وهي المشكلة التي فجرت الموقف بصورة درامية حيث سقط 71 من المعتصمين أمام مجلس الوزراء وأكثر من 005 جريح واندلعت حرب كلامية واتهامات وتحليلات ذاتية علي الفضائيات وخاصة برامج (التوك شو) التي لايعلم أحد لمن ولاؤها وانحيازها.. هل لهذا البلد وشعبه أم لأصحابها وشركات الإعلانات والدخول الفلكية لفرسان (التوك شو) والنخبة التي تتنقل من قناة لأخري طوال الليل والنهار حتي وصفها البعض أنها أسوأ ما في ثورة يناير. وتوالت الأحداث المؤسفة التي أساءت لمصر كثيرا بل وللثوار أيضا في الداخل والخارج حتي أصبح غالبية أبناء الشعب غير راضين عما يقوم به الثوار مما أدي إلي أعمال عنف وعنف مضاد حتي انتشرت الفوضي واختل الأمن وبات الناس غير آمنين لا في بيوتهم ولا في ذهابهم وإيابهم حيث انتشرت أعمال البلطجة والفوضي والسرقة بالإكراه وخاصة سرقة السيارات.. ثم كانت الدعوة لتظاهرة جديدة يوم الجمعة الماضي في ميدان التحرير من مجموعة من التيارات السياسية والإئتلافات ضمت بضعة عشرات الآلاف تحت مسمي (جمعة رد الاعتبار) هدفها الإثارة وتهييج المشاعر ضد المجلس الأعلي لم يشارك فيها الإخوان المسلمون والتيارات الإسلامية وكان هذا بداية الانقسام ثم أعلن زعماء الكتلة الصامتة عن مظاهرة لهم في ميدان العباسية جمعة لا للتخريب دعما وتأييدا للمجلس العسكري وتقديرا لدوره في حماية الثورة والوصول بها إلي بر الأمان وشن المتظاهرون هجوما عنيفا علي بعض التيارات الإعلامية ومقدمي برامج التوك شو واتهموهم بخيانة الوطن وتضليل الشعب والجري وراء مصالحهم الخاصة. والمؤسف أن كل هذه الأحداث تجري ونحن في خضم المعركة الانتخابية لاختيار أول برلمان مصري بعد الثورة في انتخابات حرة ونزيهة وشفافة شهد لها العالم كله من خلال المراقبين الدوليين الذين تابعوا العملية الانتخابية في مختلف الدوائر الانتخابية عن كثب وكذلك أجهزة الإعلام المحلية والعربية والدولية.. والغريب في الأمر أن تطالب بعض القيادات الثورية بأن يتولي رئيس مجلس الشعب المنتخب القيام بمهام رئيس الجمهورية لحين انتخاب الرئيس الجديد وعندما قيل لهم إن رئيس مجلس الشعب القادم وطبقا للمؤشرات الانتخابية سيكون من التيار الإسلامي قالوا فليكن فذلك أفضل من استمرار المجلس العسكري حتي يونية القادم وهو مايدل بالتأكيد علي عدم النضج السياسي لدي هذه القيادات الشابة. والحقيقة أنه ينطبق عليهم تماما في هذا الصدد قول فضيلة الشيخ الشعراوي الثائر يظل ثائرا.. أما الثائر الحق فهو الذي يثور لكي يحطم الفساد ثم يهدأ لكي يبني الأمجاد.. وينسي هؤلاء الشباب أن هناك خارطة طريق تنص علي انتخاب مجلس الشعب وهو مانحن بصدده الآن ثم انتخاب مجلس الشوري وإعداد الدستور ثم إجراء انتخابات الرئاسة في يونية 2102 علي أن يتولي الرئيس الجديد مهام منصبه أول شهر يوليو القادم وذلك طبقا للإعلان الدستوري.. يا شباب فوقوا إلي وعيكم واعلموا أننا نبني مجتمعا جديدا ملكا للجميع وطبقا لمبادئ وأهداف الثورة العظيمة (حرية وديمقراطية وعدالة اجتماعية) أليست انتخابات مجلس الشعب أولي الخطوات الهامة نحو بناء الصرح الديمقراطي.. لماذا هذا الاستعجال والتحفز للتخوين وبث الفرقة بين أطياف المجتمع واعلموا جيدا أن التيارات الإسلامية لن تكون أحن عليكم من المجلس العسكري الذي حمي ثورتكم منذ اللحظات الأولي ومازال واعلموا أيضا أن الديمقراطية لاتعني ديكتاتورية القلة التي تعتصم في ميدان التحرير أو أمام مجلس الوزراء وتمنع رئيس المجلس ووزراءه من دخول مكاتبهم لمزاولة مهام أعمالهم.. نعم حق التظاهر مكفول بحكم الدستور والقانون ولكن علي ألا يجور علي حقوق الآخرين ويعطل مصالح الدولة كما أن استخدام القوة المفرطة ممنوع علي ألا يكون هناك أي نوع من أنواع الاستفزاز لأجهزة الأمن سواء شرطة أو جيش فهم جميعا أبناؤنا وآباؤنا وإخواننا والحفاظ علي الأمن هو مسئوليتنا جميعا حتي ننعم بالأمان والاستقرار والحياة الكريمة.. يدعي البعض أن هناك تقاعسا في تنفيذ مبادئ الثورة ومطالبها أليست (الحرية) هي أولي أهداف ثورة يناير حرية الرأي والفكر وتقرير المصير. عشرات الأحزاب والائتلافات تم تأسيسها بحرية كاملة بعد 52 يناير وكذلك الصحف وأجهزة الإعلام والفضائيات حرية الرأي والكلمة مكفولة لكل مواطن ولكني أناشد الجميع أن يراعوا ضمائرهم وأن يغلبوا مصالح الوطن العليا وأن تكون مزاولتهم لحقهم في الحرية انطلاقا من إحساسهم بالمسئولية والشعور بالوطنية.. هل من المعقول أن يقوم أحد مقدمي البرامج في إحدي الفضائيات بالتهكم علي تصريحات د. الجنزوري رئيس الوزراء وهو يستعرض في مؤتمره الصحفي الظروف الصعبة التي يمر بها الاقتصاد المصري من واقع أرقام ومعلومات رسمية حول تقاعس الدول الغربية والعربية من تقديم المساعدات المالية والاقتصادية التي وعدوا بتقديمها لمصر وذلك بسبب عدم الاستقرار الذي تشهده البلاد الآن وتراجع حصيلة البلاد من النقد الأجنبي وعزوف الاستثمارات العربية والأجنبية عن الحضور إلي مصر وتراجع عائدات قطاع السياحة وذلك بدلا من أن يناقش هذه القضايا بطريقة علمية لتوعية المواطنين وتبصيرهم بعواقب ما نحن مقدمون عليه.. ويسخرون من مقولة (الطرف الثالث أو اللهو الخفي) كما أسمته إحدي المذيعات بطريقة تهكمية ويطالبون المجلس العسكري بضرورة الإفصاح عن هذا الطرف الثالث ونسوا أن هناك العديد من جمعيات المجتمع المدني التي تتلقي مساعدات مالية من الخارج وأن هناك دولا بعينها لاتريد الاستقرار لمصر تقوم بدعم علماء لها لتقويض الأمن والاستقرار حتي لاتقوم لمصر قائمة.. مصر الدولة الرائدة في عالمها العربي والأفريقي والإسلامي. ويعلم الجميع أن هناك إحدي الدول الشقيقة لايزيد عدد سكانها عن سكان حي شبرا تسعي إلي منافسة مصر علي مركز الريادة بحكم مالديها من مال ناسية البعد الثقافي والتاريخي والحضاري. عندما تحدث د. الجنزوري عن الأوضاع الاقتصادية وضرورة تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة انطلاقا من قدرات وإمكانيات مصر الاقتصادية في مختلف المجالات كان يقصد بكل تأكيد الهدف الثالث لثورة يناير وهو العدالة الاجتماعية أي تقسيم الثروة علي كافة أبناء الشعب بالعدل والقسط بعد تنمية الموارد والثروات الاقتصادية وتحسين مستوي معيشة المواطن وتوفير كافة الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية له.. وحمدا لله أن مرت جمعة لا للتخريب وجمعة الكرامة بسلام ودون أي إصابات أو صدامات وآمل أن ندع الاعتصامات جانبا ونتوجه من الآن بكل قوانا لبناء دولتنا المدنية الحديثة ودولة القانون والدستور وحقوق الإنسان.