»عندما وجدت ثمن اللحمة التي اشتهيتها لم أجد أسنانا تأكلها«.. مقولة للكاتب المسرحي والأديب برنارد شو تعبر عن حكمة بليغة لواقع وحال الإنسان في أي زمان ومكان، فالأمنيات التي يتمناها المرء لنفسه أو لأولاده وأصدقائه إذا لم تتحقق إما أن تغيب وتتوه مع الأيام أو تعلق بالذاكرة تطفو بين الحين والآخر لكنها تختلف عن الأماني والأحلام الكبري التي يظل الإنسان يتمناها سرا وعلانية لا تبعد عن عقله ووجدانه، مثال لتلك الممثلة التي شاركت عمر الشريف في بطولة الفيلم الأمريكي الذي لا أذكر اسمه وأتذكر أحداثه جيدا عن المرأة التي ذهبت للمحل لشراء الفستان الذي رأته وأعجبها وتحلم أن تلبسه، عندما علمت ثمنه الباهظ الذي يفوق كل إمكانياتها المتوقعة لسنوات ظلت تذهب في يوم إجازتها الأسبوعية لأكثر من خمسة عشر عاما تطمئن علي وجود الفستان وظلت تدخر طوال السنوات وعندما أدركت أنها حازت المبلغ وذهبت مسرعة واشترت الفستان احتضنته بلهفة وشوق وحنان ووضعته في صدارة بيتها تتغزل فيه كلما رأته، رغم أنها لن تستطيع لبسه فجسمها تغير شكله عن سنوات مضت وسعادتها في حصولها عليه حتي وإن لم ترتده فيكفيها أن تراه وتلمسه. وما حدث لصديقتي قريب من هذا تمنت خاتما كبيرا أعجبها، كان ثمنه منذ خمسة عشر عاما ثلاثة آلاف جنيه، طلبت من زوجها أن يشتريه لها، وعدها ولم يجب حتي جاءته ترقية كبري في عمله احتل بها مكانة وتضاعف دخله فأرادت أن تنعش ذاكرته بتذكيره بالخاتم لكنه أنكر الحديث واستنكره وكان الخاتم قد وصل ثمنه لخمسة آلاف، انتظرت سنوات حتي حازت المبلغ وكانت قد وصلت لعامها الخامس والخمسين وسعر الخاتم خمسة عشر ألفا اشترته ووضعته في إصبعها في سعادة وفرحة لا توصف ثم خلعته ووضعته في علبته الأنيقة وهي تنظر إليه تحادث نفسها همسا بأنها في هذه المرحلة لا تحتاج إلي الخاتم تنظر إلي يدها وقد تغيرت بفعل السنين وكلما فكرت أن تلبسه لا تجد نفسها في نفس الجرأة أو الرغبة لارتدائه فتحقيق الأمنية في وقت تمنيها هو السعادة بعينها وكل ما يجئ في غير أوانه مهما غلا ثمنه لا يعني شيئا إلا ضياع التمني.