يحلو للبعض أن ينظر دائماً لنصف الكوب الفارغ، ليؤكد أن ثورة يناير كان لها تأثير سلبي علي السوق السينمائي، ويدلل علي رأيه بسقوط بعض الأفلام السينمائية لكبار نجوم الشباك، ولكن الحقيقة أن الفشل كان نهاية منطقية جدا لحالة الاستخفاف التي قامت عليها أفلام من نوعية" فاصل ونعود" لكريم عبدالعزيز، و"365يوم سعادة "لأحمد عز، وكل من الفيلمين تزامن عرضه مع الأيام الأولي من شهر يناير الماضي، وكان نفس المصير ينتظرهما لو أنهما عرضا قبل هذا التاريخ أو بعده. وحجة تخوف الجماهير من الذهاب للسينما نتيجة الانفلات الأمني المزعوم ، حجة واهية، بدليل إقبال جمهور وسط البلد علي مشاهده فيلم شارع الهرم الذي عرض في عيد الفطر، مع اختفاء رجال الشرطة من الشوارع تقريبا، ونجاح هذا الفيلم من الظواهر المحيرة التي تحتاج الي استشارة علماء الاجتماع، فلو كان الأمر يتعلق بحاجة الناس لأفلام هلس تلهيهم عن مشاعر الخوف التي تسيطر عليهم بعد الأحداث المرتبكة التي يمر بها المجتمع المصري منذ اندلاع الثورة، لكانوا قد أقبلوا علي أفلام من نوعية "بون سواريه" لغادة عبد الرازق، و"الفيل في المنديل" لطلعت زكريا،غير أن الغريب في هذا الشعب الرائع رغم بساطته أنه طبق بنفسه قانون الغدر بنفسه، وأسقط فلول الفن، كما أسقط فلول الحزب الوطني في الانتخابات البرلمانية! وكان وجود غادة عبدالرازق ضد فرص نجاح فيلم "كف القمر" للمخرج خالد يوسف! ولأن الناس ضاقت ذرعاً بمن يستغفلها ويضحك عليها باسم الثورة، لاقي "محمد سعد"ما يستحقه من فشل مع فيلمه "تيك تيك بوم"، وأتمني أن يفهم أن استمراره في تقديم نفس الشخصية"اللمبي"، بنفس الأسلوب ونفس الأفكار لن يكون مقبولا، بعد الآن! ومن الأفلام التي حاولت التمسح في الثورة وتدعي ملاحقة الأحداث فيلم "صرخة نملة"، الذي كتب نهاية لعمرو عبدالجليل، الذي لحقته الهزيمة الفنية مرتين في حياته، الأولي بعد أن تخلي عنه مكتشفه المخرج يوسف شاهين، والثانية عندما تخلي عنه تلميذ شاهين "خالد يوسف" بعد فيلم كلمني شكرا، وأعتقد أن عمرو عبدالجليل كان مرحلة وعدت في حياة خالد يوسف، كما كانت سمية الخشاب ومنة شلبي، وغادة عبدالرازق! طبعا الثورة بريئة تماماً من فشل الفيلمين اللذين قدمتهما منة شلبي هذا العام" إذاعة حب" و"بيبو وبشير" وهي من الفنانات التي خسرت كثيرا هذا العام، لأنها لم تدرك أن الاستمرار في نفس منهج الأداء لن يجدي نفعاً، وأن عليها أن تبذل جهداً كبيراً لتسترد ما خسرته بسوء اختيارها، وخاصة أن الساحة قد شهدت حضوراً مميزاً لبعض الوجوه الأكثر عفوية وقدرة علي التلون، مثل دنيا وإيمي سمير غانم، وحورية فرغلي. وفي الطريق كنده علوش، وياسمين رئيس، وبسمة ورانيا يوسف نجمات فيلم "واحد صحيح"! يثبت أحمد حلمي مرة أخري أنه الأكثر موهبة وذكاء بين نجوم الكوميديا ويحقق فيلمه إكس لارج، إيرادات وصلت إلي 25مليون جنيه وشوية فكة، وينتظر أن يستمر عرضه حتي موسم إجازة نص السنة في فبراير القادم! أما أحمد مكي فقد قدم فكرة مبتكرة في فيلمه سينما علي بابا، وكان ترتيبه الثاني من حيث الإيرادات! أهم أفلام هذا العام وأكثرها قيمة فنية أسماء بطولة هند صبري وماجد الكدواني، وهو من إخراج عمرو سلامة، وفيلم ميكروفون إخراج أحمد عبد الله وبطولة خالد أبو النجا، وحاوي إخراج وبطولة إبراهيم البطوط والمسافر للمخرج أحمد ماهر وبطولة خالد النبوي وعمر الشريف! والمركب إخراج عثمان أبو لبن وبطولة يسرا اللوزي وفرح يوسف ورغدة، ولو تأملت فيما عرضته السينما المصرية في عام 2011.. فسوف تجد أن الكم كان معقولا بدرجة كبيرة، حيث وصل عدد الأفلام الي مايقرب من العشرين، تميز منها خمسة وهي تمثل خمسة وعشرين بالمائة من جملة إنتاج هذا العام، وهي نسبة منطقية جدا في موسم يدعي البعض أنه الأسوأ، ولكنه في الحقيقة كان أفضل من سنوات أخري كانت فيها السينما المصرية تترنح من الفشل! شهد هذا العام عددا غير قليل من حالات الوفاة بين نجوم الفن، في أغسطس رحلت الفنانة هند رستم،وبعدها بأسابيع قليلة لحق بها كمال الشناوي وعمر الحريري ،كما توفيت الفنانة خيرية أحمد والمطرب عامر منيب الذي لم يكمل عامه الخمسين، وسيد عزمي صاحب شخصية "بقلظ " التي كان يحبها الأطفال حتي سنوات التسعينيات، أما الممثل محمود عزمي نجم المسرح القومي فلم يشعر برحيله أحد، وكان من أشهر من قدم شخصية وكيل النيابة في السينما والتليفزيون.