بعد الانتهاء من انتخابات الغرفة الثانية للبرلمان المصري -مجلس الشوري- أصبح الجدل الآن حول لجنة صياغة الدستور ومن سيقوم بإعداد الدستور؟ جهات كثيرة تطالب بالاشتراك في هذه المهمة فالأغلبية البرلمانية المتمثلة في أعضاء حزب الحرية والعدالة تتطلع الي نصيب الأسد في لجنة صياغة الدستور وهناك من يقول إن تمثيل البرلمانيين من الممكن أن يصل الي 20٪ و20 ٪ دستوريين فالمادة 60 من الإعلان الدستوري نصت علي أن "يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشوري في اجتماع مشترك، بدعوة من المجلس الأعلي للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم، لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو، تتولي إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها.. ودعا المشير طنطاوي أعضاء المجلسين لاجتماع مشترك يوم السبت المقبل 3 مارس، وأرسل برقية إلي رئيس مجلس الشعب ليؤكد فيها علي الدعوة لاجتماع مشترك لانتخاب الجمعية التأسيسية.ويعرض المشروع خلال خمسة عشر يومًا من إعداده علي الشعب لاستفتائه في شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء" وكان عدد من أعضاء مجلس الشعب قد قدموا مشروعات قوانين لتنظيم هذه المسألة الجدلية . "آخرساعة" قامت باستعراض آراء عدد من المهتمين بهذا الشأن لنعرف من هم أعضاء المطبخ الذي سيقوم بإعداد أبي القوانين الذي سيحدد طبيعة العمل في الحياة السياسية في مصر.وكانت لجنة الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب قد أحالت مشروع قانون اختيار لجنة صياغة الدستور الجديد المؤلفة من 100 عضو، والذي تقدم به رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية محمد أنورعصمت السادات إلي اللجنة التشريعية والدستورية تمهيدا لدراسته وعرضه علي المجلس، وتضمن المشروع حتمية تمثيل جميع أطياف المجتمع المصري بمن فيهم المصريون بالخارج وممثلو الهيئات الدينية والقضائية وذوو الخبرة والمفكرون .كما تضمن المشروع حق نواب البرلمان بغرفتيه الشعب والشوري في اختيار لجنة ال100 فقط وفق الإعلان الدستوري وأن يكون الاختيار بالاقتراع السري المباشر وأن تضم اللجنة40 مقعداً لشرائح المجتمع المختلفة بينها 10 مقاعد للمرأة و5 لشباب و60 مقعداً للمتخصصين في جميع المجالات . حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين وصاحب الأغلبية في البرلمان بمجلسيه الشعب والشوري دعا الي تمثيل المجلسين بنسبة 50 في المائة في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور المصري الجديد علي أن تمثل الفئات الأخري ببقية النسبة، وتطالب قوي أخري بينها أحزاب المصريين الأحرار والوفد والمصري الديموقراطي بتشكيلها من خارج البرلمان. وقال الأمين العام المساعد لحزب الحرية والعدالة أسامة سليمان إن الإعلان الدستوري نظم هذا الأمر حيث يجتمع أعضاء مجلسي الشعب والشوري لتحديد آليات الانتخاب والمعايير التي سيختارون علي أساسها ال100 عضو في اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الجديد للبلاد. ولفت سليمان إلي أن الاقتراح الذي يقدمه حزب الحرية والعدالة يقوم علي تمثيل نواب مجلس الشعب بنسبة 50 في المائة الي جانب 30 في المائة من أصحاب التخصصات و20 في المائة من الشخصيات العامة. وأضاف أنه لن يحتكر ال100 عضو صياغة الدستور الجديد أم لا للبلاد والشعب إما سيوافق علي ما تستقر عليه اللجنة؟. وقام عدد من النواب المعينين بمجلس الشعب بتقديم تصور لتشكيلة اللجنة التأسيسية لوضع الدستور من خارج البرلمان بحيث تعبر عن جميع فئات المجتمع. ويقضي التصور الذي وقع عليه النواب شريف زهران وماريان ملاك وعبد الله المغازي ألا يقل تمثيل المرأة والشباب والأقباط في تأسيسية الدستور عن 10 في المئة، ويشمل أن يتم التصويت داخل الجمعية التأسيسية المنتخبة بأغلبية ثلثي أعضاء الجمعية علي كل مادة من مواد مشروع القانون الجديد قبل إقرارها، إضافة الي ضرورة عرض أي مواد خلافية علي المحكمة الدستورية .وقال النواب إن الشعب عندما تم استفتاؤه في مارس الماضي فوض نوابه في انتخاب لجنة المائة وليس انتخاب أنفسهم ليكونوا في الجمعية التأسيسية، موضحين أن ذلك يأتي اتساقا مع ما تنص عليه المادة 60 من الإعلان الدستوري، مضيفين أن المادة نفسها تشير إلي وجود قواعد محددة مسبقة يتم انتخاب الجمعية علي أساسه.وطالب مشروع القانون بتحديد نسبة 10٪ لكل من الشباب والمرأة وأصحاب الديانات السماوية، ونص مشروع القانون علي ضرورة تقسيم اللجنة التأسيسية لوضع الدستور إلي لجان للعمل لصياغة أبواب مشروع الدستور الجديد، وكذلك العمل علي تشكيل لجان استماع لكل فئات المجتمع. واقترح المشروع أن يتم مراجعة نص الدستور الجديد من قبل المحكمة الدستورية العليا، بحيث يتم استبعاد أي مواد تتعارض مع المقومات الأساسية للدولة والمجتمع المصري والحقوق والحريات العامة التي استقرت عليها الدساتير المصرية المتعاقبة والواردة بالباب الأول والثاني من دستور 1971 وكذلك المواد من 1 الي 24 في الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 علي أن تصدر المحكمة الدستورية العليا قرارها في شأنه خلال سبعة أيام. المستشار محمود الخضيري رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب اقترح أن يضم تشكيل لجنة ال100 المسئولة عن صياغة الدستور الجديد20٪ من أعضاء مجلسي الشعب والشوري، و20٪ من الخبراء والفقهاء الدستوريين من أساتذة القانون الدستوري بالجامعات المصرية. وأوضح الخضيري أن مشاركة الفقهاء الدستوريين تضمن الصياغة الفنية للدستور بما يرفع عنها الألفاظ المطاطة أو التعبيرات التي يمكن تفسيرها بأكثر من طريقة.وأضاف أن باقي أعضاء لجنة المائة المسئولة عن صياغة الدستور الجديد يجب أن يمثلها أعضاء من خارج البرلمان من ممثلي (النقابات، والجمعيات، والأقباط، والمرأة)، بما يحقق التعبير عن مختلف الطوائف المجتمعية.وأوضح أن اللجنة التأسيسية ستتشكل عقب اجتماع مجلسي الشعب والشوري، لافتا إلي مسئوليتها عن مناقشة العديد من الموضوعات الرئيسية للدستور الجديد ومنها شكل الدولة ما بين الرئاسي أو البرلماني، بالإضافة إلي ما يطرحه نسب لا بأس من الشعب بإلغاء نسبة 50٪ للعمال والفلاحين.وأشار الخضيري إلي الأفكار المقترحة حول إلغاء مجلس الشوري وطرحها من خلال الدستور الجديد أو الاستجابة إلي مقترحات أخري تنادي بمنح المجلس سلطات حقيقية بعد أن ظل خلال النظام السابق مكافأة لبعض الأفراد، معبرا عن رأيه الشخصي بإلغائه.وجدد الخضيري ثقته في إدارة المجلس العسكري للبلاد، مشيرا إلي أنه جري حاليا دراسة شكل لجنة المائة لصياغة الدستور الجديد، وأن العديد من مشاريع الدساتير كانت مطروحة بالفعل قبل انطلاق ثورة الخامس والعشرين من يناير.وأضاف أن العديد من القانونيين ورجال القضاء يسارعون حاليا بتقديم مشروعات دساتير تتوافق مع طبيعة الوطن المصري وبدراسة كافة الدساتير التي مرت بالبلاد. ودعا الخضيري إلي التفاؤل لأن ما قبل انطلاق ثورة الخامس والعشرين من يناير لم يكن هناك أمل في الإصلاح، مبشرا بأن مهما كانت الصعوبات والتحديات التي تواجه الوطن الآن فيمكن التغلب عليها.من جهة أخري، دعا قانونيون إلي ضرورة توافر إرادة شعبية لتحصين الدستور المرتقب وضعه في البلاد، بحيث يتم ضم شرائح مجتمعية مختلفة بالجمعية التأسيسية المعنية بوضع الدستور . الدكتور عمرو هاشم ربيع أستاذ العلوم السياسية ورئيس مركز البحوث البرلمانية بالأهرام قال إن الإعلان الدستوري في المادة 60 منه علي "يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسي شعب وشوري في اجتماع مشترك، بدعوة من المجلس الأعلي للقوات المسلحة خلال ستة أشهر من انتخابهم، لانتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو، تتولي إعداد مشروع دستور جديد للبلاد في موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويعرض المشروع خلال خمسة عشر يومًا من إعداده علي الشعب لاستفتائه في شأنه، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه في الاستفتاء". ويشير ربيع الي أن قضية لجنة ال 100 تثير أكثر من مسألة تتعلق بمن يحدد أعضاء اللجنة. وممن يتم التحديد، وما موعد ذلك، وكيف تتخذ اللجنة القرار داخلها، وكيف يمكن الخروج من تلك الأزمة. وبالنسبة لتحديد أعضاء اللجنة، يري من النص السابق للإعلان الدستوري يتضح أن المعني هو أعضاء المجلسين المنتخبين، لكن يبقي الاستثناء التالي، الذي يجب أخذه في الاعتبار، وهو أن المجلس العسكري هو الطرف الداعي لاجتماع أعضاء البرلمان المنتخبين، وأنه بموجب الإعلان لايزال يتولي السلطة التنفيذية،وأن هذا الدور مقصود، لأنه لم يكن للمجلس دور في المادة المستفتي عليها الخاصة بوضع الدستور وهي (189) مكرر.وأشارالي أن البرلمان بغرفتيه وفقا للإعلان الدستوري ليست له علاقة بأعمال اللجنة بدليل أنه لا رجوع له في أي مشكلة، ولا رجوع له عند الانتهاء من العمل، بل للشعب مباشرة. إذن الأرجح أن سلطة المجلسين رغم أنها المحدد لاختيار لجنة ال100 إلا أن هناك آخرين من خلف الستار لهم دور في الاختيار، وإن لم ينص علي ذلك صراحة.أما بالنسبة إلي من يحدد أعضاء اللجنة، فقد سكت النص عن أن يكون أعضاء اللجنة من خارج أو داخل البرلمان. وواقع الأمر أن أهمية أعضاء الخارج تأتي من أن تشكيل اللجنة يجب أن يتضمن عناصر متخصصة لا قبل لها بالمشاركة في عضوية البرلمان وإجادة المشاركة في الحملات والمطابخ الانتخابية. وعلي العكس يتخوف من الاختيار من بين أعضاء الداخل لكون بعض هؤلاء ينتمون إلي فلول النظام البائد، وبعضهم من المتشددين دينيًا (السلفيين تحديدًا)، كما أن تركيبة العضوية من واقع ما نتج عن الانتخابات تتضمن عددا قليلا من أصحاب الخبرة في العمل البرلماني عمومًا والسياسي خصوصًا، ناهيك عن أن أغلبية أعضاء البرلمان من العمال والفلاحين محدودي الصلة بالأمر المعني.وفيما يتعلق بموعد تحديد أعضاء اللجنة وكيفية عملها، فالنص بالإعلان يشير إلي أن يتم ذلك خلال 6 أشهر من تاريخ إعلان نتيجة الانتخابات، وأن يتم ذلك بدعوة المجلس الأعلي وحده، وأن مدة العمل لا تتعدي 6 أشهر، والاستفتاء علي المنتج (مشروع الدستور) في غضون 15 يوماً من انتهاء العمل. وبالنسبة لكيفية اتخاذ اللجنة قراراتها، فمن غير المحدد إن كان ذلك بالأغلبية أو بتوافق الآراء.