عندما كان شاب يعاكس فتاة تقول له: يادمك السم أو البارد أو اللي يلطش أو رحت تتبرع به مالاقوش عندك دم!.. ده بالطبع قبل 52 يناير، فقد أكد الشباب المصري بعد أن سالت دماؤهم الغالية وأوراحهم الطاهرة في ميادين التحرير أنهم عندهم دماء ثائرة تفور كالبركان ضد الظلم والفساد والاستبداد ولو بعد طول سنين. أما الفتيات فقد أدركوا أن شبابنا عندهم دم بيغلي بعد أن لمسن ذلك عند تضميدهن لجراحهم، فقد شعرن بمرارة هذه الدماء الساخنة وحاولن باستماتة وقف تدفقها ونزيفها قبل أن تفيض أرواحهم بالشهادة والتي ضحوا بها في سبيل وطن يعرف معني الكرامة والشرف والعزة. ومن يومها لم تهدأ بنت مصر بعد أن عرفت الحقيقة التي توارت لسنين خلف شعارات وأكاذيب وافتراءات رفعها وأعلي من قيمتها نظام حكم أقل مايقال عنه إنه لم يكن يعرف الله وأن هناك خالقا يمهل ولايهمل وأن ساعة عدل واحدة تعدل سبعين عاما من الصلاة المقبولة كما علمنا الرسول ([). واليوم 52 يناير أحد أيام مصر التي لن ينساها التاريخ أو يسقطها من أجندته بل سوف يسجلها ضمن أيام لها تاريخ كما وصفها أستاذنا أحمد بهاء الدين. كما أنه اليوم الذي وقفت فيه الفتاة المصرية بجوار الفتي الشهم ذي الدماء الثائرة تهتف بسقوط النظام وأتباعه، ولما طالت بهما الأيام في انتظار تحقيق الحلم ذهبت تجهز العدد والعدة وتشحن العزيمة في البيوت والحارات والطرقات ثم وجدناها تقف أمامه درعا بشريا في المظاهرات المستمرة، فهي تريد أن تتلقي الرصا صفي صدرها بدلا منه بعد أن زهقت روحه بين يديها أو وقفت عاجزة عندما تدفقت دماؤه الفائرة بين أصابعها، لتقول له : نحن أبناء وطن واحد هو مصر.. عارف يعني إيه مصر؟! واليوم علي كل فتاة وأخت وابنة وزوجة وأم تؤازر وتشد من عضد الفتي والأخ والابن والزوج والأب لكي يناضلوا ويكافحوا من أجل استمرار الثورة، حتي نعبر الصعب الذي يكاد يكون مستحيلا.. فدماء الثوار لها ثمن غال هو استرداد الوطن الذي خرج من عباءة التاريخ وسقط من إطار الزمن، وإذا كنا اليوم نبكي بدموع حزينة شبابنا الذين فاضت أرواحهم في ميادين التحرير.. فعزاؤنا أن الغد سيحمل ذكري هؤلاء الشهداء وسيثبت أن دمائهم العزيزة لم تضع هباء منثورا.