د. محمد البرادعى لكن الأكيد أن البرادعي كان له السبق الأكبر في إلقاء أول حجر في الماء الراكد للنظام القديم والرجل الذي هجم كالكابوس علي مبارك وأعوانه في الحكم واستطاع أن يضع في قلوب المصريين لأول مرة الأمل في التغيير والتخلص من نظام تمكن عبر سنوات وسنوات من إفقار المصريين وإبعادهم عن السياسة ودفعهم للوقوع في براثن الجهل والمرض ليصبح الهم اليومي هو الحصول علي رغيف الخبز دون التفكير في ترف المشاركة السياسية التي قصرها مبارك علي "محاسيبه " . كثيرون رأوا أن قرار البرادعي جاء صائبا وفي الوقت المناسب وآخرون شعروا بالصدمة الكبيرة لغياب شخص بقيمة وقامة البرادعي إحدي الشخصيات المصرية القليلة المؤثرة دوليا فهو الحائز علي جائزة نوبل للسلام وهو من اختارته مجلة تايم الأمريكية ضمن أكثر 01 شخصيات مؤثرين في العالم. لكن ذلك لاينفي أن شعبية الرجل متدنية في مصر فقد نجحت أجهزة إعلام مبارك ومن بعده المحسوبون علي التيار الإسلامي في رسم صورة سيئة لهذا الرجل ..وبالفعل تعرض لحملة تشويه بشعة توارثها التيار الإسلامي عن نظام مبارك .. حيث سعي إعلام مبارك المضلل إلي إلصاق تهمة تمهيد الطريق لغزو العراق بالبرادعي الذي كان وقتها رئيسا للمنظمة الدولية للطاقة النووية المعنية بالتفتيش علي المنشآت النووية ونجح إعلام مبارك في حبك القصة حتي استقرت في أذهان الناس وفشلت كل حجج البرادعي في دحض هذه الأكذوبة التي أمن بها قطاع كبير من المصريين . وبعد أن صعد التيار الإسلامي ظهرت نوافذ جديدة للهجوم علي البرادعي من التيار السلفي الذي يكن عداء غريبا للرجل فقد وضعوه في سلة واحدة مع المصالح الأمريكية في المنطقة ثم بدأوا في الخوض في حياته الشخصية والنبش في طريقة حياته مؤكدين للناس أننا أمام مرشح رئاسي غربي لا ينتمي لحضارة الإسلام ورغم كل محاولات البرادعي لمواجهة هذه الحملة الشرسة إلا أن الإسلاميين لم يتوقفوا وأضيفت علي همومه هموم أكبر . وإذا نظرنا لطريقة الرجل في العمل والحياة نجد أننا أمام شخصية انطوائية بطبعها حتي أن أحد اسباب ابتعاد الدكتور أسامة الغزالي حرب مؤسس حزب الجبهة الديمقراطية عنه خلال الفترة الماضية كانت عدم رغبة البرادعي في النزول للناس والاختلاط بهم وهذه كانت الإشكالية الكبري التي ظلت حائلا بين البرادعي والمصريين طوال الفترة الماضية. هذا الأمر أكده وأوضحه الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية وزاد عليه أن البرادعي لم يعط قضية التغيير لا الوقت ولا المجهود الكافي وقال إن البرادعي ظل لفترة طويلة علي رأس منظمة دولية والذين يقودون المنظمات الدولية تغلب عليهم النزعة الديكتاتورية لأنه عادة ما يأمر فيطاع وليس ذلك من سمات العمل السياسي حيث إن التعامل مع موظفين مختلف تماما عن التعامل مع نشطاء سياسيين. وأضاف نافعة أن الدكتور البرادعي لم يدرك الفرق بين التعامل مع الموظفين الدوليين وبين السياسيين ونحن في وقت سياسي مجدد ثم إن معرفة البرادعي بالواقع السياسي المصري محدودة ولا أقصد مشكلات مصر ولكن أقصد الواقع السياسي والأشخاص والخريطة السياسية المصرية لذلك كان يتصرف بطريقة تصنع مفارقة مع الواقع. وأضاف أنه انسحب من الجمعية المصرية للتغيير بسبب وجود البرادعي الدائم في الخارج قبل الثورة وبعدها.. وقال: لاحظنا تواجده بشدة بالخارج لو كان تواجد بشكل دائم في الجمعية ومارس نشاطه داخلها لأصبحت الجمعية الوطنية للتغيير هي القائد الرئيسي للثورة. وأكد نافعة أن البرادعي أضاع فرصة كبيرة جدا ولأنه غلب مصالحه الشخصية علي الوطن وكانت قضيته هي رئاسة الجمهورية وليس الوطن بذاته رغم تقديري للبيان الذي أصدره في البداية والذي جعلنا نستقبله في المطار واعتباره رمز التغيير القادم إلا أن سفره المتكرر للخارج أثر علي الجمعية تأثيرا سلبيا، وقد انتقدته في إحدي مقالاتي وقلت إن عليه أن يكون صريحا ويقول للناس ما يستطيع وما لا يستطيع.. غضب مني كثيرا وتأثر من هذا.. وهذا السلوك ليس ديمقراطيا علي الإطلاق، والحقيقة تجربتنا مع البرادعي أثبتت أنه ليس ديمقراطيا ويضع نفسه فوق الجميع علي الرغم من اعتقادي أنه أفضل المرشحين الحاليين ولكنه لا يرقي لأن يكون الرئيس الحقيقي لمصر بعد الثورة فمصر لاتزال تنتظر فارسها وأتمني أن يظهر قريبا ". اعتبر حزب النور السلفي أن قرار انسحاب الدكتور محمد البرادعي- المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، من الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية المقبلة، جاء بناء علي أنه وجد أن الشارع المصري قد أيد التيار الإسلامي خلال الانتخابات النيابية دون سواه. وقال نادر بكار- المتحدث الإعلامي باسم حزب النور السلفي، "طالما اتخذ الدكتور محمد البرادعي قرارًا بترك سباق الرئاسة، ادعو الله أن يوفقه في مجال آخر يخدم به البلد، فلماذا لا يترك لنفسه فرصة للتجربة في عمل آخر"، في أولي تعليقاته علي قرار انسحاب البرادعي من انتخابات الرئاسة المصرية. من جانبه، قال الدكتور محمود رضوان- القيادي بحزب النور السلفي: "إن انسحاب البرادعي نتيجة قراءته للشارع المصري والذي أعلن تأييده للإسلاميين في الانتخابات، وإدراكه أن الشعب يختار من يحافظ علي هويته". واعتبر محللون سياسيون انسحاب البرادعي اعترافا بأنه لا يمكنه الفوز مؤكدين انه ربما لا يملك التأييد الشعبي اللازم كي يفوز في الانتخابات الرئاسية... وهو يعرف ايضا أن الرئيس القادم لن تكون له مطلق الصلاحيات وسيكون مقيدا بالنظام الحالي مؤكدين أن انسحابه من السباق الرئاسي يربط نفسه بالحركة الشبابية والليبراليين الذين همشهم الإسلاميون خلال العملية الانتقالية." وأصيبت الحملة الانتخابية للبرادعي بالضعف بسبب الانقسامات في نوفمبر الماضي حيث استقال بعض المشاركين في قيادة حملته قائلين إنه منفصل عن قواعده الشعبية وذلك عقب الظهور القومي للجماعات الإسلامية في الشارع السياسي كما انقسمت صفحات جروبات حملة البرادعي في الجامعات المنتشرة علي الفيس بوك لتأييد البرادعي، ما بين تأييد ومعارض لخطوته التي اتخذها بالانسحاب من الترشح لانتخابات الرئاسة وطالبت غالبية التعليقات "البرادعي" بالتراجع وتساءل عدد كبير من الشباب "اذا كان البرادعي عايز مصر فيها أمان واستقرار وحرية وحالة اقتصادية ممتازة علشان يترشح للرئاسة طيب إنت هاتعمل ايه لو نجحت، المفروض إن الرئيس القادم هيبقي ليه دور كبير في تشكيل هوية البلد مش هيبقي عايز يجي ياخدها ع الجاهز". وصمم عدد من مؤيديه بروفايل يحمل صورته، يشكرونه علي انسحابه وكتب شباب الحملة علي عدد من الصفحات الأخري يدعون فيها لاستكمال النضال علي حد وصفه قائلا "من كان يهتم بالعمل السياسي من أجل البرادعي فالبرادعي انسحب ومن كان يهتم به من أجل مصر فمصر هي الباقية وقال آخرون إن مؤيدي البرادعي اللي أصابهم اليأس من خطابه، يبقوا أيدوه دون أن يفهموه، فالبرادعي يقول بوضوح أني سأعود للعمل مع الشباب من نقطة الصفر، لأننا عدنا لنقطة الصفر.... جاهزين يا شباب التحرير؟" وأضافوا "نحترمك ونحترم قرارك وسيذكر لك التاريخ أنك رفضت أن تشارك في هذه المؤامرة وأنا معك إلي النهاية وإلي أعداء الحرية والكرامة انتظروا الفارس في ميدان أوسع وأرحب فلا تأمنوا كثيرا، فأنصار المبادئ لا ينهزمون أبدا". وكتب طلاب الحملة بكلية الهندسة جامعة عين شمس "البرادعي نقي وموقفه متوقع لأن النظام لم يسقط...شكرا دكتور البرادعي... المجد للشهداء.. اللهم اشف مصابي الثورة"