هيئة الأوقاف أنشئت أصلا لتختص بإدارة واستثمار أموال الأوقاف بموجب القانون رقم 08 لعام 1791، وتتصرف فيها علي أسس اقتصادية بقصد تنميتها، وتم ذلك بجدارة علي أيدي قيادات هذه الهيئة من أبناء وكوادر الأوقاف علي مدي سنوات طويلة.. وإذا كان الوقف الخيري بعد ثورة 52 يناير في حاجة إلي حماية أموال البسطاء عن أي وقت مضي، فإن ذلك لن يتم في ظل رئيس حالي لهيئة الأوقاف من خارج الوزارة، وهو بالمناسبة »لواء« سابق وصدر ضده حكم بالحبس 3 سنوات مع الشغل والعزل من الوظيفة وكفالة عشرة آلاف جنيه ، لامتناعه عن تنفيذ أحكام علاوة علي توالي المظاهرات التي تطالب بعزله منذ قدوم الثورة، ومع ذلك فشل 3 وزراء أوقاف هم: الدكتور محمود زقزوق، والدكتور عبدالله الحسيني، والدكتور عبدالفضيل القوصي، في تنحيته استجابة لرغبة العاملين في الأوقاف، وقد حان الآن تغيير هذه النظرة الضيقة، ومن حق الرأي العام أن يختار القيادات التي تواكب هذه المرحلة الجديدة في تاريخ مصر، وعلي أسس ذكية ونظيفة قائمة علي الوضوح والشفافية، ووزارة الأوقاف تملك قيادات تتمتع بالنزاهة والكفاءة، فلماذا تستعين ب »الجنرالات« من خارجها أصلا؟! ففي أوائل عام 8002 تم تعيين لواء متقاعد سابق رئيسا لهيئة الأوقاف المصرية، وهو بالمناسبة من مواليد 42/01/4591، وهو خريج الكلية الحربية، خلفا للمهندس عبدالرؤوف محمد الذي وافته المنية بمرض عضال، وأصدر قرار تعيينه أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق! جاء اللواء »بالبراشوت« علي الأوقاف، ومنذ أن تولي رئاسة هيئة الأوقاف وهي تشهد نزاعات بينها وبين أطراف عديدة تتزايد يوما بعد يوم، وحدثت مواجهات عنيفة بينه وبين العاملين، كان أبرزها تلك الحشود والمظاهرات حول مكتبه مع قدوم ثورة يناير الماضي، وطالبوا بتفتيش الأوراق والمستندات الموجودة بداخله، وطالبوا برحيله، وأثناء ذلك جرت محاولة لإحراق تلك المحتويات واشتعلت النيران، ولا أحد يستطيع حتي الآن »التكهن« بأن النار قد أحرقتها فعلا، أم تم تهريبها! وفي حين أن العاملين بهيئة الأوقاف يطالبون بزيادة المرتبات علي أساس أنهم ينتمون لجهة »غنية«، والكثير من الاحتجاجات تخرج لتطالب بتثبيت العمالة هناك، إلا أن رئيس الهيئة مازال يتمتع بالمرتبات والبدلات والمكافآت الفلكية التي يحتكرها لوحده فقط حتي الآن، ومازالت التفرقة موجودة، ولا تطبق هذه الامتيازات علي كل العاملين، والمفروض علي هذا »الجنرال« أن يعلن بالتفصيل علي الرأي العام مجموع المبالغ التي تدخل جيبه شهريا، ولا يتقاضي ربعها أبناء العاملين بالأوقاف الذين هم في مثل عمره، والذين تعبوا وكافحوا طويلا في أروقة الوزارة، وبدأوا السلم الوظيفي من داخلها! ومن أشهر المظاهرات والاحتجاجات ضد هذا »الجنرال« عندما احتشد آلاف الفلاحين لتصعيد موقفهم الرافض أمام مجلس الوزراء، وكانت أسباب تلك المواجهة مع بدايتها حين قام رئيس هيئة الأوقاف ببيع بعض الأراضي وتأجير بعضها الآخر في المزاد بشكل »سري« هكذا نشر في الصحف اليومية وبدون إخطار لبعض »الوسطاء« لمدد مؤقتة من ثلاث إلي خمس سنوات بقيمة 0002 جنيه للفدان في السنة، والذي يعيد هذا »الوسيط« تأجيرها للفلاحين بإيجار 0006 جنيه في السنة.. أي بثلاثة أضعاف، وطبقا للروايات المنشورة علي لسان المزارع أحمد صالح الذي قال إن الهيئة ترفض تأجير الأرض لهم بنفس السعر الذي تعطيه للوسيط، علما بأن كل مزارع يضع يده في مركز ناصر محافظة بني سويف علي 8 قراريط أو نصف فدان يعيش من دخلها 21 فردا علي الأقل! وكانت مطالب الفلاحين وساكني أراضي هيئة الأوقاف أبطال المظاهرات ضد »الجنرال« إياه تتلخص في وضع أسعار تتناسب مع أوضاعهم المادية وتحرير عقود تثبت ملكيتهم للأراضي التي يزرعونها، والبيوت المقيمة فيها منذ عشرات السنين، وإلزام الهيئة بتحرير »عقد نهائي« فور قيام المزارع بالسداد الكامل، وعقود ابتدائية في حالة دفع مقدم الثمن.. وأخطر هذه المطالب الفئوية العادلة لأهلنا الفلاحين إلغاء المزادات »السرية« السابقة التي باعت الأرض لرجال أعمال ووسطاء! وواضح جدا أن تلك الاحتجاجات والمظاهرات ضد رئيس الهيئة قد وجدت أخيرا صدي من أجهزة الدولة، بدليل أنه قد تم وقف المزاد السنوي لهيئة الأوقاف حديثا، والذي وصل إيراده في العام الماضي إلي 00877 مليون جنيه.. فماذا كان رد فعل رئيس الهيئة علي وقفه؟ لقد أعلن »الجنرال« رئيس هيئة الأوقاف المصرية وقف أي مشروعات جديدة، وأن السبب في إرجاء البدء في تلك المشروعات هو انخفاض إيرادات الهيئة لأقل من النصف بسبب وقف هذه »المزادات«، وبأن الدخل حاليا يعتمد علي البدل الذي تستثمره الهيئة في البنوك، وتستخدم عائده في المشروعات، إذ يستخدم حاليا 3 مليارات جنيه لاستكمالها! وإذا كانت أفكار وخطط وطموحات رئيس الهيئة متوقفة حاليا عند هذا الحد، فمطلوب مسئول آخر من نفس الهيئة أكثر دراية بتطوير مواردها لتنفيذ مشروعات ذكية يستفيد منها طابور العاطلين الذين يبحثون عن وظيفة، وملايين الشباب الذين يلهثون ويبحثون عن شقة رخيصة بشروط ميسرة تناسب دخولهم البسيطة، باختصار: مشاريع يستفيد منها رجل الشارع »الغلبان« لا لخدمة المستثمرين ورجال الأعمال حتي يزدادوا ثراءً!!! إلي متي ستصبح الهيئة مغارة للمحظوظين بمرتبات فلكية في هذا الموقع الذي يحلم به »الجنرالات« السابقون.. وللأسف الشديد ما أكثرهم في الأوقاف!!!