ونظرا لأهمية هذا القطاع فإنه لابد من حمايته والحفاظ عليه والعمل بكل الطرق والوسائل علي تنميته وتقويته والدفع به إلي الأمام باعتباره "قاطرة" الاقتصاد القومي المصري حيث يعمل به أكثر من 6 ملايين مواطن ويبلغ العائد منه أكثر من 21 مليار دولار سنويا حوالي 57 مليار جنيه أي ثلاثة أضعاف دخل قناة السويس وينعكس نشاطه ويتفاعل مع كافة قطاعات الاقتصاد المصري من مرافق عامة ونقل ومواصلات وزراعة وصناعة وخاصة الصناعات الصغيرة والحرفية التي تمثل عنصرا جاذبا للسياح الأجانب. والسياحة بالنسبة لمصر التي تمتلك ثلثي آثار العالم هي بكل تأكيد "كنز لا يفني" وثروة نامية متجددة مع الزمان ولهذا فإنه لابد من تنميتها والتوسع فيها وتنويع نشاطاتها من أجل زيادة عدد السائحين الذين يزورون مصر والارتقاء بنوعياتهم وقدراتهم الفكرية والمادية وهو ما سيؤدي حتما إلي مضاعفة عائدات هذه الصناعة الهامة من النقد الأجنبي ليضخ في شرايين الاقتصاد القومي المصري.. هناك دول كثيرة لا تتمتع بمثل ما تتمتع به مصر من إمكانيات وثروات سياحية يبلغ عدد السائحين القادمين لزيارتها قدر عدد سكانها وفي مقدمة هذه الدول النمسا وأسبانيا وإيطاليا واليونان حتي الدول البترولية العربية مثل قطر والإمارات باتت هي الأخري تلهث وراء السياحة وتنظم المعارض والمؤتمرات والأنشطة الرياضية مثل سباق السيارات "فورميولا وان" الذي يبلغ تكلفة إنشاء حلبته مليارات الدولارات وكان من المفروض أن يكون موقع مثل هذه الحلبات القاهرة أو الإسكندرية قبل قطر أو البحرين استنادا إلي عدد سكان هذه الدول وكذلك دول جنوب شرق آسيا وأمريكا الجنوبية وأصبح الصراع الآن حادا وشاقا بين كل هذه الدول لجذب أكبر قدر من السياح إليها من مختلف دول العالم وخاصة الدول المتقدمة الغنية.. ومصر حباها الله بالكثير من نعمه وجاء ذكرها في القرآن الكريم »ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين« تعد من أهم مراكز الجذب السياحي والاستثماري في العالم فإلي جانب تاريخها العريق وحضارتها الخالدة التي أبهرت العالم كله علي مر التاريخ هناك أيضا جوها المعتدل وسماؤها الصافية وشواطئها الرائعة بمياهها الزرقاء الصافية علي البحرين الأبيض والأحمر ومراكز الغوص التي ليس لها مثيل في العالم حتي أصبحت شرم الشيخ والغردقة وسفاجا نجوما ساطعة في سماء السياحة العالمية خاصة أن سياحة الشواطئ تمثل 38٪ من حجم السياحة القادمة إلي مصر والتي لا تتعدي 51 مليون سائح سنويا لابد من مضاعفتها بالإدارة والعلم والتخطيط السليم. إن صدور تصريحات بتغطية التماثيل بالشمع والحديث عن »نوادي العراة« التي ليس لها وجود أساسا إنما يعد تشويها لصورة السياحة في بلادنا التي هي »مصدر رزق« للملايين من أبناء هذا الشعب كما أن التهجم علي رمز عالمي من رموز الفكر والأدب »نجيب محفوظ« يعد انتهاكا صارخا للحركة الأدبية والفكرية والفنية التي تعد صرحا شامخا من صروح الفكر العالمي وإساءة بالغة إلي مفكري وأدباء مصر.. ثم كيف يمكن أن يجبر المهندس عبدالمنعم الشحات إحدي القيادات السلفية والذي كان مرشحا لمجلس الشعب وسقط في انتخابات المرحلة الأولي والحمد لله.. مذيعة التليفزيون التي كانت بصدد إجراء حوار معه علي ارتداء الحجاب وإلا انسحب من الحوار وقد أعجبني كثيرا تصرف المذيعة التي ارتدت الحجاب بالفعل إلا أنها أعلنت لجمهور المشاهدين أن هذا جاء إجبارا من ضيف برنامجها المهندس الشحات حتي يعلم الجميع إلي أين نحن ذاهبون. يجري هذا في الوقت الذي تم فيه اختيار مصر »ضيف شرف« في بورصة برلين للسياحة التي تعقد في شهر مارس القادم والتي تعد أهم سوق للسياحة في العالم.. وأود هنا أن أذكر م.الشحات وأمثاله أن عمرو بن العاص عندما أتي إلي مصر وفتحها بأمر الخليفة عمر بن الخطاب لم يقم بتغطية التماثيل لا بالشمع ولا بغيره.. اتقوا الله ياقوم وحكموا ضمائركم ولا تسيئوا إلي الإسلام دين السلام والمحبة والوئام.. وأود هنا أن أحذر من التمادي في مثل هذه الأفعال والأقوال التي تتنافي مع سماحة الإسلام وعظمته والتي يمكن أن تلحق أكبر الضرر بهذا الشعب ومستقبل أبنائه وتسيء أكبر إساءة إلي سمعة مصر وحضارتها وتاريخها وهنا أيضا أتذكر وأذكر الجميع بالحادث المروع الذي جري في يوم 71نوفمبر عام 7991علي أرض محافظة الأقصر والمعروف عالميا باسم »مذبحة الأقصر« وراح ضحيته 85 إنسانا بريئا و62مصابا من مختلف الجنسيات علي أيدي مجموعة من الأفراد المتطرفين من الجماعة الإسلامية آنذاك وكان له تأثير سلبي للغاية لعدة سنوات علي قطاع السياحة كما راح ضحيته أيضا أربعة من المصريين ثلاثة من رجال الأمن ومرشد سياحي.. بالإضافة إلي الإرهابيين الستة الذين قاموا بتنفيذ هذه العملية الإرهابية القذرة خلال 54 دقيقة فقط قاموا بعدها بتشويه الجثث في أكبر وأفظع إساءة للإسلام والمسلمين وبعدها قاموا بالانتحار في مخبئهم ولقد كان قدري أن أتعامل مع هذه الكارثة الإنسانية الكبري بحكم عملي مستشارا إعلاميا بسفارة مصر في برلين في ظروف سيئة وصعبة للغاية وضعت مصر وشعبها علي المحك بسبب قلة من أبنائها المارقين الفاسدين وكان لزاما عليّ بحكم عملي وإحساسا بالمسئولية الوطنية والمهنية أن ألبي العديد من الدعوات للمشاركة في الندوات والحوارات التليفزيونية والإذاعية في مختلف شبكات التليفزيون الألمانية.. لم يكن الأمر سهلا بل كان الغضب عارما والهجوم ضاريا علي مصر والمصريين بل علي الإسلام والمسلمين باعتبارهم إرهابيين لم يكن هناك تفريق بين شعب مصر الطيب المسالم وأولئك القلة المارقة التي تنتمي إلي بعض الجماعات التي لا تمثل جموع الشعب المصري بأي حال من الأحوال.. واجهت في هذه البرامج الحوارية التليفزيونية أمهات ثكلي وأطفالا يتامي وأرامل الكل يشكو من فظاعة الحدث يسألون عن السبب ولماذا بهذه البشاعة؟ واجهت خبراء وأساتذة علم النفس يسألون عن الدوافع التي أدت إلي هذه الكارثة ورجال قانون يسعون إلي تقنين حقوق الضحايا وهم 63 سويسريا وعشرة يابانيين وستة انجليز و4 ألمان وفرنسي وكولومبي وضرورة إلزام الحكومة المصرية بدفع تعويضات للضحايا وهو ما أدي إلي تأزم العلاقات السياسية ب ين مصر وسويسرا في هذا الوقت. ولقد بذلت كل ما استطعت وما أملك من قدرات مهنية ولغوية للدفاع عن هذا الشعب العظيم صاحب أعرق حضارة في التاريخ أراد البعض تلويثها وتدميرها.. هذا الشعب الطيب المسالم الذي يدين بالإسلام الوسطي السمح رحمة للعالمين.. أرجو.. وأدعو الجميع إلي العمل من أجل ألا تتكرر مثل هذه الأعمال المأساوية حماية لمصر وأمانا لشعبها.