أمامي الآن علي اليوتيوب جنازة موجعة لشهداء موقعة ماسبيرو!! ظننت أن الثورة اكتفت من رائحة الموت الأليم.. لكنها ثورة مشتعلة، طريق النضال فيها طويل، فقد علمنا جميعا بالدلائل الجسيمة أن سقوط مبارك هو أول إنجاز، ظننا أنه يقتل توابعه تلقائيا، فإذا بالأيام العصيبة تقذفنا بجراثيمه وسمومه ومجرميه الذين يديرون الثورة المضادة بأموالهم المخبأة من داخل الزنازين الفخمة بسجن طرة. في كل كارثة وحادثة، اندساس واضح للمأجورين والبلطجية المنتمين للحزب الوطني المنحل، الذين يروعون الشعب بعصابات النهب المنظم حتي يعود سراب مبارك كأنه الخلاص المنشود. والعجيب أن الشرطة وجهاز الأمن الوطني الخامل، لم يتمكنوا من ضبط وردع اللصوص والمجرمين، برغم تفعيل قانون الطوارئ الذي لم يحل دون اندلاع الكارثة الأخيرة بين الأقباط والجيش في ماسبيرو. أما قانون دور العبادة الموحد، فقد تخاذلت الحكومة عن تفعيله رغم تكرار حوادث التعدي علي الكنائس بعد الثورة بالذات، كأن إشعال الفتنة المزعومة بين المسلمين والأقباط هو الملاذ الأخير لفلول النظام السابق، الذي يأبي أن يرحل دون أن يضرم النار الآثمة في البدن المصري المتلاحم، حتي يطرح نفسه كمنقذ، أو يدمر الأخضر واليابس ويحرق مصر، كما حرق نيرون روما. أنا مع البابا شنودة في قوله الحكيم بأن الأقباط لم يطلقوا النار في مسيرتهم السلمية، ولكن هناك مندسين، رفض البابا أن يسميهم أو ينسبهم لفصيل أو فئة.. أما أنا فأملك حرية إدانة رجال مبارك وبلطجيته المحترفين لأنهم المستفيدون الأوائل والنهائيون من تحطيم وإحراق وتدمير الشعب كله، ولا مانع من إقحام الجيش الذي تخلي عنهم وانضم للثورة والثوار، ولتكن الوقيعة علي هذا النحو السافل الذي قد يؤدي إلي إعلان الأحكام العرفية لأجل غير مسمي !! والتنكيل بالشعب البائس التعس من جديد.. لولا تدارك الأمر وإعلان المجلس العسكري عن سرعة إصدار قانون دور العبادة الموحد. أقرأ الحزن، وأشعر بحرارة الدموع علي وجه المشاركين مسلمين ومسيحيين في جنازة الشهداء.. أنا أيضا بكيتهم كثيرا.. ومن قبلهم بكيت صديقي وزميلي وأخي الراحل الفنان الرسام رؤوف عبده الذي ارتبطت معه بصداقة عائلية عميقة وجيرة طويلة مازالت قائمة مع زوجته صديقتي الجميلة القبطية الرائعة السمحة.. هكذا تربيت بينهم، وكنت أري الصليب يتدلي من رقبة صديقتي البشوشة فأداعبها قائلة: »أنا قبطية أكثر منك.. أنا مولودة يوم عيد ميلاد السيد المسيح!«.. فتضحك هي وزوجها الدمث الخلوق، ويهديني بريشته لوحة بديعة تمثل طفلا ينظر إلي السماء حيث يلمع نجم وضاء يحتفي بيوم مولد السيد المسيح عليه السلام.. ويكتب لي أسفل الصورة: »بمناسبة عيد ميلادك يامحظوظة.. وعيد الميلاد المجيد«.. وتصر صديقتي زوجته علي أن نحتفل »بتورتة« تصنعها بيدها وبمذاق شهي ورائع.. أقول له عن زوجته قول مسيحي معروف: »امرأة نادرة.. من يجدها ثمنها يفوق اللآلئ«.. وصديقتي بالفعل إنسانة فريدة.. هي امتداد حضاري للعلاقة التاريخية المعتادة بين المسلمين والأقباط في مصر.. هي شديدة الالتزام والتدين والوقار والاحترام، لكنها لم تنزلق إلي هاوية التطرف الأرعن، الذي يكاد يهزم عناصره من المسلمين والمسيحيين.. علي العكس، هي تحترم التزامي الديني كما احترم التزامها بدينها وحرصها علي الصلوات والعبادات والصيام.. وأعترف أنني أشتهي طعامها فهي طاهية ماهرة وفنانة، فإلي جانب أنها رسامة تخرجت في كلية الفنون الجميلة، فهي تصنع كل شيء بمهارة فائقة حيث تضع العناصر المناسبة بجوار بعضها البعض.. ولا تستثني الطعام من هذه الدقة الشديدة، فتتفنن فيه وتصنع أصنافا شهية حتي أثناء الصيام الذي يقتصر علي نوعيات محدودة. أما في العيد الكبير يوم 7 يناير من كل عام، فأنا أول الحاضرين علي مائدة غدائها العامرة.. أحرص علي هذه الوليمة كما تحرص هي علي الانضمام إلي أسرتي علي مائدة أعيادنا، لكنها تتفوق علينا جميعا في الطهي المتميز.. وأما كعك العيد، فتصنعه لأجلنا عقب رمضان، ولا يوجد ما يضاهيه جودة وامتيازا.. هكذا تحب أن تحتفي بعيدنا، علي طريقتنا، كما أشاركها أنا طعام الصيام المسيحي الذي أحبه.. وعندما تستعد للعودة إلي منزلها من بيتنا، تحييها أمي بالسلام المعتاد: »لا إله إلا الله«.. فترد بمحبة وود وبشاشة: »عيسي ومحمد رسولا الله«.. ❊ ❊ ❊ ❊ »الثوب الجديد لايخفي دناءة صاحبه«.. عن الأحزاب المولودة من رحم الحزب الوطني المنحل أتكلم!! رقم مرعب: حجم الدين المصري يمثل 98٪ من حجم الدخل المصري!! إلي الخراب.. سر!! ❊ تسليم حسين سالم إلي مصر قريبا.. بعد موافقة القضاء الإسباني!!.. خبر أوله بشري .. وآخره شك!! ❊ قول صائب في شأن المأساة الوطنية الأخيرة، أكرره عن د.عبدالمنعم أبوالفتوح المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية: »ليس من شأن أفراد الشعب هدم أي مبني بزعم أنه لم يحصل علي ترخيص، حتي لو كان دار عبادة: كنيسة أو جامع، أو حتي عمارة سكنية، فهذه سلطة الدولة فقط، أن تطبق القانون... وعلي من يتجاوزون ذلك بالتعدي علي المباني (ككنيسة أسوان) أن يعاقبوا بالقانون حتي نتجنب الفوضي ويتوقف الانفلات الحالي«.. وأنا أضيف إلي قول د. أبوالفتوح إن القانون يجب أن يخضع للتعديل في شأن التصريح ببناء الزوايا أسفل العمارات، لأنها بؤر تطرف، ومعاقل تدريس القتامة والعنصرية، كما أن معظم أصحاب العمارات يتحايلون بإنشاء تلك الزوايا علي القانون الذي يعفيهم بسببها من دفع العوائد والضرائب.. والأهم أن كثيرا من البنايات السكنية يقطنها مسلمون وأقباط ، وليس من المنطق أن تتم أسلمة المبني بالمسجد المقام تحته، فتلك الظاهرة لم تعرفها مصر إلا بعد استيراد النمط المتطرف من دول البترودولار.. فهل يمنح قانون العبادة الموحد للأقباط حق إقامة الكنائس أسفل العمارات السكنية أسوة بالمسلمين؟!.. أم نلتزم العبادة في دور العبادة المستقلة والمتعارف عليها من قديم الأزل حتي لا تطغي طائفة علي أخري وتندلع الأزمات النارية بينهما؟!