كشفت أحداث مباراة الموت في بورسعيد عن حقائق مثيرة وضعت الكثيرين في دائرة الاتهام والتورط في إحداث حالة الفوضي من بوابة "الحرب الأهلية" وبث روح العداء بين أبناء المحافظات المختلفة، بعد أن فشلت من قبل لعبة التفريق المتعمد عبر ورقة "الفتنة الطائفية" بين المسلمين والمسيحيين، ووضعت نتيجة المباراة بين الأهلي والمصري العديد من التساؤلات حول دوافع القتلة والمخربين بعد انطلاق صافرة الحكم، فالنتيجة انتهت لصالح أبناء الأرض "البورسعيدية" بما ينفي فكرة الانتقام من الأهلي ومشجعيه، ويؤكد أن الخطة أياً كانت النتيجة كان علي المأجورين تنفيذها بحذافيرها، لتصبح النتيجة الحقيقية هي سقوط ما لا يقل عن 73 قتيلاً بخلاف مئات المصابين، وسط صمت قوات الأمن المنوط بها تأمين المباراة، ورد الفعل "الباهت" للمجلس العسكري الذي علق علي الأحداث علي لسان المشير طنطاوي بأنه "سيتم صرف التعويضات لأسر الضحايا"!! وفيما ذهب البعض إلي ضلوع أنصار علاء وجمال مبارك في أحداث بورسعيد أيدت صحيفة "دايلي تلغراف" البريطانية هذه الشكوك وذكرت في تقرير نشرته في اليوم التالي للأحداث أن "العديد من المصريين يتهمون أنصار الرئيس السابق حسني مبارك بسبب العلاقة الوثيقة لابني مبارك جمال وعلاء بالاتحاد المصري لكرة القدم وأنهم أثاروا هذه الأحداث في بورسعيد بشكل متعمد". وأضافت الصحيفة "إن أنصار النادي الأهلي لعبوا دوراً كبيراً في الثورة المصرية والإطاحة بحكم مبارك وكان لهم الفضل في إفشال هجوم بلطجية موقعة الجمل" وذلك في إشارة إلي دور جماعة "الألتراس" الأهلاوي في ثورة 25 يناير، ونقلت الصحيفة عن النائب عن حزب الكرامة في مجلس الشعب سعد عبود تصريحه بأن "العامل المشترك بين موقعة الجمل وأحداث بورسعيد هو جمال مبارك وأصدقاؤه". وبفرض صحة هذا التصور يكون أبناء الرئيس المخلوع قد نجحوا بلغة كرة القدم في "التسلل" إلي المشهد مجدداً وإحداث الفوضي والرجوع بالوضع الأمني في الشارع المصري إلي ما كانت عليه الأمور في العام الماضي أثناء اندلاع الثورة، ويعزز هذه الفرضية انتشار عمليات منظمة للسطو علي البنوك والمصارف ومكاتب البريد واقتحام أقسام الشرطة مثلما حدث الجمعة الماضية في قسم المرج الذي شهد عملية اقتحام لتهريب تاجر مخدرات كبير وإحراق القسم بعد نجاح العملية وفشل قوات الشرطة والأهالي في إحباطها. ويشكك البعض في إجراء تحقيقات حقيقية مع المقبوض عليهم في أحداث بورسعيد، وبخاصة أن أحداثا سابقة مع متورطين في أحداث مشابهة مثل البالون وماسبيرو والمجمع العلمي لم تسفر عن إعلان حقائق تقدم إجابة شافية عن السؤال المُلح في رؤوس المصريين "من هو الطرف الثالث؟" وكانت تقارير صحفية ألمحت إلي تورط أنصار مبارك في أحداث بورسعيد حيث تداول النشطاء علي "فايسبوك" و"تويتر" ما تردد عن تورط عضو برلماني سابق عن الحزب الوطني المنحل، بالاشتراك والتحريض والاتفاق مع رجل أعمال شهير في بورسعيد وصديق مقرب لأسرة الرئيس السابق، في أحداث مذبحة بورسعيد. وذكرت التقارير الصحفية علي لسان شهود عيان أن عضو البرلمان السابق وصديق مبارك أستاجرا بلطجية ومسجلين خطر من منطقة "المنزلة" التي ينتمون إليها، واتفقا مع مدير الاستاد علي دخولهم دون تفتيش، رغم أنه في مثل هذه الأمور من المباريات الكبري المشحونة بالتعصب كان ينبغي أخذ ترتيبات مسبقة ورفع حالات الطوارئ ودرجة الاستعداد القصوي، إلا أن أجهزة الأمن اكتفت بالتأمين المعتاد. وفي السياق ذاته تساءل عدد من المتظاهرين الذين احتشدوا بعد الأحداث في ميدان "سفنكس": "إذا كان المجلس العسكري لا يستطيع السيطرة علي مباراة كرة قدم، فكيف يدير بلاداً بها أكثر من 80 مليون مواطن، وإذا لم يكن المجلس العسكري قادراً علي تأمين مباراة، فكيف يستطيع تأمين مصر؟" واعتبر بعضهم هذا المشهد الدامي الجديد هو بمثابة "إنذار" إلي المجلس العسكري باعتباره المسؤول عن إدارة شؤون البلاد حالياً. وتوافقت هذه الرؤية مع ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" التي رأت أن أعمال العنف أثارت مخاوف متعلقة بتدهور الوضع الأمني في مصر بعد ثورة يناير، واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن ما حدث في ستاد بورسعيد يعد أخطر أزمة لا ترتبط بالثورة تمر بها حكومة العسكر، بينما وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" أحداث المبارة المميتة ب"أعنف حالة فوضي مرت بها مصر منذ الإطاحة بالرئيس السابق مبارك". وقالت "نيويورك تايمز" بدت الشرطة في أنحاء الملعب غير قادرة أو غير راغبة في السيطرة علي العنف، وأضافت الصحيفة أن "لقطات الفيديو التي صورت أحداث المباراة أظهرت ضباطا يقفون بلا حراك بينما مجموعات من المشجعين يهاجمون بعضهم البعض بالسكاكين وغيرها من الأسلحة". وإذا كانت أحداث مباراة الموت في بورسعيد قد منحت "الكارت الأصفر" للمجلس العسكري، فإن "الكارت الأحمر" كان من نصيب الرئيس المخلوع، حيث ردد المتظاهرون في ميادين القاهرة والإسكندرية والسويس هتافات تدعو إلي إعدام مبارك وأعوانه من زبانية النظام البائد المسجونين حالياً في ليمان طرة، وهو ما جاء متناغماً مع الجملة الشهيرة التي قالها الكاتب الساخر جلال عامر "إن أفضل حل لما نعانيه الآن هو أن يتنحي حسني مبارك عن الحكم"! وتبادلها النشطاء علي مواقع التواصل الاجتماعي. أحمد الجمَّال نكشف الجريمة المنظمة لحرق مصر بعد أحداث ستاد الموت وحالات السطو علي البنوك ومكاتب الصرافة التي ارتكبت بحرفية من قبل عصابات منظمة رسموا سيناريو متكاملا لارتكاب جرائمهم من المؤكد أن تتابع هذه الأحداث في هذا التوقيت يجعلنا علي يقين من أن هناك جريمة منظمة تحاك لحرق مصر نرصد في هذا التحقيق ظهور الجريمة في مصر ومن المسئول عنها. يري خبير العلوم الجنائية اللواء رفعت عبدالحميد أن مصر لم تكن تعرف الجريمة المنظمة عبر تاريخها ولكن ما نراه الآن من أحداث تم إعداده قبل عامين من ثورة 25 يناير في حالة فشل مشروع التوريث. ويضيف ما نشهده الآن هو تحول نوعي للجرائم في مصر التي أصبحت ترتكب جهارا نهارا دون أن يعترضهم أحد . ويشير إلي ان أشرس المجرمين في العالم هو المجرم الحاكم لأنه يستطيع تدمير الأدلة بكل سهولة وهذا ما توضحه محاكمة مبارك والعادلي ومساعديه تجد أن محاميهم معهم كل المستندات اللازمة والمدعين بالحق المدني لم يستطيعوا أن يحصلوا علي أي مستندات. أما العميد محمود قطري الخبير الأمني فهاجم بشدة وزير الداخلية الحالي قائلا إنه لجأ إلي عمل دعاية إعلامية فائقة وظهر في حملة إعلامية هدفها التلميع، إضافة إلي ظهوره كمطهر حيوي لمشاكل الانفلات الأمني التي هزت كيان المصريين علي مدار عام كامل، إلا أنها سطحية ولفتت النظر إلي اصطحابه عددا من الضباط للميادين المختلفة لمسحها وضبطها، لكن بمجرد عودته لمقر الوزارة يعود الخارجون علي القانون لممارسة مهامهم والسيطرة علي الشارع بشكل كامل. ويضيف قطري: في بداية وزارة إبراهيم انخفض معدل الجريمة، لكنها كانت مجرد خضة أصابت المجرمين الذين ظلوا يتابعون هذه التحركات عن كثب حتي تأكدوا أنها تحركات كرتونية فذهبوا ليمارسوا سرقاتهم بعيدا عن أماكن الحملات. ويتابع أن ما يحدث في مصر جريمة وكارثة في حق الشعب لأننا أمام معادلة صعبة، فإما أن تكون هناك شرطة فتكون مصر وإما أن تختفي فتخسر مصر، ولا ينكر أحد أن هناك مسئولين بمصر لا يريدون عودة الجهاز الأمني، ويلجأون إلي مخطط الانفلات لإثناء الشعب عن استكمال ثورته وتشويه وجهها أيضاً. ويؤكد قطري ضرورة عمل تشريعات تنظم عمل رجل الشرطة لكي يتمكن من ممارسة عمله بشكل قوي دون مخاوف من الذهاب إلي مقر وقوع الجريمة، مقترحا أن يسمح له مثلا باصطحاب كاميرا لتصوير العمليات التي يخرج فيها، وحينها لو اضطر لقتل أي مجرم يكون في وضع قانوني، مضيفا أن رجل الشرطة يعاني تردي الحالة المادية والتفاوت الكبير في الرواتب يخلق نوعا من الضغائن، فكيف يحصل الوزير علي 7 ملايين جنيه شهريا، وراتب مساعديه يتجاوز نصف المليون، في حين لا يتجاوز راتب فرد الشرطة الذي يواجه الأخطار في الشارع كل يوم الألف جنيه؟ وانتقل قطري إلي أن الشرطة لها دوران هامان أولهما منع الجريمة قبل وقوعها، وهذا أصبح منعدما تماماً، حيث اكتفت بالدور الثاني وهو ضبط الجاني ولم تقم به علي أكمل وجه، بسبب ضعف السياسة العامة التي يسير عليها جهاز الشرطة منذ أيام العادلي، وهو ما استمر حتي الآن. ويري الخبير الأمني أنه لتفادي ظاهرة السطو المسلح وتراخي الأمن يجب وضع خطط ورؤي واضحة من جانب مديريات الأمن جميعا في كل شبر من أرض مصر، وفي حال تطلبهم لقوات إضافية فيمكن الاستعانة بالقوات المسلحة لتجنيد دفعة وتوزيعها بجهاز الشرطة، فضلاً عن وضع الخطط وفقا للحالة الجغرافية والأمنية، وتتم من خلال عمل قوات دعم في المناطق القريبة من أقسام الشرطة يتم استدعاؤها فور حدوث الجريمة. أما اللواء محمود درويش فقال إن الضعف الذي نال من جهاز الشرطة بسبب الأحداث الأخيرة وراء تزايد معدل الجريمة، حيث إن أسلوب ارتكاب الجريمة في الفترة الأخيرة اختلف عن سابقه، وتميز بالجرأة والفجور. وأصبحت الجريمة ترتكب في الطريق العام أمام المارة في الشوارع، دون أي إحساس بالخوف، ساعد علي ذلك الشعور الذي وصل إلي البلطجية والمخالفين للقانون ومرتكبي الجرائم بأن جهاز الشرطة مصاب بالخلل في هذه الأيام، وأنه عاجز عن ملاحقة جميع المجرمين. والحل كما يراه درويش في عودة رجال الشرطة إلي الشارع مرة أخري، وأن هذه العودة لن تكون علي طبيعتها حتي يتفاعل معهم المواطنون، وأن تكون هناك روح مودة وتعاون بين الجانبين، بالإضافة إلي ضرورة مشاركة المواطنين لرجال الشرطة في كشف الجرائم، وأن تضع وزارة الداخلية مكافأة مادية للمواطنين الذين يساهمون في كشف الجريمة وتقديم المساعدة لجهاز الشرطة. الدكتور سعد الزنط الخبير الأمني قال إن سبب انتشار هذه الجرائم يعود إلي ضعف إمكانيات وزارة الداخلية بعد الثورة وفقدانها نحو 4 آلاف سيارة شرطة لم يتم تعويض سوي نحو 10٪ منها، فضلا عن الحالة النفسية السيئة التي أصابت نسبة ليست قليلة من الضباط والأمناء وأفراد الشرطة نتيجة الضغط الشعبي والإعلامي علي المؤسسة الأمنية بعد ثورة 25 يناير. وتطرق الزنط إلي عدم تلبية مطالب أفراد الشرطة سواء كانت تشريعية أو مادية علاوة علي الانقسام فيما بين ضباط الشرطة وتكوين جبهات مضادة في الجهاز الأمني، مشددا علي أن قرار إلغاء المحاكمات العسكرية للضباط الذي أصدره اللواء محمود وجدي، وزير الداخلية الأسبق، سبب نوعاً من التراخي. وأضاف أن تقاعس رجال الشرطة عن إحباط تلك العمليات ليس مقصودا في حد ذاته، لكن قلة وسائل النقل وانعدام تشريع يحمي أفراد الشرطة، وعدم وجود جدية من جانب الحكومة في التعامل مع المشكلات المتراكمة وحماية الضباط، فضلا عن عدم تقديم المساعدة من جانب الأجهزة التنفيذية يساهم بدوره في تفاقم أزمة الانفلات الأمني. وتابع الزنط أن من بين أسباب انتشار ظاهرة السطو المسلح وجرائم البطالة المتزايدة وتدهور مستوي المعيشة وتراجع دخل بعض الفئات وعلي رأسهم البدو والعرب وسكان القبور مما أدي بهم إلي اللجوء للسطو والنهب. خالد المسلماني دماء ودموع الأربعاء الدامي التاريخ هذه المرة لا يكرر نفسه، ففي ذكري اليوم الذي أقام فيه المصريون الأفراح - في كل مكان - بتخلي مبارك عن السلطة عقب الخطاب الشهير لنائبه عمر سليمان، يقيم فيه عملاء النظام السابق مذبحة تحصد أرواح العشرات من الأبرياء في استاد بورسعيد لتقرر مصر الحداد علي أبنائها ويمسي الحزن طقسا يضرب برياح الألم كل أرجاء البلاد. من جديد يعود أعداء الثورة إلي أسلوبهم القديم في ممارسة الإرهاب.. وزرع الخوف علي كل شبر من أرض الوطن.. ولم تختلف خطة الحصار كثيرا في ساحة ميدان التحرير التي شهدت موقعة الجمل عنها في استاد بورسعيد الذي بارك مذبحة الألتراس، الحديد الذي صنعت منه دبابات ومدرعات سدت الطريق علي المتظاهرين ليواجهوا مصيرهم أمام راكبي الخيول والجمال هو نفسه الذي تم به لحام البوابة الحديدية في مدرجات جماهير الأهلي ليتم حبسهم في الجحيم.. حتي ملامح الشهداء لم تتغير.. ورائحة الدماء، والحزن الذي ملأ قلب الوطن. وفي كل مرة ينقلب السحر علي الساحر.. فإذا كانت جمعة 28 يناير سببا مباشرا في إنهاء حكم مبارك؛ فإن أربعاء 1 فبراير سيقضي بدوره علي طموح العسكر في البقاء علي سدة الحكم. قمع منظم يشرف عليه جنرالات العادلي منذ قيام الثورة حتي كتابة هذه السطور.. بينما لايزال المجلس يشير في كل مرة إلي مؤامرات تحاك، وأصابع داخلية وخارجية تلعب، وطرف ثالث ولهو خفي. يصر مجلسنا العسكري علي أن يحظي مبارك بكل وسائل الترف وهو الذي تسبب في كارثة فساد استمرت ثلاثين عاما.. ويدلل نجوم طرة فتتم معاملتهم كأسياد وهم من سرقوا، ونهبوا، وقتلوا، وأهانوا مصر بكل ما عليها ومن فيها.. وكأن العصابة ما زالت تحكم.. أو كأن مبارك وشركاه يمسكون ذلة علي العسكر ويحتفظون بها في عب سوزان ثابت كما يتردد. يظن أعداء الثورة أن قتل العشرات من ألتراس الأهلي سينهي دوره الرائد في الثورة ويجعله يختبئ في الجحور، وكأنهم لا يعلمون أنهم يواجهون خصما عنيدا يخلص في حبه إذا انتمي لشيء ويقدم كل تضحية من أجله.. لا يفهمون أن الشيطان الذي أشار عليهم بسلاح الحرب الأهلية التي يمكن أن تشتعل بعد مأدبة الذبح لجمهور الأهلي في بورسعيد، لا يمكنه أن ينفذ مخططه كما رسمه لأنه – وببساطة - يواجه ثوارا قادرين علي فضح فتن لا تفلح إلا في الفشل.. فيجيء الرد عليها وبالا علي من دبرها.. يتظاهر الآلاف من أهالي بورسعيد عقب صلاة الجمعة لتأكيد براءة المدينة من مأساة قتل أكثر من 70 مواطنا خلال مباراة الأهلي والمصري، وهم يؤكدون أن الأمر مدبر للفتك بالضحايا مسبقا وتوريط أهالي المدينة بدلا من الجناة الحقيقيين. وحالات الخصومة التي نشبت بين مختلف الاتجاهات والتيارات السياسية في الشهور الماضية يمحوها دم سال علي بساط أخضر، لتسترد الميادين والشوارع عافيتها وتعاود السير في رحلة ثورة استغرقت عاما ولم يبق لها إلا ساعة وتنتصر! الإخوان الذين فازوا بالبرلمان سيعودون إلي الميدان والثوار الذين ظن أعداء الثورة أنهم سينقلبون علي مجلس الشعب أول من سيدافع عن أصوات الناخبين.. إنه شعب مصر الذي تختبره المحن لتظهر معدنه الأصيل في التكاتف والتلاحم، "الشعب الذي أذله نظام مبارك وكاد أن يحوله إلي جبناء تعزه الثورة" كما يقول مظهر شاهين في خطبة جمعة الحداد بميدان التحرير، بعد أن حمل المجلس العسكري مسئولية ما حدث وطالبه بتفريق نجوم طرة علي مختلف السجون. نفس الأمر الذي أكد عليه الدكتور محمد بديع في كلمته المتلفزة علي إحدي الفضائيات المصرية مساء الخميس الدامي وهو يطالب بمعاملة معتقلي طرة وقتلة الثوار بالعدل، ونقل الرئيس المخلوع إلي مستشفي السجن فورًا، وتعجيل محاكمتهم والقصاص العادل منهم؛ حيث لا يمكن أن تهدأ الأوضاع في ظلِّ تباطؤ المحاكمات، ويجب ألا تكون محاكمتهم جنائيًّا فقط، بل تجب محاكمتهم سياسيًّا علي كل ما ارتكبوه من فسادٍ في الحياة المصرية. وإلي عقد مؤتمر عاجل للحوار والتباحث من أجل القضايا المصرية الملحة، وكيفية إخراجها من أزماتها الراهنة؛ يقدم بديع الدعوة إلي كل القوي الوطنية.. ويؤكد علي أن جريمة بورسعيد لا يمكن أن تمر بغير حساب؛ ويضيف: نزلت بمصر العديد من الكوارث في الفترة الانتقالية ولم يُعاقَب عليها أحدٌ، ولم يُقتص لشهدائها، وهو الأمر الذي أغري بالمزيد. ويطالب بمحاسبة مرتكبي الكارثة سياسيًّا وجنائيًّا بأسرع ما يمكن؛ لأنه لا يمكن القبول بالتستر علي جرائم القتل، مستشهدًا بقوله تعالي: (وَلَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَكُمْ تتقون) (البقرة). المرشد العام للإخوان المسلمين الذي حمّل بدوره المجلس العسكري ومحافظ بورسعيد ومدير الأمن المسئولية أشار إلي تصاعد حدة الفلتان الأمني ، وقال إن الشرطة متقاعسة عن أداء دورها، مطالبًا بمحاسبة جميع المقصرين في وزارة الداخلية وتطهيرها، ومساءلة وزير الداخلية واتخاذ تدابير عاجلة لتوفير الأمن. "علي مدار أكثر من عام لم تعرف مصر الراحة من حفر القبور ودفن الموتي، والانتقال من معضلة إلي أخري في الطريق نحو الاستقرار الذي تسعي إليه".. إنها صحيفة لوس أنجلوس تايمز تصف حال المصريين الذين يواجهون حربا داخلية تحاول القضاء علي ثورتها. بينما تستهدف الحرب هذه المرة ألتراس الأهلي لتنتقم من انحيازه المتواصل للثورة. تفارق الحياة وجوه أهالي الضحايا وهم يستقبلون شبابهم وأطفالهم الذين فارقوا الحياة في محطة رمسيس، تحدثوا عن مؤامرة تم الاتفاق عليها منذ مباراة "كيما أسوان" التي هتف فيها الجماهير ضد الرئيس السابق ونظامه ووزارة الداخلية، وانضمام روابط الألتراس لثوار التحرير. وربطوا بين مجزرة بورسعيد والهتافات التي رددها ألتراس الأهلي في مباراته الأخيرة بالدوري و هاجم فيها وزارة الداخلية والشرطة العسكرية، وقال الأهالي إن المؤامرة بدأت بالتراخي الأمني المتعمد أثناء المباراة وبعدها، وأكدوا أن أبواب المدرجات المؤدية إلي ملعب المباراة كانت مفتوحة، في غياب محافظ بورسعيد ومدير أمن المحافظة عن المباراة للمرة الأولي في تاريخ مباريات المصري والأهلي، وانسحاب رجال الأمن المتواجدين في الملعب عقب إطلاق الحكم لصافرته. والسؤال: هل سيظل جنرالات العادلي يعبثون بأمن الوطن طيلة الوقت؟.. أم سيتم الالتفات إلي طرح سامح عاشور نقيب المحامين، نائب رئيس المجلس الاستشاري، الذي أعلن عن مبادرة لإعادة هيكلة وزارة الداخلية والقضاء علي انفلات أمني متواصل تسبب في وقوع العديد من الأحداث الدامية منذ انطلاق ثورة 25 يناير. " الشرطة المدنية" هو الاسم الذي يطلقه عاشور علي مبادرته وهو يشير إلي حالة أمنية ناتجة عن سوء تخطيط أو إهمال أو تقصير أو تواطؤ من القيادات الأمنية بوزارة الداخلية، موضحاً أن ما نتابعه من سقوط لضحايا جديدة كل يوم كنتيجة حتمية لتلك الحالة الأمنية الممزقة يتطلب وقفة جادة لإحلال الأمن من جديد. تقوم المبادرة علي 3 نقاط هي، تطهير وزارة الداخلية من كافة المنتمين للنظام القمعي السابق أيا كانت رتبهم ووظائفهم، والدفع بدماء جديدة وقبول دفعات استثنائية من الحقوقيين والقانونيين والخبراء الأمنيين الراغبين في العمل وفق أهداف هذه المبادرة وتنفيذ بنودها، والتأكيد أن وزارة الداخلية هيئة نظامية مدنية مهمتها فقط حفظ الأمن واحترام الحقوق والحريات العامة، مشيراً إلي أن نقابة المحامين تقبل كافة الاقتراحات في هذا الشأن من كافة المعنيين لإدخال هذه المبادرة حيز التنفيذ فوراً. عبد الصبور بدر علاقة شائكة قصر الطوارئ علي البلطجة.. قاد لكارثة ! رغم قصر حالة الطوارئ علي البلطجة إلا أنها زادت وبقوة بعد ذلك الإعلان الذي جاء قبل يوم من مرور عام علي الثورة فالمفترض أن يكون التركيز الأمني مكثفا علي أعمال البلطجة ولكن ماحدث هو العكس تماما. فبعد أقل من أسبوع من هذا الإعلان وقع العديد من حوادث السطو المسلح وهي مشاهد تعيد إلي الأذهان سيناريو الفوضي الذي خيرنا به مبارك قبل التنحي ما بين الاستقرار تحت ظل حكمه أو الانجراف إلي المجهول، لتستمر وقائعها علي مدار 12 شهراً، منذ تولي المجلس، العسكري مهمة إدارة شئون البلاد يغلفها غياب لا يتحرك إلا بعد وقوع الحادثة، أصبحت فيها مصر تحت حصار البلطجة. وفي الأسبوع الماضي تم استهداف 6 مكاتب وسيارات هيئة البريد كما تعرضت شركات الصرافة ثلاث مرات للسطو أوسرقة علي البنوك فقد شهد الأسبوع الماضي ثلاث حالات للسطو عليها، أبرزها حادثا السطو المسلح علي أحد البنوك بالتجمع الخامس وسيارة نقل الأموال، واللذان وقعا في نفس اليوم. كما شهد الأسبوع الماضي 15 هجوما علي محلات الذهب و4 مرات علي محلات تجارية كبيرة، منها اقتحام 6 ملثمين نقطة شرطة وسنترال ب"قليوب" وقاموا باحتجاز أفراد الأمن والشرطة المكلفين بحراستهم بعد تقييدهم بالحبال، والاستيلاء علي أسلحتهم النارية، واحتجازهم داخل نقطة الشرطة مجاورة للسنترال، وبعد أن استولوا علي كابلات تليفونية تحت تهديد الأسلحة الآلية، أعادوا الأسلحة لأفراد الأمن والشرطة مرة أخري وهربوا، كما هاجم عددا من المسلحين سيارة ترحيلات في السويس، بعد خروجها من مبني المحكمة، ومكنوا 15 متهماً من الهرب، وتم ضبط بعضهم، الخميس الماضي.. ولم تقتصر الحوادث علي مهاجمة المنشآت فقط، بل مهاجمة الأفراد، حيث قام بعض الأفراد، الأسبوع الماضي، باحتجاز 25 خبيراً صينياً يعملون بأحد مصانع الأسمنت حتي يتم الإفراج عن المتهمين الخمسة في تفجيرات مدينتي طابا والعريش، وقطعوا الطريق الرئيسي المؤدي لمنطقة الصناعات الثقيلة بوسط سيناء، ومنعوا العمال بمصانع الأسمنت من الوصول لعملهم، وفي أسوان احتجز نحو 100 شخص من العاملين في هويس إسنا 67 مركباً سياحياً علي متنها 6200 سائح، بعد أن قاموا بغلق مداخل ومخارج الهويس، احتجاجاً علي عدم تثبيتهم. كما أغلق المئات شارع جامعة الدول العربية بالجيزة لمدة 4 ساعات، إثر قيام محاسب بإطلاق النار علي سائق ميكروباص، للخلاف علي أولوية المرور، ما أدي إلي مصرع السائق، وتجمع أهالي القتيل وزملاؤه من سائقي السيارات الأجرة، وقاموا بقطع الشارع في الاتجاهين بواسطة الحواجز المعدنية، اعتقاداً منهم بقيام ضباط قسم شرطة العجوزة بتهريب المتهم، وفي جميع الحالات لم يكن دور الداخلية والأمن محاولة التدخل لتهدئة الأوضاع. وأخيراً جاءت مباراة "الأهلي" والمصري" الأربعاء الماضي، والتي تحولت إلي مأساة وجريمة أودت بحياة 73 شاباً وإصابة المئات، وذلك بعدما قام المئات من الأفراد من جهة جماهير النادي المصري بالنزول إلي أرض الملعب، وضرب الجهاز الفني ولاعبي النادي الأهلي، والاشتباك مع ألتراس النادي الأهلي، لتنتهي بما عرف ب"مجزرة بورسعيد" وسط مشاهدة أمنية كثيفة "صامتة" و أحياناً "مشجعة" بشهادة البعض ممن كانوا في المباراة. وإثر كل هذه الحوادث وقعت نحو 46 شركة مقاولات مصرية بيانا تدعو فيه للتوقف عن العمل، اعتراضا علي الانفلات الأمني الذي تشهده البلاد حاليا وآخرها أحداث مباراة المصري والأهلي ببورسعيد، ولحين عودة التواجد الأمني علي مستوي الجمهورية، مع حفظ حقوقها في أثناء فترة التوقف. وكان الاتحاد تقدم أكثر من مرة بمطالب إلي الحكومة لحماية مواقع العمل باعتباره أولوية قومية لحماية مناخ العمل ولكن دون جدوي، مشيرا إلي أن شركات المقاولات تعرضت الفترة الماضية إلي عمليات سرقة للمخازن والمعدات علي الطرق. وكان نتيجة كل هذه الحوادث أن قدمت حركة الإخوان المصريين مذكرة للمجلس الأعلي للقوات المسلحة تطالب فيها بإجراءات محددة ورادعة لعودة الأمن في البلاد. وقال جمال طه المليسي أمين عام الحركة إنه طالب المشير محمد حسين طنطاوي القائد الأعلي للقوات المسلحة بإصدار قرار عسكري بوقف جميع أشكال التجمعات من اعتصامات وتظاهرات وتطبيق قانون الطوارئ بشكل كامل علي من يعطل العمل ويقطع الطرق ويثيرالفتنة. وأشار إلي أن ماحدث هو فوضي ممنهجة سبق التحذير منها مراراً وتكراراً وأن الأمور قد خرجت من سياقها ولا يجدي معها استنكار أو أسف، مضيفا أنه لابد من إجراءات محددة لفرض الأمن وقوة قاهرة قادرة علي فرض الأمن والنظام في أنحاء البلاد. ومن جانبه قال النائب الإخواني محمد البلتاجي إنه من حق السلطة التنفيذية وقف حالة الطوارئ وليس التعديل فيها، لأن التعديل لايزال علي جدول أعمالنا، ونعد لمناقشته في البرلمان وآخر تعديل حدث سنة 2010 وحصر الطوارئ في المخدرات والإرهاب، وكنا ندرك أن هذه العناوين الفضفاضة تستخدمها الجهات الأمنية لممارسة القانون كما تشاء، لكننا لا زلنا نحتاج لتعديل فيه وسيتم ذلك خلال الأيام القادمة، فاللجنة التشريعية بالبرلمان تدرس ذلك للانتهاء من كل المبررات التي تؤدي لهذا القانون حتي في أعمال البلطجة التي أعلن عنها المشير طنطاوي فهي تحتاج إلي ضبط وصياغة محددة حتي لا يستغل مفهوم الطوارئ في أي نوع من التصفية السياسية. وأضاف في عام 2008 و2010 قلت في البرلمان إنه وفقًا للدستور تعلن الطوارئ في حالة الحرب أو التهديد بحرب أوعصيان مسلح داخلي أوكوارث بيئية وطبيعي أن يكون هناك قانون للطوارئ في هذه الحالات الأربع من حق رئيس الجمهورية فرض حالة الطوارئ ويجتمع المجلس خلال أسبوعين ليقرر الموافقة من عدمها وهذا ما ينص عليه الدستور، لكننا في الثلاثين عامًا الماضية كانت هناك كارثة أن القانون كان يطبق ليس لحاجة من الحالات التي ذكرت ودائما كنت أقول لفتحي سرور ومفيد شهاب "إحنا إيه في الأربع حالات دول". أحمد جمال عصا الانفلات الأمني تقودنا إليه: العصيان المدني .. اتجاه واحد الرئيس المخلوع وعصابته في سجن طرة هم وحدهم من يحظون بالأمن، بينما يستمتع الشعب المصري بالرعب من انفلات أمني وصل إلي أقصي طموحه. السطو المسلح علي البنوك بات ظاهرة عادية، يتحدث عنها المواطنون كما يتحدثون عن الطقس، بينما أصوات الرصاص التي تنتشر في كل مكان علي فترات متقطعة فقدت فضول من يسأل عنها، أما السادة البلطجية فقد تسيدوا البلاد وصارت لهم هيبة واحترام! الخوف شعور يتنفسه الناس في وطننا بعد أن اختلطت الأمور وصار الكل في حالة تشاحن ومبارزة لا تنتهي رغم إعلان النتيجة بخسارة الجميع. تنتشر الفوضي ويغيب رجال الشرطة من جديد عن الشارع المصري الذي لا يجد من يؤمنه أو يدافع عن نسائه وأطفاله وشيوخه. التهديد بالقتل لغة تجد من يتداولها ويتقنها ويفتح لها مدارس خاصة لتلقي تعاليمها وحفظ مناهجها ومن ثم تطبيقها. قفزت أسعار أنبوبة البوتاجاز في مقابل رخص سعر الإنسان المصري الذي وصلت حياته إلي الشعور بعدم أهميتها وهو يتلقي يوميا هجوما عليها بالأسلحة البيضاء وطلقات الرصاص والخرطوش فضلا عن الغازات المسيلة للدموع. يتزايد الموت ساعة بعد أخري.. تسد الجثث الشاشات، وتسيل الدماء علي الصحف، والحزن خبر تتنوع مادته، وصراخ الأمهات صور تتشابه وتتكرر ويعاد إنتاجها في كل لحظة. مصر في خطر حقيقي يعصف بها ويقضي علي الحياة بداخلها ويهدد مشروعها الثوري الذي بدأ منذ عام، ليواجه دائما ما يعيقه ويثنيه ويشل حركته ويصيبه في مقتل. رياح الإرهاب تعصف بما يقابلها من أحلام مشروعة كادت تتحقق لتعم الحرية والعدالة ويجد المواطن البسيط لقمة عيشه دون أن يستعرض قدرته علي أن يكون ذليلا. إرهاب ممنهج يواصل قفزاته ليصل إلي غايته التي ينشدها فيستطيع أن يوفر لكل شخص حقه كاملا في رعب يملأ قلبه ويحيط به من كل جانب. والخراب هو النتيجة والانفلات الأمني سبب وحيد يفتح أمامنا مختلف التساؤلات حول قدرة قواتنا المسلحة في تأمين الحياة لشعب لم يعد يثق في وعود جنرالات العادلي بالاستقرار والأمن. فهل حياة حسني مبارك الذي استطاع أن يسجن الشعب طيلة ثلاثين عاما في دولة تحتكر الفساد أهم من حياة المواطن الموجوع بهذا الفساد.. ؟! هل تأمين ولديه ووزير داخليته الدموي وعصابة طرة الفاسدة أولي من تأمين قوت أطفالنا وممتلكاتنا وما يعيش علي مصر من بشر..؟! لا حيلة لدينا سوي المكوث في البيوت بعد أن نغلق أبوابها بالأقفال السميكة، ونحن نحتضن أطفالنا.. بالقبلات سنغرق وجوههم إذا ما قررنا النزول للشارع لقضاء حوائج خوفا من ألا نعود إليهم من جديد إذا صادفنا بلطجية قرروا أن يلهوا بحياتنا ويسددوا إلي قلوبنا طعنات بأسلحة بيضاء تعرف طريقها إلي الموت.. أو قابلتنا عصابة تسطو علي بنك فتصيبنا الطلقات في رؤوسنا التي ستنفجر في الحال. العصيان المدني الذي دعا إليه نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر " بهدف إجبار المجلس العسكري علي تسليم البلاد إلي سلطة مدنية لا يحتاج إلي نشطاء يدعون إليه، فالناس بالفعل تواظب علي الجلوس في منازلها لأكبر فترة ممكنة حتي تتجنب ما يمكن أن يقابلها من أخطار في الشارع. أما المحلات التجارية فأغلبها يتمني أن يغلق أبوابه لكن خوف أصحابها من سرقة محتوياتها يجعلهم يحتاطون للأمر بحيازة أسلحة محشوة بالرصاص ترقبا لمواجهة قادمة. الدكتور عمرو هاشم أستاذ الدراسات الاستراتيجية بمركز الأهرام يؤكد علي أن الشعب المصري بالفعل في حالة عصيان مدني بسبب ما يحيط بالشارع من أخطار، لكنه يقلل من إمكانية إدخاله ضمن عملية منظمة ويقول إن الأحداث التي تجري الآن جعلت الغالبية العظمي من الشعب يشعرون بالقرف من الثورة.. علي حد وصفه، ويضيف: إن 08٪ من المواطنين في ظل هذا الإرهاب أصبحوا يتمنون عودة نظام مبارك بكل فساده إذا كان سيعيد لهم الأمن. ويندد هاشم بالشرطة التي لا تقوم بواجبها المكلفة به وتترك الأمور تجري علي هذا النحو الأسوأ. بينما يرحب المعارض السياسي ومؤسس حركة كفاية جورج إسحاق بالعصيان المدني ويشرح أنه يوافق علي أي نوع من أنواع الضغط يمكن الثوار من تحقيق مطالبهم المشروعة، ويجبر المجلس العسكري الذي أوصل البلاد بإدارته المتخبطة إلي منعطف كارثي علي الرحيل حتي نتمكن من تشكيل حكومة إنقاذ وطني تضم مختلف الأحزاب والتوجهات السياسية بإمكانها أن تبعث الأمل في النفوس، وانتخاب رئيس جمهورية، وإقرار دستور جديد للبلاد يحقق طموح جميع طوائف الشعب. وتجد الروائية والناشطة في حركة 6 أبريل هويدا صالح في العصيان المدني حلا وحيدا متبقيا لدينا بما أن القوات المسلحة ووزارة الداخلية فضلا عن مجلس الشعب وسط هذا الأداء غير قادرين علي وجود حلول حقيقية للأزمة. وتطرقت هويدا إلي أحداث بورسعيد الدموية وتوقعت للجنة تقصي الحقائق التي تعمل لكشف ملابساتها أن يتشابه عملها مع عمل لجنة تقصي الحقائق في موقعة الجمل التي لم تنصف الشهداء أو تقتص من قتلتهم. وأضافت الناشطة السياسية بحركة 6 أبريل بأن كارثة بورسعيد جعلت الشعب لديه قبول للدخول في عصيان مدني بهذا الإجراء خاصة بعد خطاب المشير طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة عقب الحادثة وهو يشير إلي أن الشعب المصري يعرف من قام بهذا العمل وعليه أن يواجهه وهو الكلام الذي لا يجب أن يصرح به أكبر رأس في الدولة. وتري هويدا في العصيان المدني الطريق الأقرب لإجبار العسكر علي الموافقة بإقالة حكومة الجنزوري وتشكيل حكومة انقاذ وطني تكون مهمتها تصحيح الأمور. عبد الصبور بدر دماء علي المستطيل الأخضر لاشك أن أحداث مباراة بورسعيد بين المصري والأهلي كانت الأسوأ علي الإطلاق في تاريخ الكرة المصرية. وكانت أحد أسوأ الحوادث الكروية في العالم بعد أن سقط فيها 74 قتيلا ومئات الجرحي. موقعة استاد بورسعيد لم تكن الأولي في تاريخ كرة القدم، فقد راح قبلها مئات من محبي الساحرة المستديرة ضحية التعصب الأعمي البغيض. بل ولم يتوقف الأمر عند حدود ملعب كرة القدم، لكن تسببت بعض المباريات الكروية في نشوب حروب وصراعات عرقية. الأهلي والمصري علي استاد بورسعيد - فبراير 2012. لقي 74 شخصا مصرعهم بعد أن اجتاح آلاف المشجعين أرضية استاد بورسعيد بعد المباراة التي أقيمت بين فريقي الأهلي والمصري وانتهت بفوز الفريق المضيف 3-1. فوضي عارمة اجتاحت الملعب وسط غياب أمني واضح، حيث بدا جنود الأمن المركزي وكأنهم تائهون لايعرفون ماذا يفعلون في حين جرت الجماهير البورسعيدية بسرعة للاعتداء علي لاعبي الأهلي الذي لم ينج بعضهم من الضرب، وبعدها توجهوا للجماهير الأهلوية وأدي قطع التيار الكهربائي إلي تفاقم الأمور أكثر وسقوط هذا العدد من الضحايا. هذه الحادثة تعد الأسوأ علي الإطلاق في تاريخ كرة القدم المصرية بعد حادثة مباراة الزملاك ودوكلا براج التشيكي وكانت نتيجتها إقالة كل من مدير أمن بورسعيد ومحافظ بورسعيد ومثولهما للتحقيق أمام النائب العام، في حين حملت بعض القوي السياسية وزير الداخلية شخصياً مسئولية الإهمال واعتبروا الحادثة مقصودة وموجهة لأغراض سياسية. حرب الكرة بين هندوراس والسلفادور - 1969 في يونيو 1969 التقي فريقا هندوراس والسلفادور خلال مواجهة كروية حاسمة للتأهل لكأس العالم، كانت نتيجتها إعلان الحرب بين البلدين بعد هذه المباراة بأسبوعين وانتقال المواجهة من أرض المعركة إلي ميدان القتال. العلاقات بين البلدين كانت متوترة جداً في فترة الستينيات، بسبب تزايد أعداد المهاجرين السلفادوريين غير الشرعيين في هندوراس بعد أن صار عددهم أكثر من 300 ألف مهاجر. واشتدت هذه الأجواء المتوترة في ربيع عام 1969 عندما قررت هندوراس طرد عدد من السلفادوريين وإعادتهم إلي بلادهم. وأثناء مباراتي الذهاب والعودة المؤهلتين لكأس العالم وقعت اشتباكات بين جمهوري الفريقين وسقط عدد من الضحايا، مما أدي إلي موجة توتر وتصعيد إعلامي في البلدين. وفي 27 يونيو قررت الهندوراس قطع كل العلاقات الدبلوماسية مع السلفادور. في أول يوليو أقيمت المباراة الحاسمة التي كانت نتيجتها تأهل السلفادور إلي كأس العالم. وفي 14 يوليو قام الجيش السلفادوري بقصف مواقع في هندوراس. وتقدم إلي عمق أراضيها لمسافة 8 كيلومترات إلي أن تم إعلان وقف إطلاق النار بمبادرة من منظمة الدول الأمريكية في 20 يوليو. وأدت هذه المواجهات إلي وفاة 2000 شخص معظمهم من المدنيين من الهندوراس. كما أدي ذلك إلي طرد عشرات الآلاف من السلفادوريين من هندوراس. ليفربول ويوفنتوس - 1985 في عام 1985 وقبل انطلاق نهائي كأس أوروبا في بروكسيل بدقائق، اندلعت مواجهات بين مشجعي فريقي ليفربول ويوفنتوس أدت إلي سقوط 39 قتيلا وإصابة 600 آخرين. وطبقاً لرواية مشجعي ليفربول فإن عدداً من مشجعي اليوفنتوس المتعصبين اشتروا بطريقة غير شرعية بعض التذاكر المخصصة للجمهور المحايد (الجمهور البلجيكي) وبدأوا بإلقاء المقذوفات الحارقة في اتجاه الجمهور الإنجليزي، فقام عدد من جمهور ليفربول بالقفز علي مدرجاتهم قبل ساعة من بداية المباراة، وعند محاولة الجماهير المحايدة وجماهير اليوفي الهرب سقطت أجزاء من المدرجات ووقع عدد كبير من الضحايا. وتعرضت الشرطة البلجيكية في هذا الوقت لهجوم عنيف واتهمت بالتقصير. وبعد فوز اليوفي بهذه المباراة تم حرمان كافة الأندية الإنجليزية من المشاركة في المسابقات الأوروبية لمدة 5 سنوات، تم مدها عامين إضافيين لنادي ليفربول. النجمة الحمراء ودينامو زغرب - 1990 هذه المرة كانت كرة القدم سبباً في تفجر الصراعات العرقية، فعلي بوابة استاد زغرب في كرواتيا وحتي اليوم يمكننا قراءة عبارة نصها "تكريماً لذكري مشجعي النادي الذين أعلنوا من هنا الحرب علي صربيا في 13 مايو عام 1990" فبعد فوز الداعمين لاستقلال كرواتيا بالانتخابات البرلمانية في أبريل عام 1990 بيوغوسلافيا السابقة، نشبت توترات بين مشجعي النجمة الحمراء في بلجراد الصربية بقيادة أركان "زيليكو رازنيوتفيك" والذي حوكم بعد ذلك في جرائم حرب، ومشجعي دينامو زغرب الكرواتيين، وذهب المشجعون المتعصبون التابعون للنجمة إلي استاد زغرب في مباراة جمعت الفريقين، وبدأوا في الاحتكاكات العنيفة بالمشجعين الكروات وسط غياب شرطي. مما دعا مشجعي دينامو للرد وهو ما أدي إلي سقوط بعض الضحايا وإصابة العشرات. وعندما جاءت إمدادات الشرطة قام نجم الوسط الكرواتي زفونيمير بوبان بضرب أحد ضباط الشرطة بعنف، وهرب بعدها إلي إيطاليا ولعب في نادي إيه سي ميلان، وهو اللاعب الذي قاد كرواتيا للحصول علي المركز الثالث في مونديال فرنسا 98. وبعد هذه المباراة انضم عدد كبير من مشجعي الفريقين إلي الميليشيات العسكرية المتقاتلة في البلقان واندلعت الحرب اليوغوسلافية. مصر والجزائر 2009 التوترات بين جمهوري مصر والجزائر تضاعفت بعد مباراة الفريقين الحاسمة علي بطاقة التأهل لكأس العالم التي أقيمت في السودان في نوفمبر 2010. وكانت أحداث مشابهة قد وقعت قبلها ب20 عاماً في المباراة الفاصلة للتأهل لمونديال إيطاليا عام 1990 والذي تأهلت له مصر. حيث اندلعت اشتباكات بين الفريقين واتهم اللاعب الجزائري الأخضر بلومي بفقء عين طبيب مصري باستخدام زجاجة مكسورة.. وقبل أسابيع من انطلاق المباراة الأخيرة، قام مشجعو المنتخبين باختراق أكثر من موقع الكتروني في البلدين، وفي القاهرة تم الاعتداء علي الأتوبيس الخاص باللاعبين الجزائريين في القاهرة وأصيب عدد من اللاعبين. وبعد المباراة أصيب عدد من الجمهور الجزائري إصابات طفيفة، لكن الإعلام الجزائري بالغ في الصورة وقال إنه تم حرق مشجعين وهم أحياء وتجريد مشجعات من ملابسهن. وهو ما أدي إلي الاعتداء علي عدد من المصالح الاقتصادية المصرية في الجزائر. وبعد المباراة الفاصلة في السودان حدث اعتداء علي المشجعين المصريين وهاجم علاء مبارك نجل الرئيس السابق الجزائريين في التلفزيون وتم إشعال أزمة لاداعي لها بين البلدين. إيهاب علي بعد هتافهم ضد الداخلية والعسكر.. مؤامرة لتصفية ألتراس الأهلي (النادي الأهلي..فريق كبير..فريق عظيم..أديله عمري وبرضه قليل) شعار ألتراس النادي الأهلي الذي تحول إلي حقيقة؛ فلم يتخيلوا يوماً أن الشعارات والأغاني التي يلقونها في حب ناديهم تتحول إلي واقع مفجع باستاد بورسعيد، فشاء القدر أن يدفع مجموعة من الشباب حياتهم ثمناً لهذا الولاء الذي جعلهم يرافقون ناديهم في لقائه مع النادي المصري في الجولة ال 71 من بطولة الدوري العام المصري، وعقب الهدف الأول لفابيو جونيرو بدأت جماهير الأهلي بهتافهم المشهور »عمري ما أحب غير الأهلي ولا في غيره يفرحني« إلا أن العديد من الجماهير عقب الأحداث طالبت بتغيير هذه العبارة إلي »ولا في غيره موتني«. فوقف مجلس إدارة الأهلي بقيادة حسن حمدي ورجال الأمن مكتوفي الأيدي عاجزين عن حماية المشجعين، مما اعتبرها الألتراس »مذبحة« تم الإعداد لها سلفا لتصفيتهم لأنهم اعتادوا الهتاف ضد حكم العسكر وانتهاكات الداخلية بالإضافة إلي أغنيتهم الشهيرة "يا غراب ومعشش جوه بيتنا"، فمن الطبيعي أن يقعوا فريسة لبعض البلطجية المأجورين دون أن يتحرك رجال الشرطة بل وكان أحدهم يصور بموبايله تساقط الجثث والجرحي من أعلي المدرجات. واجتاح الألتراس حالة من الغضب العارم بعد وفاة 57 مشجعاً وإصابة المئات منهم ليستقبلهم الآلاف من المواطنين وأهالي الضحايا بحالة من البكاء الهستيري بمحطة رمسيس مرددين هتافات: "يا نجيب حقهم يا نموت زيهم"، لتشرق شمس الخميس 2 يناير معلنة الحداد علي ضحايا أحداث العنف الدامي. المشهد الأكثر قسوة -أمام مشرحة زينهم التي أحتضنت أكثر من 15جثة تتراوح أعمارهم من 02 إلي 42 عاماً - عندما حضر أهالي الضحايا ليبحثوا عن أبنائهم وسط الموتي، وارتفع صراخ وعويل السيدات من أمهات كدن أن يصبن بالجنون من هول صدمة فقدان أبنائهن، وأمهات يبكين من الفرحة لعودة أبنائهن بإصابة سطحية، وأمهات تملأ وجوههن الحسرة والأسي علي الجثث المجهولة الهوية، وقالت إحداهن بنبرة مختنقة: جئت لأنهم يحتاجون لمن يبكي عليهم، فلم يتم التعرف عليهم حتي الآن، وليس من الضروري أن أفقد أحد أبنائي كي أطالب بإسقاط حكم العسكر، فكانوا يوماً معنا بالميدان يهتفون ضد الظلم والقهر، وجعلوا الثورة تصل حتي إلي ملاعب كرة القدم. لم يغادر أفراد الألتراس مشرحة زينهم إلا حين التعرف علي زملائهم المجهولين، فهم متحدون للنهاية حتي لو فرقهم الموت، فوقف أحدهم - مصاب في رأسه - في حالة انهيار تام بعدما دخل إلي ثلاجة المشرحة ووجد صديقه الذي لا يتعدي عمره 21 عاما جثة هامدة، وصار يردد حازم "أحمد نصر مات!!" وأمه تائهة بين مدرجات النادي الأهلي، تبحث عنه أملاً في أن تجده حيا يرزق، وأخبرنا أنه يعلم باقي المجهولين الذين وصل عددهم إلي ستة في عصر الخميس 2 فبراير لكنه يجهل أسماءهم مضيفاً: "كان يجمعنا حب النادي، نغني ونشجع دون أن نهتم بأسمائنا". ولا يعرف كريم - أحد أفراد الألتراس - كيف يعود إلي بيته دون أصدقائه الذين فقدهم بسبب تعصب السلطة - علي حد وصفه - التي جعلت الملاعب تتحول إلي ساحة قتال، وتذكر أعز أصدقائه الذين استشهدوا ويدعي حسن فهمي قائلا: "وجدت الدماء تتدفق من رأسه وكأنها نهر؛ فالبلطجية اعتدوا عليه بالأسلحة ولم يكن هناك طاقم طبي لإنقاذه، لم نجد سوي دكتور النادي (إيهاب علي) والذي كان في ذهول لعجزه في أن يفعل شيئا أمام عدد القتلي والمصابين". ولم ينس صديقه أنس - أصغر شهيد للألتراس - والذي تم دفعه من فوق المدرجات ليسقط لافظا آخر أنفاسه، عائداً إلي والديه مكفناً بعدما رغب منذ شهر عبر صفحته علي الفيس بوك أن يسمع خبر وفاته وهو حي، كي يري العيون التي ستبكي عليه، وكأنه شعر بأن عمره قصير، وأضاف كريم أن مصر جميعها تبكي عليه وينفطر قلبها لفراق ابتسامته البريئة الصافية. ويعود بذاكرته إلي الوراء ليصف ماحدث بالمجزرة، مؤكدا أن المؤامرة ظهرت بين الشوطين، عندما اقتحمت الجماهير الملعب وتراجع عساكر الأمن المركزي الذين عجزوا عن السيطرة عليهم، وحدث تراشق بيننا وبينهم بالحجارة، وانهال بعض رجال الأمن علينا ضربا، ولم نجد سوي غرفة اللاعبين كي نختبئ فيها. يلتقط منه خيط الكلام إبراهيم محمد وهو ينفي أن تكون الجماهير التي هجمت علي ألتراس الأهلي جماهير كرة قدم، ويستطرد: قاموا بإلقاء الشماريخ علينا بين الشوطين والحكم لم يلغ المبارة، والأمن هم من فتحوا لهم الأبواب ليعتدوا علينا بالشوم والكراسي والأسلحة، وتم إصابة الكثير بالاختناق نتيجة التدافع والضغط. ويواصل: أحمد فتحي لاعب الأهلي قال للأمن إن جماهير المصري سوف تتسبب في كارثة وستقتل جماهير الأهلي فكان جزاؤه أنه تعرض للضرب، فكيف يحمي الأمن الجماهير وهو لا يستطيع حماية اللاعبين؟!. النجاة من الموت جعلت إبراهيم يظن أن المجزرة انتهت بمجرد وصولهم للقطار لكن لاحقهم البلطجية راغبين في إضرام النار بالقطار كي يتم التخلص من ألتراس الأهلي نهائياً. أما محمد سعد فخرج من حادثة استاد بورسعيد بكسر في يديه نتيجة التزاحم والتدافع، فيشير إلي أن حق هؤلاء الضحايا لن يعود إلا بتسليم المجلس العسكري للسلطة، بعد تدبيرها للمجزرة مع الحكومة، فبعد انتهاء المباراة، من الطبيعي أن نغادر الملعب، لكن تم محاصرتنا من جماهير المصري الذي صعد إلي مدرجاتنا، وقاموا بإلقاء الجماهير من مسافة 01 أدوار علي الأسفلت، ثم عادوا لمحاصرتنا من جديد في ممر الخروج. يتساءل: من أين جاء ألتراس المصري بكل هذه الأموال لشراء الشماريخ والأسلحة؟! ويخمن بأن تمويلهم من جهة تريد إشعال الفوضي في مصر بعد إلغاء حكم الطوارئ، واصفاً ذلك اليوم الدامي بيوم في إسرائيل وليس ببورسعيد. إسراء النمر »آخر ساعة« مع مصابي أحداث الداخلية الأهالي يؤكدون إصابة ذويهم ب (خرطوش) وأعيرة نارية تتصاعد الأحداث الملتهبة في مصر يوميا، فما إن فجع المصريون من أحداث مباراة بورسعيد التي خلفت وراءها 47 قتيلا حتي اندلعت الأحداث في محيط وزارة الداخلية ليسقط عدد جديد من القتلي والمصابين، وراء كل واحد منهم قصة معاناة. آخر ساعة رصدت أحداث الداخلية عن قرب والتقت عددا من المصابين في المستشفيات.. وإلي التفاصيل. لم تقتصر أحداث مباراة كرة القدم في بورسعيد علي الوقائع التي حدثت فيها فقط ولا الدماء التي وقعت علي أرضها، وإنما امتدت أيضا إلي أحداث وزارة الداخلية فكل المصابين والضحايا الذين أصيبوا أمامها خرجوا جميعا بسبب استفزازهم لما حدث في بورسعيد كما قالوا هم أنفسهم أو ذووهم.. خرجوا منددين بالانفلات الأمني الذي سبب تلك الكارثة بعد المباراة متسائلين: هل يعقل أن تحدث تلك المجزرة بسبب مجرد مباراة كرة القدم من المفترض أنها للترفيه فقط! وأين الأمن؟ ذهبوا أمام مبني وزارة الداخلية وحدثت الاشتباكات بينهم وبين الأمن حتي وقع ضحايا ومصابون امتلأت بهم المستشفيات ومنها مستشفي قصر العيني. دخلنا المستشفي وفوجئنا بأناس كثيرين يفترشون الأرض وآخرين يقفون في حالات بكاء.. والبعض يحاول الدخول إلي حجرات المرضي ولكن العاملين يمنعونهم من الدخول حرصا علي حالات المرضي والمصابين وخاصة الحالات الحرجة. في غرفة الرعاية تحدثنا مع د. أحمد لطفي المشرف والمدرس المساعد للرعاية الذي أكد وجود حالتين في غاية الخطورة الأولي: شخص يدعي حسام رضوان الذي حضر مصابا برصاصة في رأسه وهو الآن شبه ميت وحالته خطرة جدا إذ يعتبر ميتا إكلينيكيا ولكن مازالت الأجهزة معلقة به حتي يتوفاه الله. تحدثنا مع شقيق الحالة الذي قال إن شقيقه حسام عمره 03عاما.. متزوج منذ ثلاث سنوات ويعول طفلة عمرها سنتان ويعمل موظفا في بنك مصر.. وقد اعتاد المشاركة في التظاهرات المختلفة كأي مواطن مصري مهموم بقضايا وطنه وكان دائما ينزل التحرير وهذه المرة نزل في أحداث الداخلية والسبب هو الاستفزاز والحزن من أحداث بورسعيد وما حدث فيها من مجزرة لإخوانه المصريين.. وفجأة وأثناء تسجيله مع إحدي القنوات الفضائية وقع علي الأرض عندما اخترقت رصاصة رأسه لم يعرف مصدرها. ويواصل : إنه يعرف أن أخاه شبه ميت وأن الأطباء صارحوهم بذلك وأن خالته التي ربته سوف تموت من أجله فهي سيدة مسنة وحالتها سيئة لاتحتمل .. وتساءل هذا الأخ المنهار: لماذا يحدث ذلك؟ ولماذا يقتل المصري أخاه المصري أيا كان سواء كانت الرصاصة من الأمن أو من البلطجية.. فهو في النهاية مصري. والحالة الثانية في نفس عرفة الرعاية وهي حالة عمرو هشام سيد الذي أصيب بخرطوش دخل صدره ثم اخترقت الرصاصة من الصدر ودخلت إلي البطن وتم إجراء عملية له في الصدر وتم فتح صدره بالكامل ولم يتوقف الأمر عند ذلك ولكن الرصاصة عبرت أيضا إلي داخل بطنه ومن المفترض أن تجري له عملية أخري وكان وسط الأحداث يراقب مايحدث وفجأة أصيب ووقع علي الأرض وتم نقله إلي المستشفي في هذه الحالة الخطيرة. خرجنا من غرفة الرعاية لنتجول في باقي الغرف.. تقابلنا مع إحدي الممرضات رفضت ذكر اسمها ولكنها أخبرتنا أن معطم الإصابات الموجودة بالبطن والصدر والأرجل وهناك إصابات بالرأس ولكن الأكثر الإصابات بالصدر والبطن.. وأخبرنا طبيب شاب أيضا من طاقم متابعة المصابين أن معظمهم مصابون نتيجة رصاص أو خرطوش وبعضهم برصاص مطاطي أيضا.. وأن معظم هذه الحالات تم إجراء عمليات استكشاف لها وسونار لتتبع النزيف أو الرصاص ومعظمهم تم عمل أنبوبة صدرية لهم لسحب النزيف. دخلنا إلي عنبر (5) حالات جراحية أو طوارئ تحدثنا مع سيدة تجلس بجانب ابنها النائم علي السرير مغمض العينين لايستطيع التحدث وحالته سيئة ويدعي محمد عبدالخالق إبراهيم.. أخبرتنا الأم أن ابنها محمد أصيب 7 إصابات في مناطق خطيرة وحساسة بجسده بسبب 7 بليات اخترقت جسده.. فهو مصاب في الحوض والخصية والبطن وتم إجراء عملية جراحية له بمجرد دخوله.. وأنه كان يقف وسط زملائه يشاهد الأحداث وفجأة أصابته رصاصة من عربة أمن مركزي حسب قولها وقع علي إثرها غارقا في دمائه وتم نقله إلي المستشفي. وعلي السرير المجاور له يرقد شاب صغير السن مصاب برصاص مطاطي وخرطوش في بطنه وفي الرئة أيضا وإصابته خطيرة ويتنفس بصعوبة حتي ملابسه تلامس جسمه أيضا بصعوبة بسبب إصابته وبطنه المفتوحة ورئته أيضا وأجريت له عملية جراحية.. وعلي السرير المجاور له أيضا حالة أسوأ.. بل في منتهي السوء والخطورة وهي حالة أحمد محمد شتا الذي تحدثت إلينا شقيقته وقالت إن الضباط هم الذين ضربوه وأنه أصيب بانفجار في المعدة نتيجة إصابته بطلق خرطوش اضطر علي إثرها أن يتم قطع جزء من معدته واستئصال الطحال بالإضافة إلي إصابات في الشرايين والمثانة فهو كما تقول: نزع نصف جسده بعد أن أجريت له عمليات جراحية فور دخوله ومازالت حالته خطيرة وتحتاج إلي اهتمام ومتابعة. وعلي السرير المقابل حالة الشاب محمد عبدالتواب الذي يقف أمامه والداه وبعض أقاربه وقالت أمه إن ابنها أصيب نتيجة 2 خرطوش في الرئة اليمني وأن هناك أمناء الشرطة هم الذين أصابوه علي حد قولها وهو الآن يتنفس بصعوبة. توجهنا إلي مدير المستشفي د. علاء ماهر الذي أخبرنا أن إجمالي الحالات التي ترددت علي المستشفي منذ 2 فبراير حتي تواجدنا معه بلغت (481) حالة منهم (05) حالة محجوزة الآن وخمس وفيات.. سألته: كيف يتم التعامل مع الحالات عند دخولها المستشفي؟ فأجاب: أنه عند وصول المصابين إلي الاستقبال يبحثون الحالات لتصنيفها كل حسب القسم المختص به سواء عظام أو جراحة أو رمد وتقوم الجهة المختصة بعمل اللازم له من أشعات أو جبس أو جراحة وفي حالات الجراحة يتم عمل الأشعات التليفزيونية أولا ثم يتم عمل الجراحة اللازمة له بسرعة بمجرد دخوله.. وأن المستشفي يستقبل جميع الحالات بصرف النظر عن خطورتها أو مدي الأمل في شفائها ولكن مادامت عربة الإسعاف نقلته إلي المستشفي فيتحمل المستشفي مسئوليته ويعطي له العلاج اللازم أو الجراحة اللازمة وحتي الحالة التي يقال عن موتها إكلينيكيا لايتم نزع الأجهزة عنها إلا إذا توفاه الله الوفاة الحقيقية حتي لايتم التقصير في حق المريص.. وبالنسبة لمدي استيعاب المستشفي للحالات وخاصة غرفة الرعاية فإن الحالات كثيرة وأحيانا لاتستوعبها الرعاية ولكن تم التصرف في خمسة أسرة إضافية وإلا فيتم تحويلهم إلي مستشفي آخر أو إلي وزارة الصحة. ريحاب محمد