لم يكن السبت الماضي يوما عاديا في تاريخ الإبداع المصري ولم يكن هذا التميز بسبب فيلم عظيم تم عرضه أو قصيدة طالت سماء الإبداع وتجاوزت حدود الكتابة أو رواية ترشح كاتبها للخلود.. لكنه كان أعظم من كل ذلك حيث وقف المبدعون علي الخط الفاصل بين فقدان الحواس وبين التحليق الدائم.. وقفوا في نقابة الرأي (الصحفيين) ليعلنوا لكل من فاز أو ينتظر الفوز بحكم هذا البلد أن الحرية خارج المعادلة السياسية وأن طائر الإبداع فوق كل السلطات وأنه هوية هذا الوطن وروحه وقوته الناعمة خارجه.. عقد المبدعون المصريون مؤتمرهم الأول للدفاع عن حرية التعبير والحق في المعرفة.. وتشبه بداية "إنشاء جبهة مبدعي مصر " تلك البداية الرومانسية لثورة 25يناير العظيمة حيث التقت الجموع التي نفرت لتشكيل كيانات مثل كفاية و6 أبريل وغيرها تمهيدا للثورة فقد تحدث أعضاء غرفة صناعة السينما في الأمر وبالتحديد الدكتور محمد العدل والمنتجة والممثلة إسعاد يونس لتشكيل لجنة للدفاع عن حرية الإبداع وفي الوقت نفسه كان الفنان أحمد حلمي ومني زكي يتحدثان في الأمر لتشكيل لجنة من الممثلين وهو ما كان يتكرر لدي المخرج خالد يوسف في مكتبه وعبر اتصالات تليفونية اكتشف الأطراف الثلاثة أنهم جميعا يعملون من أجل هدف واحد وانضمت إليهم الكاتبة فتحية العسال والفنان فتحي عبدالوهاب بالإضافة إلي الحقوقي جمال عيد ودنيا أبوالفتوح التي تمثل مركز الدفاع عن حرية الرأي والتعبير. وعقدت المجموعة اجتماعات يومية لاستكمال الاستعداد لعدد كبير من الأنشطة بدأت بالمؤتمر الحاشد الذي عقد السبت الماضي وشهد حضور كل من المخرج داود عبدالسيد والشاعر سيد حجاب والروائي الكبير بهاء طاهر والفنان محمود حميدة والمخرج خالد يوسف والدكتور محمد العدل بالإضافة إلي عدد كبير من الفنانين والإعلاميين والأدباء حيث يقوم عدد كبير من المثقفين والمبدعين بعمل مسيرة من دار الأوبرا إلي مجلس الشعب يوم 23 يناير الجاري تليها أخري يوم 25 بالإضافة إلي حملة توقيع ومخاطبة جموع المبدعين في كافة الهيئات لبداية حملة إعلامية تهدف إلي حماية حرية الإبداع وتقوم مجموعة العمل بالاستعداد لمشروع قسم يتلوه كل شخص ويردده المتواجدون في كل فعاليات جبهة مبدعي مصر كما تستعد لإقامة حفل في 11 فبراير المقبل بدار الأوبرا. وأكد البيان الختامي الصادر عن المؤتمر علي مقولات أساسية أطلقها مبدعو مصر وأهمها أنهم لن يقبلوا بنزع روح مصر ووجدانها أو تغيير ملامح الشخصية المصرية ولن يتم السماح بالعبث في تراثنا الحضاري وإرثنا الثقافي، وتعهد مبدعو مصر في بيانهم أنهم لن تهدأ نفوسهم حتي تعود مصر إلي ريادتها العلمية والفنية، كما تعهدوا بالوقوف صفا واحدا في وجه من يريدون إطفاء طاقة التنوير سواء بإرهاب العقول أو التكفير أو التخوين.