جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    أهم أخبار السعودية اليوم السبت 13 ديسمبر 2025    الجمارك تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    رائد النمس: أطفال غزة يواجهون خطرًا حقيقيًا مع البرد وجرف آلاف الخيام    وزير الخارجية يلتقي نظيره بدولة الإمارات ويبحث تطورات الأوضاع في المنطقة    حماس تحذر من كارثة إنسانية بعد عواصف غزة    جيش الاحتلال: إصابة جنديين إثر انفجار عبوة ناسفة جنوب غزة    وفاة والدة الدكتور خالد حمدي رئيس جامعة الأهرام الكندية    كندا وأمريكا تتأهبان لمزيد من الأمطار والفيضانات    بعثة بيراميدز تتوجه إلى ملعب "أحمد بن علي المونديالي" لمواجهة فلامنجو    إلهام شاهين رئيس شرف الدورة ال 14 لمهرجان همسة للآداب والفنون    نرمين الفقي تهنئ محمد هنيدي بزواج ابنته.. صور    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    كلية الدراسات الإفريقية تنظم ندوة عن العدالة التاريخية والتعويضات    حجز شاب متهم بالتحرش بفتاة داخل ميكروباص في الجيزة    سفير الإمارات: الجرى وسط أعظم حضارة فى التاريخ وبين الأهرامات شعور لا يوصف    الأمن يكشف ملابسات واقعة احتجاز سيدة قسرًا داخل مصحة نفسية بالبحيرة    مباحث التموين تضبط 2 طن هياكل دجاج غير صالحة للاستهلاك بكرداسة    طقس الأحد.. أجواء باردة وأمطار في بعض المناطق والصغرى بالقاهرة 13 درجة    بحوزته 35 كيلو شابو وأسلحة.. مصرع تاجر مخدرات في حملة أمنية بقنا    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    «بحوث الصحراء» يطلق قوافل إرشادية وبيطرية لدعم المربين بمطروح    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    الموسيقيين تشطب عاطف إمام بعد تحقيقات رسمية تثبت مخالفات إدارية ومالية    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    عروض فلكلورية يونانية ضمن معرض «الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر» في مكتبة الإسكندرية    برشلونة يكشف سبب غياب تشيزني عن مواجهة أوساسونا في الليجا    حين تصبح المرأة رمزًا وقيادة:    أزمة منتخب طولان فرصة لإعادة البناء    "القاهرة الإخبارية": اقتحامات إسرائيلية واسعة بالضفة الغربية تشمل نابلس وطوباس    مأساة في قرية الدير شرق أسنا جنوب الأقصر.. انهيار منزل يؤدي إلى وفاة أم وطفليها وإصابة آخرين    رئيس الوزراء يتفقد مشروع إنشاء مستشفى التأمين الصحي الشامل بالعاصمة الجديدة    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    تموين الفيوم يضبط محطتين تموين سيارات يتلاعبان في المعيار الخاص بطلمبة سولار    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    حبس مدرب كرة قدم بالدقهلية متهم بالاعتداء على صغير وإجبار اثنين آخرين على ممارستها معا وتصويرهما بمقابل مادي    إبراهيم حسن يشيد بإمكانات مركز المنتخبات الوطنية.. ومعسكر مثالي للاعبين    جهاز «شئون البيئة» يترأس وفد مصر فى اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة فى نيروبى بكينيا    صحة دمياط تضرب بقوة في الريف، قافلة طبية شاملة تخدم 1100 مواطن بكفور الغاب مجانا    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    جماهير ريال مدريد تنشر لافتات على أسوار النادي لمساندة تشابي    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    تكريم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد خلال مؤتمر التفتيش الصيدلي    لخدمة الشباب والنشء.. رئيس الوزراء يؤكد دعم الدولة للمشروعات الثقافية وتنمية الوعي بالمحافظات    «أسرتي قوتي».. المجلس القومي لذوي الإعاقة يطلق برامج شاملة لدعم الأسر    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    للشباب.. فرص عمل جديدة في عدد من الشركات الخاصة    مواعيد مباريات اليوم السبت 13- 12- 2025 والقنوات الناقلة    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    اسعار الذهب اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى محال الصاغه بالمنيا    رئيس الوزراء: مشروعات حياة كريمة تسهم فى إحداث نقلة نوعية في مستوى الخدمات    "يا ولاد صلّوا على النبي".. عم صلاح يوزّع البلّيلة مجانًا كل جمعة أمام الشجرة الباكية بمقام الشيخ نصر الدين بقنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر القبطي الدكتور مكرم نجيب: احتراف السياسة لا يتعارض مع الروحانية
نشر في آخر ساعة يوم 04 - 02 - 2019

مادمنا نؤمن أن الله الواحد هو إله العالم الذي يهتم بكل ما هو ديني ودنيوي معا، وبخلاص الإنسان وتحريره من الخطية، ومن الظلم والاستغلال والعبودية، فلا يجب الفصل بين الإيمان وأعمال المحبة التي هي التعبير الصادق عن هذا الإيمان، ولو أخذنا في الاعتبار الأخطار التي تحاصرنا من الداخل والخارج، واسترجعنا الأفكار الكبيرة التي تجسد روح العصر، لأدركنا الحاجة الملحة والمسئولية المشتركة لإعادة تعميق فكرة »المواطنة»‬ في مجتمعنا المتعدد..
بهذه الكلمات بدأ المفكر القبطي المعروف الدكتور القس مكرم نجيب (الأستاذ بكلية اللاهوت الإنجيلية) حديثه »‬لآخر ساعة» عن أهمية المواطنة في إطار العمل الوطني الواحد بغض النظر عن كل الانتماءات الدينية والحزبية، فالانتماء للدين لا يتعارض مع الانتماء للوطن، مؤكدا أنه يخطئ من يظن أن الانشغال بظروف المجتمع السياسية من صفات غير الروحانيين.
يتصور البعض أن احتراف السياسة يتعارض مع الروحانية، ما رأيك في ذلك؟
- فعلا يتصور البعض أن حياتهم لا تنتمي إلي هذا العالم، وبالتالي يشعرون بالاغتراب في أوطانهم ويغالون في السلبية والانسحاب والانطواء علي أنفسهم، وفي الابتعاد عن الانشغال بقضايا مجتمعاتهم، ظنا منهم أن الانشغال بظروف وحياة المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمشاركة فيها، من صفات أهل العالم »‬غير الروحانيين».
علي الجانب الآخر نستمع في بعض الأحيان إلي أصوات ونزعات تنظر إلي الإنسان وتصنفه علي أساس ديني، وليس علي أساس المواطنة في إطار العمل الوطني الواحد، ظنا منهم أن الانتماء للدين يتعارض مع الانتماء للوطن.. وهذا غير صحيح من وجهة نظري.
تري ما صور التعدد المختلفة في المجتمع المصري؟
- يموج المجتمع المصري بصور كثيرة من صور التعدد: فهناك علي سبيل المثال لا الحصر التعدد الجغرافي بين سكان الريف والحضر، والتعدد العمري بين الشباب والشيوخ، والتعدد الطبقي بين الأغنياء والفقراء، والثقافي بين العلمانيين والإسلاميين، والسياسي بين أصحاب نظرية سيطرة الدولة والتنظيم السياسي للأغلبية، وبين أصحاب نظرية التعددية الديمقراطية الذين ينادون بتعديل الدستور، والفصل بين السلطات، وحرية إنشاء الأحزاب السياسية، وتداول السلطة.. إلخ.. والتعدد الاقتصادي بين أنصار حرية السوق والخصخصة، وبين أنصار هيمنة الدولة الاقتصادية والإبقاء علي قطاع الأعمال وترشيده، ووضع قيود علي حرية السوق..
وأخيرا التعدد الديني بين الإسلام والمسيحية علي وجه الخصوص، ولقد عاشت مصر قرونا طويلة في تآلف ومحبة واستقرار عبر عنه الدكتور وليم سليمان قلادة بتعبير: »‬التعددية الوئامية»، والدكتور ميلاد حنا بعبارة: »‬مصر لكل المصريين»، وكتاب آخر له بعنوان: الأعمدة السبعة للشخصية المصرية..
ولكن ابتداء من هزيمة 67 والتي أدت إلي مراجعات شتي، وتحت تأثير عوامل اقتصادية وسياسية وثقافية متنوعة، تصاعد بالتدريج خطاب إسلامي يدعو إلي أسلمة الدولة والمجتمع معا، ومن فترة السبعينيات توالت تداعيات وأخطار كثيرة أزعجت مجتمعاتنا وضغطت بشدة علي عودة الحديث عن »‬المواطنة» لصالح بلدنا العزيز واستقراره وتقدمه، خاصة وسط المتغيرات العديدة الإقليمية والعالمية من حولنا، والتي تدعو من جانب إلي الكوكبية والعولمة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، ومن جانب آخر إلي إضعاف سلطة الدولة وتفكيك المؤسسات، وإثارة الصراعات الثقافية والعرقية والدينية.
هل الأديان السماوية وخاصة المسيحية تدعو إلي المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات؟
- عندما جاءت الأديان السماوية واحدا بعد الآخر.. التقت علي محاربة العبودية وكل أنواع التفرقة والمناداة بالقيم الدينية السامية كالحرية والعدالة والمساواة، علي أن الممارسة العملية في أحقاب مختلفة من التاريخ، وفي أماكن متعددة من العالم، أثبتت أنه بالرغم من أن الأديان نفسها نادت بالمفهوم الأشمل والأنبل للمواطنة، إلا أن التطبيقات البشرية، خاصة في عصور التدهور، جعلت البعد الديني يطغي علي مفهوم المواطنة ليصبح جدارا جامدا يحد من حرية الإنسان، بدلا من أن يكون إطارا رحبا يدفع به ومن خلاله إلي تقدم الإنسانية عبر العصور.
إذن ما مسئولية الإنسان تحديدا أمام خالقه ومجتمعه علي ضوء كلامكم السابق؟
- الإنسان مدعو لأن يقوم بدوره في تنمية مجتمعه وعالمه في إيجابية واضحة، فهو مسئول أمام الله عن العالم ككل، وعن مجتمعه الخاص الذي يعيش فيه، عن الطبيعة والبيئة والحفاظ عليها، واكتشاف القوانين المنظمة لحركتها والعلوم الخاصة بها، والمشاركة في النظم السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة بهدف الوصول إلي حياة أفضل للناس من حوله.
ونحن نؤمن أن الله الواحد هو إله العالم وسيد التاريخ، كما أنه إله الدين، بمعني أنه الإله الذي يهتم بكل ما هو ديني ودنيوي معا، وبالتالي لا يمكن فصل ما جمعه الله، إنه إله الخليقة وهو أيضا إله العهد والعدالة، الإله الذي يهتم بخلاص الإنسان وتحريره من الخطية، وكذلك من الظلم والاستغلال والعبودية، إن الله إله كامل واحد لا يتجزأ، وعمله عمل كامل شامل لا يتجزأ أيضا، وإن كان هذا هو إيماننا، إذن لا يجب أن نفصل الإيمان عن أعمال المحبة التي هي التعبير الصادق عن هذا الإيمان.
وهل الكنيسة المصرية تدرك الآن مسئوليتها المجتمعية.. بالإضافة إلي مسئوليتها الروحية؟
- الكنيسة مدعوة الآن لتدرك المتغيرات التي حدثت في العالم عامة، وفي المجتمع المصري خاصة، وأن تدرك من الناحية الأخري رسالتها ودورها كما رأيناها في أصولها وأسسها الكتابية واللاهوتية، وأن تخرج من اغترابها إلي المشاركة الفعالة في هموم وطنها وقضاياه، بديناميكية تعبر فعلا عن وجودها وحيويتها..
تقدم التعليم والتهذيب اللاهوتي الذي يبرز مسئولية الكنيسة نحو مجتمعها، وأن تشجع المسيحيين علي القيام بدورهم، كما ترعي المشتغلين منهم بالسياسة والعمل العام دون توجيههم توجيها سياسيا معينا، بل تثق فيهم وتشجعهم علي الحركة الحرة لصالح وطنهم، وأن تذكر الجميع بإرادة الله نحو العالم، وأن الحكام يجب أن يستخدموا سلطانهم لخير وحرية وكرامة الإنسان والمجتمع.
ومدعوة أيضا إلي تشجيع الأفراد علي متابعة الأحداث التي تجري في المجتمع، والاهتمام بممارسة الحقوق المدنية بكل أشكالها، وأن يشتركوا في التعبير عن الرأي عبر القنوات الشرعية، وأن يعبروا للجميع من المحبة دون اعتبار للاختلافات السياسية أو الحزبية أو الدينية، وأن يراعوا مصلحة المواطنين أمام كل هذه الاختلافات، واختيار أفضل المرشحين دون أي تعصب أو تفرقة.
كذلك علي المسيحيين أن يشاركوا في الأزمات والكوارث مع باقي المواطنين في أي موقع أخير، بما يساعد الجميع علي الخروج من الأزمات، وأن يقدموا قدر الطاقة التعبير العملي لمعني الأخوة والمواطنة.
مدعوة كذلك الكنيسة لدراسة المشكلات الواقعية للبيئة التي تعيش فيها، وأن تساهم بالرأي والتوعية، في طريق حل هذه المشكلات: كالإسكان، والانفجار السكاني، والتنمية، واتجاه السلام، والبطالة، والهجرة، وتلوث البيئة، ومشكلات الفقر، وتفسخ القيم، ورعاية المسنين، وعلوم الأجنة والهندسة الوراثية، وزراعة الأعضاء، وحقوق الإنسان، وقضايا المرأة والطفولة، ومحو الأمية، وتطوير القرية والريف المصري، والإدمان، وبالإجمال كل ما يتعلق بتنمية الإنسان والمجتمع.
دعوتكم رائعة ولكن كيف تطبقها الكنيسة بفاعلية؟
- يجب أن يكون الجميع فاعلين و»‬إيجابيين» بدون إنكار أو خجل أو خوف، وبدون شكوي أو تذمر، وبدون عقدة نقص أو اضطهاد، وبدون اختباء أو تبني نظرية كبش الفداء، بل أن تقبل نفسها وتقوم بدورها في إيمان واحترام وثقة، وبدون تعصب أو تصلف، ولملء الكيان الحقيقي لا للظهور، ولعطاء الذات للجميع وليس طلبا لسلطة أو امتياز.
ولابد من الاهتمام بنوعية الحياة، وبالكيف المنتج المتميز، وبالسلوك الرشيد المقنع، وبالتواجد الخادم المحب، وبالرؤية الواضحة الواعية، وبقراءة علامات الأزمنة وحتميات المكان بعين مفتوحة وحركة مرنة.. هذه هي الفاعلية التي ننادي بها، والتي تتحمل مسئولية ومخاطرة الإيمان والمحبة في مشاركتها النشطة في مجتمعها، ولابد من دعوة للمجتمع أن يرتفع بقيادة النخبة المسئولة والمفكرة والإدارات المختلفة، إلي مستوي التوجه الذي تتطلبه هذه المرحلة الهامة من تاريخنا، وأن تدفع المجتمع إلي إزالة جميع العقبات والقيود التي تعرقل حركة المشاركة النشطة للجميع.
وأن تصوغ طريقة تفكير جديدة تناسب انطلاقتنا المرجوة، تقبل فعلا التعدد والتنوع، وتنسجم مع الآخر كما تتصالح مع الذات، وتعلي قدر القيم الدينية السامية والإيجابية التي هي حصن وسور الأمان والأمن للجميع، وأن تعمق مفهوم المواطنة بمعني المساواة والحرية والمشاركة للكل، كما تنادي بالتكامل والتعاون والانفتاح علي الأديان والحضارات للإثراء والإبداع، وأن تبتعد عن أي اتجاه يمثل خطرا علي وحدة الوطن ونسيج المجتمع المصري الواحد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.