ظلت العلاقة متوترة بين الرئيس المخلوع حسني مبارك واللواء طيار حسين ثابت لسنوات طويلة، ظناً من مبارك أن حسين ثابت هو أحد أقرباء زوجته سوزان ثابت بسبب تشابه لقب العائلة، وسرعان ما تبدد هذا العداء إلي علاقة طيبة بعدما اكتشف المخلوع أنه مجرد تشابه أسماء وأنه لا صلة قرابة تجمع بينهما، وهنا تبدل الحال مائة وثمانين درجة، حسبما كشف حسين ثابت في حواره ل"آخرساعة" والذي فتح فيه صندوق ذكرياته مع المخلوع في سياق السطور التالية. متي كان أول لقاء جمعك مع الرئيس المخلوع؟ أول لقاء مع مبارك كان بعد حرب 1967 في قاعدة بني سويف الجوية. كنت وقتها طيارا مقاتلا علي الطائرة "ميج17". حيث كنت قد تخرجت عام 1966 وشاركت في حرب 1967. عموماً في ذلك الوقت كانت الأجواء متوترة بعد الحرب وكانت هناك زيارة لوزير الدفاع الروسي إلي مصر وأخذوه إلي قاعدة بني سويف ليلتقي الطيارين المصريين. كان العقيد مبارك وقتذاك قائد لواء قاذفات ثقيلة "تي يو 16" في قاعدة بني سويف. المهم تم جمع الطيارين انتظاراًً للقاء الذي سيضم وزير الدفاع الروسي مع وزير الدفاع المصري محمد فوزي ومعهم قائد القوات الجوية وقتذاك مدكور أبوالعز، وكان موجودا أيضاً طيارون قادة وانضم لهم طيارون من رئاسة القوات الجوية ومعهم مبارك. وكنت قد أحضرت معي جهاز تسجيل لأستمع إلي بعض الأغاني الأجنبية، ومن بين كل هؤلاء فوجئت بمبارك يقول "وطوا الزفت اللي انتوا مشغلينه ده". وماذا كان رد فعلك؟ - الحقيقة لم أكن أعرف مبارك أساساً ولم أنتبه لرتبته العسكرية لأن الزي القديم وقتذاك لم يكن يوضح الرتبة. وجدتني تلقائياً أرد عليه بطريقة حادة، فقال لي: "إنت مين؟" وأمرني بالوقوف قائلاً "إنت متعرفش أنا مين.. أنا مبارك"، فقلت له "وأنا ملازم حسين ثابت وتقدر تقول كلامك ده بالذوق والأدب". وما أن سمع اسمي حتي بدت عليه علامات الغضب ومنذ هذه اللحظة بدأ العداء بيننا، ولم أعرف السبب الحقيقي لهذا العداء الشديد إلا بعد سنوات طويلة. كيف فسرت هذا العداء الذي دام سنوات بينكما؟ - عرفت السبب حينما صرت عقيداً وقائد اللواء وكان مبارك أصبح رئيساً للجمهورية. كنت في "جناكليس" بالإسكندرية، وكان هناك مؤتمر للملوك والرؤساء العرب، ولم يكن المطار هناك مجهزاً لاستقبال الضيوف العرب. كانت الطائرة البوينج تهبط بالضيف ويكون مبارك في استقباله، وجاءت أول طائرة وهي الطائرة "ميستير" وعلي متنها مبارك وكان البروتوكول أن يكون في استقباله قائد التشكيل وقائد القاعدة، وما أن نزل من الطائرة حتي انتابته الدهشة ووجدته يصافح قائد القاعدة ثم صافحني وقال لي "إيه ده يا حسين يا ثابت.. إنت بقيت عقيد وقائد لواء؟!" فكان ردي التلقائي: "طيب ما سيادتك بقيت رئيس وأنا اللي هاخذ مكانك إن شاء الله!"، وكانت معه زوجته سوزان ثابت التي لفت نظرها هذا الحوار قبل أن تذهب للجلوس مع قرينات الرؤساء، وبعد لحظات جاءني شخص وقال لي: "المدام عاوزاك". قلت له "مدام مين؟"، فقال "سيدة مصر الأولي"، فقلت له: "بعدين" وكان مبارك بالقرب مني فقال لي "قوم يا خويا شوفها عاوزه إيه مش عاوزين وجع دماغ". وماذا قالت لك سوزان ثابت؟ - أرادت أن تستفسر عن لقب عائلتي (ثابت)، فقالت لي: آسفة مش هاعطلك كتير. عاوزة أسألك الاسم ده اسمك أم لقب العائلة، فقلت لها: في مصر عائلتان تحملان لقب ثابت إحداهما مسيحية والأخري مسلمة، والأخيرة تنقسم إلي عائلة في الصعيد والثانية في الشرقية والأخيرة بدورها تنقسم إلي عائلتين الأولي الجد الأكبر فيها هو حسين باشا ثابت صاحب الأرض والثانية يمثلها الخولي الخاص به، وأوضحت لها أن هذا الخولي لم يكن ينجب فتزوج من امرأة جديدة فأنجب ولداً فاستأذن الباشا بتاعه (جدي الباشا) في تسميته ثابت تيمناً بالاسم. وهكذا أدركت سوزان ما كنت أود أن أوصله لها وهو أن جدها هو الخولي الخاص بجدي الكبير! ثم تركتها وعدت إلي مكاني، فسألني مبارك: "هي كانت بتسألك عن إيه؟.. هو إنت مش قريبها؟" فقلت له: "أنا جدي الباشا بتاع الشرقية وهي جدها الخولي بتاع جدي". ألم ينزعج مبارك من هذا الكلام؟ - علي العكس تماماً فقد انفرجت أساريره، وأدرك أنه لا صلة قرابة تربطني بزوجته، وتحسنت علاقته بي مائة وثمانين درجة. وبعد حرب أكتوبر هل كانت هناك مواقف أخري تؤكد أنك لم تنل حقك؟ - في حرب أكتوبر 1973 وقعت في الأسر رغم أنني أصبت 3 طائرات للعدو في اشتباك وهذا مسجل باسمي، لكن بعد الحرب كانت النياشين قد تم توزيعها وكان الطبيعي أن أحصل علي نجمة سيناء ولكن لم يحدث لأنني كنت أسيراً فاختلفت مع نبيل شكري قائد اللواء الذي كنت أتبعه، وقلت له العيب علي القيادات من أكبر إلي أصغر قيادة. شكري احتد وغادر المكان وجري ورائي قادتي وقالوا لي "ميصحش كده.. ده أخوك الكبير".. وهكذا ضيعوا عليّ نجمة سيناء! لكن ما المواقف الأخري التي تؤكد كراهية وعداء مبارك لك بعد الحرب؟ - بعد الحرب كانت هناك صفقة طائرات "ميراج" يتم اختيار عدد من الطيارين للسفر إلي فرنسا للتدريب عليها، وفوجئت أن اسمي لم يدرج ضمن الطيارين المبتعثين إلي فرنسا فذهبت أشكو لنبيل شكري وقلت له: ضيعتوا عليّ نجمة سيناء وبعدين تطلع اثنين من سرب واحد وأنا لست واحداً منهما، فقال: " أنا كتبت اسمك لكن قائد القوات (مبارك) هو اللي شطبه"، فقلت له: "والله هاطلع البعثة دي ولكن باعتمادي علي الله" وبالفعل كلمت الفريق علي فهمي قائد الدفاع الجوي الذي كانت زوجته صديقة أحد أقربائي، حيث شاءت الأقدار أن تدخل هذه السيدة المستشفي بعد أسبوع من هذه الواقعة فذهبت لزيارتها وبالصدفة كان هناك الفريق علي فهمي وعلم أنني لن أسافر البعثة بسبب مبارك، فاتصل بمبارك وقال له "إيه يا حسني.. مش قلتلك قبل كده حسين ثابت يطلع البعثة بتاعة الميراج؟.. حسين لازم يطلع.. مش هاقول الكلام ده تاني"، ثم أخذت منه سماعة التليفون لأحدث مبارك الذي وجدته يقول لي: "إيه يا حسين.. لازم تفضحنا؟.. خلاص هاتطلع بس بلاش حركات العيال الصغار دي.. بكرة هات صورك عشان هاتطلع!". وبعدها قال لي الفريق علي فهمي: "تمام كده.. ده أنا أسلخ له ودنه لو مطلعكش". وما السمات التي رصدتها في شخصية مبارك في هذه السنوات المبكرة؟ - مبارك كان يمتاز بقوة الذاكرة. كان يصافح طياري اللواء واحداً واحداً باسمه حتي لو مرت سنوات علي لقائهم. ومن مساوئه أنه كان يحقد علي طياري الميراج ويصفنا ب"الخواجات" علي أساس أننا بعد حرب أكتوبر ذهبنا في بعثات خارجية وكنا نتقاضي رواتب مجزية ونستمتع بالفُسح في فرنسا. ماذا تقول لمبارك الآن بعد زوال عرشه ومثوله للمحاكمة؟ - أقول له كما تدين تدان.. وكان أكرم لك أن تدخل قاعة المحكمة واقفاً علي قدميك كرجل مقاتل ومحارب كما تقول عن نفسك، أشرف لك من أن تنام علي سرير متحرك. برأيك من الأنسب لرئاسة مصر في هذه المرحلة؟ - حمدين صباحي، فهو شباب مقارنة بباقي المرشحين، ومثقف سياسياً وله تاريخ نضالي. حسين ثابت في سطور: - تخرج في كلية الطيران عام 1966 - شارك في حرب 1967 علي الطائرة "ميج17" وفي حرب الاستنزاف علي الطائرة "ميج21" وحرب أكتوبر 1973 علي الطائرة "ميج21". - اشتبك 7 مرات مع طائرات العدو طراز فانتوم وميراج وأصاب طائرة ميراج بشكل مؤكد في حرب الاستنزاف وكان الرئيس عبدالناصر يمنح 500 جنيه عن كل طائرة يتم إسقاطها ومع ذلك لم يحصل عليها. - في حرب أكتوبر شارك في 40 طلعة عمليات بدءأ من يوم 6 أكتوبر وحتي 23 أكتوبر حيث تم أسره، وكان ضمن سرب "ميج21" وأسقط في حرب أكتوبر طائرتي ميراج فوق ثغرة الدفرسوار، وتم إسقاطه بصاروخ دفاع جوي إسرائيلي حيث لم تتمكن طائرات إسرائيل من إسقاطه وظل في الأسر بسجن "عتليت" الإسرائيلي" حتي انتهاء الحرب وفك أسره ضمن اتفاقية تبادل الأسري.