والصناديق وفروا إلي مصر، أيضا بقايا النظام القذافي الفاسد وكثير منهم في مصر. أؤكد أن طلبهم عادل وعلي السيد المشير والنائب العام أن يقررا تسليم كل المجرمين لمحاكمتهم علي جرائمهم في حق الشعب الليبي العظيم ، تمهيدا لعودة المياه إلي مجاريها في نهر الحب العظيم.