عندما تزوجت بمن أحبت كانت فرحتها غامرة فقد كان كبير إخوته يحظي باهتمام أبويه وصداقات كثيرة تجمعه وأقاربه وهو يختال بخفة ظله وثقافته التي ميزته عن أصدقائه كان نهما للقراءة والمعرفة فضل العمل الحر علي الوظيفة ليخلف أباه مستفيدا من الخبرة التي اكتسبها من العمل معه لسنوات فعاشت معه سنوات من السعادة والهناء والرخاء ألحقت ابنتيها بأفضل وأكبر المدارس الأجنبية ترتديان أفخر الملابس من الماركات العالمية وتجد لديهما كل أنواع الأطعمة والحلويات مهما غلا ثمنها تذهبان لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بأغلي وأفخم الأماكن استطاع أن يحقق في عمله تقدما وثروة يحسدهم عليها كثيرون وفي أيام العز والرخاء توفي أبوها واجتمع إخوتها وأخواتها لتوزيع الميراث الذي أظهر إمكانية أن يكون لكل بنت شقة بالعقار المملوك له وأن يحتفظ الرجال بنصيبهم شقتين لكل منهم ولأنها كانت لا تسكن إحدي الشقق فلم يفكر فيها أحد وعندما طالبت بحقها أخبروها أنها في غير حاجة لشقة فلديها ما يكفيها وزوجها لديه مال وفير وأعطوها بضعة آلاف من الجنيهات وتحصل كل شهر علي مبلغ زهيد قالوا لها هذا كل ما لك.. ظلت تبكي وتصرخ وتشهد الإخوة والأخوات بعضهم علي بعض مما فعلوه بها الكل يسمع منها مطيبا خاطرها دون أي محاولة من أيهم لتصحيح الوضع فلقد ارتضوا جميعا هذا التقسيم وعليها أن تكف عن الكلام أو تخبط رأسها في الحيط فقد قضي الأمر.. سنوات قليلة مرت بعد أن رفض الجميع حتي مجرد التعاطف معها وبدأت تجارة زوجها تتأثر سلبا بتأثير السوق مرة أو نتيجة لإفلاس بعض الشركات التي يتعامل معها أو هروب متعاملين آخرين ممن تراكمت عليهم الديون.. تحملت ما كان من أقدارها تبكي كلما تذكرت كيف كانت وكيف أصبحت وما فعله بها إخوتها الذين أصبحوا من أغنياء القوم ومع هذا يبخلون عليها بالمساعدة كلما رأيتها تبكي بحرقة القلب أحس بلوعتها من كل من خذلوها وعندما فكرت أن تفتتح مشروعا في أيام رخائها لم توفق واضطرت لبيع المكان وأعطت المبلغ لزوجها تحسينا لوضعه المتدهور ابنتها خريجة الجامعة العريقة فضلت ألا تعمل في ظل غني أبيها وعزه حتي قلت المنح الممنوحة من أبيها وأمها شبه معدومة في حين استطاعت الابنة الثانية أن تلتحق بعمل جاهدة مثابرة رغم كل الصعوبات التي واجهتها بحياتها الزوجية والعملية استطاعت التماسك مخففة بعض أوجاع أسرتها وتبقي الأم وشعورها الذي لا يفارقها بأن كل من أحبتهم خذلوها فهي دوما محبة عطوفة لإخوتها رغم قسوتهم وحنونة علي بناتها لا يغلب شعورها كأم غضب ضد ابنتها لعدم استطاعتها أن تحفر لنفسها مكانا تحارب وتناطح منه الأيام وكلها شفقة علي ما أصاب زوجها المحب الذي لا زال كريما مع ضعف إمكانياته تشعر بالرضا بالقضاء وداخلها دائما إحساس بالقسوة والظلم وأنين يحيلها للحسرة والخذلان.