صوت قوي يملؤه الشجن، قادر علي استحضار كل قوالب الطرب الجميل، هو صوت مي فاروق، التي لم تضع حدا لمغامرة »الغناء المختلف». مي، تتمتع بثقة الكبار وبراعة أساطير النغم وتجلياتهم، هي واحدة من أقوي وأجمل الأصوات علي الساحة الغنائية، فكلما صعدت علي المسرح أبهرت الجمهور بعظمة وجمال صوتها. تألقت منذ صغرها، فكانت لا تتجاوز الثامنة من عمرها عندما بدأت مشوارها الفني ضمن كورال الأطفال بدار الأوبرا المصرية بقيادة المايسترو سليم سحاب، وتتلمذت علي يده حتي أصبحت الفنانة مي فاروق التي تركت بصمة كبيرة في قلوب الجماهبر منذ أن غنت »يا شمس يا منورة غيبي» بمسلسل الليل وآخره. زمن الألبومات انتهي.. وأصبحنا في زمن »السنجل» أم كلثوم مثلي الأعلي والشريعي وسحاب أصحاب فضل متي بدأ مشوارك الفني؟ - بدأ مع المايسترو سليم سحاب في كورال الأطفال فكان المايسترو أول شخص بدأت التدريب والغناء معه وكان عمري وقتها ثماني سنوات ثم استمريت من بعدها وتعرفت علي الموسيفار الكبير عمار الشريعي والموسيقار ياسر عبد الرحمن وغنيت معهما أغاني المسلسلات كمسلسل »ذو النون المصري وقاسم امين والأصدقاء والليل وآخره» ثم أكملت المسيرة في حفلات وأغانٍ لي. ما شعورك في أول حفل لك أمام الجمهور؟ - كان إحساسا مرعبا لأنني كنت طفلة فكان عمري وقتها لا يتعدي ثماني سنوات وكانت أول حفلة لي علي المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، فكانت هذه المرة الأولي التي أصعد وأقف فيها علي خشبة المسرح، فكنت أشعر بالخوف الشديد ولكني كنت مستمتعة لأني أفعل شيئا أحبه وكان المايسترو سليم سحاب دائما ما يقف خلفنا ويحفِّزنا ويعطي لنا الكثير من الحب والشجاعة للوقوف علي خشبة المسرح فلا أعرف كيف أعبر عن هذا الشعور فهو شعور متوازن بين الفرح والخوف ولكني كنت أنسي الشعور بالخوف وأشعر بالسعادة الغامرة عند تصفيق الجمهور لي فأنا أيقنت جيدا أنني كنت لا أدرك إحساس ورهبة الوقوف علي خشبة المسرح حتي وقفت عليها وأتذكر جيدا ما غنيت في هذه الحفلة كانت أغنية خاف الله للفنانة الجميلة فايزة أحمد ومن ألحان الموسيقار محمد عبد الوهاب وكانت بقيادة المايسترو سليم سحاب. هل واجهت صعوبات في مسيرتك الفنية؟ - بالطبع واجهت الكثير من الصعوبات والانتقادات ولكن ليس علي مستوي أشياء مخيفة أو فجة فكانت مثل متي سوف تبتعدين عن الأغاني القديمة وتتجهين للأغاني الجديدة ويقولون لي دائما يجب أن أغير شكل غنائي وبالفعل حدث لي الكثير من الإحباطات.. يكفي أن أكون صوتا جميلا ولا أحد يقدر هذا أو يساعدني ويدعمني ولكن في النهاية إذا أردت أن أصل فعليّ أن أتحمل والحمد لله لا أتعرض لأشياء تكسر وتهدم في اسمي أمام الجمهور فكلها أشياء تؤلمني علي المستوي الفني فقط وليس علي المستوي الإنساني أو الشخصي فالجمهور يراني مطربة مهمة وهذا أفضل شيء بالنسبه لي. هل تعرضت لانتقادات لغنائك لأم كلثوم كما حدث لكثير من المطربين؟ - لا بالعكس لكن الانتقاد الوحيد علي ألسنة الناس هو»اطلعي من عباية أم كلثوم» لأن الناس تعتقد أن المطرب عندما يغني لمطرب آخر فهو يتقمص شخصيته ويقلده في حياته وفي صوته بل وشكله أيضا ولكن ليست هذه الحقيقة لأن بعد ما غنيت الأغاني الخاصة بي ولمطربين آخرين غير أم كلثوم أدركوا أني لا أقلد أحدا من المطربين ولا حتي أم كلثوم فأنا صوتي واحد لا يمكن أن يتغير ولكني أحب أن أغني أغاني لأم كلثوم لأنها الأقرب لي فهي مختلفة وحالة لا تشبه أحدا من المطربين الآخرين فذلك يعتبر الانتقاد السلبي الوحيد الذي واجهته بخصوص هذا الشأن ولكني بالعكس توجه لي الكثير من الانتقادات الإيجابية لغنائي لأم كلثوم فالبعض قال لي أنه يوجد العديد من الأغاني لأم كلثوم فهمناها من غنائك للأغنية لأن أم كلثوم تغني في مدة طويلة وتعيد في المقطع الواحد أكثر من مرة وهذه الأشياء لا يفهمها الأشخاص وأن هذا النوع من الغناء هوالسلطنة ...والبعض بقول لي إني من أكثر المطربين الذين ينقلون شكل هذه الأغاني علي أكمل وجه ومثل هذه الكلمات تفرحني كثيرا. من وجهة نظرك هل فعلا الأوبرا مقبرة للمطربين؟ - لا.. هذا غير حقيقي بالمرة لأنني أنا والكثير من المطربين كريهام عبد الحكيم عشنا وقضينا حياتنا بالأوبرا بداية من كورال الأطفال حتي الآن ونحن نحيي حفلات بدار الأوبرا المصرية، فبالطبع الأوبرا ليست مقبرة ولكن الفكرة ترجع للمطرب نفسه فيوجد الذي يريد أن يصل فيعمل علي نفسه ويطورها فيخرج للوسط الفني وهناك من يستسلم ويظل مغمورا ولا أحد يعرفه فنحن من المطربين الذي طوّروا أنفسهم وظهرنا للوسط الفني واتعرفنا من الجمهور وأصبح لنا الأعمال والأغاني خارج الأوبرا لذلك لم نحصر أنفسنا داخل الأوبرا فقط ولكني إذا أردت أن أحيي لي حفلة وأكون سعيدة بها فلا أجد مكانا أفضل وأعظم من مسرح دار الأوبرا حيث القيمة والواجهة والاسم. هل لك حفلات خارج الأوبرا؟ - نعم قمت بعمل كثير من الحفلات خارج الأوبرا ولكنها خارج مصر ولكن في مصر معظم حفلاتي داخل مسرح دار الأوبرا المصرية. لماذا لم ينل مطربو الأوبرا الشهرة الواسعة رغم أصواتهم الجميلة؟ - للأسف البعض لا يفهم أنه ليس كل من يغني في الأوبرا صوته جيدا وأيضا ليس كل من يغني خارجها صوته سيئا ولكن الفكرة من لديه موهبة حقيقية ويطوّر من نفسة وبالطبع يوجد الكثير من الأصوات الجميلة والقوية في دار الأوبرا، فالموضوع نسبة وتناسب علي قدر الموهبة تظهر القيمة والإبداع الغنائي لك ولكن للأسف في الوقت الحالي لا يشترط أن تكون نجما لأن صوتك جيد فأصبحت بلا مقاييس في هذا الزمن فخارج الأوبرا يوجد العديد من التسجيلات والاستوديوهات بل وأدوات تحسين وتظبيط الصوت فجعلت أي شخص أن يصبح مغنيا بل ونجما حتي إذا كان لا يملك موهبة الغناء عكس ما كان يحدث في الماضي كان في المقام الأول الصوت قفط أما الآن المقام الأول أصبح الشكل وليس الصوت لذلك ليس كل من في الساحة مطربا فهناك البعض لا يعرف أو يملك موهبة الغناء أصلا أما في الأوبرا تكون الأصوات قوية لأنهم تدربوا علي شكل من الغناء والحفلات ولكن من الممكن إذا قدموا أغاني لهم لم ينجحوا فللأسف الموضوع أصبح ليس له علاقة بالموهبة هل هناك عروض من شركات إنتاج لمطربي الأوبرا؟ - لا أحد يتعاقد لأن مطربي الأوبرا بينهم وبين الأوبرا عقود فالأوبرا بالنسبة لهم هي الشركة التي تشغِّلهم وتدعمهم ولكني تعاقدت مع إحدي شركات الإنتاج الكبيرة لأنني لا أعتبر نفسي من مطربي الأوبرا فأنا فنانة في الساحة الفنية في مصر ولكني بنت من أبناء الأوبرا وكبرت وتعلمت الكثير فيها وأحب أن أعمل فيها فأنا أغني فقط في الأوبرا ولي شغلي وأغانيّ الخاص. متي سنجد ألبومات لمي فاروق في الأسواق؟ - لم نصبح في زمن الألبومات بل أصبح زمن الأغنية الواحدة فالآن يغني المطرب ألبوما كاملا وتنجح منه أغنية واحدة فقط بعكس الوقت الماضي كان الجمهور ينتظر الألبوم بكل أغانيه ولكن الآن لا لذلك أفكر طوال الوقت أن تكون لي أغاني (سنجل) وليس ألبوما. من وجهة نظرك هل مطربو الأوبرا مظلومون؟ - داخل الأوبرا ليسوا مظلومين بل إنهم أخذوا حقهم أما خارج الأوبرا فهم بالفعل مظلومون فهناك الكثير من المطربين داخل الأوبرا تستحق أن تكون علي الساحة الفنية في الوسط الفني. من هو مثلك الأعلي؟ - فنيا مثلي الأعلي هو بالتأكيد أم كلثوم ليس لأنها أم كلثوم فحسب ولكن لا يوجد أفضل منها مثلاً أعلي أما علي المستوي الشخصي فهي أمي الله يرحمها وأبي وبالطبع أولادي فأنا لديّ بنت تبلغ من العمر 14 عاما وولد 4 أعوام. من له الفضل علي مي فاروق؟ - بعد الله أبي وأمي وبالتأكيد المايسترو الكبير سليم سحاب والأستاذ الموسيقار عمار الشريعي لأنه وقف بجانبي كثيرا أثناء بداياتي والأستاذ الموسيقار ياسر عبد الرحمن والإعلامي الكبير وجدي الحكيم فكان من أكثر الأشخاص الذين لهم فضل عليّ. علي أي أساس تختارين الأغاني في الحفلات؟ - علي أساس الأغاني التي أحب أن أغنيها وما أريد أن أغنيه ولكن أحيانا أشعر قبل الحفل أن أختار الأغنية خاطئ فهناك أغانٍ مهمة وجميلة لأم كلثوم ولكنها طويلة لا يمكن أن تتغني علي المسرح وأخشي ألا يستقبلها الجمهور استقبالا جماهيريا مما يجعلني أعيد النظر في اختيار بعض الأغاني والحمد لله لا أشعر في مرة أنني أخطأت الاختيار أثناء أو بعد الحفل. ما أحلام مي فاروق؟ - الله أعطاني موهبة تستحق أن أكون أحسن وأفضل مطربة في الوطن العربي وسيحدث وأن يكون أولادي أحسن ناس في الدنيا أنجح مني آلاف المرات.